هل تقوّض الضربات الأمريكية البريطانية قدرات الحوثيين؟.. تقرير
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
ليلة عصيبة عاشها اليمنيون في صنعاء، ومحافظات أخرى ليلة امس السبت من جراء الضربات العنيفة التي نفذها الجيشان الأمريكي والبريطاني على أهدافٍ تابعة لجماعة الحوثي الموالية لإيران، رداً على هجمات البحر الأحمر وخليج عدن.
وهزت الانفجارات العنيفة أرجاء العاصمة اليمنية صنعاء، ليتبين لاحقاً أن الجيش الأمريكي استخدم قنابل يزن بعضها ألفي رطل، وصواريخ أُطلقت من على متن حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس دوايت أيزنهاور"، المرابطة قبالة سواحل اليمن.
وهذا هو الهجوم الأعنف منذ بدء الرد الأمريكي على هجمات الحوثيين في الـ11 من يناير الماضي، سعياً من واشنطن وحلفائها لردع المليشيا والحد من قدراتها على استهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن، فهل تنجح هذه الضربات فعلاً في الحد من قدرات الجماعة؟ أم أنها ستفتح الباب أمام تصعيدٍ أكثر شراسة؟
36 هدفاً
استحضر سكان مدينة صنعاء خلال ساعات القصف أجواء الأيام الأولى لـ"عاصفة الحزم"، حينما كانت طائرات التحالف العربي تدك معسكرات ومواقع الحوثيين والقوات الموالية لهم في أطراف ووسط المدينة.
ووفقاً لمصادر محلية، فقد استهدف القصف مواقع في جبال "فج عطان" و"النهدين"، جنوب غرب العاصمة صنعاء، ومعسكر "الحفا"، شرق العاصمة، بالتزامن مع ضربات على مواقع في تعز، بينها أبراج للاتصالات، وأهداف أخرى في حجة وصعدة والبيضاء والحديدة.
جماعة الحوثي قالت، على لسان المتحدث العسكري باسمها، إن القوات الأمريكية والبريطانية نفذت 48 ضربة خلال ساعات، توزعت كالتالي: 13 غارة على مدينة ومحافظة صنعاء، و9 غارات على الحديدة، و11 غارة على تعز، و7 غارات على البيضاء، و7 غارات على حجة، وغارة واحدة على محافظة صعدة.
من جانبها قالت القيادة المركزية الأمريكية إنها والجيش البريطاني، وبدعم من البحرين وأستراليا وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزلندا، نفذت ضربات ضد 36 هدفاً للحوثيين في 13 موقعاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، احتوت على "مرافق التخزين تحت الأرض، والقيادة والسيطرة، وأنظمة الصواريخ، ومواقع تخزين وعمليات الطائرات بدون طيار، والرادارات، والمروحيات".
ضربات جوية وبحرية
وبالنظر لطبيعة الضربات وعنفها يتضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون لإيصال رسالة قوية للحوثيين، لثنيهم عن مواصلة نهجهم العنيف في البحر الأحمر وخليج عدن.
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أمريكي قوله إن أكثر من 20 مقاتلة انطلقت من حاملة السفن الأمريكية أيزنهاور لتوجيه ضربات ضد أهداف تابعة للحوثيين في اليمن.
وأوضح المسؤول أن بعض القاذفات حملت "قنابل تزن ألفي رطل وصواريخ (جو - جو) وغيرها من الصواريخ الموجهة، في حين شاركت حاملة الطائرات الأمريكية "أيزنهاور" في الضربة من خلال إطلاق صواريخ على أهداف تابعة للحوثيين.
وشاركت مدمرتان أمريكيتان في إطلاق صواريخ توماهوك على أهداف للحوثيين، كما شاركت "يو إس إس جرافلي" و"يو إس إس كارني" في الهجوم الذي استهدف عدة أهداف على امتداد الجغرافيا التي يسيطر عليها الحوثيون.
