القدس المحتلة- امتنعت القيادات الإسرائيلية من الائتلاف الحكومي والمعارضة، عن توجيه انتقادات علنية ومباشرة إلى وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وتصريحاته التي دعا من خلالها مجددا إلى تشجيع الفلسطينيين في قطاع غزة على "الهجرة الطوعية"، لكنها وجهت انتقاداتها له ولتصريحاته من زاوية الإضرار بالعلاقات مع الولايات المتحدة.

وأجمعت القيادات الإسرائيلية على أن تصريحاته تمس بالعلاقات مع الإدارة الأميركية، وتضر كذلك بإستراتيجيات إسرائيل وأمنها القومي واستهداف لمكانتها الدولية، وتقويض لمجهودها الحربي المستقبلي.

وخلافا لازدواجية المعايير لدى السياسيين الإسرائيليين بالتعامل مع تصريحات بن غفير، توافقت تقديرات محللين إسرائيليين على أن فكرة "الهجرة الطوعية" غير واقعية وتمس إسرائيل، وتعرضها إلى المساءلة من المؤسسات الحقوقية الدولية وتؤسس لإجراءات قضائية ضد إسرائيل، بكل ما يتعلق في شبهات الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي.

تأتي تصريحات بن غفير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في وقت تستعد فيه إسرائيل لتقديم تقريرها الأول إلى المحكمة العليا الدولية في لاهاي، التي طالبتها بتحديد الإجراءات لمنع شبهات الإبادة الجماعية، وكذلك تجنب استهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

مسنة فلسطينية في غزة تتذوق مرارة التهجير مرتين (مواقع التواصل ) انتقادات خجولة

وانتقد زعيم المعارضة يائير لبيد، تصريحات بن غفير، وكتب على حسابه على منصة "إكس" تعقيبا قاله فيه إن "المقابلة التي أجراها بن غفير مع صحيفة وول ستريت جورنال، هي هجوم مباشر على مكانة إسرائيل الدولية، وتضر -أيضا- بالمجهود الحربي الإسرائيلي، وكذلك تمس بأمن إسرائيل".

الموقف ذاته عبّر عنه رئيس "المعسكر الوطني"، الوزير في مجلس الحرب، بيني غانتس، الذي ندّد بتصريحات بن غفير قائلا إنه "يجوز أن تكون هناك خلافات، حتى مع أكبر وأهم حليف لنا، ولكن يجب أن تتم بالمؤسسات ذات الصلة، وليس من خلال تصريحات غير مسؤولة في وسائل الإعلام، التي تضر بالعلاقات الإستراتيجية لإسرائيل، وبأمن الدولة وبالمجهود الحربي في هذا الوقت".

وخلافا للمعهود، خرج رئيس حزب "شاس" الحريدي، وعضو مجلس الحرب أرييه درعي، عن صمته ووجّه انتقادات غير مباشرة إلى بن غفير، واختار أن يقدم الشكر للإدارة الأميركية على دعمها وموقفها المناصر لإسرائيل في الحرب على غزة، قائلا "حتى بين الأصدقاء والمعارف هناك اختلافات في الرأي ووجهات النظر".

وحيال هذه الانتقادات من المعارضة والائتلاف التي وُجّهت إلى بن غفير، اضطر رئيس الوزراء للتعليق خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، حيث قال موجها حديثه إلى بن غفير "لست بحاجة إلى مساعدة في معرفة كيفية إدارة علاقاتنا مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، مع الوقوف بثبات على مصالحنا الوطنية".

ورطة إسرائيل

وخلافا لموقف السياسيين الإسرائيليين الذي تعمدوا عدم الانتقاد المباشر لتصريحات بن غفير بشأن "الهجرة الطوعية"، وجّهت محررة الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، بيرنيت جورن، انتقادات إلى بن غفير، ووصفته بـ "وزير الأضرار الدولية".

وأشارت جورن إلى أن تصريحات بن غفير بشأن "الهجرة الطوعية"، تأتي في وقت تواصل المحافل الدولية ومحكمة لاهاي توجيه الشبهات التي تنسب لإسرائيل بارتكاب مخالفات توحي إلى الإبادة الجماعية، قائلة إن "هذه التصريحات والصمت عنها تورط إسرائيل أكثر".

