تهجير أهل غزة.. فكرة بن غفير التي تحظى بإجماع إسرائيلي
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
القدس المحتلة- امتنعت القيادات الإسرائيلية من الائتلاف الحكومي والمعارضة، عن توجيه انتقادات علنية ومباشرة إلى وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وتصريحاته التي دعا من خلالها مجددا إلى تشجيع الفلسطينيين في قطاع غزة على "الهجرة الطوعية"، لكنها وجهت انتقاداتها له ولتصريحاته من زاوية الإضرار بالعلاقات مع الولايات المتحدة.
وأجمعت القيادات الإسرائيلية على أن تصريحاته تمس بالعلاقات مع الإدارة الأميركية، وتضر كذلك بإستراتيجيات إسرائيل وأمنها القومي واستهداف لمكانتها الدولية، وتقويض لمجهودها الحربي المستقبلي.
وخلافا لازدواجية المعايير لدى السياسيين الإسرائيليين بالتعامل مع تصريحات بن غفير، توافقت تقديرات محللين إسرائيليين على أن فكرة "الهجرة الطوعية" غير واقعية وتمس إسرائيل، وتعرضها إلى المساءلة من المؤسسات الحقوقية الدولية وتؤسس لإجراءات قضائية ضد إسرائيل، بكل ما يتعلق في شبهات الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي.
تأتي تصريحات بن غفير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في وقت تستعد فيه إسرائيل لتقديم تقريرها الأول إلى المحكمة العليا الدولية في لاهاي، التي طالبتها بتحديد الإجراءات لمنع شبهات الإبادة الجماعية، وكذلك تجنب استهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
مسنة فلسطينية في غزة تتذوق مرارة التهجير مرتين (مواقع التواصل ) انتقادات خجولةوانتقد زعيم المعارضة يائير لبيد، تصريحات بن غفير، وكتب على حسابه على منصة "إكس" تعقيبا قاله فيه إن "المقابلة التي أجراها بن غفير مع صحيفة وول ستريت جورنال، هي هجوم مباشر على مكانة إسرائيل الدولية، وتضر -أيضا- بالمجهود الحربي الإسرائيلي، وكذلك تمس بأمن إسرائيل".
الموقف ذاته عبّر عنه رئيس "المعسكر الوطني"، الوزير في مجلس الحرب، بيني غانتس، الذي ندّد بتصريحات بن غفير قائلا إنه "يجوز أن تكون هناك خلافات، حتى مع أكبر وأهم حليف لنا، ولكن يجب أن تتم بالمؤسسات ذات الصلة، وليس من خلال تصريحات غير مسؤولة في وسائل الإعلام، التي تضر بالعلاقات الإستراتيجية لإسرائيل، وبأمن الدولة وبالمجهود الحربي في هذا الوقت".
وخلافا للمعهود، خرج رئيس حزب "شاس" الحريدي، وعضو مجلس الحرب أرييه درعي، عن صمته ووجّه انتقادات غير مباشرة إلى بن غفير، واختار أن يقدم الشكر للإدارة الأميركية على دعمها وموقفها المناصر لإسرائيل في الحرب على غزة، قائلا "حتى بين الأصدقاء والمعارف هناك اختلافات في الرأي ووجهات النظر".
وحيال هذه الانتقادات من المعارضة والائتلاف التي وُجّهت إلى بن غفير، اضطر رئيس الوزراء للتعليق خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، حيث قال موجها حديثه إلى بن غفير "لست بحاجة إلى مساعدة في معرفة كيفية إدارة علاقاتنا مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، مع الوقوف بثبات على مصالحنا الوطنية".
ورطة إسرائيل
وخلافا لموقف السياسيين الإسرائيليين الذي تعمدوا عدم الانتقاد المباشر لتصريحات بن غفير بشأن "الهجرة الطوعية"، وجّهت محررة الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، بيرنيت جورن، انتقادات إلى بن غفير، ووصفته بـ "وزير الأضرار الدولية".
وأشارت جورن إلى أن تصريحات بن غفير بشأن "الهجرة الطوعية"، تأتي في وقت تواصل المحافل الدولية ومحكمة لاهاي توجيه الشبهات التي تنسب لإسرائيل بارتكاب مخالفات توحي إلى الإبادة الجماعية، قائلة إن "هذه التصريحات والصمت عنها تورط إسرائيل أكثر".