القوات المسلحة البريطانية شاركت في تنفيذ سلسلة غارات على الحوثيين، للمرة الثالثة منذ بدء الضربات ضد الجماعة المتحالفة مع طهران في 11 يناير الماضي.
وقال وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، في بيان له، إن القوات الجوية الملكية "شاركت في موجة ثالثة من الضربات المتناسبة على أهداف عسكرية تابعة للحوثيين في اليمن".
وأضاف أن بريطانيا تحركت جنباً إلى جنب مع حلفائها الأمريكيين، بدعم من العديد من الشركاء الدوليين ومن منطلق الدفاع عن النفس وبما يتفق مع القانون الدولي، معرباً عن ثقته بأن هذه الضربات قد "قوضت على نحو أكبر قدرات الحوثيين".
الرد الحوثي
ولا يبدو أن الهجمات الأمريكية البريطانية ستشكل فرقاً أو تأثيراً بالنسبة للحوثيين، فالهجمات التي ينفذونها خالية من التعقيدات، والوسائل المستخدمة فيها سهلة النقل والتحريك والتوجيه، ومن ضمن ذلك الطائرات ذات الاتجاه الواحد "الانتحارية"، وكذلك الصواريخ الباليستية المنقولة على متن الشاحنات.
ورداً على الضربات الأمريكية البريطانية، قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، إن هذه "الاعتداءات الأمريكية البريطانية لن تثني اليمن عن موقفه الأخلاقي والديني والإنساني المساند للشعب الفلسطيني في غزة"، مؤكداً أن "تلك الاعتداءات لم تمر دون رد وعقاب".
من جانبه قال القيادي محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين، إن الجماعة ستواصل عملياتها العسكرية ضد "إسرائيل" حتى رفع حصارها عن غزة، وأنها لن تتوقف إلا بتوقف "جرائم الإبادة في غزة".
واستطرد قائلاً: "التضحيات تكلفنا، حربنا أخلاقية، ولولا تدخلنا لنصرة المظلومين في غزة لما وجدت الإنسانية بين البشر"، متعهداً بأن القصف الأمريكي البريطاني على اليمن "لن يمر دون رد"، وأن الجماعة "ستقابل التصعيد بالتصعيد".
تغيير موقف
ويبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها يتورطون شيئاً فشيئاً في حرب واسعة النطاق على جماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران، وهو ما ينذر بمزيد من التوتر والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن.
وبالرغم من أن الحوثيين يرفعون شعار العداء لأمريكا منذ تأسيس حركتهم، مطلع تسعينيات القرن الماضي، فإن الولايات المتحدة لطالما نأت عن أي رد على الجماعة، بل وسَعَت في كل مراحل الصراع اليمني الدائر منذ سبتمبر 2014 إلى التأكيد على أن الحوثيين جزء من النسيج اليمني، وهو ما دفع اليمنيين للشك بحقيقة عداء الحوثيين لواشنطن.
وطيلة سنوات "عاصفة الحزم"، التي انطلقت في مارس 2015، تعاملت الولايات المتحدة مع التهديد الذي يشكله الحوثيون في اليمن من منظور إنساني، وبالرغم من دعمها للحملة بقيادة السعودية لوجستياً واستخباراتياً، فإنها آثرت الدبلوماسية للتعامل مع خطر المليشيا، لكن هجمات البحر الأحمر غيرت الموقف الأمريكي والغربي على حدٍّ سواء.
تناغم الفعل والاستجابة
وبالنظر لجولات التصعيد الحوثي والرد الأمريكي الغربي في البحر الأحمر، يبدو جلياً أن هناك حدوداً مرسومة لا يمكن تجاوزها، ووفقاً للخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب، فإن الهدف من الضربات الأمريكية الغربية ليس القضاء على الحوثيين.
