شهدت مدن رئيسية في السنغال من بينها العاصمة داكار، مساء السبت، مظاهرات واسعة تصدت لها الشرطة بالقوة، وسط حالة من التوتر والغليان، وذلك بعد يوم واحد من تأجيل الرئيس السنغالي ماكي صال، الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة 25 شباط/ فبراير الجاري.

وكان ماكي صال، قد ألغى مرسوما كان قد حدد بموجبه موعد الانتخابات الرئاسية في 25 شباط/ فبراير 2024، وذلك بعد تشكيل لجنة برلمانية تحقق مع قاضيين عضوين في المجلس الدستوري مشكوك في نزاهتهما بشأن ملف الانتخابات.



وبرر ماكي صال في خطاب له قرار تأجيل الانتخابات بالتحقيق مع القاضيين، وذلك قبل بضع ساعات من بدء الحملة الانتخابية للاقتراع الرئاسي.

وأعلن صال أنه سيطلق "حوارا وطنيا مفتوحا بهدف تهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرة وشفافة وشاملة"، كما جدد تمسكه بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية.

توتر في الشارع
وقال الصحفي السنغالي محمد جوب لـ"عربي21" إن البلاد تعيش منذ صباح السبت توترا شديدا، مضيفا أن السلطات اعتقلت معارضين ومرشحين للانتخابات وقطعت بث قناة معارضة وسحبت رخصتها.

وأضاف: "أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مكثف لتفريق مئات المتظاهرين الغاضبين، واعتقلت المرشحة للانتخابات الرئاسية أنتا بابكر نجوم".

ولفت إلى أن الشرطة داهمت مقر قناة "والفجر" المعارضة، في العاصمة داكار وقامت بقطع بثها لدى نقلها المباشر للمظاهرات، ومواكبتها ببرامج خاصة، ليعلن بعد ذلك عن سحب رخصة القناة.

وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام سنغالية، وبعض الناشطين، تدخلات عنيفة لقوات الأمن ضد المتظاهرين، كما عمد بعض المحتجين إلى العبث ببعض الممتلكات، وإضرام النار في العديد من الإطارات.

رفض واسع وردود فعل دولية
وعبرت العديد من الأحزاب السياسية السنغالية عن رفضها قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية، فيما دعت المعارضة لتعبئة الشارع ضد القرار، وإطلاق الحملة الانتخابية.

وفي إطار ردود الفعل على القرار أعلن الوزير المكلف بالأمانة العامة للحكومة السنغالية عبد اللطيف كوليبا استقالته من منصبه، مضيفا أنه غادر الحكومة ليتمكن من الدفاع عن آرائه وقناعاته السياسية.

ومن جانبه دعا المعتقل السابق المعارض خليفة صال – وهو أحد المترشحين الرئيسيين للانتخابات – الشعب السنغالي للتصدي لقرار تأجيل الاقتراع.

وأعربت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" عن قلقها إزاء إعلان الرئيس السنغالي ماكي صال تأجيل الانتخابات الرئاسية في البلاد، داعية "السلطات المختصة إلى تعزيز الإجراءات من أجل تحديد موعد جديد".

ودعت المجموعة التي تتولى نيجيريا رئاستها الدورية، في بيان لها الطبقة السياسية السنغالية إلى إعطاء الأولوية للحوار والتعاون "من أجل إجراء انتخابات شفافة وشاملة وذات مصداقية".

وحضت الولايات المتحدة الأمريكية في بيان صادر عن مكتب شؤون أفريقيا في وزارة خارجيتها، مختلف المشاركين في العملية بالسنغال "على الانخراط سلميا في الجهد الهام، للإسراع بتحديد موعد جديد وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرة ونزيهة".

وقال الاتحاد الأوروبي  إن إرجاء الانتخابات الرئاسية يؤدي إلى "فترة من الغموض" في البلاد داعيا لإجرائها "في أقرب فرصة".

كما دعت فرنسا السنغال إلى تبديد "الشكوك" الناجمة عن التأجيل لتنظيم الاقتراع "في أقرب فرصة".

