كنا بنتمنى الموت.. طبيب من غزة يحكي تجربة اعتقاله في السجون الإسرائيلية
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
قال طبيب فلسطيني إن القوات الإسرائيلية في غزة اقتحمت مستشفى يعمل فيه واحتجزته وأساءت معاملته على مدى 45 يوما بما تضمن حرمانه من النوم وتكبيله بشكل مستمر وعصب عينيه قبل إطلاق سراحه الأسبوع الماضي.
وكان الطبيب سعيد عبد الرحمن معروف يعمل في المستشفى الأهلي العربي في مدينة غزة عندما حاصرته القوات الإسرائيلية في ديسمبر.
وقال معروف إن القوات الإسرائيلية كبلت يديه وساقيه وعصبت عينيه طوال فترة سجنه لنحو سبعة أسابيع.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يعامل المحتجزين وفقا للقانون الدولي وإن بروتوكولاته تنص على معاملتهم بكرامة. وأضاف في بيان "سيُنظر في الوقائع التي لم تُتبع فيها الإرشادات".
وسبق للجيش أن نفى استهداف مدنيين أو إساءة معاملتهم ويتهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باستخدام المستشفيات في عمليات عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.
وقال معروف "في السجون الإسرائيلية كان التعذيب شديد جدا جدا جدا. أنا طبيب. كان وزني 87 كيلوغرام. فقدت خلال 45 يوم أكثر من 25 كيلوغرام من وزني، فقدت الاتزان. فقدت التركيز. فقدت كل إحساسي. كنا مكبلين 45 يوما، كنا معصبين اليدين 45 يوما، الوصف: كم تصف التعذيب وكم تصف الإهانة داخل السجون؟ لن تصل إلى الحقيقة إلا الذي عاشها".
وأضاف معروف أنه ليس لديه أي فكرة عن مكان احتجازه لأنه كان معصوب العينين طوال الوقت، ولا يعلم إذا كان محتجزا داخل غزة أم خارجها. ونقل الصليب الأحمر معروف من معبر كرم أبو سالم حيث تم إنزاله.
وكان اعتقال معروف هو آخر لحظة يسمع فيها أخبارا عن عائلته، ولا يدري حتى الآن ما إذا كانوا نجوا من الهجوم مع تقدم القوات الإسرائيلية داخل مدينة غزة تحت قصف مدفعي مكثف.
وبدأت الحرب عندما اجتاح مسلحو حركة حماس البلدات الإسرائيلية الحدودية يوم السابع من أكتوبر، وهو ما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص معظمهم من المدنيين واحتجاز 240 رهينة، بحسب قول إسرائيل.
وبدأت العملية العسكرية الإسرائيلية في اليوم ذاته بقصف مكثف، أعقبه في وقت لاحق من أكتوبر اجتياحا بريا مستمرا منذ عدة أشهر. وتقول السلطات الصحية في غزة إن الهجوم الإسرائيلي أسفر عن مقتل أكثر من 27 ألف فلسطيني.
وإضافة إلى المستشفيات، تقول إسرائيل إن حماس تستخدم منشآت طبية أخرى وسيارات إسعاف في العمليات العسكرية.
لا معلوماتحبس معروف دموعه وهو يحكي عن آخر مكالمة هاتفية له مع ابنته عندما دعا الجنود الإسرائيليون عبر مكبرات الصوت جميع الأطباء والطاقم الطبي إلى مغادرة مبنى المستشفى.
وكانت ابنته في منزل العائلة بمدينة غزة إلى جانب أطفاله الآخرين وزوجته ونحو 15 إلى 20 شخصا من أقاربه.
وقال "بينما كان الجندي الإسرائيلي ينادي بمكبر الصوت بإن الأطباء أجمعين والكوادر الطبية تغادر المستشفى اتصلت علي ابنتي وقالت لي يا بابا القصف وصل المكان.. ماذا نفعل؟ ابنتي ليست وحدها خمسة أطفال مع أمهم، مع خالتهم، مع زوج خالتهم، يعني البيت به على الأقل ما يفوق 20-25 شخصا".
وتابع "قلت لها كالتالي: يا ابنتي إذا قلت لكم اخرجوا ولا قدر الله حصل المقدور سينولني نوع من العذاب النفسي، وإذا قلت لكم امكثوا وحصل المقدور نفس النتيجة.. سلموا أمركم إلى الله. حابين تخرجوا يا بابا اخرجوا، حابين تظلوا، ظلوا. أنا معاكم في نفس الخندق. أنا الآن سأغادر إلى الجندي الإسرائيلي ومعرفش أين مصيري".
وأردف قائلا "ومنذ هذه اللحظة إلى اليوم لم أعلم ولم أدر ولم يصلني أي معلومة عن أطفالي ولا عن زوجتي".
