الخليج الجديد:
2025-03-10@16:09:37 GMT

العالم السنّي يخذل المقاومة؟!

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

العالم السنّي يخذل المقاومة؟!

العالم السنّي يخذل المقاومة

كان العالم السنّي مطمئنا في السابق عندما كانت السعودية تعلن عداءها الصريح لإسرائيل، وتعتبرها كيانا غاصبا لفلسطين.

أدّى التدخل العسكري المتدرّج لكل من حزب الله والحوثيين في الحرب إلى رفع أسهم إيران لدى الفلسطينيين وشعوب المنطقة.

الجنون الإسرائيلي بلغ مداه، وأن السياسات التي تعتمدها عموما الأنظمة السنّية لا تنسجم مطلقاً مع هذه اللحظات التاريخية بكل معانيها.

تخشى أوساط سياسية رسمية عربية سنّية أن يؤثر دعم إيران وجماعات قريبة منها المقاومة الفلسطينية مستقبلا على التوازنات والولاءات في المنطقة.

إثارة المسألة الطائفية خطر عظيم في هذه المرحلة التي تفرض الآن، وأكثر من أي وقت، تجنّب الخطاب التقسيمي، والتركيز على دعم المقاومة بدون تحفّظ.

التنافس الشيعي السني معلوم تاريخياً، وربما له مبرّراته، لكن من يستهين بمأساة غزّة وأهلها عليه إدراك أن مستقبل المنطقة سيتحدّد بناء على نتائج هذه الحرب.

* * *

تشعر الأوساط السياسية الرسمية العربية، السنّية تحديدا، بقلق بالغ من ازدياد الدعم الذي تتلقاه المقاومة الفلسطينية من إيران والجماعات القريبة منها. وتخشى هذه الأوساط أن يؤثر ذلك في المستقبل على التوازنات والولاءات في المنطقة.

إثارة المسألة الطائفية والمذهبية خطر عظيم في هذه المرحلة بالذات التي تفرض، أكثر من أي وقت مضى، تجنّب الخطاب التقسيمي، والتركيز على دعم المقاومة بدون تحفّظ، وبعيدا عن المناورات السياسوية والأيديولوجية. ومع أهمية الوعي بذلك، لا يجوز غضّ الطرف عن خلفيات ما يجري هنا وهناك لفهم التحوّلات الاستراتيجية التي يمكن أن تحصل في المنطقة بسبب هذه الحسابات الضيقة.

كان العالم السنّي مطمئنا في السابق عندما كانت العربية السعودية تعلن عداءها الصريح لإسرائيل، وتعتبرها كيانا غاصبا لفلسطين. وتدَعّم ذلك عندما جرّت المملكة وراءها العالم السني الى تأييد ما سمّيت "مبادرة السلام العربية"، التي شكّلت مبادرةً متماسكةً دبلوماسياً، تضع الاعتراف بإسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية. ورغم أن طهران تمسّكت بشعار تحرير كامل فلسطين إلا أن حزامها لم يتجاوز التنظيمات القريبة منها مذهبياً وسياسياً.

بدأ هذا المشهد يتفكّك مع التحوّل السياسي الكبير الحاصل في موازين القوى داخل المملكة، واحتمال حصول تطبيع مباشر بين إسرائيل والسعودية بوساطة أميركية. ونظراً إلى أهمية هذا المنعطف الاستراتيجي، أخذت معظم الأنظمة العربية وغيرها تعيد حساباتها.

في هذا السياق، حاولت طهران أن تستثمر ما يحدُث وفق مصالحها ورؤيتها الخاصة، بما في ذلك توثيق العلاقات مع الرياض، ففي وقتٍ أعطت فيه أغلب الدول السنّية ظهرها للمقاومة الفلسطينية، حركتي حماس والجهاد الإسلامي تحديدا، عملت إيران وحلفاؤها على بناء علاقات استراتيجية معها.

