صحيفة الخليج:
2025-01-28@23:54:02 GMT

بحيرات القدرة.. وجهة سياحية فريدة في دبي

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

بحيرات القدرة.. وجهة سياحية فريدة في دبي

دبي: «الخليج»

تُلهم أجواء الشتاء المعتدلة في دولة الإمارات خوض غمار تجربة وسط الصحراء، والاسترخاء بين رمالها الذهبية وتأمل لحظات غروب الشمس التي تمنح النفس السكينة والهدوء بين أحضان الطبيعة الخلابة.

وتعد بحيرات القدرة في دبي واحدة من أبرز الوجهات الصحراوية التي تأسر زوارها بمناظرها الطبيعية وروعة الحياة البرية التي تحتضنها من الطيور والغزلان البرية، وتتيح خياراً مثالياً لقضاء أجمل الأوقات، خصوصاً خلال حملة «أجمل شتاء في العالم»، التي تقدم باقة واسعة من الخيارات التي تنسجم مع اهتمامات وأذواق جميع الزوار والسياح، ليحتفظوا بصور وذكريات لا تنسى عن أرض الإمارات.

على مسافة لا تزيد على 55 كيلومتراً من مركز مدينة دبي على طريق القدرة تقع بحيرات القدرة ضمن محمية المرموم الصحراوية، وتمثل مجموعة من البحيرات الاصطناعية المحاطة بصحراء سيح السلم، بالقرب من منتجع باب الشمس، حيث يمكن الوصول إليها بسهولة دون الحاجة لسيارات الدفع الرباعي، كما يمكن الدخول إلى منطقة بحيرات القدرة على مدار السنة مجاناً والاستمتاع بأجواء الصحراء والتأمل حول البحيرات المرسومة بدقة والتي تحمل دلالات فنية رائعة.

موطن الغزلان والطيور

وتحيط الكثبان الرملية بحيرات القدرة من كل الاتجاهات، كما تعتبر هذه البحيرات موطناً لمجموعة كبيرة ومتنوعة من الحيوانات مثل الغزلان لاسيما غزال الجبل وغزال نحيل القرون والمها العربي، وموطناً أيضاً للثعالب الصحراوية والصقور والحبارى والبط، وأكثر من 170 نوعاً من الطيور، مثل طائر العوسق الشائع والقطقاط الأحمر اللغد ومالك الحزين الرمادي وغيرها الكثير من أنواع الطيور الأخرى. وفضلاً عن ذلك، تتميز منطقة بحيرات القدرة بكونها من أفضل أماكن التخييم في الإمارات، حيث تمثل الوجهة المثالية للعائلات والأصدقاء الراغبين في الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة.

وما يزيد من تفرد بحيرات القدرة قربها من «محمية المرموم» الصحراوية والتي تشكل موئلاً لعشرات الأنواع من الحيوانات والطيور البرية، وتمثل عنصر جذب آخر لهواة الحياة الفطرية الذين يجدون مبتغاهم من الاقتراب من مجموعة كبيرة ومتنوعة من الحيوانات.

بحيرة الحب

وتعد بحيرة الحب واحدة من أبرز البحيرات التي تم استحداثها ضمن بحيرات القدرة، وتتميز بالمناظر الجميلة والتصاميم الرائعة التي تخطف الأنفاس، وقد أنشئت بحيرة الحب في قلب الصحراء القريبة من استراحة المرموم كي تكون رمزاً حضارياً وإنسانياً ماثلاً للعيان يعكس القيم الأصيلة لقيادة وشعب الإمارات والمتمثلة بالمحبة والتسامح والتعايش بين مختلف الثقافات على أرض الإمارات وفي رحاب الصحراء العربية التي ترمز للصبر والعطاء والشهامة والكرم.

وتتألف بحيرة الحب من بحيرتين متداخلتين تحتويان على مياه عذبة محفورتين على شكل قلبين مع كلمة «حب» باللغة الإنجليزية «Love» مزخرفة على طول البحيرة، وتصل مساحة البحيرة إلى 550 ألف متر مربع وتضم 16 ألف شجرة زيتون وسدر وسمر وغاف ونحو 800 ألف شجيرة متنوعة و3 مماشٍ مجموع أطوالها نحو 7 كيلومترات، كما تضم البحيرة مواقف مجهزة ومفتوحة لنحو 500 سيارة.