وأوضحت أن إسرائيل ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتعامل مع جبهات عدة إلى جانب الجبهات العسكرية، مع عداء متزايد في الساحات الدبلوماسية، ومع تهديدات حقيقية في مجال القانون الدولي.
وعلى الرغم من ذلك، تقول حورن "يصر بن غفير، وعلى ما يبدو ليس وحده على الخطة التي تهدف على تشجيع سكان غزة على الهجرة الطوعية إلى أجزاء أخرى من العالم" مقابل رسوم، ووصفها بأنها "الحل الإنساني الحقيقي".
وتعتقد المحررة ذاتها أنه في الجلسة القادمة للمحكمة العليا الدولية في لاهاي، سيتم تقديم المقابلة مع بن غفير وتصريحاته بشأن "الهجرة الطوعية"، من الملتمسين ضد إسرائيل إلى هيئة المحكمة، كدليل آخر على شبهات الإبادة الجماعية، وأن إسرائيل لم تنفذ الإجراءات لتجنب المساس بالمدنيين بالقطاع.
إيتمار بن غفير يشعل شمعة الحانوكا في ساحة البراق قبل أن يصبح وزيرا (مواقع التواصل) مساءلة دوليةوعلّق أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور أور لافي، في تقدير موقف نشره على حسابه على "فيسبوك" على الدعوات الإسرائيلية لتشجيع الفلسطينيين في قطاع غزة على "الهجرة الطوعية"، قائلا إن "هذه الدعوات تضر بإسرائيل وتضعها أمام المساءلة بالمحافل الدولية، بكل ما يتعلق بشبهات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".
ويعتقد أن مشكلة هذه الفكرة، التي تبدو جذابة للغاية على الورق، هي أن فرص تحقيقها صفر أو حتى أقل من ذلك، ولأنها فكرة شعبوية وجذابة فإنها تحتل مكانة رائدة في الخطاب الإسرائيلي، وربما إجماعا لدى السياسيين.
يعيش حاليا مليونان و200 ألف فلسطيني في قطاع غزة، يقول لافي "لقد وعد رئيس تحالف الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، بأن إسرائيل ستحقق وضعا حيث سيبقى 100-150 ألف فلسطيني فقط في القطاع، وهو عدد يمكن لإسرائيل العيش والتعايش معه".
إن الترحيل الجماعي للسكان ضد إرادتهم، يضيف المحاضر الإسرائيلي "هو إجراء سيقابل برد دولي قاسٍ يشمل عقوبات اقتصادية، وفقدان للدعم الأميركي. وهذا واضح -أيضا- لبن غفير وسموتريتش وأمثالهم، ولهذا السبب لا يتحدث أحد منهم عن مثل هذا الترحيل، بل عن "الهجرة الطوعية".
واستذكر لافي مشروع "الهجرة الطوعية" بعد حرب الأيام الستة يونيو/حزيران 1967 الذي انتهى بالإخفاق وترك إسرائيل فعليا، رغما عنها، تسيطر بشكل كامل على سكان غزة، في ذلك الوقت، حيث كان يعيش في القطاع 450 ألف فلسطيني.
وأشار لافي إلى أن الفكرة الرئيسة كانت في حينه "تشجيع هجرة" سكان قطاع غزة إلى بلدان أخرى، ومن ثم ضم القطاع إلى إسرائيل، حيث اقترح رئيس الوزراء ليفي أشكول، تجفيف القطاع إلى درجة الضائقة الإنسانية، وانهيار الزراعة القليلة المتبقية، وهي خطوة كان يعتقد أنها ستجبر بعض السكان على الهجرة إلى بلدان أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة تصریحات بن غفیر الهجرة الطوعیة فی قطاع غزة إلى بن غفیر
إقرأ أيضاً:
تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.
وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.
وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.
وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.
وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".
وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.
وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.
دولة، وليس قطاعاً غير حكومي
وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.
وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.
"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.
وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".
ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.
وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.
إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور
أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.
وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.
وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.
بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.
وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.
يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".
ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.
وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.
وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.