انس الشيخ مظهر نجحت الحكومات العراقية الثلاث الاخيرة ” بدءا من حكومة عبد المهدي مرورا بحكومة الكاظمي وانتهاءا بحكومة السوداني”  من لعب دور الوسيط في بعض الملفات المهمة في المنطقة , مستفيدة من تقاطع المصالح الدولية والاقليمية على الساحة العراقية . وهي نقطة تحسب للحكومات العراقية في انها حولت الصراع الاقليمي والدولي على العراق من نقطة تضعف الموقف العراقي الداخلي وتشتته , الى نقطة قوة تستفاد منها الحكومات العراقية للعب هذا الدور المهم.

فقد لعب العراق دورا محوريا في تقريب وجهات النظربين الفرقاء في الملف النووي الايراني ” امريكا وايران” . وكذلك حلحلة المشاكل السياسية بين ايران والمملكة العربية السعودية , والتي اثمرت عن تفاهمات واضحة بين الطرفين في العديد من الجوانب . وتقريب وجهات النظر بين ايران ودول خليجية اخرى , وبين ايران ومصر, ولا نستطيع انكار المحاولات العراقية لتغير الموقف العربي من اعادة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية , واخيرا المحاولات العراقية الاخيرة في تقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا والتي تمثلت في زيارة السوداني الاخيرة لدمشق. ورغم ان الكثير من المحللين يعزون الموقف العراقي هذا في انه مدفوع بمباركة ايرانية مسبقة لها , وبتوجيهات ايرانية بغية حلحة مشاكلها المستعصية مع المجتمع الدولي ودول المنطقة , الا ان ذلك لا يقلل من اهمية نتائج المحاولات العراقية , والتي حولته الى نقطة التقاء القوى المتصارعة , وهو بحد ذاته امر يحسب له. ولكن وكما ان لهذه النجاحات العراقية ايجابياتها فان لها نصيبها من السلبيات . فاهتمام الحكومات العراقية بحلحلة الملفات الاقليمية والدولية , يعطي مؤشرا على مدى تاثير تلك الاطراف الخارجية على الواقع العراقي , مما يدفع بالحكومات العراقية المتعاقبة لفتح قنوات اتصال بين تلك الاطراف المتنافسة , لتبدو بمظهر الحكومة التي لا يمكن الاستغناء عنها , وبالتالي اعطاء فكرة ان بقاءها في السلطة يصب في صالح جميع القوى الخارجية تلك , وهكذا يمكن لها ضمان بقائها في اي انتخابات مقبلة , وهو امر قد يكون مقبولا بالمعايير السياسية , لكنه من جهة اخرى يضعف تركيز الحكومات العراقية على حل المشاكل الداخلية “العراقية العراقية” . فلا يمكن لاحد ان يتصور ان المشاكل العالقة بين القوى السياسية الكوردية مثلا او السنية مع الحكومة الاتحادية هي اكثر تعقيدا من المشاكل بين ايران من جهة وامريكا من جهة اخرى ,  او بين ايران ودول الخليج . فان كانت الحكومة العراقية قادرة على جمع فرقاء دوليين واقليمين في هكذا ملفات , فما الذي يمنعها من جمع الفرقاء المحليين مع بعضهم وتصفير المشاكل بينهم ؟ فهل ان تطبيق المادة 140 من الدستور مثلا , او حل الملف النفطي بين كوردستان والحكومة الاتحادية, او حل ملف النازحين السنة والتمثيل السني في الحكومة , هو اكثر خطورة وتعقيدا من الملف النووي الايراني , او الصراع بين ايران والخليج ؟ ولماذا لا تركز الحكومات العراقية المتعاقبة على الانخراط في حل تلك المشاكل؟ تخطيء الحكومات العراقية اذا تصورت ان العامل الدولي والاقليمي هو اكثر اهمية من العامل الداخلي في ضمان بقائها في السلطة  . فالملفات الاقليمية والدولية لا تعتبر من اولويات الشارع العراقي “بجميع مكوناته” بقدر ما ان تصفير المشاكل العراقية العراقية وتوفير حياة كريمة للشعب في ظل حكومة تقدم له الخدمات التي يستحقها تعتبر من اولوياته . واية حكومة عراقية تنجح في تصفير المشاكل الداخلية العراقية “على مبدا لا ضرر ولا ضرار” ستضمن تاييد جميع الاطراف السياسية وكل الشارع العراقي , وهو ما سيضمن لها تاييدا سياسيا وشعبيا كبيرين. ان محاولة ارضاء القوى الدولية والاقليمية دون النظر الى اهمية ارضاء الشعب العراقي وقواه السياسية هو سلاح ذو حدين , خاصة في حال عدم نجاح العراق في التوصل الى حلول جذرية للملفات الاقليمية والدولية التي يتوسط فيها .  فعدم حلحلة الملفات العراقية الداخلية تبقي المكونات السياسية العراقية متاهبة وجاهزة لاي دعم اقليمي او دولي للحصول على مستحقاتها , وهو ما يعتبر قنبلة موقوتة قد تنفجر في اية لحظة . وتخطيءالحكومة الاتحادية ايضا اذا ما تصورت ان مكانتها السياسية الحالية في المنطقة هو استحقاق طبيعي للقوة السياسية التي تملكتها نتيجة ادائها السياسي , فما يتمتع به العراق من مرونة حالية في التحرك بين ملفات خارجية مختلفة , ما هو الا دور سياسي مؤقت انيط به في ظروف استثنائية فرضتها المتغيرات الدولية والواقع الجيوسياسي العراقي , وبمجرد بلورة ظروف دولية اخرى , فانه سيفقد هذه القوة . وعليه فان الظروف الحالية مهيئة لتحرك حكومة السيد السوداني نحو الملفات العراقية الداخلية لتصفيرها , كي تضيف لها قوة سياسية جديدة لا تتاثر بالمتغيرات الخارجية , فقد شهدنا كيف ان حكومتي عادل عبد المهدي والكاظمي لم يستطيعا الاستمرار في السلطة رغم انهما لعبتا نفس الدور الذي تلعبه حكومة السوداني الحالية في الملفات الخارجية, وهذا يثبت ان الاداء الخارجي للحكومات ليست باكثر اهمية من ادائها السياسي الداخلي , ولا يمكن الاعتماد على العامل الخارجي واهمال العامل الداخلي الذي هو اكثر اهمية واكثر رسوخ . اربيل – كوردستان العراق