كما يمكن للزوار المحليين والسياح من خارج الدولة التنزه والاسترخاء في الأماكن المخصصة للاستراحة في البحيرة إلى جانب 20 جلسة يمكن للزوار الجلوس فيها لأخذ قسط من الراحة أو الأكل والشرب وتبادل الأحاديث وهي مجهزة بمقاعد وأرائك تتناسب والبيئة الصحراوية، وتم تجهيزها بمجموعة من المرافق الخدمية والترفيهية من أجل ضمان أقصى درجات الراحة والرفاهية مما جعلها من أفضل أماكن التنزه في دبي.

ويمكن لهواة النزهات البرية مشاهدة الغزلان وثعالب الصحراء والمها، وطيور بيضاء بأشكال مختلفة، وأخرى آيلة للانقراض، مثل الحبارى والصقور ذات المناقير المحدبة.

بحيرة القمر

على الصعيد ذاته، تتألق بحيرة القمر بشكلها الرائع وسط رمال الصحراء الذهبية، وهي تعد أحدث البحيرات في صحراء دبي، وتبدو على شكل هلال كما توجد حولها مجموعة من الأشجار تبدو بالتصوير الجوي كأنها نجوم محيطة بالهلال، وقد حظيت البحيرة باهتمام الكثير من الزوار والسياح، حتى باتت واحدة من أحدث المعالم المميزة في إمارة دبي.

وتقع بحيرة القمر وسط صحراء القدرة في دبي، وتعتبر جوهرة جديدة من جواهر صحراء دبي ملأى بالجمال الطبيعي والمشاهد الساحرة وسط الرمال الذهبية، وتتم زيارة البحيرة عبر سيارات الدفع الرباعي المجهزة.

أنشطة وفعاليات

ولا يقتصر جمال بحيرات القدرة والمنطقة المحيطة بها على تأمل التقاء الصحراء الذهبية بالبحيرات، وروعة الاسترخاء بين أحضان الحياة البرية وكنوزها الطبيعية، بل يتعداه إلى متعة الاندماج في مجموعة من الأنشطة والفعاليات الرياضية التي يمكن ممارستها من قبل هواة الرياضات في الهواء الطلق، حيث بإمكانهم الاستمتاع بمسار القدرة للدراجات والذي يقع بالقرب من «بحيرة الحب» ويصل طوله إلى 86 كيلومتراً عبر تضاريس رملية ويحظى بشعبية واسعة لدى الدراجين المحترفين والهواة حيث يستغرق إكماله من ساعة ونصف الساعة إلى 3 ساعات، فيما تم تجهيز المسار بمحطات استراحة ومقاعد ومساحات مظلّلة، إضافة إلى دورات مياه.

الصورة

اهتمام متواصل

وتواصل إمارة دبي الاهتمام بالطرق المؤدية إلى بحيرات القدرة نظراً للإقبال الكبير من الزوار عليها، ففي منتصف عام 2022 افتتحت هيئة الطرق والمواصلات بدبي مشروع تطوير وتوسعة شارع سيح الدحل الذي يربط بين شارع سيح السلم ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، حيث تم تنفيذ طريق جديد بطول 11 كيلومتراً يتألف من مسارين بكل اتجاه وجزيرة وسطية و3 دوارات لتسهيل الحركة في جميع الاتجاهات وسيربط الطريق مع مداخل بحيرات القدرة.

ووصلت الطاقة الاستيعابية للطريق إلى 4000 مركبة في كل اتجاه بهدف استيعاب النمو المستمر في الأحجام المرورية وتسهيل وصول السكان والزوار إلى الواحات القائمة على جانبي الطريق والمناطق الصحراوية.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات أجمل شتاء في العالم الإمارات إمارة دبي مجموعة من فی دبی

إقرأ أيضاً:

لمواجهة استفزازات ترامب، تعزيز القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي

ترجمة: نهي مصطفى -

لطالما انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي بشدة. فقد أشار مرارًا إلى العجز التجاري الكبير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ــ الذي بلغ نحو 131 مليار دولار في عام 2022 و208 مليارات في عام 2023 ــ كدليل على استغلال الأوروبيين للسذاجة الأمريكية وعدم التزامهم بالقواعد العادلة. وللتصدي لما وصفه بـ«الممارسات التجارية غير العادلة» على مستوى العالم، وعد ترامب بفرض تعريفات جمركية لا تقل عن 10% على جميع الواردات، بما في ذلك تلك القادمة من شركاء تجاريين أوروبيين رئيسيين.