ورغم أن القيادة الإيرانية فوجئت بهجوم 7 أكتوبر، حسب تقديرات المخابرات المركزية الأميركية، إلا أنها دفعت حلفاءها إلى التدخّل في الحرب من دون التورّط في مواجهة شاملة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهي الخطّة التي أطلق عليها المرشد علي خامنئي "الصبر الاستراتيجي"، لأن أي تصعيد غير مدروس من شأنه أن يدخل المنطقة في فوضى عارمة لن يقدر الإيرانيون على التحكّم في نتائجها وتداعياتها.

أدّى هذا التدخل العسكري المتدرّج لكل من حزب الله والحوثيين في الحرب إلى رفع أسهم إيران لدى الفلسطينيين أولا، وشعوب المنطقة من جهة أخرى. إذ تذكر صحيفة نيويورك تايمز أن الأطراف الموالية لطهران شنّت ما يزيد على 150 هجوماً على المنشآت العسكرية والدبلوماسية الأميركية في العراق وسورية.

وخاصة أن هذا التصعيد العسكري يحصل في ظرف خطير يتعرّض فيه الفلسطينيون للإبادة من دون أن يجدوا الدعم الفعلي من الجيران ومن الأباعد، فأكثر من 50 دولة إسلامية لم تجرؤ على إيصال المساعدات الغذائية والأدوية إلى شعب يعاني من المجاعة والأوبئة، من دون موافقة إسرائيلية، وهو عجز غير مبرّر أمام دولة مارقة على القانون الدولي والقيم الإنسانية.

لا يمكن منع الشعوب من القيام بمقارنة بين دول لا تزال علاقاتها قوية مع إسرائيل في هذا الظرف الغريب والمأساوي وهؤلاء الحوثيين الذين يعانون من الفقر في بلدٍ يعيش في مهب الريح، لكنهم رغم ذلك قرّروا الرد عسكرياً على تل أبيب وواشنطن، فكسبوا بذلك تأييد الشارعين العربي والإسلامي.

نحن بصدد رصد اتجاهات الرأي في منطقة متفجّرة. وما يمكن تأكيده في هذا السياق أن الجنون الإسرائيلي بلغ مداه، وأن السياسات التي تعتمدها عموما الأنظمة السنّية لا تنسجم مطلقاً مع هذه اللحظات التاريخية بكل معانيها.

ليس الصراع الدائر حالياً بين فصيل فلسطيني ودولة محتلة، ومن يضع المسألة داخل هذا المربع الضيق مخطئ بالتأكيد. المعركة أكبر من ذلك بكثير، ويكفي النظر إلى ما قامت به دولة جنوب أفريقيا لنفهم طبيعة الصراع الدائر ومآلاته المحتملة.

التنافس الشيعي السني معلوم تاريخياً، وقد تكون له مبرّراته، لكن من يستهين بمأساة غزّة وأهلها عليه أن يدرك أن مستقبل المنطقة سيتحدّد بناء على نتائج هذه الحرب.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية إيران المقاومة الطائفية غزة فلسطين الحوثيون حزب الله 7 أكتوبر علي خامنئي مبادرة السلام العربية الصبر الاستراتيجي العالم السن ی السن یة

إقرأ أيضاً:

