الجزيرة:
2025-02-16@21:27:23 GMT

الحوثيون من الداخل.. مالا تعرفه عنهم!

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

الحوثيون من الداخل.. مالا تعرفه عنهم!

ليست جماعة الحوثي وليدة العقدَين الأخيرين من تاريخ اليمن، كما يعتقد البعض. كما أنها ليست حركة سياسية ظهرت بفعل الهامش الديمقراطي الذي أفرزته ظروف ما بعد تحقيق الوَحدة بين شطرَي اليمن الجنوبي والشمالي في العام 1990م، بقدر ما هي امتداد لمشروع إماميّ وضع بذرته في محافظة صعدة ومناطق الشمال ما سُمّي الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين الرسي في العام 893م، وعرف فيما بعد بالمذهب الهادوي.

وهي بذلك وليدة هذا المذهب والمنظومة الممتدة لأكثر من 1100 عام، والذي يرتكز على فكرة البطنين القائمة على الاصطفاء الإلهي وحصر الإمامة وقيادة الأمة في ذرية السبطَين: الحسن والحسين حتى قيام الساعة.

انخراط تكتيكي

وهذا الفكر وإن كان يتفق ويتماهى مع المذهب الزيدي إلا أنه خالفه في جوانب كثيرة ولم يتقيد على سبيل المثال بالشروط الـ 14 التي يشترطها المذهب الزيدي لتولي الإمامة في كثير من مراحله التاريخية، كما حدث في عهد الدولة القاسمية التي حكمت معظم اليمن، وتحول الحكم في عهدها إلى وراثي ملكي، وكذلك كما كان الحال في آخر حكم إمامي لليمن قبل اندلاع ثورة 26 سبتمبر/ أيلول التي ساندها ودعمها الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في ستينيات القرن الماضي.

جنى الحوثيون ثمار هذا الفكر وجهود رموزه التي انخرطت تكتيكيًا في النظام الجمهوري الذي أعقب ثورة سبتمبر/ أيلول آنفة الذكر، وما تلاها من حرب أهلية انتهت بمصالحة وطنية، وعملت على تعزيز وجود عناصرها في مؤسسات الدولة ومرافقها الحسّاسة؛ كونها هي الدولة العميقة في اليمن إن صحّ لنا وصفها بذلك، وعملت بدأب على تهيئة الأجواء والظروف للعودة مرّة أخرى إلى حكم اليمن.

وعقب الوحدة اليمنية ظهر أول كيان شبابي تحت مسمّى: "الشباب المؤمن"؛ مستغلًا حالة التوجّس لدى الرئيس الراحل علي عبدالله صالح من تعاظم قوة حزب الإصلاح أو إخوان اليمن كما يحلو للبعض تسميتهم، وكذلك الخلاف الذي أخذ بالتوسع بين شريكَي الوحدة: حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة علي صالح، والحزب الاشتراكي اليمني بزعامة علي البيض، وحظي هذا الكيان الوليد بدعم ضمني من قبل صالح في محاولة منه للعب على التناقضات، والرقص على رؤوس الثعابين كما كان يردد.

وفي مطلع القرن الحالي انقلب حسين بدر الدين الحوثي على شركائه المؤسسين لحركة "الشباب المؤمن" وَفقًا لرواية أبرز مؤسسيها واستحوذ على الحركة، وعرفت بعد ذلك ومنذ ظهورها المسلح بـ"جماعة الحوثي"، قبل أن تسمي نفسها فيما بعد بـ"جماعة أنصار الله".

مكاسب ميدانية

خاض مؤسس "جماعة الحوثي"- والذي كان عضوًا في أول برلمان عقب تحقيق الوحدة اليمنية عن حزب الرئيس صالح – أولى حروبه ضد السلطات الحكومية في عام 2004 بعد توترات سابقة استحوذ أنصاره خلالها على الإيرادات المالية، وتحكموا ببعض المناطق التي تقع ضمن نفوذهم في معقلهم الرئيس بمحافظة صعدة شمالي اليمن من منطلق عقائدي، وقُتل في الجولة الأولى من الحرب بنفس العام.

تولى شقيقه الأصغر عبدالملك الحوثي قيادة الجماعة من بعده، وخاض خمس حروب لاحقة امتدت حتى العام 2010، وفي كل جولة من جولاتها كانت جماعته تحقق مكاسب ميدانية توسعية وأخرى سياسية مستغلة الخلافات المعلنة وغير المعلنة بين علي عبدالله صالح وشركائه العسكريين والقَبليين والسياسيين في الحكم، ومهارة أذرعها السياسية التي لعبت دورًا بارعًا في تفتيت المنظومة الحاكمة.

