الضربات الأمريكية بسوريا والعراق.. خيط رفيع بين الردع والتصعيد
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
هل ستمنع الضربات العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا الفصائل المسلحة الموالية لإيران من شنّ ضربات جديدة على أهداف أمريكية؟ الجواب على ذلك غير مؤكد، ما يجعل الرئيس الأمريكي جو بايدن في وضع مربك لإيجاد توازن بين الردع والتصعيد.
تتساءل مديرة قسم دراسات الأمن القومي والسياسات الدولية في مركز التقدم الأمريكي للبحوث أليسون ماكمانوس «هل ستتوقف هذه الميليشات فعليًا وتوقف هجماتها على البنى التحتية الأمريكية؟ الجواب على الأرجح هو كلا».
وتضيف لوكالة فرانس برس أن هذه الضربات تمثّل «تغييرًا كبيرًا ويمكننا أن نقول إنه تصعيد كبير ردًا على الهجوم الدامي على الجنود الأمريكيين» في الأردن في 28 يناير، لذلك «يجب عدم الاستهانة بها».
وشنّت الولايات المتحدة ضربات ليل الجمعة السبت استهدفت في كلّ من العراق وسوريا قوات ايرانية وفصائل موالية لطهران، ردّا على هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة في الأردن قرب الحدود السورية أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في 28 يناير.
ونددت بغداد ودمشق السبت بالضربات، فيما دعت موسكو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي قالت مصادر دبلوماسية إنه سيُعقد بعد ظهر اليوم الاثنين.
من جهتها، دانت ايران «بشدة» السبت الضربات الليلية التي شنتها الولايات المتحدة، منددة بـ»انتهاك لسيادة سوريا والعراق»، بحسب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، فيما اعتبرت حركة حماس الفلسطينية أن واشنطن تقوم بـ»صب الزيت على النار» في الشرق الأوسط.
وأعلنت الولايات المتحدة التي استخدمت قاذفات بعيدة المدى من طراز «بي-1بي» B-1B انطلقت من قاعدة في تكساس، أن الضربات «ناجحة»، مشددة مع ذلك على أنها لا تريد حربًا مع إيران.
وقالت واشنطن إنها كانت قد أبلغت السلطات في العراق مسبقًا بشأن الضربات، الأمر الذي نفته بغداد.
وأشار الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إلى أنه تم استهداف 85 هدفًا في سبعة مواقع مختلفة (3 في العراق و4 في سوريا) بما فيها مراكز قيادية واستخباراتية ومرافق تحتوي على طائرات مسيرّة وصواريخ بحسب وزارة الدفاع الأمريكية.
وتكثفت هذه الهجمات التي تبنت الكثير منها «المقاومة الإسلاميّة في العراق»، وهي تحالف فصائل مسلّحة مدعومة من إيران تُعارض الدعم الأمريكي لإسرائيل في الحرب بغزّة ووجود القوّات الأمريكيّة في المنطقة، منذ 7 أكتوبر يوم نفّذت حركة حماس الفلسطينية هجوما مباغتا وغير مسبوق على إسرائيل.
في موازاة ذلك، تستهدف ضربات أمريكية أهدافًا للمتمردين الحوثيين في اليمن الذين هاجموا السفن التجارية في البحر الأحمر.
كتب دانيال بايمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في مجلة «فورين بوليسي» أن «إدارة بايدن تحاول السير على خيط رفيع مع الضربات التي شنتها على العراق وسوريا».
وأضاف «من جهة، تريد إنهاء الهجمات لتظهر لإيران وحلفائها أن هناك ثمنًا يجب دفعه مقابل قتل جنود أمريكيين وتقويض قدراتهم على تنفيذ مزيد من الهجمات في المستقبل».
وتابع «من جهة أخرى، تريد الإدارة الأمريكية تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط».
ويقول الأستاذ في شؤون الخليج وشبه الجزيرة العربية في جامعة جورج واشنطن غوردون غراي إن «الإدارة الأمريكية تقوم بكلّ ما في وسعها لتتجنّب الدخول في حرب أوسع مع إيران. لهذا السبب، لم تضرب أي أهداف داخل إيران».
لكن بعض منتقدي بايدن الجمهوريين يشددون على ضرورة استهداف ايران في شكل مباشر، معتبرين أن الردّ كان ضعيفًا ومتأخرًا جدًا.
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون في بيان «للأسف، انتظرت الإدارة الأمريكية أسبوعًا وأرسلت برقية إلى العالم، بما في ذلك إلى إيران، حول طبيعة ردّنا».
