مواطنون وخبراء لـ العرب: ميثاق الأسرة.. يرسخ القيم بالمجتمع
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
تلاقت آراء المواطنين والخبراء المختصين في التأكيد على أهمية «ميثاق الأسرة» الذي تعتزم وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة إطلاقه اليوم بهدف تعزيز القيم الأسرية والتربوية، القائمة على الترابط والتماسك الأسري لمواصلة التنمية الاجتماعية وتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030.
ونوهوا عبر «العرب» باهمية الميثاق واعتباره خطوة تدعم بناء مجتمع قوي مستدام، لافتين إلي ضرورة إعداد وتنفيذ السياسات المجتمعية التي تضمن الحفاظ على كيان الأسرة القطرية، وتعزيز قيم العدالة والاحترام المتبادل داخلها، مشيرين إلى أن غرس القيم الدينية والأخلاقية في نفوس الأبناء، بشكل خاص، يمثل بوصلة أمان المجتمع.
وأشادوا بتركيز الميثاق على المبادئ والقيم التي تنظم العلاقات الأسرية، وتحمي حقوق الأفراد داخل الأسرة بما يحافظ على الموروث القيمي والأخلاقي والديني، والاحترام المتبادل الذي يحكم العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة إطار الشراكة العائلية والمسؤولية المجتمعية.
واستعرضوا بعض وجهات النظر التي تساهم في تحصين الأسرة والمجتمع في مواجهة الانفتاح الرقمي والثقافي والتغيرات المعاصرة التي طرأت على المجتمع بشكل عـــــــام، وتسهم كذلك في حماية أبناء المجتمع من كل ما يخالف ثوابتهم الأخلاقية، مشددين خصوصاً على جانب التربية، بوصفها أكثر جوانب المجتمع المسلم عرضة للتغيّر.
د. البريكي: التشريعات حصن الأسرة والمجتمع
أكد الدكتور حسن سالم البريكي، مستشار أسري، أهمية التشريعات والسياسات الأسرية في تعزيز الرصيد الأخلاقي والقيمي للمجتمع القطري، منوها بضرورة الحفاظ على منظومة القيم التربوية التي تنظم العلاقات الأسرية وتحمي حقوق الأفراد داخل الأسرة الواحدة، بما فيها الحق في حماية الطفولة والأمومة والاحترام المتبادل وواجب خدمة المجتمع والوطن.
واستعرض د. البريكي في تصريحات لـ «العرب» كيفية تحصين الأسرة بمن فيها من الأبناء من تأثير السلوكيات الهدامة والأفكار الدخيلة، مؤكداً على جانب التربية بوصفها أكثر جوانب المجتمع المسلم عرضة للتغير.
ودعا الدكتور البريكي أولياء الأمور إلى معرفة أصدقاء أبنائهم وروافدهم المعرفية؛ لضمان عدم تعرضهم للوقوع في أيدي الفئات المنحرفة فكرياً، منوهاً بضرورة فتح باب الحوار الأسري بين الآباء والأبناء في جميع الأعمار، حتى يتمكنوا من إخراج ما في نفوسهم أولاً بأول. وأشار إلى أهمية احترام القواعد الأخلاقية السائدة في المُجتمع في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، وإلى أن التمسك بالمنظومة القيمية والأخلاقية يساهم في تعزيز أسباب بقاء واستقرار الدول وتقدمها وازدهارها، مشدداً على أن الأمم تضعف إذا ما تراجعت فيها الأخلاق وتهاوت القيم والمبادئ الراسخة.
وأشار د. البريكي إلى دور الصداقة الوالدية مع الأبناء في تعزيز قيم الأبناء وسدّ الفجوة بين الأجيال وعقد الجلسات التثقيفية المعرفية البيتية بين الآباء والأبناء، ناصحاً بأهمية الإجابة الشفافة على تساؤلات الأبناء أولاً بأول دون حرج، إلى جانب عدم ترك الأولاد فترات طويلة منذ الصغر لمواقع ذات معطيات ثقافية هدامة، أو ذات مواد إعلامية مضللة، مع تعريضهم لبعض الأماكن التي تمكّنهم من تحصيل بعض المفاهيم والمعلومات السليمة بشكل مباشر أو غير مباشر.
