حربٌ على أونروا
أطلق ساسة الاحتلال عدّة مزاعم بحقّ موظفين في الوكالة أساسها المشاركة في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر.
لم تُجر الدول التي أوقفت تمويل "أونروا"، بينها أمريكا، أي تحقيق في مزاعم الاحتلال أو تطّلع على أدلّة محدّدة، بل كعادتها ذهبت إلى تبنّي ادعاءاته والعمل وفقها.
تلقفت عواصم الغرب ادّعاءات الاحتلال لتبدأ تباعاً إعلان وقف تقديمها المساعدات لأونروا على قاعدة لا يمكن تفسيرها إلا في إطار العقاب الجماعي للفلسطينيين.
عمد ترامب في 2018 لوقف تمويل "أونروا" ضمن خطته لتصفية قضية فلسطين في إطار "صفقة القرن" لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وتفكيك ما تُعرف بقضايا الحل النهائي.
* * *
بعد أربعة أشهر من التوحّش الإسرائيلي في قطاع غزّة، وارتكاب شتى أنواع المجازر والتدمير والإبادة وانتهاج سياسة واضحة في تجويع أهالي القطاع وحرمانهم من شتّى أنواع الخدمات المنقذة للحياة، ودفع مختلف القطاعات إلى الانهيار تباعاً، يضيف الاحتلال إلى قائمة أهدافه في القطاع تدمير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
أطلق ساسة الاحتلال عدّة مزاعم بحقّ موظفين في الوكالة أساسها المشاركة في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر. وسرعان ما وجدت ادّعاءاته من يتلقفها في عدة عواصم غربية لتبدأ تباعاً في إعلان وقف أو تعليق تقديمها المساعدات للوكالة على قاعدة لا يمكن تفسيرها إلا في إطار العقاب الجماعي للفلسطينيين، رغم كل ما حاولت "أونروا" فعله لإثبات أنها ستتعاطى سريعاً مع الاتهامات، سواء بالتحقيق فيها أو تجميد عمل الموظفين المتهمين أو طردهم، وهم لا يتجاوزون 12 فرداً من أصل 30 ألف موظف بينهم 13 ألفا في غزّة.
تعترف الدول التي أوقفت تمويلها "أونروا" أو جمّدته، بينها الولايات المتحدة، أنها لم تجرِ أي تحقيق في مزاعم الاحتلال أو تطّلع على أدلّة محدّدة، بل كعادتها ذهبت إلى تبنّي ادعاءاته والعمل وفقها.
ويبدو هذا الاتجاه غير مستغرب ليس فقط بسبب الانحياز للاحتلال، بل أيضاً لأن الحرب على الوكالة قديمة، وما يجري حالياً ليس سوى ذريعة إضافية لاستئناف محاولة تفكيكها والقضاء عليها.
إبّان ولاية الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عمد في عام 2018 إلى وقف تمويل "أونروا" ضمن مخطّطه لتصفية قضية فلسطين في إطار ما سمّيت وقتها "صفقة القرن"، ومن أهم أهدافها إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين ضمن مخطّط تفكيك ما تُعرف بقضايا الحل النهائي.
وكان يمكن وقتها سماع أصوات مقرّبين منه تنادي بإنهاء عمل الوكالة، بذريعة أنها تطيل أمد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وبتحويلها إلى ما يشبه جمعية إغاثية، وهو ما يتكرّر حالياً ليس فقط في أميركا بل من نتنياهو نفسه الذي قال الأربعاء إنه لا بد من إنهاء الوكالة، وأن تحلّ محلّها "وكالاتٌ أمميةٌ أخرى".
ليس جديداً مخطّط نزع صفة اللجوء عن الفلسطينيين في الداخل أو في دول الجوار، وما يجري اليوم بطبيعة الحال هو أحد وجوهه، متخذاً من العدوان على القطاع فرصة متجدّدة. ومن هنا، الخطورة المزدوجة لما تتعرّض له "أونروا"، إن بسبب اللحظة التي تستعر فيها هذه الحملة، حيث جرت تسوية قطاع غزّة عملياً بالأرض، والناس بالكاد تصل إليها مساعدات تُذكر، أو بسبب الانجرار الواسع وراء المخطط الأميركي الإسرائيلي من عدّة دول، على عكس ما جرى في 2018.
تحاول الأمم المتحدة، بمساعدة بعض الدول، التصدّي للحملة، موضحة أنه لا بديل لـ"أونروا"، تحديداً في هذه اللحظة الحرجة التي لا تتوفر فيها مقوّمات الحياة للفلسطينيين في القطاع. وقدرة أيّ كيان آخر، بما في ذلك من بين وكالات الأمم المتحدة، على الحلول مكانها مستحيلة. وفي ما لو تمكّنت إسرائيل وأميركا من تحقيق هدفها بتفكيك الوكالة، فإن أيّ كيانٍ آخر يحتاج إلى سنوات طويلة للتمكّن من إدارة عملياتها.
أما إحباط هذا المخطط فليس بالأمر العسير في ما لو توفّرت الجرأة لدى الدول المناهضة له، وتحديداً العربية. أقلّه يمكن عدم الاكتفاء بالتصريحات المندّدة والمحذّرة من خطورة الحرب على أونروا والانتقال إلى مرحلة الأفعال عبر رفع المساهمات المالية المقدّمة للوكالة، وتغطية العجز الذي تسبّب فيه وقف دول بينها أميركا في ميزانيتها. وما دون ذلك، ليس مبالغة القول إنه يعدّ شراكة في جريمة تدمير الوكالة وإبادة الشعب الفلسطيني في غزّة.
*جمانة فرحات كاتبة ومحررة صحافية لبنانية
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أونروا فلسطين 7 أكتوبر العدوان اللاجئين الفلسطينيين المساعدات الإغاثية طوفان الأقصى حرب على أونروا تصفية قضية فلسطين صفقة القرن فی إطار
إقرأ أيضاً:
لازاريني: لا خطة بديلة لوجود أونروا في الأراضي الفلسطينية
سرايا - أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فيليب لازاريني، الاثنين، أنه لا يوجد بديل لوجود "أونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حظر أنشطتها.
وقال لازاريني خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إنه "لا توجد خطة بديلة داخل الأمم المتحدة؛ لأنه لا توجد وكالة أخرى قادرة على تقديم نفس الأنشطة".
في تشرين الأول/أكتوبر، قرّر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) منع أونروا من ممارسة أنشطتها في الأراضي الإسرائيلية والتنسيق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ويدخل القانونان حيّز التنفيذ بعد 90 يوما من اعتمادهما، بحسب الكنيست.
وكشف لازاريني أن الوكالة الأممية "لم تتلق بلاغا رسميا حول السبل التي تنوي إسرائيل استخدامها" لتنفيذ الحظر.
ودعا المجتمع الدولي إلى التحرّك لمنع تطبيق القانونين الذي يعني في حال حدوثه أنه "لن يعد في وسعنا العمل في غزة.. وتنسيق تحرّكاتنا والخفض من مخاطر النزاع ومن ثمّ ستصبح البيئة خطرة إلى حدّ بعيد".
ويخشى العاملون في أونروا "عدم الاستقرار في العمل... لكن أبعد من ذلك، هم يخشون فعلا أن يتعرّض أيّ منهم... للاعتقال"، بحسب لازاريني.
ومنذ وقت طويل، توجّه سلطات الاحتلال الإسرائيلي الانتقادات والاتهامات للوكالة الأممية.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 449
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 18-11-2024 05:25 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...