وأوضحت أن إسرائيل ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتعامل مع جبهات عدة إلى جانب الجبهات العسكرية، مع عداء متزايد في الساحات الدبلوماسية، ومع تهديدات حقيقية في مجال القانون الدولي.

وعلى الرغم من ذلك، تقول حورن "يصر بن غفير، وعلى ما يبدو ليس وحده على الخطة التي تهدف على تشجيع سكان غزة على الهجرة الطوعية إلى أجزاء أخرى من العالم" مقابل رسوم، ووصفها بأنها "الحل الإنساني الحقيقي".

وتعتقد المحررة ذاتها أنه في الجلسة القادمة للمحكمة العليا الدولية في لاهاي، سيتم تقديم المقابلة مع بن غفير وتصريحاته بشأن "الهجرة الطوعية"، من الملتمسين ضد إسرائيل إلى هيئة المحكمة، كدليل آخر على شبهات الإبادة الجماعية، وأن إسرائيل لم تنفذ الإجراءات لتجنب المساس بالمدنيين بالقطاع.

إيتمار بن غفير يشعل شمعة الحانوكا في ساحة البراق قبل أن يصبح وزيرا (مواقع التواصل) مساءلة دولية

وعلّق أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور أور لافي، في تقدير موقف نشره على حسابه على "فيسبوك" على الدعوات الإسرائيلية لتشجيع الفلسطينيين في قطاع غزة على "الهجرة الطوعية"، قائلا إن "هذه الدعوات تضر بإسرائيل وتضعها أمام المساءلة بالمحافل الدولية، بكل ما يتعلق بشبهات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".

ويعتقد أن مشكلة هذه الفكرة، التي تبدو جذابة للغاية على الورق، هي أن فرص تحقيقها صفر أو حتى أقل من ذلك، ولأنها فكرة شعبوية وجذابة فإنها تحتل مكانة رائدة في الخطاب الإسرائيلي، وربما إجماعا لدى السياسيين.

يعيش حاليا مليونان و200 ألف فلسطيني في قطاع غزة، يقول لافي "لقد وعد رئيس تحالف الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، بأن إسرائيل ستحقق وضعا حيث سيبقى 100-150 ألف فلسطيني فقط في القطاع، وهو عدد يمكن لإسرائيل العيش والتعايش معه".

إن الترحيل الجماعي للسكان ضد إرادتهم، يضيف المحاضر الإسرائيلي "هو إجراء سيقابل برد دولي قاسٍ يشمل عقوبات اقتصادية، وفقدان للدعم الأميركي. وهذا واضح -أيضا- لبن غفير وسموتريتش وأمثالهم، ولهذا السبب لا يتحدث أحد منهم عن مثل هذا الترحيل، بل عن "الهجرة الطوعية".

واستذكر لافي مشروع "الهجرة الطوعية" بعد حرب الأيام الستة يونيو/حزيران 1967 الذي انتهى بالإخفاق وترك إسرائيل فعليا، رغما عنها، تسيطر بشكل كامل على سكان غزة، في ذلك الوقت، حيث كان يعيش في القطاع 450 ألف فلسطيني.

وأشار لافي إلى أن الفكرة الرئيسة كانت في حينه "تشجيع هجرة" سكان قطاع غزة إلى بلدان أخرى، ومن ثم ضم القطاع إلى إسرائيل، حيث اقترح رئيس الوزراء ليفي أشكول، تجفيف القطاع إلى درجة الضائقة الإنسانية، وانهيار الزراعة القليلة المتبقية، وهي خطوة كان يعتقد أنها ستجبر بعض السكان على الهجرة إلى بلدان أخرى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة تصریحات بن غفیر الهجرة الطوعیة فی قطاع غزة إلى بن غفیر

إقرأ أيضاً:

ألماسصاروخ إسرائيلي أعاد حزب الله هندسته ويستخدمه لضرب إسرائيل

يقول مسؤولون إسرائيليون إن حزب الله اللبناني غنم صاروخ إسرائيلي متقدم مضاد للدبابات في حرب عام 2006، وأن إيران قامت بإعادة هندسته.ويقول مسؤولون دفاعيون إسرائيليون إن حزب الله يستخدم صاروخًا متقدمًا ضد إسرائيل أعيدت هندسته من سلاح إسرائيلي استولى عليه في حرب سابقة.

