ليلة عصيبة عاشها اليمنيون في صنعاء، ومحافظات أخرى ليلة امس السبت من جراء الضربات العنيفة التي نفذها الجيشان الأمريكي والبريطاني على أهدافٍ تابعة لجماعة الحوثي الموالية لإيران، رداً على هجمات البحر الأحمر وخليج عدن.

وهزت الانفجارات العنيفة أرجاء العاصمة اليمنية صنعاء، ليتبين لاحقاً أن الجيش الأمريكي استخدم قنابل يزن بعضها ألفي رطل، وصواريخ أُطلقت من على متن حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس دوايت أيزنهاور"، المرابطة قبالة سواحل اليمن.

وهذا هو الهجوم الأعنف منذ بدء الرد الأمريكي على هجمات الحوثيين في الـ11 من يناير الماضي، سعياً من واشنطن وحلفائها لردع المليشيا والحد من قدراتها على استهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن، فهل تنجح هذه الضربات فعلاً في الحد من قدرات الجماعة؟ أم أنها ستفتح الباب أمام تصعيدٍ أكثر شراسة؟

36 هدفاً

استحضر سكان مدينة صنعاء خلال ساعات القصف أجواء الأيام الأولى لـ"عاصفة الحزم"، حينما كانت طائرات التحالف العربي تدك معسكرات ومواقع الحوثيين والقوات الموالية لهم في أطراف ووسط المدينة.

ووفقاً لمصادر محلية، فقد استهدف القصف مواقع في جبال "فج عطان" و"النهدين"، جنوب غرب العاصمة صنعاء، ومعسكر "الحفا"، شرق العاصمة، بالتزامن مع ضربات على مواقع في تعز، بينها أبراج للاتصالات، وأهداف أخرى في حجة وصعدة والبيضاء والحديدة.

جماعة الحوثي قالت، على لسان المتحدث العسكري باسمها، إن القوات الأمريكية والبريطانية نفذت 48 ضربة خلال ساعات، توزعت كالتالي: 13 غارة على مدينة ومحافظة صنعاء، و9 غارات على الحديدة، و11 غارة على تعز، و7 غارات على البيضاء، و7 غارات على حجة، وغارة واحدة على محافظة صعدة.



من جانبها قالت القيادة المركزية الأمريكية إنها والجيش البريطاني، وبدعم من البحرين وأستراليا وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزلندا، نفذت ضربات ضد 36 هدفاً للحوثيين في 13 موقعاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، احتوت على "مرافق التخزين تحت الأرض، والقيادة والسيطرة، وأنظمة الصواريخ، ومواقع تخزين وعمليات الطائرات بدون طيار، والرادارات، والمروحيات".

ضربات جوية وبحرية

وبالنظر لطبيعة الضربات وعنفها يتضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون لإيصال رسالة قوية للحوثيين، لثنيهم عن مواصلة نهجهم العنيف في البحر الأحمر وخليج عدن.

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أمريكي قوله إن أكثر من 20 مقاتلة انطلقت من حاملة السفن الأمريكية أيزنهاور لتوجيه ضربات ضد أهداف تابعة للحوثيين في اليمن.

وأوضح المسؤول أن بعض القاذفات حملت "قنابل تزن ألفي رطل وصواريخ (جو - جو) وغيرها من الصواريخ الموجهة، في حين شاركت حاملة الطائرات الأمريكية "أيزنهاور" في الضربة من خلال إطلاق صواريخ على أهداف تابعة للحوثيين.

وشاركت مدمرتان أمريكيتان في إطلاق صواريخ توماهوك على أهداف للحوثيين، كما شاركت "يو إس إس جرافلي" و"يو إس إس كارني" في الهجوم الذي استهدف عدة أهداف على امتداد الجغرافيا التي يسيطر عليها الحوثيون.

القوات المسلحة البريطانية شاركت في تنفيذ سلسلة غارات على الحوثيين، للمرة الثالثة منذ بدء الضربات ضد الجماعة المتحالفة مع طهران في 11 يناير الماضي.

وقال وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، في بيان له، إن القوات الجوية الملكية "شاركت في موجة ثالثة من الضربات المتناسبة على أهداف عسكرية تابعة للحوثيين في اليمن".

وأضاف أن بريطانيا تحركت جنباً إلى جنب مع حلفائها الأمريكيين، بدعم من العديد من الشركاء الدوليين ومن منطلق الدفاع عن النفس وبما يتفق مع القانون الدولي، معرباً عن ثقته بأن هذه الضربات قد "قوضت على نحو أكبر قدرات الحوثيين".

