د. محمود عبدالعال فرّاج جاءت تجربة المصارف الإسلامية منذ بداية السبعينات في شكلها الحالي من خلال انطلاق تجربة بنك دبي الإسلامي في امارة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة بالإضافة الي تجربة بنك فيصل الإسلامي وما سبقها من بنوك كانت تنادي بضرورة تطبيق احكام الشريعة الإسلامية على منتجاتها للتحقيق العديد من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها استلزمتها ظروف وجودها، وجدوى وجوده المشروع تجسيدا للقيم الإسلامية وتطبيقا لأهداف الشريعة الاسلامية في مجال المال والمعاملات الاقتصادية وبما يسهم بفاعلية في القضاء على الازدواجية التي قد يجدها الإنسان المسلم بين تعاليم عقيدته وبين واقع الممارسات الفعلية التي تتم في المجتمع وذلك اعلاء لدين الله وتطبيقاً لشريعته، قسمت هذه الأهداف الي ستة اهداف رئيسية وقد تختلف هذه الأهداف بين باحث وآخر كل حسب وجهة نظره ولكن لا تتخلف في مجملها وهذه الأهداف هي: أولا: الأهداف الشرعية: الإعمال بقاعدة الحلال فلا تتجاوز إلى الحرام، كي لا تفسد الفطرة البشرية، ويهلك الإنسان، وتتمثل في 1.