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: بین ایران

إقرأ أيضاً:

الحاج: الاولوية تعيين الهيئة الناظمة وتحسين وضع الاتصالات

استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، وزير الاتصالات المهندس شارل الحاج واستبقاه الى مأدبة الغداء.
 
وقال الحاج بعد اللقاء:"تشرفت بزيارة غبطته في مستهل مهامي الوزارية طلبا للبركة والدعم الروحي والوطني لمسيرة الانقاذ الصعبة والاستفادة من الفرص المتاحة لاستعادة لبنان دوره ومكانته".
وردا على سؤال حول تفاؤله لجهة امكانية تحويل وزارة الاتصالات خلال سنتين الى وزارة عمود فقري للاقتصاد اللبناني، قال: "من المؤكد اننا سنتبع خطة عمل لانه حتى تاريخه لم نتمكن من الاطلاع على كل الامور والمشاريع والخطط الموضوعة في الوزارة، وبعد نيل الثقة بفترة قصيرة جدا قد لا تتجاوز الثلاثة اسابيع نكون قد اطلعنا على كل الامور".
 
اضاف: "الجميع يعرف وضع الاتصالات في البلد ومن البديهي البدء بتنفيذ قانون الاتصالات وتعيين الهيئة الناظمة وهي اولوية، والهدف على مدى 3 سنوات ان يصبح عمل الوزارة مطلقا كما كل البلدان وتدمج الوزارة بوزارة ثانية وهذا على المدى الطويل، واليوم هدفنا الحالي ان نعرف ماذا لدينا في الوزارة، وكيف علينا ان ننفذ قانون الاتصالات خلال فترة. والاولوية تعيين الهيئة الناظمة وفي الوقت نفسه نقوم بالاستثمارات اللازمة ليتحسن وضع الاتصالات من مبدأ الخدمة والاسعار الجيدة".
 
وعن الحياد الايجابي، قال الحاج: "سيدنا لديه الحق بالمطالبة بالحياد الايجابي"، داعيا الى "ادراك مصلحة بلدنا والوقوف الى جانب الاشقاء العرب عندما يتفقون وعلى الحياد عندما يختلفون، واعتقد ان لبنان في كل مرة اتبع هذا المبدأ عاش باستقرار، وفي كل مرة لم يحترم هذا المبدأ اهتزت فيه الاوضاع".
 
وختم: "اللبنانيون حتى من قبل انشاء دولة لبنان الكبير كانوا في صلب العالم العربي وحاملين قضاياه، وكل شيء قدموه كان محل قبول وتقدير، وهكذا يجب ان يعود".

مقالات مشابهة

  • ممثل الأمين العام للأمم المتحدة: المرأة العراقية تعد نموذجاً مشرفاً للنساء
  • الحاج: الاولوية تعيين الهيئة الناظمة وتحسين وضع الاتصالات
  • الحكيم يلتقي وفد الجالية المسيحية العراقية في امريكا
  • رد غير مباشر على بغداد: دمشق تحتضن المعارضة العراقية للنظام السياسي
  • رد غير مباشر على بغداد: دمشق تحتضن المعارضة العراقية للنظام السياسي - عاجل
  • معركة التأهل.. اليوم المنتخب العراقي للشباب في اختبار صعب أمام أستراليا
  • الذاكرة العراقية على حافة النسيان!
  • العراق أولاً لكن... الغلبة للحسابات السياسية والعلاقة مع سوريا مثالا
  • العراق أولاً لكن... الغلبة للحسابات السياسية والعلاقة مع سوريا مثالا - عاجل
  • بالتعاون مع أنقرة.. العراق يستردُّ ضابطاً تلقى رشى لقاء وعود بتعيينات في الداخلية