تقرير يحذر من أزمات صحية وزيادة العنف بسبب انتشار مخدر "البوفا" بالمغرب
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
توقع تقرير حديث، أن يواجه المغرب أزمة صحية حادة وزيادة في حوادث العنف والإجرام، بسبب تفاقم انتشار مخدر “البوفا”، في حالة لم تتخذ السلطات تدابير سريعة وفعالة لمكافحته.
وكشف التقرير الذي أصدره معهد الدراسات الأمنية في إفريقيا، أن مكافحة مخدر “البوفا”، تتطلب تعزيز الأطر القانونية والمؤسسية، و فرض عقوبات أشد صرامة على المتاجرين بالبشر، وخاصة أولئك المتورطين في تهريب الكوكايين أو الذين يتبين أنهم مسؤولون بشكل غير مباشر عن وفاة المستهلك، يشكل خطوة أولى مهمة.
وأوضح التقرير ذاته، أن العقوبات ضد مروجي المخدر المذكور، تبقى دون المستوى المطلوب بالنسبة للمستهلكين والمتاجرين الصغار والمتوسطين الذين يتم الحكم عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة فقط، في حين يمكن سجن كبار المتاجرين لمدة تصل إلى 30 عامًا، ومع ذلك عادة ما يحكم عليهم بالسجن لمدة أقصاها 10 سنوات.
ووفقا المعطيات التي أوردها التقرير، تم في الفترة ما بين غشت وشتنبر من العام الماضي، إلقاء القبض على 112 من تجار المخدرات من نوع بوفا، كما تم ضبط ما يقرب من 1413 كيلو غرام من المخدرات في عملية منسقة شملت مختلف المدن المغربية.
كما أدت مكافحة مخدر “البوفا”، إلى تفكيك ست حلقات مخدرات إجرامية تعمل في جميع أنحاء البلاد.
وفي يوليوز 2023، تم إلقاء القبض على 15 شخصا بالدار البيضاء بعد العثور بحوزتهم على الأدوات والمكونات اللازمة لتصنيع البوفا.
وفي أكتوبر اعترضت قوات الأمن المغربية 1371 كيلوغراما من الكوكايين تم تهريبها إلى البلاد من إسبانيا.
وقال التقرير إنه على الرغم من هذه المضبوطات وعدد الحالات التي تمت معالجتها، لا يزال أمام السلطات طريق طويل لتقطعه للقضاء على المشكلة.
وأشار إلى أن هذا المخدر الفتاك رخيص الثمن وسهلة الحصول عليها ومسبب للإدمان للغاية. ويتم استهلاكه مثل مخدر الكراك، حيث تدخن البوفا من خلال أنبوب مركب قارورة من صنع يدوي.
كلمات دلالية المغرب جريمة حوادث مخدرات
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المغرب جريمة حوادث مخدرات
إقرأ أيضاً:
الديون العامة المغربية: هل هي مستدامة؟
تشكل الديون العامة، نظرًا لما تنطوي عليه من رهانات، موضوعًا متكررًا يجذب انتباه المراقبين والمحللين. وهو موضوع يخضع لتأويلات متنوعة نظرًا لغياب قواعد محددة ومتفق عليها بالإجماع بشأن الاستدامة. يختلف الاقتصاديون ليس حول اللجوء إلى الديون، وخاصة الديون الخارجية، ولكن حول تحديد مستوى مقبول ومستدام لا يهدد سيادة الدول. ويُناقش هذا الموضوع بشكل متكرر بين الخبراء دون التوصل إلى إجماع واضح بشأنه.