      تطبيق منهج الله في مجال المال والاقتصاد. 2.      تصحيح وظيفة رأس المال في المجتمع. 3.      إبراز دور العمل الإنساني والجهد البشري باعتباره عنصرا هاما من عناصر الإنتاج. 4.      تحقيق التنمية الشاملة. 5.      الالتزام في كل ذلك بتعاليم الإسلام وتوجيهاته وذلك بإتباع أوامره واجتباب نواهيه والتمسك بكل القيم الروحية والأخلاقية التي دعت إليها الشرائع السماوية. ثانيا: أهداف مالية: حيث تنقسم الأهداف المالية إلى ثلاث أقسام كالآتي: 1. جذب الودائع وتنميتها:    إن ودائع الاستثمار في المصرف الإسلامي تأخذ صفة الشريك الذي تؤول إليه نتائج الاستثمار ربحا كانت أو خسارة فيه وهذا تغيير جوهري عن مفهوم الودائع في المصرف العادي التي تعد قروضا للمصرف لا علاقة لها بنتائج النشاط فيه ولا يخفي ما لهذا التغير والانقلاب في المفهوم والطبيعة من أثر بالغ في أسلوب التقويم ومؤشراته.  2. استثمار الأموال:    حيث يسعى المصرف الإسلامي إلى تدعيم عمليات الاستثمار في النشاط الاقتصادي، من خلال تجنيد كل من خبراته وإمكانياته الاقتصادية والفنية، في مقابل عمل الدراسات اللازمة للعديد من المشروعات الاقتصادية المختلفة، وكذلك توظيف أكبر قدر من الموارد المتاحة لديه في تقديم التمويل اللازم لتلك المشروعات، سواء عن طريق الاستثمار المباشر، أو بالمشاركة مع كل من يرغب من الأفراد والهيئات في القيام بنشاط استثماري، على أساس نظام المشاركة في الربح والخسارة. 3. تحقيق الأرباح:     وهو أهم الأهداف قاطبة، وبدونه لا تستطيع المصارف الإسلامية الاستمرار والبقاء؛ بل ولن تحقق أهدافها الأخرى، والربح لا يهم فقط حملة الأسهم باعتبار أن الربح يعد حافزا أساسيا لديهم للاحتفاظ بأسهمهم أو التخلص منها؛ بل يهم الربح المودعين لأنه يحقق لهم الضمان والامان لودائعهم، وتقديم خدمات مصرفية مناسبة لهم، بالإضافة إلى أن ربح المصرف يهم المجتمع ككل؛ لأن في ذلك أكبر تأمين لوجود المصرف، واستمرار خدماته وتدعيمه للمجتمع الذي يوجد فيه، ومن الأهمية أن يكون الربح مستقرا، وفي نمو مستمر حتى يتمكن ليس فقط من توزيع عائد متزايد على المساهمين وكذا المودعين؛ بل ولتنمية موارده والحفاظ على أوجه النمو للمصرف أيضا وتحقيق أهدافه الكلية. ثالثا: الأهداف الاقتصادية:    العمل على القيام بالنشاطات الاقتصادية، واحداث التوسع فيها بما يضمن الاسهام في تطوير الاقتصاد، وبما يحقق تنميته، انسجاما مع مضامين ومقاصد الشريعة الإسلامية، ومن خلال الصيغ والأساليب والوسائل التي تتفق وذلك، حيث تسعى المصارف الإسلامية للإسهام في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الأمة الإسلامية، فتقوم بإيجاد البديل الشرعي للبنوك التجارية الربوية، والإعداد والتخطيط وفق برامج مدروسة لتنمية الموارد البشرية، وتوظيفها بشكل صحيح، والتوسع في استثمار الموارد الطبيعية والاقتصادية بما يخدم مصالح الأمة؛ حيث يتم توجيه الموارد المتوفرة لإنتاج الضروريات والحاجيات، والابتعاد قدر الإمكان عن الكماليات، ولتحقيق هدف التنمية الاقتصادية فإن المصارف الإسلامية تركز على حشد المدخرات، وتعمل على إعادة توظيفها بشكل يسهم في تحقيق شيء من التوازن للمجتمع الإسلامي، بحيث يؤدي هذا الامر إلى الحد من البطالة، والتضخم، وإعادة توزيع الدخل بشكل عادل ورفع دخول عناصر الإنتاج من عمل ورأس مال، وتنظيم، وأرض. رابعا: أهداف ابتكارية:     تشتد المنافسة بين البنوك والمصارف في السوق المصرفية على اجتذاب العملاء سواء أصحاب الودائع الاستثمارية أو الجارية أو المستثمرين، وفي سبيل تحقيق ذلك تقدم لهم العديد من التسهيلات بالإضافة إلى تحسين مستوى أداء الخدمة المصرفية والاستثمارية. وحتى تستطيع المصارف الإسلامية أن تحافظ على وجودها بكفاءة وفاعلية في السوق المصرفية، لا بد من مواكبة التطور المصرفي وذلك بالطرق التالية: 1.      ابتكار صيغ التمويل: حتى يستطيع المصرف الإسلامي مواجهة المنافسة من جانب المصارف التقليدية في اجتذاب المستثمرين، لا بد أن يوفر لهم التمويل اللازم لمشاريعهم المختلفة، ولذلك يجب على المصرف أن يسعى لإيجاد الصيغ الاستثمارية الإسلامية التي يتمكن من خلالها من تمويل المشروعات الاستثمارية المختلفة، بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. 2.      