وأضاف أن ذلك «يقوّض قدرتنا على وضع حدّ حاسم لوابل الهجمات التي تعرضنا لها خلال الأشهر القليلة الماضية».
ويعتبر عدد قليل من الخبراء أن الضربات الأمريكية ستُجبر إيران التي تقدّم الدعم المالي والعتاد والدعم العسكري للجماعات المسلحة بدون أن تسيطر عليها بالضرورة، على تغيير نهجها.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الضربات الأمريكية الفصائل الموالية لإيران سوريا العراق فی العراق
إقرأ أيضاً:
التصنيف الأمريكي.. تخبط وفشل واضح للسياسة الأمريكية
تحليل:
تتخبط الإدارة الأمريكية في سياساتها، ليس ضد دول أو أشخاص أو كيانات بعينها وإنما ضد كل من يناهض مشروعها الاستعماري، ما يعكس مدى تراجع النفوذ الأمريكي في الهيمنة على المنطقة والعالم.
القرار الأمريكي بإعادة تصنيف مكون أنصار الله في قائمة ما تسمى المنظمات الإرهابية الأجنبية، يأتي ترجمة لمواقف واشنطن المتضاربة والمؤكدة على فشلها في إقناع العالم بمثل هذه العقوبات التي لا تقدّم ولا تؤخر بقدر ما تعمق مشاعر العداء للسياسة والهيمنة الأمريكية التي يرفضها أحرار العالم جملة وتفصيلًا.
مع الأسف الشديد معظم الدول والكيانات المتماهية مع الهيمنة والمشروع الأمريكي الصهيوني، رحبت بالقرار بالرغم من إدراكها أنه ليس في صالحها لا من قريب ولا من بعيد، وإنما المستفيد الأول من مثل هكذا قرارات، هو العدو الصهيوني الساعي إلى تنفيذ مشروعه الاستيطاني حسب بروتوكولات أو قواعد حكماء صهيون المعلنة منذ عقود تحت مسمى “إسرائيل الكبرى”.
ولعل الخريطة التي رفعها المجرم نتنياهو خلال خطابه في الأمم المتحدة، والمتضمنة إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالح كيانه، لم تكن مجرد خريطة أو رسم جغرافي وإنما تمثل رؤية نتنياهو لما وصفه بـ “محور النعمة”، الذي يضم الدول المطبّعة، و”محور النقمة”، الذي يشمل الدول المناهضة للسياسية الأمريكية الصهيونية بالمنطقة.
موقف الشعب اليمني، أحزاباً ومنظمات وكيانات وفعاليات شعبية وجماهيرية، كان حازماً وصريحاً وواضحاً بعكس ما كان يتوقعه البعض، خاصة ممن يتماهون مع السياسة الأمريكية والصهيونية وذلك باستهجان القرار الأمريكي، واعتباره ليس انتهاكاً للسيادة والقانون الدولي وإنما صفعة لقوى الهيمنة بقيادة أمريكا وبريطانيا وإسرائيل والدول المتحالفة معها، لفشلها في تحقيق مشروعها المتضمن إخضاع الدول والشعوب الحرة.
ولعل القرار الأمريكي الذي أصدره ترامب، غير بعيد عن قرار بايدن الذي سبق ووقع على قرار مماثل، سيكون مآله الفشل الذريع، سيما والموقف اليمني فيما يتعلق بمناصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف، سيظل هو الموقف الذي لن يتغير ولن يتبدل مهما كان حجم التضحيات، وهو ما أكده السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابات متكررة بهذا الشأن.
ما تتخذه أمريكا، من قرارات عشوائية أو إجراءات ضد الدول المناهضة لسياساتها ومنها اليمن، يؤكد فشل سياساتها في فرض الهيمنة على المنطقة.
مجمل القول، القرار الأمريكي الذي وقعه ترامب فور تسلّمه الإدارة الأمريكية، لن يثني اليمن عن موقفه المناصر للشعب والقضية الفلسطينية، خاصة وأن تداعيات القرار لن تؤثر على موقف اليمن المبدئي والثابت، وإنما تفاقم من تقويض سيادة القانون في العلاقات الدولية وتهدد السلام والاستقرار الإقليميين.
تبقى آلية التصنيف الأمريكي ضد مكون أنصار الله، أداة سياسية ووسيلة ضغط تُدرك أمريكا أنها لا تؤثر على قوة اليمن العسكرية المناصرة لقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بقدر ما تؤثر على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للشعب اليمني وحرمان الملايين من الخدمات، وفقاً لرؤية مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية.