ما يحدث فى المنطقة اليوم من تطورات، وما تمر به من فعاليات أدى إلى أن يصبح الشرق الأوسط على موعد دائم مع تصعيد جديد نشهده تباعًا، وهو ما حدا بأمين عام الأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش"، ليحذر من أن تفاقم التصعيد فى الشرق الأوسط قد تتحول معه المنطقة إلى برميل بارود.ولهذا بادر وأجرى اتصالاً هاتفيًا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى عرض فيه مجمل الأوضاع فى المنطقة، وخطورة توسع دائرة الصراع الجارى، كما تم استعراض الجهود المصرية والاقليمية والدولية الرامية إلى تهدئة الأوضاع، ووقف إطلاق النار وانفاذ المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة بكميات كبيرة.
فى الوقت نفسه تم تناول الدور المحورى الذى تقوم به الأمم المتحدة، ومنظماتها فى تقديم الدعم، والإغاثة لأهالى قطاع غزة لا سيما من خلال وكالة الأونروا التي تم التأكيد على أهمية مواصلة تمويلها، كى تتمكن من أداء دورها الإنسانى. ولقد بادر أمين عام الأمم المتحدة فألقى خطابًا هامًّا أمام القمة الثالثة لمجموعة الـ77 والصين شدد فيه على ضرورة وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ومن أجل تخفيف المعاناة فى قطاع غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى كل من يحتاج إليها، مع تسهيل إطلاق سراح الرهائن بشكل فورى. وتحدث بألم عن العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، والتى تسببت فى نشر الدمار الهائل وقتل المدنيين على نحو غير مسبوق، لا سيما مع مناخ عالمى يسوده الإفلات من العقاب.
تطرق "غوتيريش" إلى رفض إسرائيل المتكرر للقبول بحل الدولتين منوهًا بأن الرفض هنا غير مقبول على الإطلاق، حيث إن إنكار حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة من شأنه أن يطيل أمد الصراع إلى أجل غير مسمى، وهو الصراع الذى أصبح يشكل تهديدًا للسلام، والأمن العالميين، كما أنه يؤدي إلى تفاقم الاستقطاب، وتشجيع المتطرفين. ونوه الأمين العام للأمم المتحدة بأن السلام يشكل الأساس للتنمية المستدامة. ولقد كان على حق فيما ذهب إليه عندما تحدث عن أن الحروب تدمر حياة الناس فى جميع أنحاء العالم من السودان إلى أوكرانيا والشرق الأوسط، وما وراء ذلك وتؤجج التنقلات الجماعية للناس، وتعطل سلاسل التوريد العالمية، وتهدد بإشعال النار فى مناطق بأكملها.
تحدث أيضًا عن النظام الدولى، وكيف أصبح باليًا، وعفا عليه الزمن، وخرج عن المسار الصحيح. وأوضح أن مجلس الأمن يعانى من الشلل بسبب الانقسامات الجيوسياسية، وبأن تركيبته لا تعكس واقع عالم اليوم، مشددًا على وجوب إصلاحه. كما أشار إلى فشل النظام المالى فى توفير شبكة أمان عالمية للدول النامية التي تمر بمحنة.
وعلى الرغم من هذه الصورة الضبابية، والقاتمة إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة لم يفقد الأمل فى الخروج من هذا التعثر لتكون هناك الامكانية فى بزوغ الأمل حيث يعول على قمة المستقبل، وهى القمة المقرر عقدها فى نيويورك فى شهر سبتمبر القادم، والتى تشكل، من وجهة نظره، فرصة للأجيال حيث تهدف إلى إصلاح التعددية، وتنشيطها حتى تعمل لصالح الجميع فى كل مكان. كما أنها تعمل جاهدة على مواجهة التحديات التى نشهدها اليوم، وبذا يتحقق معها أهداف التنمية المستدامة، كما يتم معها التوصل إلى توافق الآراء بشأن أطر العمل لمواجهة التحديات الجديدة، وبذلك يتم السعى نحو بناء عالم أفضل لنا جميعًا.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
هل تبعد مفاوضات الدوحة شبح عودة حرب الإبادة إلى قطاع غزة؟
تشهد العاصمة القطرية الدوحة جولة جديدة من المحادثات حول استمرارية اتفاق وقف إطلاق النار "الهش" في قطاع غزة، وإمكانية عقد صفقة تبادل للأسرى ضمن المرحلة الثانية من الاتفاق، مقابل إنهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع.
وتأتي هذه الجولة الجديدة على وقع خروقات متصاعدة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وقصفه لتجمعات المواطنين، ما أسفر عن شهداء وجرحى، إضافة إلى عدم التزامه بجدول الانسحاب الخاص بمحور "فيلادلفيا" جنوب مدينة رفح.