حتى معايير ماستريخت، المعروفة بمعايير الالتقائية التي تحدد نسبة دين تبلغ 60%، وعجزًا في الميزانية بنسبة 3%، ومعدل تضخم 1.5%، تُقابل بالرفض من قبل البعض، ونادرًا ما تمتثل الدول لها. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك بالفعل عتبة حرجة يجب عدم تجاوزها ؟ أم يمكن التصرف مثل اليابان، الذي يتعامل بشكل طبيعي مع نسبة دين تصل إلى 250%، ودول أخرى تتجاوز نسب ديونها 100% بسهولة؟
لفهم هذه القضايا بشكل أفضل، يجب طرح سلسلة من الأسئلة مسبقًا: الاقتراض من أجل ماذا؟ وبأي شروط؟ الاقتراض بالعملة الوطنية أم بالعملات الأجنبية؟ ما هو عبء خدمة الدين عند استحقاقه مقارنة بالإيرادات العادية، والصادرات، والقروض الجديدة المتعاقد عليها؟ هذه كلها أسئلة يمكن أن تعطينا مؤشرات مهمة للحكم على جدوى اللجوء إلى الاقتراض، وفي أي حدود. بمعنى آخر، يجب إجراء تحليل حالة بحالة، دون أن نمنع أنفسنا من استخلاص دروس من تجارب تاريخية معينة.
المندوبية السامية للتخطيط: استقرار الديون العامة عند 83,3% من الناتج الداخلي الخام في 2024 و2025
في الميزانية الاقتصادية التوقّعية لعام 2025 (يناير)، تتوقّع المندوبية السامية للتخطيط استقرار الدين العام الإجمالي عند نسبة 83,3% من الناتج الداخلي الخام خلال سنتي 2024 و2025، مع بقائه مع ذلك أعلى من مستواه قبل جائحة كوفيد. وكما جرت العادة، تكتفي المندوبية بعرض المعطيات دون تقديم أي تفسير أو تعليق. ولفهم الوضع بشكل أوضح، يجب الرجوع إلى التقرير المرافق لمشروع قانون المالية 2025 المتعلق بالدين العام، والذي يركز على بيانات سنة 2023.
يتمً التمييز في هذا السياق بين دين الخزينة والدين العام الإجمالي الذي يتضمن بالإضافة إلى ذلك الدين الخارجي للمؤسسات والشركات العمومية. وقد بلغ حجم دين الخزينة مع نهاية سنة 2023 ما مجموعه 1016,6 مليار درهم، أي ما يعادل 69,5% من الناتج الداخلي الخام. ويتوزّع هذا الدين إلى دين داخلي بقيمة 763,1 مليار درهم (أي 75%)، ودين خارجي بقيمة 253,6 مليار درهم (أي 25%).
أما الدين العام الإجمالي، فقد بلغ 1201,8 مليار درهم، أي 82% من الناتج الداخلي الخام. فيما بلغ الدين الخارجي الإجمالي، الذي يشمل دين الخزينة والدين خارج الخزينة، 438,8 مليار درهم، أي ما يعادل 30% من الناتج الداخلي الخام. ومن هذا المبلغ، يعود 185,2 مليار درهم للمؤسسات والشركات العمومية. ويوزع هذا الدين الخارجي بحسب العملات كالتالي: 59,1% باليورو، 31,1% بالدولار، والنسبة المتبقية بعملات أخرى.
فيما يتعلق بمصدر الديون الخارجية المغربية، فإنها تتوزع كالتالي: 51,2% ديون متعددة الأطراف، 20,9% ديون ثنائية، و27,9% ديون خاصة (من السوق المالي الدولي). أما أبرز دائني المغرب، حسب الترتيب التنازلي، فهم: البنك الدولي (30,2%)، البنك الإفريقي للتنمية (16,2%)، فرنسا (11,8%)، البنك الأوروبي للاستثمار (10,2%)، ألمانيا (7,6%)، الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (4,1%)، اليابان (3,5%). وتمثل هذه الأطراف السبعة مجتمعة 83,6% من حجم الديون الخارجية. ويُعد البنك الدولي أول دائن في فئة المقترضين متعددي الأطراف، في حين تُعد فرنسا أول دائن في فئة الديون الثنائية.
بخصوص معدلات الفائدة، هناك نقطتان مهمتان:
أنواع الفوائد:
75% من القروض بفائدة ثابتة.