الرد الحوثي

ولا يبدو أن الهجمات الأمريكية البريطانية ستشكل فرقاً أو تأثيراً بالنسبة للحوثيين، فالهجمات التي ينفذونها خالية من التعقيدات، والوسائل المستخدمة فيها سهلة النقل والتحريك والتوجيه، ومن ضمن ذلك الطائرات ذات الاتجاه الواحد "الانتحارية"، وكذلك الصواريخ الباليستية المنقولة على متن الشاحنات.

ورداً على الضربات الأمريكية البريطانية، قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، إن هذه "الاعتداءات الأمريكية البريطانية لن تثني اليمن عن موقفه الأخلاقي والديني والإنساني المساند للشعب الفلسطيني في غزة"، مؤكداً أن "تلك الاعتداءات لم تمر دون رد وعقاب".

من جانبه قال القيادي محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين، إن الجماعة ستواصل عملياتها العسكرية ضد "إسرائيل" حتى رفع حصارها عن غزة، وأنها لن تتوقف إلا بتوقف "جرائم الإبادة في غزة".

واستطرد قائلاً: "التضحيات تكلفنا، حربنا أخلاقية، ولولا تدخلنا لنصرة المظلومين في غزة لما وجدت الإنسانية بين البشر"، متعهداً بأن القصف الأمريكي البريطاني على اليمن "لن يمر دون رد"، وأن الجماعة "ستقابل التصعيد بالتصعيد".

تغيير موقف

ويبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها يتورطون شيئاً فشيئاً في حرب واسعة النطاق على جماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران، وهو ما ينذر بمزيد من التوتر والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن.

وبالرغم من أن الحوثيين يرفعون شعار العداء لأمريكا منذ تأسيس حركتهم، مطلع تسعينيات القرن الماضي، فإن الولايات المتحدة لطالما نأت عن أي رد على الجماعة، بل وسَعَت في كل مراحل الصراع اليمني الدائر منذ سبتمبر 2014 إلى التأكيد على أن الحوثيين جزء من النسيج اليمني، وهو ما دفع اليمنيين للشك بحقيقة عداء الحوثيين لواشنطن.

وطيلة سنوات "عاصفة الحزم"، التي انطلقت في مارس 2015، تعاملت الولايات المتحدة مع التهديد الذي يشكله الحوثيون في اليمن من منظور إنساني، وبالرغم من دعمها للحملة بقيادة السعودية لوجستياً واستخباراتياً، فإنها آثرت الدبلوماسية للتعامل مع خطر المليشيا، لكن هجمات البحر الأحمر غيرت الموقف الأمريكي والغربي على حدٍّ سواء.

تناغم الفعل والاستجابة

وبالنظر لجولات التصعيد الحوثي والرد الأمريكي الغربي في البحر الأحمر، يبدو جلياً أن هناك حدوداً مرسومة لا يمكن تجاوزها، ووفقاً للخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب، فإن الهدف من الضربات الأمريكية الغربية ليس القضاء على الحوثيين.

ونقل موقع"الخليج أونلاين"عن الذهب قولة بأن الهجمات الأخيرة تأتي في إطار "تناغم في الفعل والاستجابة له"، مشيراً إلى أن عدد القتلى إلى الآن محدود، كما أن هجمات الحوثي لم تتسبب بسقوط أي ضحايا ولا يوجد إحصائيات معلنة.

واستطرد قائلاً: "الهجمات تأتي في حدود التعاطي المشترك بين الجانبين، يعني تقويض أو إضعاف قدرات التهديد الحوثي للملاحة البحرية، لا تقويض قدرات الجماعة العسكرية ككل".

تأثير معنوي ومادي

ولا يبدو أن الضربات الأمريكية البريطانية قد استهدفت مواقع حساسة، أو ذات قيمة، إذ قصفت مواقع ومعسكرات شبه خالية، لطالما تعرضت للقصف منذ 2015 حتى 2022.

ويقول شهود عيان إنه من المستحيل أن يقوم الحوثيون بتخزين أسلحتهم الحديثة التي حصلوا عليها وطوروها بمساعدة إيرانية في مواقع عسكرية معروفة، كتلك التي طالتها الغارات الأمريكية البريطانية منذ الـ11 من يناير الماضي.

إلا أن الخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب، أكد أن تلك الضربات "ستقوض جانباً من قدرات الحوثيين"، مشيراً إلى أن "أي ضربة ستستهدفهم معنوياً ومادياً أيضاً".