وبعد تأخير وتلكؤ، قرر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إرسال فريق من المفاوضات الإسرائيليين اليوم الاثنين، على الدوحة، لإجراء جولة جديدة من الحادثات.
وذكر بيان صادر عن مكتب نتنياهو، أن "قرار إرسال الوفد جاء استجابة لدعوة الوسطاء بدعم من الولايات المتحدة"، فيما لم يتم الكشف عن صلاحيات الوفد، الذي لم يشمل رئيس فريق التفاوض ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
مفاوضات المرحلة الثانية
بدورها، أكدت حركة حماس التزامها الكامل باتفاق وقف إطلاق النار، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، معربة عن استعدادها للشروع فورا بمفاوضات المرحلة الثانية.
ولفتت إلى أن الاحتلال يواصل "الانقلاب" على الاتفاق، ويرفض البدء بالمرحلة الثانية، ما يكشف نواياه في التهرب والمماطلة، مضيفة أن "نتنياهو يعرقل تنفيذ الاتفاق لأسباب شخصية وحزبية محضة، وآخر ما يهمه الإفراج عن الأسرى، ومشاعر عائلاتهم".
وتابعت: "الاتفاق تم برعاية الوسطاء وشهد عليه العالم، ما يستوجب إلزام الاحتلال بتنفيذه باعتباره المسار الوحيد لاستعادة الأسرى"، مؤكدة رفضها "محاولات الضغط على حماس، في حين يُترك الاحتلال دون مساءلة رغم تنصله من التزاماته".
وذكرت أن "لغة الابتزاز والتهديد بالحرب لن تُجدي نفعًا، ولا طريق سوى المفاوضات والالتزام بالاتفاق، وغير ذلك هو تلاعب بمصير الأسرى"، مشددة على أن "استمرار الاحتلال في المماطلة والخداع لن يمنحه غطاءً للتهرب، بل سيزيد من عزلته ويفضح زيف روايته أمام العالم".
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا إنّ "حماس تصر على التزام الاحتلال بتعهداته في المرحلة الأولى، لكنها لا تمانع استمرار الوساطة الأمريكية، خاصة مع وجود تفاهم ضمني على فصل هذه المسألة عن المسار التفاوضي الجديد".
تثبيت وقف إطلاق النار
وأشار القرا في تحليل اطلعت عليه "عربي21"، إلى أن "واشنطن تسعى إلى تثبيت وقف إطلاق النار، ومنع الاحتـلال من إفشال المفاوضات، خاصة بشأن الرهائن الأمريكيين، مع إبقاء الاحتلال في الإطار التفاوضي لتأمين علاقاته الإقليمية، خصوصًا مع الخليج".
وذكر أن "نتنياهو يحاول التوفيق بين ضغوط الداخل ومتطلبات التفاوض، وقد يستغل المحادثات ليصور أي تقدم على أنه "امتداد للمرحلة الأولى"، ما يجنّبه تقديم تنازلات كبيرة.
وحول النتائج المتوقعة من مفاوضات الدوحة، أكد القرا أننا أمام سيناريوهات عدة، الأول يتعلق بتمديد الهدنة وخلق بيئة تفاوضية إيجابية، والثاني مرونة مشروطة من "حماس" ضمن إطار المرحلة الثانية، والثالث تنازلات محسوبة من الاحتلال تحت الضغط الأمريكي، والرابع تحقيق واشنطن أهدافها بتهدئة المنطقة وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الخليج.
وختم قائلا: "التفاوض مستمر بهدوء، وكل طرف يسعى لتحقيق أهدافه دون انهيار المسار، واستمرار وقف إطلاق النار قد يمهّد لاتفاق أوسع لاحقا"، بحسب تقديره.
من جهته، تطرق الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة إلى الحديث عن "مؤشرات إيجابية" بشأن مفاوضات الدوحة، مضيفا أنه "وسط زحام التصريحات والتسريبات، حماس تتحدث عن مؤشرات إيجابية".
ونوه عفيفة في قراءة اطلعت عليها "عربي21" إلى أن القناة الـ15 العبرية تقول إن هناك "تقدما معينا"، بينما صحيفة "هآرتس" العبرية تحذر من "فيض التفاؤل"، رغم أن إشارات التقدم الإيجابية.
ولفت إلى أنه في النهاية قرر نتنياهو إرسال وفده للدوحة، بعدما اكتشف أن قناة المفاوضات بين حماس والأمريكان، يمكن أن تفرض عليه مبادرة جديدة.
وأكد أن "المبعوث الأمريكي ويتكوف يحاول جمع الأطراف تحت سقف واحد، لكن السؤال الباقي: أي من هذه التسريبات ستصمد الأيام القادمة؟".