25% بفائدة متغيرة.
كل نوع له إيجابياته وسلبياته، وذلك حسب تطورات أسعار الفائدة في السوق المالية الدولية. هذا التوزيع يمثل نوعًا من « رهان » على المستقبل. لكن حتى الآن، يمكن القول إن المغرب كان أكثر « رابحًا » منه « خاسرًا »، خاصة أن أسعار الفائدة شهدت ارتفاعًا كبيرًا في السوق المالي الدولي.
مستوى الفوائد:
40% من القروض بفائدة تقل عن 2,5%.
11,6% بفائدة بين 2,5% و3,5%.
8,6% بفائدة بين 3,5% و4,5%.
14,5% بفائدة تزيد عن 4,5%.
هذا التوزيع يعكس أن المغرب يستفيد في الغالب من معدلات فائدة تُعتبر معقولة باستثناء بعض الحالات.
بالنظر إلى المعطيات المتوفرة، قد يبدو أن الدين العام المغربي لا يشكل مشكلة كبيرة. لكن، وكما يُقال، المظاهر خدّاعة. فالدولة التي تعتمد بشكل كبير على الاقتراض، كما هو الحال في المغرب، تبقى عرضة لخطر تقلبات اقتصادية مفاجئة.
حاليًا، بدأ عبء خدمة الدين (الأقساط والفوائد) يُثقل كاهل المالية العامة بشكل ملحوظ. فعلى سبيل المثال، بلغ حجم خدمة الدين لهذه السنة 107,15 مليار درهم، وهو ما يعادل تقريبًا الميزانية المخصصة للاستثمار. ومع أن القروض الجديدة تُقدّر بـ125 مليار درهم، فإن صافي التدفقات ينخفض إلى 18 مليار درهم فقط! بمعنى آخر، تُستخدم القروض الجديدة أساسًا لتغطية خدمة الدين، وهو ما يُعرف بـالدائرة المفرغة للديون. المغرب الآن غارق في هذه الدائرة.
ويزداد الوضع تعقيدًا مع ظهور إشكالية العدالة بين الأجيال؛ إذ لا ينبغي أن تتحمل الأجيال القادمة عبء الديون التي خلفتها الأجيال الحالية. يشبه ذلك أبًا يترك لأبنائه ديونًا ضخمة يجب عليهم تسديدها.
تُعلّمنا التجارب التاريخية أن الاقتراض ليس أمرًا ممنوعًا. بل يمكن أن يكون أداة مفيدة، شريطة استثماره بشكل جيد لضمان عائد سريع وتوفير موارد داخلية جديدة قابلة للاستثمار. لذلك، يجب التحلّي بالحذر وتجنب اللجوء إلى الحلول السهلة. صحيح أن المغرب يحظى بثقة الأوساط المالية الدولية، وهذا أمر إيجابي، لكن يجب ألا يكون مبررًا للإفراط في الاقتراض بما يتجاوز إمكانياتنا، دون تنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة لتعزيز سيادتنا وتوفير الوسائل لتحقيق سياساتنا الوطنية.
وفي ظل استعداد المغرب لتنظيم مونديال 2030، يبدو من المناسب تذكير الجميع بهذه الحقائق. يجب الاعتماد أولاً على إمكانياتنا الذاتية، مع تجنب الهدر والنفقات الباذخة التي تهدف فقط إلى كسب هيبة أو استعراض. كما يجب مواجهة قضايا اختلاس المال العام ومحاربة التهرب الضريبي بجميع أشكاله. .
باختصار، يجب أن يواصل المغرب سياسة اقتراض محدودة وموجهة، مع ضمان أقصى استفادة من الاستثمارات، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتعبئة الموارد الداخلية. إضافة إلى ذلك، فإن الإدارة الحكيمة للديون الخارجية وتبني استراتيجية واضحة لتنوع الاقتصاد سيعززان استدامة المغرب الاقتصادية على المدى الطويل.