سيناريوهات متوقعة
ويرى متابعون للشأن السنغالي أن البلاد دخلت مرحلة صعبة، حيث أنه للمرة الأولى منذ استقلالها يتم تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية في هذا البلد الذي لم يعرف انقلابات عسكرية، عكس غالبية بلدان القارة الأفريقية التي تشتهر بكثرة الانقلابات في بلدانها.

وعقب قرار تأجيل الانتخابات تبرز عدة سيناريوهات للمشهد السياسي القادم في هذا البلد.

ويعتقد مراقبون أن السيناريو الأبرز هو أن يغير الرئيس الحالي ماكي صال مرشحه للانتخابات الرئاسية أمادو با، ويختار مرشحا جديدا يحظى بإجماع وموافقة أوسع، في ظل تقارير تتحدث عن ضعف شعبية المرشح الحالي.

أما السيناريو الثاني المتوقع فهو أن يتراجع الرئيس الحالي ماكي صال عن قراره السابق بشأن عدم الترشح، ويترشح لولاية رئاسية ثالثة، وهو ما قد يحدث مزيدا من الفوضى والاضطرابات في هذا البلد الغرب أفريقي.

والسيناريو الثالث يتمثل في نجاح القوى المعارضة في إجبار النظام الحاكم حاليا على تحديد موعد سريع لتنظيم الانتخابات، مع الإبقاء على المرشحين الحاليين، ما قد يشكل خسارة المنظومة الحاكمة حاليا للسلطة ونجاح مرشح معارض.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية السنغال الانتخابات احتجاجات انتخابات السنغال المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة تأجیل الانتخابات

إقرأ أيضاً:

ماذا تغير في الانتخابات الرئاسية بتونس بين الأمس واليوم؟

تونس- مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية في تونس، والتي ستجرى يوم الأحد المقبل، تبدو مواقف المعارضين متطابقة رغم اختلافاتهم، فجميعهم على قلب رجل واحد في عدم الاعتراف بهذه الانتخابات التي يرونها فاقدة للنزاهة ومحبوكة لمبايعة الرئيس الحالي قيس سعيد.

وشهد هذا السباق إقصاء عدد كبير من المرشحين من قبل هيئة الانتخابات بسبب "عدم استيفاء الشروط"، كما أقصت 3 مرشحين بارزين رغم قبول طعونهم لدى المحكمة الإدارية، التي كانت -وفق القانون- تصدر أحكاما باتة ونهائية، ومع ذلك لم تأبه الهيئة لحكمها.

ولم يتبقّ في السباق سوى الرئيس المنتهية ولايته سعيد، والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، الذي كان مساندا لمساره قبل أن يعتمد مؤخرا خطابا ناقدا له، ورئيس حركة "عازمون" العياشي زمال المسجون بتهم ينفيها وتتعلق بشبهة تزوير تزكيات الناخبين.

بلا رهانات

وأصدرت 5 أحزاب معارضة لسعيد بيانا تدعو فيه لمقاطعة الانتخابات الرئاسية. وهي حزب العمال والحزب الاشتراكي والتكتل والمسار والقطب، وترى أن الانتخابات فاقدة للنزاهة، وهدفها تجديد البيعة للرئيس سعيد.

كما أصدر حزب التيار الديمقراطي وحركة النهضة بيانات متتالية أعربا فيها عن رفضهما الانتخابات بسبب "الضرب الفاضح لقواعد التنافس النزيه وانحياز هيئة الانتخابات لسعيد وتوظيف القضاء والإدارة لإقصاء المنافسين والتنكيل بهم".

في السياق، يقول عضو المكتب التنفيذي للحركة بلقاسم حسن إن هذا الاستحقاق الانتخابي فقد رهانه الحقيقي في التنافس السلمي والنزيه والديمقراطي على السلطة، مؤكدا أن القوى السياسية لم تعد تراهن عليه "لأن مناخه المتعفن عصف بشفافيته ونزاهته".