هيأت أحداث الربيع العربي واحتجاجات شباب اليمن ضد نظام علي عبدالله صالح فرصة ثمينة للحوثيين فلعبوا بمكر على تناقضات القوى اليمنية المتحالفة والمتصارعة على حد سواء..

أبدوا تعاطفهم مع الحراك الجنوبي ونصبوا خيامهم في ساحات التغيير مع شباب الثورة، وفي الوقت نفسه تواصلهم لم ينقطع مع الرئيس المأزوم جراء الاحتجاجات المتصاعدة ضده، ومكنتهم تلك الاحتجاجات- وما أفرزتها من توافقات على شخصيات هزيلة لإدارة المرحلة الانتقالية – من الانقلاب على المسار السياسي والسيطرة المسلحة على صنعاء وهم الذين كانت قواتهم تقرع أبوابَها منذ العام 2009.

ومكنتهم التجارب المتراكمة للمشروع الذي يمثلونه وخبرة ودهاء ساسته المخضرمين من فهم حساسية الجيران والقوى الخارجية وتخوفاتهم من الأحزاب والجماعات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي خصوصًا الإسلامية منها واللعب على وترها.

موقف مرتبك

وكما عززت الحرب في اليمن قوة الحوثيين على المستوى الداخلي، فإن القصف الأميركي- البريطانيّ اليوم يشرعن حضورهم الشعبي على المستويين: العربي والإسلامي، ويمنحهم تعاطفًا خارجيًا هم في أمسّ الحاجة إليه، ويضع خصومهم المحليين في موقف مرتبك، خصوصًا أن القضية الفلسطينية تحظى بإجماع لدى كل فئات الشعب اليمني ومكوناته.

لا يكاد يختلف اثنان على أن تضامن الحوثي مع غزة واستهدافه السفن التجارية التي لها علاقة بإسرائيل أو تتجه نحو موانئها – والذي تطور إلى استهداف السفن الأميركية والبريطانية في خليج عدن والبحر الأحمر – يعد عملًا جريئًا ومهمًا في مجريات الصراع، إلا أن الحوثي استفاد كثيرًا من أحداث غزة واستطاع بتضامنه غير المسبوق أن يقدم نفسه للعالم كلاعب مهم في المنطقة.

بل لا نبالغ إن قلنا إن الحوثي وبفعل هذه الأحداث اكتشف نفسه ومدى قدرته على خلط الأوراق فيما يتعلق بالتجارة الدولية وممراتها البحرية.

وفي الوقت نفسه هرب من استحقاقات محلية كادت أن تحشره في زاوية ضيقة جراء الغضب الشعبي المتصاعد؛ بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وانقطاع رواتب الموظفين منذ اندلاع الحرب، خصوصًا مع تباشير السلام التي لاحت قبل نهاية العام الماضي.

مرجعية خاصة

وفرت أحداث غزّة فرصة ثمينة للحوثيين لإثبات صدق شعاراتهم المرفوعة منذ ظهورهم المسلح في مطلع القرن الحالي، وما تضمنته "ملازم"، مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي الذي يصفونه بالقرآن الناطق، وتعد بمثابة المرجعية الفكرية للجماعة، وكذلك الوثيقة الفكرية والثقافية التي وقعها زعيم الجماعة مع عدد من علماء الزيدية في السنوات الأخيرة، والتي تؤكد على جملة من المبادئ من ضمنها فكرة الاصطفاء سابقة الذكر، والعداء لأميركا وإسرائيل.

ويمكننا هنا القول؛ إن جماعة الحوثي، وإن كانت تبدو جزءًا من المذهب الزيدي، إلا أنها تختلف معه في قضايا كثيرة، ولها مرجعيتها الخاصة، وهناك من يقول؛ إنها مثلت انقلابًا على إرث المذهب الزيدي في اليمن.

وأما بالنسبة لعلاقتها بالثورة الإسلامية في إيران، فهي لا تنكر تلك العلاقة بل تفاخر بها، وترفع صور رموزها وقيادتها في مناسباتها، وتتناغم مع أفكارهم، واستفادت كثيرًا من الدعم الإيراني لها، إلا أن جذورها تمتد إلى ما قبل الثورة الخمينية في إيران، كما أشرنا سلفًا، ولذلك لا يستبعد أن تتكون لديها رؤية خاصة لا سيما بعد الحضور الإقليمي والعالمي الذي حققته مؤخرًا.

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جماعة الحوثی ما بعد إلا أن

إقرأ أيضاً:

وزير سوداني يفتح النار على الإمارات بعد مؤتمر أديس أبابا.. مكر شيطاني

فتح وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الأعيسر النار على الحكومة الإماراتية، بعد تنظيمها مؤتمر إنساني لـ"دعم الشعب السوداني".

وقال الأعيسر، إن "على حكومة أبوظبي أن تعلم! حكومة أبوظبي تلعب دورا نقيضا لكل القيم الإنسانية التي ظلت تحشد لها مسلوبي الإرادة والضمير في الداخل والخارج (وبعضهم من مجموعات الداخل الهارب من العدالة والشعب، هؤلاء أسموا أنفسهم "صمود"، وفي الذاكرة الشعبية الوطنية ما هم إلا رمزية ودلالة بارزة للفشل والجمود وعدم الوفاء بالعهود)".

وأضاف "حكومة أبوظبي تارةً تتحدث عن دعمها للمتضررين من الحرب التي أشعلت نيرانها في السودان بمد الميليشيات بأحدث الأسلحة والطائرات، وتغدق عليهم بالأموال، حتى بلغ بها عمق العجز واللا إنسانية، أن تسعى سعيا دؤوبا في أعماق الظلام للوصول إلى غايتها، وذلك بجلب مرتزقة مأجورين من جنسيات وأعراق مختلفة، بما في ذلك من دول أمريكا الجنوبية. جلبتهم ليقتلوا، وينهبوا، ويغتصبوا، ويهجروا شعب السودان، بعد أن أبادت القوات المسلحة السودانية بفضل الله ومن ثم بيد الأبطال، من جلبتهم في وقت سابق من بعض دول الإقليم والجوار".


وتابع "بالأمس، جمعت حكومة أبوظبي تحت عباءتها حشدا مصنوعا في أديس أبابا بدوافع مريبة عنوانها: "المؤتمر الإنساني لدعم السودان"، وهو دعوة خير أُريد بها باطل، ظاهرها قيم إنسانية نبيلة وباطنها يحمل كل الشر وروح المكر الشيطانية".

وأردف "عادت لتتحدث من جديد عن ضرورة توفير الغذاء والدواء لضحايا الحرب وفعلها اللئيم في السودان".

وأضاف مهددا "على حكومة أبوظبي أن تعلم أن الشعب السوداني في غنى عن دعمها ولا يقبل محاولات تبيض مواقفها اللا إنسانية، وكل ما يريده هو أن ترفع يديها وتوقف ممارساتها التي تفتقر إلى التعاطف والرحمة وروح المحبة والأخوة القديمة، وهذه حقائق باتت واضحة لكل السودانيين، إذ أنها هي من أشعلت حريق الحرب وأدارت الأمور بما يزيد من احتدامها في السودان".

وتابع "على حكومة أبوظبي أن تعلم أن الشعب السوداني يميز بين موقفها الرسمي الداعم للميليشيات وبين مواقف بعض قادتها في الإمارات الأخرى".

وقال "كل ما يريده السودانيون هو أن يتوب المتآمرون إلى ربهم، وأن يتركوا الشعب السوداني في حاله، عسى أن يكتب الله له مخرجا من ويلات التدخلات الماكرة اللئيمة التي لا تمت لأي قيمة إنسانية أو أخلاقية أو دينية بصلة. والله غالب على أمره".

يشار إلى أن قوات الدعم السريع أشادت بالمؤتمر، وهو مؤتمر تم نظيمه بالتعاون أيضا بين الإمارات، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وإثيوبيا.


على حكومة أبوظبي أن تعلم!
حكومة أبوظبي تلعب دورا نقيضا لكل القيم الإنسانية التي ظلت تحشد لها مسلوبي الإرادة والضمير في الداخل والخارج (وبعضهم من مجموعات الداخل الهارب من العدالة والشعب، هؤلاء أسموا أنفسهم "صمود"، وفي الذاكرة الشعبية الوطنية ما هم إلا رمزية ودلالة بارزة للفشل…

— Khalid Ali خالد علي (الإعيسر) (@Aleisir) February 15, 2025

مقالات مشابهة

  • طالب أولاده بحرق أفلامه إلا واحدا.. ما لا تعرفه عن الفنان حسين صدقي في ذكرى وفاته
  • الحوثيون يتهمون الأمم المتحدة بـ”تسييس” العمل الإنساني
  • قبائل نهم بمأرب وصنعاء تعلن النفير العام استعدادًا لمواجهة أي تصعيد ضد اليمن
  • أحدث 25 صورة لمحطات الأتوبيس الترددي من الداخل والخارج
  • ستراتفور: ماذا سيفعل الحوثيون في اليمن بقوتهم الجديدة؟
  • وزير سوداني يفتح النار على الإمارات بعد مؤتمر أديس أبابا.. مكر شيطاني
  • فوضى طريق المطار: استعراض قوة رغم البيانات
  • حماية مصر تبدأ من الداخل| كيف نحافظ على التلاحم الشعبي؟.. فيديو
  • تقرير: الحوثيون في اليمن يخرجون من حرب غزة أكثر جرأة.. من الصعب هزيمتهم (ترجمة خاصة)
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. “دعوا الصبيان يلعبون بالـسلاح”!!