ويعتقد أن مقاتلي حزب الله استولوا على صواريخ سبايك الإسرائيلية الأصلية المضادة للدبابات خلال حرب إسرائيل وحزب الله عام 2006 في لبنان وشحنوها إلى إيران لاستنساخها.

وبعد ثمانية عشر عامًا، يطلق حزب الله هذه الصواريخ التي أسماها صواريخ (ألماس) على القواعد العسكرية الإسرائيلية وأنظمة الاتصالات وقاذفات الدفاع الجوي بدقة وقوة كافية لتشكل تحديًا كبيرًا للقوات العسكرية الإسرائيلية. الصواريخ يصل مداها إلى 10 أميال (حوالي ١٦ كيلو مترا)، وتحمل أجهزة توجيه متقدمة لِـتـَتـَبـّع الأهداف وتحديدها.

إن قيام إيران وأذرعها باستنساخ أنظمة الأسلحة لاستخدامها ضد الخصوم الذين صمموها ليس بالأمر الجديد. على سبيل المثال، قامت إيران بنسخ الطائرات بدون طيار والصواريخ الأمريكية.

لكن صاروخ (ألماس) هو مثال على الاستخدام المتزايد للأسلحة التي صنعتها إيران، والتي "تغير بشكل كبير ديناميكيات القوة الإقليمية"، وفقًا لمحمد الباشا، محلل أسلحة الشرق الأوسط الذي يدير شركة استشارية للمخاطر مقرها في فيرجينيا.

يقول السيد الباشا: "ما كان في السابق انتشارًا تدريجيًا لأجيال الصواريخ القديمة تحول إلى نشر سريع للتكنولوجيا المتطورة عبر ساحات القتال النشطة".

فيما قال مسؤولون دفاعيون إسرائيليون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات استخباراتية حساسة، إن صواريخ (ألماس) من بين مخزونات أسلحة حزب الله التي استولت عليها القوات الإسرائيلية منذ بدء غزوها للبنان قبل حوالي شهرين.

وقد برزت هذه الصواريخ باعتبارها من بين الأسلحة الأكثر تطوراً بين مخزون كبير من الذخائر الأقل جودة في الغالب، بما في ذلك صواريخ كورنيت المضادة للدبابات المصممة في روسيا. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال سابقا أن القوات الإسرائيلية المتقدمة في جنوب لبنان عثرت على مخزونات كبيرة من الأسلحة الروسية التي تعزز قدرة حزب الله القتالية.

إن صاروخ ألماس هو صاروخ موجه لا يحتاج إلى خط نظر مباشر لإطلاقه من المركبات البرية والطائرات بدون طيار والمروحيات والصواريخ التي تطلق من الكتف. وهو ما يسمى صاروخ الهجوم العلوي، مما يعني أن مساره الباليستي يمكن أن يضرب من فوق أهدافه مباشرة بدلاً من الجانب، ويضرب الدبابات عندما تكون مدرعة قليلاً وعرضة للخطر.

وقال مسؤولون دفاعيون إسرائيليون إن صاروخ ألماس هدد الوحدات والمعدات الإسرائيلية بالقرب من الحدود اللبنانية.

وفي تحليل أجراه مركز ألما للأبحاث والتعليم في أبريل، والذي يدرس القضايا الأمنية على الحدود الشمالية لإسرائيل، وجد أنه "من المرجح للغاية أن تنشر أسلحة من عائلة ألماس الحالية والمستقبلية عبر جميع الجبهات التي يسيطر عليها حلفاء إيران، وأن الصواريخ ستهدد مجموعة متنوعة من الأهداف المهمة على مدى متزايد، ولن تقتصر على الأهداف الإسرائيلية فقط".

هناك ما لا يقل عن ثلاثة أنواع معروفة من صواريخ ألماس، كل منها مطور عن سابقتها. في يونيو، قال باحثو مركز ألما في إسرائيل "إن حزب الله يبدو أنه يستخدم الجيل الرابع الأحدث الذي، من بين تحسينات أخرى، أرسل تصويرًا أكثر وضوحًا للرحلة التي قام بها" يمكن أن تحمل ألماس نوعين من الرؤوس الحربية، وفقًا لمجموعة CAT-UXO، وهي مجموعة معنية بالتوعية بالذخائر. الأول يمكنه أن ينفجر على مرحلتين، مما يسهل اختراق الدروع. أما الآخر فعبارة عن قنبلة وقود هوائية تنفجر في كرة نارية.