وبحسب المعارضة، تتسم هذه الانتخابات بتتالي الملاحقات القضائية ضد أي منافس سياسي جدّي يسعى لطي صفحة الماضي والعودة بالبلاد لمرحلة الانتقال الديمقراطي، فضلا عن تتالي توقيف المعارضين والصحفيين، وتغيير قانون اللعبة الانتخابية في قلب الانتخابات، وفق تعبير بلقاسم حسن.

وعكس الانتخابات السابقة، اتسمت الحالية، وفق المعارضة، ببرود الحملة الانتخابية جراء إقصاء المنافسين، ومحاصرة أنشطة الأحزاب، وضرب حرية الإعلام، وملاحقة المعارضين، وخفض حجم الإنفاق في الحملة الانتخابية، وحجب المناظرة التلفزيونية بين المرشحين.

ويقول حسن للجزيرة نت إنه "لا توجد مقارنة على الإطلاق" بين هذه الانتخابات وتلك التي جرت بعد الثورة وإلى غاية سنة 2019، مضيفا أن العالم بأسره أثنى على الانتخابات آنذاك بفضل نزاهتها وتعدديتها وممارسة الشعب إرادته الحرة.

ووفقا له، يتسم المناخ الحالي بغلق باب المنافسة النزيهة أمام كل المرشحين الجديين ضد الرئيس سعيد، وبنزع صلاحيات المحكمة الإدارية للبت في النزاعات الانتخابية وإحالتها على القضاء العدلي "الخاضع للسلطة".

خوف من الهزيمة

من جانبه، يقول المحامي والناشط الحقوقي العياشي الهمامي إن الرئيس سعيد استحوذ على المسار الانتخابي وطوّع القضاء والإدارة لمصلحته لأنه "يعاني من خوف شديد من الهزيمة جعله يرفض منافسة انتخابية نزيهة مع بقية المرشحين".

ويضيف الهمامي "آخر فضيحة ارتكبها الرئيس تتعلق بملف المرشح العياشي زمال الذي تم توظيف القضاء من أجل التسريع في إصدار حكم نهائي ضده"، وقال "تمت إهانة القضاء وتطويعه لأهواء الرئيس سعيد بشكل مفضوح لم يقع في تاريخ القضاء التونسي".

وندد فريق الدفاع عن زمال برفض مطلب التأخير في قضيته المعروضة على محكمة الاستئناف بجندوبة إلى حين الاطلاع على حكم ابتدائي صدر ضده بسنة و8 أشهر سجنا، لكن القاضي لم يمكنهم إلا من 3 ساعات تأخير ليشرع في محاكمته بسرعة.

وحُكم على زمال -لحد الآن- بثلاثة أحكام، حيث قضت المحكمة الابتدائية بتونس بسجنه 12 سنة في الطور الابتدائي، وقبل ذلك حكم عليه بستة أشهر سجنا من قبل المحكمة الابتدائية بمحافظة جندوبة. ولا يزال ينتظر الحكم في عدة قضايا يقول إنها مفتعلة.

ويؤكد فريق الدفاع أن جميع التهم الموجّهة إلى رمال كيدية وملفقة للضغط عليه لسحب ترشحه، وأشار محاموه إلى أنه رغم تتالي التحقيقات معه أو محاكماته، فإن زمال يظل مرشحا مقبولا في السباق.

ويقول العياشي الهمامي -للجزيرة نت- إنه بالمقارنة مع الانتخابات السابقة لم يعد للحالية أي معنى بسبب التجاوزات، وآخرها تعديل قانون الانتخابات لإقصاء المحكمة الإدارية عن البت في النزاعات الانتخابية قبل أسبوع من الاستحقاق الرئاسي.

والجمعة الماضية، صادق البرلمان على تعديل القانون قبل أن يختمه الرئيس سعيد ليصبح ساري المفعول، علما أنه كان قد عبر عن رفضه جملة وتفصيلا لإجراء أي تعديل في القانون وسط العملية الانتخابية لمّا كان مرشحا في سنة 2019.