روضة القبيسي: غرس القيم الرصينة داخل الأسرة
أكدت السيدة روضة القبيسي، خبير التنمية البشرية، أهمية القيم النبيلة المستمدة من ديننا الحنيف، في تعزيز التماسك الأسري وتحصين الأبناء في مواجهة كل ما يخالف ثوابتنا الأخلاقية، منوهة بأهمية تحديد دستور عائلي لحماية القيم التربوية والأخلاقية في مواجهة المتغيرات التي تفرضها وفرة التقنيات التي جعلت العالم ينساب بعضه على بعض، بشقيه الواقعي والافتراضي، مشددة خصوصاً على جانب التربية، بما فيها قيم الاحترام والعطف وحسن التعامل وانتقاء المفردات الجيدة داخل وخارج المنزل، وتهذيب الآراء، والانتقادات وكل مظاهر التربية بوصفها أكثر جوانب المجتمع المسلم عرضة للتغيّر.
ودعت القبيسي إلى رفع الوعي بقيمة الأسرة لما تمثله من قيمة اجتماعية مهمة، ودورها في تحصين الأبناء من عوامل التغريب من خلال غرس القيم الرصينة وتأصيل المبادئ القويمة في نفوس الأبناء، لكي تتقوى الحصانة الذاتية لديهم ليتمكنوا من التمييز بين الصالح والطالح.
وأكدت أهمية تعزيز العلاقات الأسرية وتوفير سُبل الحماية والدعم بهدف الوصول إلى أسر مُتوازنة، من خلال توفير التدريب والدعم للمقبلين على الزواج والآباء الجدد مما يُسهم في بناء قدراتهم على التنشئة، والتربية، والتوجيه، والإعداد الجيد للمواقف المُختلفة التي تواجه أفراد الأسرة في حياتهم المُستقبلية، وتوفير السُبل لتحقيق التوازن بين الأسرة والعمل للمرأة من خلال نظام العمل المرن أو الجزئي أو العمل عن بُعد.
خالد فخرو: حماية للواجبات والحقوق أسرياً ومجتمعياً
أكد السيد خالد فخرو أهمية ميثاق الأسرة في تقوية الروابط الأسرية بما يضمن تأدية الواجبات وتأدية الحقوق، سواء كانت حقوقا مالية واقتصادية للأفراد أو حقوقا تربوية وصحية، إلى جانب حماية حقوق الطفل والمرأة، وتعزيز قيم العدالة والاحترام المتبادل داخل الأسرة.
وأكد أن التربية السليمة داخل الأسرة تشكل بوصلة الأمان للمجتمع، تنير طريق الأبناء نحو تحقيق التماسك الأسري ومواصلة التنمية الاجتماعية التي تنشدها رؤية قطر الوطنية 2030، خاصة أن للأسرة مكانة خاصّة في مجتمعنا بأفرادها «الأب والأم والأبناء» وهم الذين يشكّلون المجتمع الصّغير الذي يقوم فيه كلّ فردٍ من أفراده بالمهامّ المطلوبة منه حسب ضوابط الشرع الإسلامي الحنيف.
وأوضح أن تعهد أفراد المجتمع بهذا الميثاق يضمن التزام جميع أفراد الأسرة بما ورد فيه، خاصة أن ما ورد فيه يركز على منظومة المبادئ والقيم التي تنظم العلاقات الأسرية وتحمي حقوق الأفراد داخل الأسرة بما يسهم في بناء مجتمع يستند على القيم الدينية والأخلاقية، وبما هو منصوص عليه في الميثاق: «أتعهد بالمحافظة على الأسرة متماسكة قوية، ملتزمة بالقيم الدينية والأخلاقية واللغة العربية، وتنشئة الأبناء على حب الوطن وخدمة المجتمع، ليصبحوا مساهمين في نهضته وتقدمه، محافظين على وحدته وتضامنه مساهمين بفعالية في بناء بيئة أسرية تعزز وتحترم الحقوق والواجبات وتسمو بالتقدم والنمو الشخصي لأفراد الأسرة كنواة أساسية للمجتمع».
فاطمة الجابر: تعزيز الشراكة وخلق أجواء أسرية إيجابية
أكدت السيدة فاطمة الجابر أهمية ايجاد وتشكيل الوعي الجمعي لدى جميع أفراد الأسرة وبالتالي المجتمع ككل، والذي يقوم على مفهوم المواطنة والشراكة والاندماج والتراحم، بعيدا كل البعد عن الهويات الفردية والطبقية والانانية المدمرة للمجتمعات، واشارت الجابر إلى ضرورة جعل الأسرة محاطة باجواء ايجابية مستمدة من القيم والاخلاق والتقاليد عبر الاجيال.