وأضاف: "أعتقد أن لدى الحوثيين تقنيات خفيفة وسريعة يمكن إخفاؤها والتمويه عليها، وهم بذلك يستنزفون نيران الجيش الأمريكي والبريطاني، وهو جزء من تكتيكات الحرب، أن تستنزف نيران عدوك في منطقة ميتة، حتى يصل إلى قناعة أنه لا جدوى من تكرار هذه الهجمات، هذا هو الجزء الأبرز من القصة".

وتابع قائلاً: "حالياً هو رد متناغم، هناك محددات لوقف أو استمرار هذه العمليات، منها التحرك السياسي داخلياً"، مشيراً إلى أن "العمل السياسي سيحد إلى 70% من هجمات الحوثيين، كما أن أي حل في غزة سيوقف بقية الهجمات".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

فورين بوليسي : الحوثيين أثبتوا أنهم قوة هائلة

 

حيروت – ترجمة ” الموقع بوست”
قالت مجلة “فورين بوليسي” إن ظهور القوات البحرية الغربية الرائدة في العالم وهي تكافح من أجل إخضاع مجموعة من المتمردين في البحر الأحمر يثير تساؤلات مؤلمة حول فائدة القوة البحرية وكفاءة القوات البحرية الغربية التي من المفترض أن تحمل العبء في أي مواجهة مستقبلية مع منافس رئيسي مثل الصين.

 

وأضافت المجلة في تقرير لها ترجم أنه “بعد مرور أكثر من ستة أشهر على قيام جماعة الحوثي المتمردة في اليمن بتعطيل حركة المرور البحرية في البحر الأحمر بشكل خطير، تعترف البحرية الأمريكية بأنها خاضت أعنف معركة واجهتها منذ الحرب العالمية الثانية.

 

وتابعت المجلة الأمريكية “على الرغم من الجهود التي تبذلها القوات البحرية الأمريكية والبريطانية والأوروبية التي كانت موجودة طوال الوقت في محاولة، دون جدوى، لتحييد التهديد الحوثي واستعادة الأمن للشحن التجاري”.

 

وقال سيباستيان برونز، الخبير البحري في مركز الإستراتيجية والأمن البحري ومعهد السياسة الأمنية في جامعة كيل في ألمانيا: “إنها جهة فاعلة غير حكومية تمتلك ترسانة أكبر، لقد أثبت الجماعة أنهم قوة هائلة، وهي قادرة حقًا على التسبب في صداع للتحالف الغربي”. . “هذا أمر متطور كما هو الحال الآن، وعندما تواجه القوات البحرية مشكلة في الاستدامة على هذا المستوى، فإن الأمر مثير للقلق حقًا.”

 

وقال كريس روجرز، رئيس أبحاث سلسلة التوريد في شركة S&P Global Market Intelligence، إنه عندما تقوم سفينة حاويات بالتحويل حول أفريقيا، فإن ذلك يزيد من التكلفة المباشرة للشحن بإضافة 10 أيام، والكثير من الأميال، والكثير من الوقود إلى الرحلة. وأضاف: “لكن المشكلة الكبرى هي أنه يقلل بشكل فعال من القدرة المتاحة على النظام بأكمله” بنحو 6%.

 

وطبقا للتقرير فإن الحوثيين ليسوا المشكلة الوحيدة. فقد نفدت المياه من قناة بنما لفترة من الوقت. وكانت الموانئ من آسيا إلى أوروبا إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة مزدحمة بشكل غير مبرر، مما أدى إلى تراكم ضخم للسفن المنتظرة. يعمل وكلاء الشحن وتجار التجزئة على تفاقم الأمور عن غير قصد من خلال التحميل المسبق لطلبات أكبر لموسم العطلات للتأكد من حصولهم على بضائعهم، مما يزيد من الإضرار بسوق الشحن المتوتر بالفعل.

 

ويؤكد أن سلاسل التوريد تتعافى بمرور الوقت، لكن الأحداث لا تختفي بين عشية وضحاها. وقال روجرز إن تأثير السوط قد يستغرق من ستة أشهر إلى سنة حتى يظهر.

 

وتساءلت المجلة بالقول: كيف تمكنت مجموعة من الإرهابيين البحريين في دولة اليمن الصغيرة الفقيرة من ترويع الاقتصاد العالمي وإرباك بعض أكبر القوات البحرية في العالم؟

 

وقالت “كان قتال قطاع الطرق الذين هددوا الشحن التجاري هو السبب الحقيقي وراء ولادة البحرية الأمريكية”.

 

تضيف “فورين بوليسي” أن القوات البحرية – للولايات المتحدة وبريطانيا ومجموعة من السفن الأوروبية المتناوبة – تحاول استعادة الشحن الطبيعي منذ بداية حملة الحوثيين تقريبًا دون نجاح يذكر، كما يتضح من حقيقة أن أسعار التأمين التي تغطي الحرب للسفن المعرضة للخطر ويبدو أن الممر الخطير لا يزال مرتفعاً بنسبة 1000 بالمائة تقريبًا عن مستويات ما قبل الصراع.

 

وأشارت إلى أن إحدى شركات التأمين أطلقت تأمينًا خاصًا للحرب هو الأول من نوعه هذا الربيع لشركات الشحن التي لا يمكنها الحصول على تغطية بخلاف ذلك، وهي علامة أكيدة على أن الوجود البحري الغربي لم يجلب الهدوء إلى الأسواق.

 

وقال أودون هالفورسن، مدير الأمن والتخطيط للطوارئ في جمعية مالكي السفن النرويجية والنائب السابق لوزير خارجية النرويج، إن هذه الأقساط المرتفعة تضيف ما يصل إلى حوالي 1 في المائة من قيمة سفن الشحن الضخمة للعبور المحفوف بالمخاطر.

 

وأضاف “لكن السفن التي هي في مرمى النيران حقًا هي تلك المرتبطة بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو الدول الأخرى التي يُنظر إليها على أنها تدعم إسرائيل”. وقال هالفورسن: “ما نراه هو أن الشحن المرتبط بالصين وإيران وروسيا والهند تم استهدافه بدرجة أقل بكثير”.

 

وبحسب التقرير فإن جزء من المشكلة يكمن في أن القوتين البحريتين – “حارس الرخاء” الأمريكي والبريطاني من ناحية، و”أسبيدس” التابعة للاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى – لهما مهمتان مختلفتان. وتهدف القوة الأنجلو-أمريكية إلى اعتراض التهديدات وضرب مصدرها على الأرض؛ لقد ظل الأوروبيون أقرب إلى مهمة مرافقة مباشرة لحماية الشحن التجاري دون نقل القتال إلى الحوثيين. لا يعمل.

 

وأكد أن الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة “لتقليل” قدرة الحوثيين على استهداف الشحن انتهت إلى لعبة باهظة الثمن. وقال “لقد أثبت الحوثيون أنهم أكثر قدرة على الحركة، وحصلوا على إمدادات أفضل من إيران، مما كان متوقعا في البداية، مما جعل الانتصارات العرضية التي حققتها البحرية الأمريكية – مثل تدمير موقع رادار للحوثيين الأسبوع الماضي – مجرد قطرة في بحر”.

 

وقال برونز، الخبير البحري، “يتمتع الحوثيون بمستوى مذهل حقًا من العمق في مجالاتهم من الصواريخ والقذائف الصاروخية والصواريخ الباليستية المضادة للسفن”، “إنه شيء حقًا”. وطالما استمرت الحرب بين إسرائيل وحماس، فإن “الحوثيين لديهم سبب وفرصة ليكونوا مصدر إزعاج”.

مقالات مشابهة

  • ضربات جديدة.. أميركا تدمر قدرات الحوثي لتأمين البحر الأحمر
  • الحوثي استهدفنا 162 سفينة وهجماتنا كشفت هشاشة حاملات الطائرات الأمريكية
  • زعيم الحوثيين يعلن استهدفنا 162 سفينة منذ بدء عمليات دعم غزة (شاهد)
  • وفاة مختطف داخل سجن الصالح التابع للحوثيين شرق تعز
  • الجيش الأميركي يدمر موقعي رادار وزورقين مسيرين للحوثيين بالبحر الأحمر
  • الجيش الأمريكي يعلن تدمير موقعي رادار وزورقين للحوثيين في البحر الأحمر
  • الجيش الأمريكي يعلن تدمير زورقين مسيرين وموقعي رادار للحوثيين باليمن
  • بعد تراجع الإدارة الأمريكية عن خططها في مواجهة الحوثيين وزير الخارجية يعقد لقاء مع السفير الأمريكي .. تفاصيل
  • فورين بوليسي : الحوثيين أثبتوا أنهم قوة هائلة
  • روسيا تدين الضربات الامريكية البريطانية على اليمن