لا مقارنة

ويتفهم الناشط الحقوقي الهمامي موقف القوى الداعية لمقاطعة الانتخابات ونتائجها مسبقا "بسبب الخروقات والتجاوزات التي ضربت مصداقيتها"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن سعيد سعى لهذه المقاطعة "ليفوز بنسبة 90% من الأصوات مهما تكن المشاركة متدنية جدا".

ولا يستبعد لجوء النظام -في حال وجود مشاركة قوية- لاعتماد فصول أدخلها سعيد ضمن تعديلات على قانون الانتخابات من مثل الفصل (143) الذي يجيز لهيئة الانتخابات حذف أصوات الفائزين بشكل كلي أو جزئي إذا ارتأت أنهم قاموا بمخالفات انتخابية.

وبرأيه، فإن الصراع الذي خاضته القوى المعارضة والديمقراطية في تونس من خلال تقديم ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية "نجح في الكشف عن الطبيعة الاستبدادية للنظام"، معتبرا أن المسؤولية تقع على جميع هذه القوى في الفترة القادمة لمواصلة الدفاع عن الديمقراطية.

وحسب الهمامي، لا مجال للمقارنة لأن الانتخابات السابقة كانت حقيقية وتعددية بدليل أن سعيد صعد للرئاسة خريف 2019 دون أن يكون له حزب سياسي يدعمه أو تمويلات، وإنما "نتيجة استغلاله للأوضاع المتردية حينها".

ويؤكد أنها "على عكس ما يدعيه سعيد، لم تكن مزيفة أو موجهة لمصلحة فرد بعينه مثلما يحصل اليوم لفائدته"، مضيفا أن الانتخابات السابقة بمختلف مساراتها الرئاسية أو التشريعية كانت تخضع لرقابة المجتمع المدني الذي أصبح اليوم مقصيا منها.

ويقول الهمامي "اليوم هناك مشكلة حقيقية في مراقبة مكاتب الاقتراع بعد إقصاء الجمعيات الناشطة في مراقبة الانتخابات، وحتى الناس أصبحوا يعيشون رعبا ولم ينخرطوا كملاحظين مثلما كان عليه الوضع في الانتخابات السابقة"، معتبرا أن هذه التضييقات أضرت بمصداقية هذا السباق.

ونددت كل من جمعيتي "مراقبون" و"أنا يقظ" -المشاركتين في الرقابة على الانتخابات السابقة- بحرمانهما من اعتماد المراقبة الذي تسنده هيئة الانتخابات، والتي كشفت قبل أيام أنها تلقت إشعارات بوجود شبهات تمويل مخالفة للقانون.

وانتُخب الرئيس قيس سعيد بشكل ديمقراطي في عام 2019، لكنه شدد قبضته على السلطة عندما اتخذ تدابير استثنائية يوم 25 يوليو/تمز 2021، حلّ بموجبها البرلمان السابق المنتخب وبدأ الحكم بمراسيم، وهي خطوة وصفتها المعارضة بأنها "انقلاب" على الدستور والشرعية.

مقالات مشابهة

  • بدء مرحلة الصمت الانتخابي في تونس استعدادًا للانتخابات الرئاسية
  • تونس.. بدء التصويت بالانتخابات الرئاسية في الخارج
  • تونس: الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية 9 أكتوبر الجاري
  • رئاسيات تونس.. حملة انتخابية باهتة
  • ماذا تغير في الانتخابات الرئاسية بتونس بين الأمس واليوم؟
  • منظمة حقوقية تنتقد مسعى تونس لترسيخ الاستبداد عشية الانتخابات الرئاسية
  • بدء عملية الاقتراع للانتخابات الرئاسية التونسية
  • النهضة التونسية: موقفنا من المشاركة في الرئاسيات مرتبط بمقاومة الانقلاب
  • بعد الهجوم الصاروخي الإيراني.. 3 سيناريوهات متوقعة للرد الإسرائيلي
  • تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران بعد هجوم صاروخي من لبنان: سيناريوهات متوقعة