إيران ترفع مستوى التوتر.. تصعيد الدعم العسكري للميليشيات الإرهابية يهدد أمن واستقرار المنطقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، لم يعد الحديث عن التدخلات الإيرانية مجرد تكهنات أو تخمينات، بل أصبح واقعًا يُلمس على الأرض من خلال تحركات عسكرية متنوعة وملتوية، وهذا ما أكدته الحكومة اليمنية على لسان وزير الإعلام اليمنى معمر الإرياني.
حيث قال إن "الأحداث التي شهدتها الأراضي السورية، فى ٢٤ ساعة الماضية، والتي أشعلتها فصائل مسلحة موالية لإيران، تأتى في سياق تصعيد عسكري واسع، يتزامن مع ما كنا قد كشفنا عنه سابقا حول اجتماعات سرية بين قيادات الحرس الثوري الإيراني وأذرعه في المنطقة، ومنها ميليشيا الحوثي، وحزب الله "اللبناني"، والحشد الشعبي العراقي، في العاصمة اللبنانية بيروت".
وأضاف الإرياني في تغريدة له على منصة إكس "تشير هذه التطورات الميدانية إلى أن التحركات العسكرية من قبل ميليشيات طائفية مدعومة من إيران ليست مجرد صدفة، بل هي أحد مخرجات اللقاءات الأخيرة التي تحدثنا عنها والتي جمعت قيادات عسكرية إيرانية مع اذرعها في المنطقة، والتي تهدف إلى وضع استراتيجيات تصعيدية لمواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية التي يتعرض لها المحور الإيراني".
وأوضح الإرياني أن إيران تواصل سياستها الثابتة فى زعزعة أمن واستقرار المنطقة، ومنها هذا التحرك الذى يأتي في وقت حساس، حيث لا تزال إيران تحاول تثبيت قدمها في الشرق الأوسط وتحقيق انتصارات فى اليمن، بعد الخسائر التى منيت بها فى بعض الساحات، مثل لبنان وسوريا، ومحاولاتها إرسال رسائل إلى العالم مفادها أنها لا تزال قوة إقليمية قادرة على فرض إرادتها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية فى المنطقة.
ولفت الإريانى إلى أنه مع تصاعد وتيرة الاشتباكات فى سوريا، وارتفاع مستوى الدعم العسكري الإيراني لميليشياتها فى المنطقة، ومنها ميليشيا الحوثي الإرهابية، والذى يهدد أمن استقرار المنطقة بشكل أكبر، ويضع الأمن والسلم الدولى فى خطر، يصبح من الضرورى أن يتحرك المجتمع الدولى بشكل عاجل لوقف هذا التصعيد والقيام بمسئولياته فى التصدى لهذه التهديدات الإرهابية.
وشدد الإريانى على أنه يجب على القوى الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، عدم البقاء مكتوفة الأيدى فى مواجهة هذا السلوك الإيرانى المزعزع للاستقرار، واتخاذ خطوات أكثر فاعلية لمنع محاولات النظام الإيرانى لعب دور فى إعادة تشكيل المنطقة وفق مصالحه، وتوسيع نفوذه العسكري، وضمان تقديم الدعم الكامل للدول التى تواجه التدخلات الإيرانية فى شؤونها الداخلية.
ويرى المراقبون أن هذا التصعيد يشير إلى رغبة إيران فى تعزيز حضورها العسكرى فى المنطقة بعد بعض الخسائر التى منيت بها فى ساحات مثل لبنان وسوريا، وفى محاولة واضحة لإعادة ترتيب المشهد الإقليمي بما يتماشى مع مصالحها.
كما أن استمرار الدعم الإيرانى للميليشيات الطائفية يهدد استقرار المنطقة وأمنها، ما يجعل من الضروري أن يتخذ المجتمع الدولي خطوات أكثر فاعلية لمواجهة هذا التهديد، سواء من خلال الضغط على النظام الإيراني أو تقديم الدعم للدول التى تواجه تدخلاته المباشرة. وفى هذا السياق يبرز ضرورة أن تواصل الأمم المتحدة تحركاتها الفعالة لحماية السلم والأمن الدوليين، وعدم السماح بإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالح طهران التوسعية.

مقالات مشابهة

  • إيران تنفي التدخل في الشأن السوري وترد على استبعادها من مؤتمر الأردن
  • ترامب يعلق على مناورات "خليج عمان" بين إيران وروسيا والصين
  • إيران ترفع مستوى التوتر.. تصعيد الدعم العسكري للميليشيات الإرهابية يهدد أمن واستقرار المنطقة
  • الحوثي الطلقة الأخيرة لمدفعية إيران
  • إيران تجري مناورات عسكرية بحرية بمشاركة روسيا والصين
  • إليك أغرب أشكال الاحتجاج التي شهدها العالم على مر التاريخ (صور)
  • طاهر النونو: نتحدث عن ضرورة الاستقرار في المنطقة وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه
  • ترامب واكبر معركة استخبارات لمواجهة العالم 
  • مخاوف حول تنظيم كأس العالم 2026.. ما الصعوبات التي ستواجهها أمريكا؟
  • كيف تعمل شبكة الإنترنت؟ رحلة إلى قلب الشبكة التي تربط العالم