يعد نشاط الخدمات المصرفية من المجالات الهامة للتطوير في القطاع المصرفي. وعلى المصرف الإسلامي أن يعمل على ابتكار خدمات مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. ويجب على المصرف الإسلامي ألا يقتصر نشاطه على ذلك، بل عليه أن يقوم بتطوير المنتجات المصرفية الحالية التي تقدمها المصارف التقليدية بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية. خامسا: أهداف داخلية: للمصارف الإسلامية العديد من الأهداف الداخلية التي تسعى إلى تحقيقها منها: 1.      تنمية الموارد البشرية: تعد الموارد البشرية العنصر الرئيس لعملية تحقيق الأرباح في المصارف بصفة عامة ذلك إن الأموال لا تدر عائدا بنفسها دون استثمار، وحتى يحقق المصرف الإسلامي ذلك لا بد من توافر العنصر البشري القادر على استثمار هذه الأموال، ولا بد أن تتوافر لديه الخبرة المصرفية ولا يتأتى ذلك إلا من خلال العمل على تنمية مهارات أداء العنصر البشري بالمصارف الإسلامية عن طريق التدريب للوصول إلى أفضل مستوى أداء في العمل. 2.      تحقيق معدل نمو: تنشأ المؤسسات بصفة عامة بهدف الاستمرار وخصوصا المصارف حيث تمثل عماد الاقتصاد لأي دولة، وحتى تستمر المصارف الإسلامية في السوق المصرفية لا بد أن تضع في اعتبارها تحقيق معدل نمو، بالشكل الذي يمكنها من الاستمرار والمنافسة في الأسواق المصرفية. 3.      الانتشار الجغرافي والمجتمعي: لكي تستطيع المصارف الإسلامية تحقيق أهدافها السابقة أضافة إلى توفير الخدمات المصرفية والاستثمارية للمتعاملين لا بد من الانتشار بحيث تغطي أكبر قدر من المجتمع، وتوفير الخدمات المصرفية لجمهور المتعاملين في أقرب الأماكن لهم ولا يتم تحقيق ذلك إلا من خلال الانتشار الجغرافي في المجتمعات. سادسا: أهداف اجتماعية: تعتبر المصارف الإسلامية أن  التكافل الاجتماعي من أهم أهدافها, وهي تأخذ بعين الاعتبار التكافل الاجتماعي في سياساتها وأنظمتها كونها ذات طبيعة اجتماعية, وجدير بالذكر أن قضية المساهمة في الربحية الاجتماعية تأخذ من مفردات وأساسيات العمل المصرفي حيزا كبيرا لما تؤديه من أثر في التنمية الاقتصادية, فتقوم البنوك على سبيل المثال بجمع وتوزيع الزكاة لأموالها وأموال عملائها, وهو أمر مفروض عليها بحكم الشرع, والزكاة المقدمة لها من خلال الصناديق الخاصة لذلك, وتكون هذه الصناديق أو الحسابات منفصلة كليا عن أموال البنك ليتمكن من انفاقها في مصارفها المختلفة. وقد نصت وثائق بعض البنوك الإسلامية على هذا الهدف ضمن وظائف البنك بهدف توثيق الترابط والتراحم بين أفراد المجتمع، ومن ذلك القروض الحسنة التي يوظف البنك جزءا من أمواله فيها شريطة ردها دون زيادة مع إضافة رسوم أولية بدل تكاليف معاملة القرض فقط، وهنالك بعض البنوك تهدف بشكل أساسي إلى توفير الاعتمادات لإقراض المتعاملين لأغراض اجتماعية مثل الخدمات الصحية، والتعليم، وسداد الديون، وغير ذلك مما يدخل في تحقيق هدف التكافل الاجتماعي. ولا بد أن نلاحظ أن هذا الهدف الخيري الاجتماعي إنما هو هدف توزيعي وليس هدفا إنتاجياً، بمعنى أن المصرف الإسلامي يعامل زبائنه بالقسط والعدل والسماحة ثم يتصدق في وجوه البر والإحسان؛ فالإنفاق على الأهداف الاجتماعية الخيرية هو من نوع إعادة توزيع الإيرادات الصافية وإن كان المصرف يصنفها ضمن مصروفاته العامة لذلك ينبغي أن يختص البنك الإسلامي دائما بقدر من الإنفاق على وجوه البر بما يتناسب وهويته وما ألزم نفسه به وهو البعد العقدي. وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم، بالخلف لكل نفقه وألا ينقص مال من صدقة ومن وسائل الخلف وأسباب عدم نقص المال المتصدق فيه زيادة ثقة الناس بالبنك المنفق وقناعتهم بصدقه فيما يعلنه من الاتصاف بأخلاق الإسلام، وبالتالي تزداد رغبتهم في التعامل مع البنك الإسلامي. استعرضنا هذه الأهداف بنوع من الشمول وفي بعض الأحيان بنوع من التفصيل ، قد يأتي قائل بان ما هو موجود الان من بعض المصارف لا ينطبق علي ما جاء في هذا المقال ، وهذا صحيح في بعض اوجهه ذلك ان النظرية تختلف عن التطبيق العملي وقد تكون لبعض الممارسات من قبل بعض المصارف الإسلامية او من بعض العاملين فيها ما يناقض او يعاكس ما طرح لكن ذلك لا يعني ان الممارسة والتطبيق هي المنهج الصحيح ولكن نسعي وكما ذكرنا لعملية تنمية بشرية مجتمعية شاملة من خلال التعريف بهذه التجربة الثرية في مكوناتها والعمل على تلافي بعض الأخطاء التي وقعت فيها أساليب التنفيذ والممارسة سعياٍ لتحقيق رؤية ووجود صحيح للصيرفة والمصارف المتوافقة واحكام الشريعة الإسلامية