كما أثار ترامب تساؤلات حول استمرار الولايات المتحدة في تحمل عبء ضمان أمن أوروبا من خلال حلف شمال الأطلسي. وأعرب عن استيائه من المساعدات العسكرية والمالية الكبيرة التي قدمها الكونجرس الأمريكي لأوكرانيا في حربها ضد العدوان الروسي. ووفقًا لترامب ونائبه جيه دي فانس، ينبغي للأوروبيين أن يتحملوا الجزء الأكبر من المساعدات المستقبلية لأوكرانيا، حتى تتمكن الولايات المتحدة من تركيز مواردها واهتمامها على مواجهة التحديات القادمة من الصين ومنطقة المحيط الهادئ..

في أوروبا، يستمر الجدل حول أفضل السبل للتعامل مع إدارة ترامب. يرى البعض أن الحل قد يكون في تقديم تنازلات اقتصادية لإرضاء ترامب. ففي هذا السياق، اقترحت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أن أوروبا قد تضطر إلى تبني «استراتيجية دفتر الشيكات» من خلال عرض شراء سلع وخدمات محددة من الولايات المتحدة. كما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يعتمد على روسيا لتوفير ما يقرب من 20% من احتياجاته من الغاز الطبيعي المسال، مؤكدة أنه من الأفضل زيادة الاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر بديل.

من ناحية أخرى، يفكر مسؤولو الاتحاد الأوروبي في زيادة شراء المعدات الدفاعية الأمريكية كمحاولة لإقناع ترامب بالتراجع عن مطالبه الجديدة بزيادة إنفاق حلفاء الناتو على الدفاع إلى ثلاثة أو حتى خمسة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن هناك تيار آخر من المسؤولين الأوروبيين يشكك في جدوى هذه الاستراتيجية. فهم لا يعتقدون أن بضع خطوات رمزية مثل «اشترِ الأمريكي» ستكون كافية لإقناع ترامب بالتراجع عن فرض تعريفات جمركية على أوروبا. بدلاً من ذلك، يدعون إلى نهج أكثر حزمًا يقوم على التهديد بفرض تعريفات جمركية معادلة بنسبة 10% على جميع الواردات الأمريكية، استعدادًا لأي تصعيد اقتصادي محتمل.

تكمن المشكلة الأساسية في كل هذه الاستراتيجيات قصيرة الأجل في أنها تتجاهل التحديات البنيوية طويلة الأمد التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي. فتغيير السياسة التجارية لن يكون الحل. على سبيل المثال، بلغ الفائض التجاري للاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة 20.5 مليار دولار في أكتوبر 2024، مقارنة بأقل من 17.5 مليار دولار خلال نفس الشهر من العام السابق. هذا الفائض التجاري يشكل جزءًا من فائض الحساب الجاري للاتحاد الأوروبي مع بقية العالم، والذي قفز من 64.4 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2023 إلى 134.4 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2024.

هذا الاختلال في الحساب الجاري يعكس التوازن المفقود بين مدخرات الاتحاد الأوروبي المحلية واستثماراته المحلية. فلا يعاني الأوروبيون من نقص في المدخرات أو في فرص الاستثمار، بل من ضعف في القدرة على توجيه الأموال بكفاءة داخل حدود الاتحاد الأوروبي. تُعزى هذه المشكلة إلى القواعد الوطنية المعرقلة، مثل تلك المتعلقة بضريبة الدخل، وصناديق التقاعد، وآليات امتصاص المخاطر، وإجراءات الإفلاس، التي تجعل الاستثمار عبر الحدود داخل الاتحاد الأوروبي غير جذاب. ونتيجة لذلك، تبقى نسبة كبيرة من مدخرات أوروبا إما خاملة في البنوك المحلية أو تُستثمر في أسواق رأس المال الأعمق والأكثر سيولة في الولايات المتحدة، بحثًا عن عوائد أعلى. بالتالي، لن تُسهم زيادة شراء الأسلحة الأمريكية أو الغاز الطبيعي المسال في حل هذه المعضلة، كما أنها لن تُعالج نقاط الضعف الأمنية الجوهرية في القارة الأوروبية. لمعالجة المشكلة من جذورها، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إصلاحات هيكلية شاملة تعزز التكامل الاقتصادي الداخلي وتدعم تدفقات رأس المال بكفاءة بين دوله.