ظهرت صواريخ ألماس لأول مرة بعد سنوات من انتهاء الحرب في لبنان عام 2006، فبعد وقت قصير من انتهاء الحرب، أجرى الجيش الإسرائيلي جردا لمخزون المعدات التي نشرها في لبنان. وقد ظهر اختلاف في عدد الأسلحة، بين ما أدخل إلى لبنان، وما أعيد إلى إسرائيل، وما تحطم خلال القتال.

وأصبح من الواضح أن نظام صواريخ سبايك بأكمله، بما في ذلك قاذفة وعدة وحدات صاروخية، قد تركه الجيش على الأرجح في الميدان، وفقًا لاثنين من مسؤولي الدفاع الإسرائيليين. ومنذ تلك اللحظة، عرفت إسرائيل أن هناك خطرًا كبيرًا من نقل الأسلحة إلى إيران، حيث يمكن تفكيكها وإعادة هندستها.

لقد مولت إيران حزب الله وأسلحته لعقود من الزمان، وانضم الحزب إلى الهجمات على إسرائيل لدعم حماس، بعد وقت قصير من شن حماس هجوماً في إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

ويزعم مسؤولو الاستخبارات الإسرائيليون أن حزب الله استخدم ألماس في الحرب الأهلية في سوريا التي بدأت في عام 2011. وجنبًا إلى جنب مع روسيا وإيران، ساهم حزب الله بمقاتليه وقوته لدعم الرئيس السوري بشار الأسد.

وبحسب مسؤولين دفاعيين إسرائيليين، فإن حزب الله يصنع الآن صواريخ ألماس في لبنان لتقليل اعتماده على سلاسل التوريد الإيرانية. ويُعتقد أيضًا أن الصواريخ تُنتج في إيران للجيش الإيراني.

وقال خبراء الأسلحة إن ألماس شوهد علنًا في عام 2020 أثناء تسليم الشركة المصنعة لطائرات بدون طيار تم إنتاجها حديثًا للجيش الإيراني. وكشف الجيش الإيراني عن الصاروخ بإطلاقه خلال مناورة عسكرية عام 2021.

ولكن لم تظهر تقارير عن استخدام ألماس في القتال إلا في وقت مبكر من هذا العام، في هجمات على إسرائيل يبدو أن حزب الله نفذها جميعًا، وفقًا لباحثين من شركة جينز، وهي شركة استخبارات دفاعية مقرها بريطانيا.

في يناير، أصدر حزب الله مقطع فيديو لضربة على القاعدة البحرية الإسرائيلية في رأس الناقورة، على الحدود مع لبنان، قائلاً إنه استخدم صاروخ ألماس. كما زعمت العديد من مقاطع الفيديو اللاحقة خلال الربيع نشر صواريخ ألماس ضد أهداف إسرائيلية.

ويبدو أن بعض الصواريخ صنعت في عام 2023. وأظهر باحثو مركز ألما طرق تهريب عبر العراق وسوريا والتي يُزعم أن إيران تستخدمها لإرسال الأسلحة إلى حزب الله.

لارا جاكس، مقيمة في روما، تقدم تقارير عن الجهود الدبلوماسية والعسكرية التي يبذلها الغرب لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا. وهي صحفية منذ ما يقرب من 30 عامًا.

*رونين بيرجمان كاتب في مجلة نيويورك تايمز، ومقره في تل أبيب.

مقالات مشابهة

  • ما هي قصة تهجير الموريسكيين ومسلمي إسبانيا؟ قراءة في كتاب
  • كاتب إسرائيلي: قرار الجنائية الدولية يثبت تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة
  • رئيس اللجنة البارالمبية الدولية يصل إلى القاهرة
  • بن غفير: موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار في لبنان "خطأ كبير"
  • وزير الخارجية: نرفض بشكل كامل تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم
  • استياء إسرائيلي من تصاعد العزلة الدولية: لماذا بتنا مركز الكراهية العالمية؟
  • إعلام إسرائيلي: اتفاق إسرائيل ولبنان جاهز
  • ألماسصاروخ إسرائيلي أعاد حزب الله هندسته ويستخدمه لضرب إسرائيل
  • أوكيو للصناعات الأساسية تحظى بتعهد 4 مستثمرين بشراء 30% من الأسهم
  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين