الجزيرة:
2025-03-16@20:51:06 GMT

الحوثيون من الداخل.. مالا تعرفه عنهم!

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

الحوثيون من الداخل.. مالا تعرفه عنهم!

ليست جماعة الحوثي وليدة العقدَين الأخيرين من تاريخ اليمن، كما يعتقد البعض. كما أنها ليست حركة سياسية ظهرت بفعل الهامش الديمقراطي الذي أفرزته ظروف ما بعد تحقيق الوَحدة بين شطرَي اليمن الجنوبي والشمالي في العام 1990م، بقدر ما هي امتداد لمشروع إماميّ وضع بذرته في محافظة صعدة ومناطق الشمال ما سُمّي الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين الرسي في العام 893م، وعرف فيما بعد بالمذهب الهادوي.

وهي بذلك وليدة هذا المذهب والمنظومة الممتدة لأكثر من 1100 عام، والذي يرتكز على فكرة البطنين القائمة على الاصطفاء الإلهي وحصر الإمامة وقيادة الأمة في ذرية السبطَين: الحسن والحسين حتى قيام الساعة.

انخراط تكتيكي

وهذا الفكر وإن كان يتفق ويتماهى مع المذهب الزيدي إلا أنه خالفه في جوانب كثيرة ولم يتقيد على سبيل المثال بالشروط الـ 14 التي يشترطها المذهب الزيدي لتولي الإمامة في كثير من مراحله التاريخية، كما حدث في عهد الدولة القاسمية التي حكمت معظم اليمن، وتحول الحكم في عهدها إلى وراثي ملكي، وكذلك كما كان الحال في آخر حكم إمامي لليمن قبل اندلاع ثورة 26 سبتمبر/ أيلول التي ساندها ودعمها الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في ستينيات القرن الماضي.

جنى الحوثيون ثمار هذا الفكر وجهود رموزه التي انخرطت تكتيكيًا في النظام الجمهوري الذي أعقب ثورة سبتمبر/ أيلول آنفة الذكر، وما تلاها من حرب أهلية انتهت بمصالحة وطنية، وعملت على تعزيز وجود عناصرها في مؤسسات الدولة ومرافقها الحسّاسة؛ كونها هي الدولة العميقة في اليمن إن صحّ لنا وصفها بذلك، وعملت بدأب على تهيئة الأجواء والظروف للعودة مرّة أخرى إلى حكم اليمن.

وعقب الوحدة اليمنية ظهر أول كيان شبابي تحت مسمّى: "الشباب المؤمن"؛ مستغلًا حالة التوجّس لدى الرئيس الراحل علي عبدالله صالح من تعاظم قوة حزب الإصلاح أو إخوان اليمن كما يحلو للبعض تسميتهم، وكذلك الخلاف الذي أخذ بالتوسع بين شريكَي الوحدة: حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة علي صالح، والحزب الاشتراكي اليمني بزعامة علي البيض، وحظي هذا الكيان الوليد بدعم ضمني من قبل صالح في محاولة منه للعب على التناقضات، والرقص على رؤوس الثعابين كما كان يردد.

وفي مطلع القرن الحالي انقلب حسين بدر الدين الحوثي على شركائه المؤسسين لحركة "الشباب المؤمن" وَفقًا لرواية أبرز مؤسسيها واستحوذ على الحركة، وعرفت بعد ذلك ومنذ ظهورها المسلح بـ"جماعة الحوثي"، قبل أن تسمي نفسها فيما بعد بـ"جماعة أنصار الله".

مكاسب ميدانية

خاض مؤسس "جماعة الحوثي"- والذي كان عضوًا في أول برلمان عقب تحقيق الوحدة اليمنية عن حزب الرئيس صالح – أولى حروبه ضد السلطات الحكومية في عام 2004 بعد توترات سابقة استحوذ أنصاره خلالها على الإيرادات المالية، وتحكموا ببعض المناطق التي تقع ضمن نفوذهم في معقلهم الرئيس بمحافظة صعدة شمالي اليمن من منطلق عقائدي، وقُتل في الجولة الأولى من الحرب بنفس العام.

تولى شقيقه الأصغر عبدالملك الحوثي قيادة الجماعة من بعده، وخاض خمس حروب لاحقة امتدت حتى العام 2010، وفي كل جولة من جولاتها كانت جماعته تحقق مكاسب ميدانية توسعية وأخرى سياسية مستغلة الخلافات المعلنة وغير المعلنة بين علي عبدالله صالح وشركائه العسكريين والقَبليين والسياسيين في الحكم، ومهارة أذرعها السياسية التي لعبت دورًا بارعًا في تفتيت المنظومة الحاكمة.

هيأت أحداث الربيع العربي واحتجاجات شباب اليمن ضد نظام علي عبدالله صالح فرصة ثمينة للحوثيين فلعبوا بمكر على تناقضات القوى اليمنية المتحالفة والمتصارعة على حد سواء..

أبدوا تعاطفهم مع الحراك الجنوبي ونصبوا خيامهم في ساحات التغيير مع شباب الثورة، وفي الوقت نفسه تواصلهم لم ينقطع مع الرئيس المأزوم جراء الاحتجاجات المتصاعدة ضده، ومكنتهم تلك الاحتجاجات- وما أفرزتها من توافقات على شخصيات هزيلة لإدارة المرحلة الانتقالية – من الانقلاب على المسار السياسي والسيطرة المسلحة على صنعاء وهم الذين كانت قواتهم تقرع أبوابَها منذ العام 2009.

ومكنتهم التجارب المتراكمة للمشروع الذي يمثلونه وخبرة ودهاء ساسته المخضرمين من فهم حساسية الجيران والقوى الخارجية وتخوفاتهم من الأحزاب والجماعات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي خصوصًا الإسلامية منها واللعب على وترها.

موقف مرتبك

وكما عززت الحرب في اليمن قوة الحوثيين على المستوى الداخلي، فإن القصف الأميركي- البريطانيّ اليوم يشرعن حضورهم الشعبي على المستويين: العربي والإسلامي، ويمنحهم تعاطفًا خارجيًا هم في أمسّ الحاجة إليه، ويضع خصومهم المحليين في موقف مرتبك، خصوصًا أن القضية الفلسطينية تحظى بإجماع لدى كل فئات الشعب اليمني ومكوناته.

لا يكاد يختلف اثنان على أن تضامن الحوثي مع غزة واستهدافه السفن التجارية التي لها علاقة بإسرائيل أو تتجه نحو موانئها – والذي تطور إلى استهداف السفن الأميركية والبريطانية في خليج عدن والبحر الأحمر – يعد عملًا جريئًا ومهمًا في مجريات الصراع، إلا أن الحوثي استفاد كثيرًا من أحداث غزة واستطاع بتضامنه غير المسبوق أن يقدم نفسه للعالم كلاعب مهم في المنطقة.

بل لا نبالغ إن قلنا إن الحوثي وبفعل هذه الأحداث اكتشف نفسه ومدى قدرته على خلط الأوراق فيما يتعلق بالتجارة الدولية وممراتها البحرية.

وفي الوقت نفسه هرب من استحقاقات محلية كادت أن تحشره في زاوية ضيقة جراء الغضب الشعبي المتصاعد؛ بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وانقطاع رواتب الموظفين منذ اندلاع الحرب، خصوصًا مع تباشير السلام التي لاحت قبل نهاية العام الماضي.

مرجعية خاصة

وفرت أحداث غزّة فرصة ثمينة للحوثيين لإثبات صدق شعاراتهم المرفوعة منذ ظهورهم المسلح في مطلع القرن الحالي، وما تضمنته "ملازم"، مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي الذي يصفونه بالقرآن الناطق، وتعد بمثابة المرجعية الفكرية للجماعة، وكذلك الوثيقة الفكرية والثقافية التي وقعها زعيم الجماعة مع عدد من علماء الزيدية في السنوات الأخيرة، والتي تؤكد على جملة من المبادئ من ضمنها فكرة الاصطفاء سابقة الذكر، والعداء لأميركا وإسرائيل.

ويمكننا هنا القول؛ إن جماعة الحوثي، وإن كانت تبدو جزءًا من المذهب الزيدي، إلا أنها تختلف معه في قضايا كثيرة، ولها مرجعيتها الخاصة، وهناك من يقول؛ إنها مثلت انقلابًا على إرث المذهب الزيدي في اليمن.

وأما بالنسبة لعلاقتها بالثورة الإسلامية في إيران، فهي لا تنكر تلك العلاقة بل تفاخر بها، وترفع صور رموزها وقيادتها في مناسباتها، وتتناغم مع أفكارهم، واستفادت كثيرًا من الدعم الإيراني لها، إلا أن جذورها تمتد إلى ما قبل الثورة الخمينية في إيران، كما أشرنا سلفًا، ولذلك لا يستبعد أن تتكون لديها رؤية خاصة لا سيما بعد الحضور الإقليمي والعالمي الذي حققته مؤخرًا.

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جماعة الحوثی ما بعد إلا أن

إقرأ أيضاً:

إيران ترد على تهديدات أمريكا.. الحوثيون يمثلون اليمن ويتخذون قراراتهم بأنفسهم

أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأنه لا يحق لواشنطن "إملاء" سياسة طهران، في الوقت الذي دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران إلى الكف عن دعمها للحوثيين.

 

وتوعد قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي بأن إيران ستردّ على أي هجوم يستهدفها، وذلك في تصريحات الأحد عقب تحذير الرئيس الأمريكي لإيران بالكفّ عن دعم الحوثيين في اليمن.

 

وقال سلامي في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي الأحد إن "إيران لن تشنّ حربا، لكن إذا هددها أحد، ستردّ بشكل مناسب وحاسم وقاطع".

 

ووصف سلامي حركة الحوثي بأنها "حركة ممثلة للشعب اليمني"، مشيرا أنها "تتخذ قراراتها الاستراتيجية بنفسها".

 

وقتل وأصيب العشرات بعد أن شنت الولايات المتحدة ضربات عسكرية كبيرة النطاق على اليمن، السبت وفجر اليوم الأحد، قالت إنها ردا على هجمات جماعة الحوثي على حركة الشحن في البحر الأحمر.

 

وحذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحوثيين من أنه "إن لم تتوقفوا عن شن الهجمات فستشهدون جحيما لم تروا مثله من قبل".

 

كما حذر ترامب إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من استمرار دعمها للحوثيين، قائلا إنه إذا هددت إيران الولايات المتحدة، "فإن أميركا ستحملكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن!".

 


مقالات مشابهة

  • في أول تعليق لـ طارق صالح على الغارات الأمريكية على اليمن
  • سلطنة عمان تحذر من تداعيات استمرار النهج العسكري الأمريكي الذي يستهدف مليشيا الحوثي
  • الحوثيون يقولون أنهم هاجموا حاملة الطائرات الأمريكية التي انطلقت منها هجمات السبت
  • إيران ترد على تهديدات أمريكا.. الحوثيون يمثلون اليمن ويتخذون قراراتهم بأنفسهم
  • ما الاختلاف الذي لمسه السوريون في أول رمضان بدون الأسد؟
  • النتائج الأولية للضربة الأمريكية ضد الحوثي في اليمن
  • الحوثيون يتعهدون بالرد على الغارات الأمريكية غير المبررة في اليمن
  • ضربات عسكرية أمريكية ضد أهداف يسيطر عليها الحوثيون في اليمن
  • اليمن يطالب بعقوبات دولية صارمة على «الحوثي»
  • اليمن: عقيدة «الحوثي» تتنافى مع مفهوم الدولة الوطنية