وأوضحت أن التحدي الآخر هو التغلب على المشكلات النفسية التي قد تنشئ في نطاق الأسرة الواحدة، مثل شعور البعض داخل الاسرة بالتفرقة والتمييز وتفضيل فرد على آخر، مبينة أن التغلب على هذا التحدي يقتضي وعي الاسرة وحكمة جميع أفرادها في استيعاب وحل المشكلات اولاً بأول، حتى لا تخرج الى النطاق الخارجي وتتفاقم الى مشكلات جديدة.
وأكدت أن التحدي الثالث يتمثل في قدرة الأسرة على تطبيق مجموعة من الافكار والقيم والثقافات المحيطة مع الاخذ بعين الاعتبار اختلاف الافراد والسلوكيات داخل الاسر الواحدة، مشيرة الى أن الحل يتلخص بالتعامل مع التغييرات المحيطة على انها شيء ايجابي وجيد، وليس بالضرورة انه عامل هدم ومهدد لكيان العائلة، خاصة اذا كانت هذه التغييرات في نطاق المعقول مع السعي الى التعلم من تجارب الاخرين والقدرة على مشاركة الاراء والافكار بين افراد الاسرة، ومحاولة تبني الادوار الايجابية بقدر المستطاع لنعبر بالأسرة الى بر الامان ونجعل منها أسرة سعيدة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر ميثاق الأسرة وزارة التنمية التماسك الأسري والاحترام المتبادل العلاقات الأسریة أفراد الأسرة داخل الأسرة فی تعزیز
إقرأ أيضاً:
المفتي يحذر من أزمة أخلاقية ناتجة عن اختلاط مفاهيم الرجولة والأنوثة.. فيديو
حذر الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، من تزايد ظاهرة التهرب من المسؤولية في المجتمع، سواء من قبل الأبناء أو الأزواج، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة أصبحت سمة بارزة في حياتنا اليومية.
وفي حديثه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة صدى البلد، أوضح عياد أن هذه الظاهرة قد تكون نتيجة لفقدان التربية السليمة التي من المفترض أن تحافظ على العلاقات الأسرية والاجتماعية.
نظير عياد: "الإفتاء" حريصة على حُسن التواصل وإتاحة قنوات مفتوحة مع القضاة نظير عياد: الكفاءة تقدم في معايير اختيار شريك الحياةوأكد المفتي أن المجتمع يواجه أزمة أخلاقية عميقة، حيث أصبح من الصعب تمييز معالم الرجولة والأنوثة بسبب اختلاط المفاهيم والفوضى السائدة، مشيراً إلى أن جزءاً من السبب يعود إلى تأثير وسائل الإعلام الحديثة، التي رغم كونها نعمة في كثير من الأحيان، إلا أنها أصبحت وسيلة لنشر أفكار وسلوكيات غير صحيحة.
وواصل مفتي الجمهورية حديثه قائلاً: "لقد حولنا وسائل التواصل الحديثة من أدوات للتقدم والإيجابية إلى وسائل لنشر أفكار وأفعال غريبة، وهذا لم يحدث بالصدفة بل قد يكون مقصوداً".
ونوه إلى أن بعض هذه الأفكار قد تستهدف بشكل غير مباشر المجتمعات العربية والإسلامية، التي تتمتع بخصوصية ثقافية ودينية تسعى وسائل الإعلام الغربية إلى التداخل معها.
وأشار نظير عياد إلى أن المجتمعات العربية والإسلامية تتميز بوجود "الكتلة الصلبة" المتمثلة في الأسرة، التي تعتبر الركيزة الأساسية لاستقرار المجتمع. ورغم تراجع دور الأسرة في المجتمعات الغربية، إلا أن الأسرة في المجتمعات الشرقية لا تزال تُعتبر مؤسسة مقدسة وضرورية.
وأكد المفتي أن حتى في الفلسفات القديمة، مثل الفلسفة المصرية والهندية، كانت الأسرة تحظى بمكانة عظيمة باعتبارها حجر الزاوية في بناء المجتمعات.
وشدد نظير عياد على أهمية العودة إلى القيم الأساسية التي تحافظ على الأسرة وتعزز استقرار المجتمع، محذراً من أن غياب هذه القيم قد يؤدي إلى تفكك المجتمعات وانتشار التفكك الاجتماعي.