وتفرقت عائلات في غزة بسبب الدمار الذي أحدثه القصف الإسيرائيليي وقطع الاتصالات. وأصبح الوصول إلى العديد من المناطق صعبا وفقد أفراد العائلة قدرتهم على التواصل مع بعضهم مع تعطل معظم شبكات الاتصالات.
ويعتقد معروف أن أكثر من 100 سجين كانوا محتجزين معه في المكان نفسه، وأن "كل واحد منا كان يتمنى الموت ولا يروح. يتمنى الموت من شدة العذاب".
وأضاف أن النوم على الحصى كان أسوأ جزء في تجربته.
وقال "أنا طبيب أطفال أعمل منذ 23 عاما في هذا المجال. لم أرتكب أي جريمة إنسانية. سلاحي هو قلمي ودفتري وسماعتي. ولم أغادر المكان. وكنت أعالج الأطفال داخل المستشفيات".
وذكر "كان شعوري عند نداء القائد إلى إحضارنا إلى مكان الدبابات، أو مكان تسليم أنفسنا، كان ظني أنني سأمكث عندهم ساعات قليلة وأغادر المكان، والظن الآخر كان شعوري لو أخدوني أنا وبعض الزملاء حيعاملونا معاملة حسنة لأننا أطباء".
ولما عاد معروف إلى غزة علق السماعة حول رقبته ليستأنف عمله في علاج الأطفال، كما عاد صوت بكاء الأطفال وهمسات الآباء القلقة من حوله مجددا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القوات الإسرائیلیة
إقرأ أيضاً:
مفاجأة.. قبل وفاته بأيام.. البابا فرنسيس يودع الحياة بلفتة إنسانية مؤثرة تجاه السجناء
في مشهد مؤثر يُجسد قمة التواضع والرحمة، كشفت مصادر بالفاتيكان أن البابا فرنسيس، الذي وافته المنية يوم الإثنين الماضي، قد قدم آخر بادرة إنسانية قبل رحيله، بتبرعه بمبلغ 200 ألف يورو من حسابه الشخصي لصالح السجناء في روما. وقد أثارت هذه اللفتة النبيلة مشاعر التأثر والإعجاب حول العالم، حيث جاءت كخاتمة لمسيرة حافلة بالعطاء والرحمة.
وأكد الأسقف بينونى أمباروس، مندوب الفاتيكان لشئون السجون، أن المبلغ كان آخر ما تبقى في حساب البابا الشخصي، وقد اختار تقديمه للسجناء بعد أن نفدت الميزانية المخصصة لهم، تعبيرًا عن محبته العميقة لهم وحرصه على مواصلة خدمته الرعوية حتى اللحظة الأخيرة. وقد اعتُبر هذا التبرع امتدادًا لزيارة البابا الأخيرة إلى أحد سجون روما خلال عيد الفصح، والتي وصفها السجناء بأنها كانت بمثابة "احتضان من أب روحي حقيقي".
أوضح مندوب الفاتيكان لشؤون السجون، الأسقف بينوني أمباروس، أن البابا فرنسيس ظل وفيًا لرسالته الإنسانية والروحية حتى أنفاسه الأخيرة، حيث أصرّ على تحويل آخر ما تبقى في حسابه الشخصي إلى دعم السجناء، وذلك بعدما استُنفدت الميزانية المخصصة لهم. وأضاف أمباروس أن هذا التصرف لم يكن مفاجئًا لمن عرف البابا فرنسيس عن قرب، فقد كان دائمًا نصيرًا للفقراء والمهمشين، واعتاد على القيام بمبادرات مشابهة في صمت بعيدًا عن الأضواء.
وأشار إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد أيام قليلة فقط من زيارة البابا لسجن في العاصمة الإيطالية روما، ضمن تقليده السنوي في عيد الفصح، حيث حرص على الالتقاء بالسجناء والاستماع إلى معاناتهم، وقدم لهم رسائل دعم ومواساة شخصية. وقد عبّر النزلاء عن امتنانهم الشديد لتلك الزيارة، التي وصفوها بأنها كانت بمثابة "احتضان أبوي" ورسالة أمل في ظروفهم الصعبة.
كما لفتت التقارير إلى أن البابا فرنسيس، الذي توفي عن عمر ناهز 88 عامًا، كان طوال فترة بابويته يولي اهتمامًا خاصًا بقضايا العدالة الاجتماعية، وحرص على دعم مبادرات تحسين أوضاع السجون، وإعادة دمج السجناء في المجتمع. وقد أثارت وفاته موجة حزن عارمة داخل أوساط الكنيسة الكاثوليكية وبين الملايين حول العالم ممن تأثروا بمسيرته الحافلة بالسلام والدعوة إلى المحبة.
وتعد هذه المبادرة بمثابة وصية أخلاقية وروحية تركها البابا فرنسيس خلفه، تُعبّر عن عمق التزامه برسالته المسيحية التي تُعلي من شأن الرحمة والكرامة الإنسانية، حتى لأولئك الذين يقضون أحكامًا في السجون.