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

تحديات تواجه المصارف العراقية في الامتثال للمعايير الأميركية

26 يناير، 2025

بغداد/المسلة:  في إطار تعزيز العلاقات المصرفية والاقتصادية بين العراق والولايات المتحدة، عقد محافظ البنك المركزي العراقي، علي محسن العلاق، اجتماعاً مع وفد أميركي برئاسة ستيف لوتس، نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية ورئيس مجلس الأعمال الأميركي – العراقي.

جاء اللقاء الذي جرى في بغداد لمناقشة آليات التبادل التجاري والتحويلات المالية الخارجية، في وقت حساس يتسم بتحديات كبيرة في القطاع المصرفي العراقي.

الحديث كان منصباً على عملية تحويل الأموال عبر البنوك المراسلة، حيث بحث الجانبان استراتيجيات تنظيم التحويلات المالية بين العراق والدول الأخرى. هذه المناقشات تأتي في أعقاب القرارات الأميركية الأخيرة التي تسببت في وضع 14 مصرفاً عراقياً ضمن القائمة السوداء بسبب الاشتباه في تورطها في غسل الأموال وتحويل الأموال الخارج، مما أعاق قدرتها على إجراء معاملات بالدولار.

كما تم التطرق إلى زيارة مرتقبة لوفد من البنك المركزي العراقي إلى واشنطن في أبريل المقبل، حيث سيلتقي ممثلو البنك مع غرفة التجارة الأميركية والشركات الأميركية في مسعى لتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي بين البلدين. وقد شدد العلاق على أهمية تعزيز الاستثمارات الأميركية في العراق، خاصة في مجالات الطاقة والبنى التحتية والتكنولوجيا الحديثة، مستفيدين من الاستقرار الأمني الذي يشهده البلد في الآونة الأخيرة.

اللقاء  يعكس تحولاً مهماً في العلاقة بين البلدين في المجال الاقتصادي، خاصة في ظل تطورات حاسمة في النظام المصرفي العراقي. الأزمة التي نشأت إثر فرض العقوبات الأميركية على المصارف العراقية لا تقتصر على التعقيدات القانونية فقط، بل تمتد لتأثيرات اقتصادية عميقة، لاسيما فيما يتعلق بالثقة في النظام المالي العراقي.

و إغلاق البنك المركزي العراقي لمنصة التحويلات المالية بالدولار، التي تم تشغيلها في عام 2023، قد أدى إلى تداعيات سلبية تمثلت في سحب الودائع المالية من البنوك التجارية، ما أثار مخاوف واسعة من إمكانية تعثر المصارف المحلية أمام متطلبات البنك المركزي العراقي ووزارة الخزانة الأميركية. هذه الخطوة تشير إلى أزمة ثقة في قدرة البنوك العراقية على الامتثال للمعايير الدولية الخاصة بالتحويلات المالية، ما يعكس تحديات كبيرة قد تواجهها العراق في جذب الاستثمارات الأجنبية.

مؤشرات تراجع حجم الودائع في البنوك التجارية، التي وصلت إلى أدنى مستوى لها في 22 شهراً، تكشف عن تراجع مستمر في معدلات الادخار داخل النظام المصرفي.

و الانخفاض المستمر في حجم الودائع خلال الأشهر الأخيرة يمكن أن يكون دليلاً على التوجس لدى المستثمرين المحليين والأجانب من التعامل مع البنوك العراقية في ظل عدم وضوح السياسات المالية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • سلسلة لقاءات في قصر بعبدا... عون: رئيس الجمهورية هو الحكم
  • المصرف المركزي ينظم مبادرة رياضية لموظفي القطاع المالي
  • تحت رعاية منصور بن زايد.. المصرف المركزي ينظم مبادرة رياضية لموظفي القطاع المالي
  • حبيب تابع مع وزير الخارجية ملف الإسكان
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: لن نسمح بتكرار النكبات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني
  • تحديات تواجه المصارف العراقية في الامتثال للمعايير الأميركية
  • الأهداف الجديدة للصعود الإسلامي
  • مصدر في الجهاد الإسلامي يوضح مصير الرهينة التي تصر إسرائيل على إطلاق سراحها
  • لأول مرة.. المصرف الأهلي العراقي يجري نقطة تحول استثمارية بقيمة 25 مليار دينار 
  • إلغاء التعميمين 151 و165 قريباً؟