ونقل موقع"الخليج أونلاين"عن الذهب قولة بأن الهجمات الأخيرة تأتي في إطار "تناغم في الفعل والاستجابة له"، مشيراً إلى أن عدد القتلى إلى الآن محدود، كما أن هجمات الحوثي لم تتسبب بسقوط أي ضحايا ولا يوجد إحصائيات معلنة.
واستطرد قائلاً: "الهجمات تأتي في حدود التعاطي المشترك بين الجانبين، يعني تقويض أو إضعاف قدرات التهديد الحوثي للملاحة البحرية، لا تقويض قدرات الجماعة العسكرية ككل".
تأثير معنوي ومادي
ولا يبدو أن الضربات الأمريكية البريطانية قد استهدفت مواقع حساسة، أو ذات قيمة، إذ قصفت مواقع ومعسكرات شبه خالية، لطالما تعرضت للقصف منذ 2015 حتى 2022.
ويقول شهود عيان إنه من المستحيل أن يقوم الحوثيون بتخزين أسلحتهم الحديثة التي حصلوا عليها وطوروها بمساعدة إيرانية في مواقع عسكرية معروفة، كتلك التي طالتها الغارات الأمريكية البريطانية منذ الـ11 من يناير الماضي.
إلا أن الخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب، أكد أن تلك الضربات "ستقوض جانباً من قدرات الحوثيين"، مشيراً إلى أن "أي ضربة ستستهدفهم معنوياً ومادياً أيضاً".
وأضاف: "أعتقد أن لدى الحوثيين تقنيات خفيفة وسريعة يمكن إخفاؤها والتمويه عليها، وهم بذلك يستنزفون نيران الجيش الأمريكي والبريطاني، وهو جزء من تكتيكات الحرب، أن تستنزف نيران عدوك في منطقة ميتة، حتى يصل إلى قناعة أنه لا جدوى من تكرار هذه الهجمات، هذا هو الجزء الأبرز من القصة".
وتابع قائلاً: "حالياً هو رد متناغم، هناك محددات لوقف أو استمرار هذه العمليات، منها التحرك السياسي داخلياً"، مشيراً إلى أن "العمل السياسي سيحد إلى 70% من هجمات الحوثيين، كما أن أي حل في غزة سيوقف بقية الهجمات".
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الأمريكي يُوجه بإتمام المساعدات المنقذة للحياة التي جرى الاتفاق عليها مسبقًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وجه وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو، جميع الوكالات الحكومية الأمريكية، والشركاء، والمنظمات غير الحكومية باتمام المساعدات والمنح المنقذة للحياة، التي كان قد جرى الاتفاق عليها سلفا، كما وجه بعدم الاتفاق على مساعدات جديدة.
وقال روبيو - في بيان الأربعاء - "تنفيذا للقرار التنفيذي للرئيس بشأن إعادة تقييم وتعديل المساعدات الخارجية للولايات المتحدة، أوافق على تنازل إضافي عن تعليق القرار التنفيذي بشأن إعادة تقييم وتعديل المساعدات الخارجية للولايات المتحدة، وكذلك توجيهي الصادر في 24 يناير 2025، للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة خلال فترة المراجعة".
وطالب "منفذي برامج المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة الحالية"، الاستمرار واستئناف العمل "إذا كانوا قد توقفوا"، مشيرا إلى أن "هذا الاستئناف مؤقت في طبيعته.. ولا يجوز الدخول في أي عقود جديدة".
وأشار البيان إلى أن البند الأول ينص على "أن هذا التنازل؛ يطبق على الأدوية الأساسية المنقذة للحياة، والخدمات الطبية، والطعام، والمأوى، والمساعدات المعيشية، بالإضافة إلى الإمدادات والتكاليف الإدارية المعقولة اللازمة لتقديم هذه المساعدات"، لافتا إلى أنه "يمكن استخدام مساعدات الهجرة واللاجئين فقط لدعم الأنشطة المنصوص عليها في البند الأول ولإعادة مواطني الدول الثالثة إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلدان ثالثة آمنة".