يتعين على الأوروبيين التفكير استراتيجيًا في الاستثمار طويل الأجل، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والدفاع. لتحقيق هذه الأهداف، يقدم تقريران رئيسيان نُشرا العام الماضي إجابات واضحة على التحديات التي يثيرها نهج ترامب. في أبريل، أصدر مجلس الاتحاد الأوروبي تقريرًا أعده إنريكو ليتا، رئيس الوزراء الإيطالي السابق، حول إصلاح السوق الموحدة. وفي سبتمبر، قدمت المفوضية الأوروبية تقريرًا آخر أعده ماريو دراجي، رئيس الوزراء الإيطالي السابق، يركز على تعزيز القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي.

يؤكد التقريران أن الانحدار الاقتصادي النسبي في أوروبا يمثل تهديدًا وجوديًا للاتحاد الأوروبي، ويشددان على ضرورة تعزيز البحث والابتكار والاستثمار المستدام في التكنولوجيات الحديثة لعكس هذا الاتجاه. وتشير التوصيات إلى أن الطريقة الوحيدة لتحقيق هذه الأهداف تكمن في تسهيل الاستثمار داخل الاتحاد الأوروبي وجذب المواطنين الأوروبيين لتوظيف مدخراتهم محليًا بدلًا من إبقائها مجمدة في حسابات التوفير أو إرسالها إلى الخارج بحثًا عن عوائد أعلى.

تحويل هذه المدخرات إلى استثمارات محلية سيدعم الصناعات الأوروبية ويحفز النمو، مع تعزيز القدرة التنافسية للقارة على الساحة العالمية. هذه الاستراتيجية ليست فقط استجابة لاستفزازات ترامب، بل خطوة ضرورية لضمان مستقبل اقتصادي مستدام وقوي للاتحاد الأوروبي.

وإذا تمكن الزعماء الأوروبيون من إيجاد الإرادة السياسية اللازمة لتنفيذ توصيات التقارير، فسوف يصبح الاتحاد الأوروبي موطنًا لسوق واحدة قادرة على إظهار ثقلها الحقيقي في الساحة الدولية؛ وسوف يصبح أكثر قوة واعتمادًا على الذات. وإذا فشل الأوروبيون في العمل بشكل متناغم لتحقيق هذه الرؤية، فسوف يخسرون الوظائف والاستثمارات والإبداع لصالح الولايات المتحدة والصين، على حساب مستويات معيشية أدنى من أي وقت مضى.

الاحتفاظ بمزيد من المدخرات الأوروبية في أوروبا، بدلاً من تصديرها إلى الخارج، من شأنه أن يقطع شوطًا طويلاً نحو إعادة التوازن إلى اقتصاد القارة، وسيساعد في تقليص فائضها التجاري مع الولايات المتحدة. ولتحقيق هذه الغاية، اقترح ليتا إنشاء اتحاد للادخار والاستثمار، وهو ما من شأنه أن يسهل على الحكومات توجيه المساعدات الحكومية إلى الأولويات الاستراتيجية مثل الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا العسكرية. ويصر كل من ليتا ودراجي أيضًا على أن تحرير المدخرات المحلية يشكل خطوة حاسمة في خلق سوق مشتركة حقيقية لصناعة الدفاع؛ فمعظم تمويل الدفاع والمشتريات يحدث حاليُا على مستوى الدول الأعضاء.

لكن هناك العديد من التحديات التي تلوح في الأفق. فلا تميل الحكومات الأوروبية إلى التعاون بسهولة في المسائل المرتبطة بضريبة الدخل، كما أنها تتحفظ على تعريض صناديق التقاعد الخاصة بها لما تعتبره مخاطر غير ضرورية. هذا بالإضافة إلى عدم ثقتها في الثقافة المالية لمواطنيها، مما يدفعها إلى الإبقاء على لوائح تنظيمية صارمة تُثبط الاستثمار المحفوف بالمخاطر. وهي كذلك مترددة في التخلي عن السيطرة على إجراءات الإفلاس، خاصة عندما قد يترتب على ذلك تصفية الأصول المملوكة للأسر. سيتعين على الأوروبيين تجاوز كل هذه العقبات، وغيرها من التحديات، قبل أن يتمكنوا من تحقيق ما يُعرف بشكل متزايد بين قادة الاتحاد الأوروبي بـ»اتحاد أسواق رأس المال» ــ مبادرة تهدف إلى إنشاء سوق رأس مال موحدة، طال النقاش حولها منذ تسعينيات القرن الماضي.

يشير دراجي إلى أن القدرة التنافسية تشكل «تحديًا وجوديًا» للاتحاد الأوروبي، ويُقدِّر أن الأوروبيين سيحتاجون إلى استثمار إضافي يبلغ 800 مليار يورو سنويًا (حوالي 820 مليار دولار) لاستعادة البراعة الصناعية للقارة. ويرى أن على الحكومات الأوروبية استخدام أدوات غير سوقية، مثل ضمانات الائتمان والإعانات والحوافز الضريبية، لتوجيه استثمارات القطاع الخاص في الاتجاه الصحيح. ويتطلب تمويل هذه المبادرات زيادة كبيرة في مستويات الاقتراض. كما يؤكد أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى القيام ببعض هذا الاقتراض بشكل جماعي، كما حدث خلال جائحة عام 2020. ويُعتبر هذا الاقتراض الجماعي ضروريًا بشكل خاص لتعزيز الدفاع الأوروبي. ويعرب دراجي عن أسفه إزاء حالة التجزئة التي يعاني منها قطاع الصناعات الدفاعية في القارة، مشددًا على أهمية تحقيق الحجم وتوحيد الطلب. ويدعو تقريره إلى زيادة التمويل الدفاعي المباشر للاتحاد الأوروبي وإنشاء هيئة مشتركة لصناعة الدفاع لإجراء المشتريات نيابة عن الدول الأعضاء.

يعتبر ترامب الاتحاد الأوروبي منافسًا استراتيجيًا ويفضل التفاوض مع الحكومات الأوروبية بدلاً من الاتحاد ككل. في مسائل التجارة والحساب الجاري، سيكون مضطرًا للتعامل مع الاتحاد الأوروبي. لكن طالما أن الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى التكامل في الأمن والدفاع، فإنه قد يشهد تلاعبًا بين دوله الأعضاء. تنفيذ توصيات ليتا ودراجي سيسهم في تعزيز استقرار الاتحاد الأوروبي وتحقيق استقلاله الأمني والاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على الولايات المتحدة.

يمكن أن يغير التنفيذ الناجح لتقريري ليتا ودراجي طبيعة التكامل الأوروبي اقتصاديًا وسياسيًا. في الماضي، كان التقدم الأوروبي يعتمد على الزعامة الفرنسية الألمانية، لكن الوضع الحالي يشهد حالة من عدم اليقين السياسي في البلدين. في ألمانيا، يواجه أولاف شولتز انهيار ائتلافه، ما يعيق إمكانية إجراء إصلاحات كبيرة في المستقبل القريب. أما في فرنسا، يواجه الرئيس ماكرون صعوبة في تشكيل حكومة مستقرة، ومن غير المرجح أن يعود الاستقرار السياسي قبل صيف 2025.

الخبر السار هو أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي تتمتع بموقف قوي نسبيًا، خاصة عندما نأخذ في الاعتبار الاضطرابات السياسية الحالية في الدول الأعضاء. فعقب فترة أولى ناجحة في المفوضية الأوروبية، تبدأ أورسولا فون دير لاين فترة ولايتها الثانية بخبرة وتفويض واضح. كما تستفيد المفوضية من تعيين كايا كالاس، رئيسة وزراء إستونيا السابقة، في منصب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وهي شخصية كثيرًا ما تشير إليها الصحافة باعتبارها «المرأة الحديدية الجديدة في أوروبا». وتعد كالاس مدافعة قوية عن السيادة الأوكرانية ولا تخشى من التعامل مع شخصيات مثل ترامب أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

أخيرًا، فإن انتخاب رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو كوستا، وهو ديمقراطي اجتماعي عملي وذو سمعة طيبة في بناء الإجماع، لقيادة المجلس الأوروبي يعد بإضفاء جو أكثر تعاونًا على هذا الكيان.

تعوق العقبات السياسية تنفيذ أجندتي ليتا ودراجي، حيث تحتاج أوروبا إلى توحيد دولها السبع والعشرين والنظر في قضايا كبرى مثل ضم أوكرانيا ودول غرب البلقان. لكن العديد من الزعماء المقربين من ترامب، مثل أوربان وفيكو وميلوني، يشككون في الاتحاد الأوروبي ويرفضون نقل سلطاتهم إلى بروكسل. كما أن التوقعات الاقتصادية لعام 2025 ضعيفة، مع استمرار الركود في ألمانيا وضعف التحسن في فرنسا وإيطاليا. بسبب الميزانيات التقشفية، من غير المحتمل أن تتمكن منطقة اليورو من زيادة الإنفاق العام أو خفض الضرائب، ما يستدعي تفكيرًا إبداعيًا وتعديلات في القواعد المالية.

من المرجح أن تسعى بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى عقد صفقات ثنائية مع إدارة ترامب القادمة بدلاً من العمل من خلال الاتحاد الأوروبي. تمتلك المجر وسلوفاكيا حكومات أكثر تعاطفًا مع موسكو من كييف ورحبت بخطط ترامب الموعودة لإحلال السلام، حتى لو جاء هذا السلام على حساب سلامة أراضي أوكرانيا ويفتقر إلى ضمانات أمنية قوية.

عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تنهي النظام الدولي القائم على القواعد الذي تقوده الولايات المتحدة، مما يفرض على الاتحاد الأوروبي التكيف وبناء قوته الدفاعية. بينما يأمل ترامب في تهميش أوروبا كمنافس استراتيجي، إلا أن ذلك قد يكون ضد المصالح الاقتصادية والأمنية لأوروبا والولايات المتحدة على المدى الطويل. يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتجنب الانقسام والتهميش بتبني أجندات ليتا ودراجي.

إريك جونز مدير مركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة في معهد الجامعة الأوروبية.

ماثياس ماتيوز أستاذ مساعد في الاقتصاد السياسي الدولي، جامعة جونز هوبكنز-كلية الدراسات الدولية المتقدمة

نشر المقال في Foreign Affairs

مقالات مشابهة

  • فرنسا.. نزع وسم “صنع بالمغرب” من منتجات الخضر والفواكه التي مصدرها الصحراء الغربية
  • وظائف حكومية بـ«الأوقاف» في 9 محافظات.. الشروط والأوراق المطلوبة
  • ممشى «حارة حجرة الشيخ» .. وجهة سياحية وترفيهية بين الطبيعة والتراث
  • مشاهد لحياة لاجئي الكونغو على الحدود وضفاف بحيرة كيفو
  • تحرير سفينة شحن كندية من حصار الجليد في بحيرة المتجمدة
  • المنيعة.. انتشال جثة شخص غرق في بحيرة صبخة الملح
  • الاتحاد الإفريقي الآسيوي يختار "الأقصر" للفوز بجائزة عاصمة الثقافة والتاريخ والتراث الأولى.. ومن بين أفضل 50 وجهة سياحية للسفر في عام والمرتبة الثامنة خلال عام 2025
  • لمواجهة استفزازات ترامب، تعزيز القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي
  • مليونا بذرة تُنثر في بحيرة الأصفر احتفاءً بـ ”عام الحرف اليدوية“
  • الوادي الجديد تحذر من إعلانات بيع الأراضى الوهمية بمنطقة بحيرات باريس