بوابة الوفد:
2025-12-13@19:42:33 GMT

حكاية بنك

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

 

إذا قرأت وتتبعت خطوات البنك التجارى الدولى «CIB» ستجده بنكًا مختلفًا عن أقرانه من البنوك الأخرى.. مختلفًا فى إدارته.. فى نهجه.. فى المستجدات التى يبتكرها من وقت لآخر وينفرد بهذه الابتكارات، أصدر البنك مؤخرًا مجلدين كبيرين يتسمان بالفخامة والمحتوى الرائع الراقى الذى يؤرخ لفترات هامة من الحضارة والثقافة والفن المصرى.

المجلد الأول يقع فى 132 صفحة ويتسم بالطباعة الفاخرة ويحمل عنوان «فن العمارنة» ويقدم مجموعة من الصور الهامة لبعض معالم الحضارة المصرية العريقة قام بتصويرها «فيرنر فورمان» المصور التشيكى المولود فى 13 يناير عام 1921 بالعاصمة التشيكية براغ والتى تقع على نهر فلتافا وسط منطقة بوهيميا التاريخية، والمتوفى عام 2010 وكان فيرنر فورمان مولعًا بالفن الشرقى، وأقيم فى متحف براغ الوطني عام 1997 معرض لأعماله عن الفن فى مصر القديمة. أما «دانييل سالفولدى» الذى يقدم للمجلد ويعلق عليه فهو حاصل على الدكتوراه فى علم المصريات من جامعة بيزا ويعمل أستاذًا مساعدًا فى تاريخ العمارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، أما شريف على محرر المجلد فهو ناشر ومؤسس دار زيتونة. يؤرخ «المجلد» ويتناول بالصور الشارحة لفترة «العمارنة» وهو الاسم الذى تعرف به فترة حكم أخناتون (1337 - 1320 ق. م) وهى من أكثر الفترات المثيرة للاهتمام والجدل فى التاريخ الطويل لملوك مصر القديمة.

أما المجلد الأنيق الثانى والذى يقع فى 336 صفحة فيحمل عنوان The GOLDEWYEARS OF EGYPTIAN MUSICALS أو السنوات الذهبية «VIVA LAMOUR» للموسيقى الغنائية المصرية «يحيا الحب» فيتناول جزءًا كبيرًا من التاريخ الحافل لأعمال فنية موسيقية غنائية خالدة - المجلد الضخم من تقديم فريدريك لاجرانجى واخراج شريف برعى. بداية المجلد من فيلم «أنشودة الفؤاد» وغنت فيه المطربة نادرة على اسطوانات كولومبيا بباريس ويعود تاريخ الفيلم إلى 16 يونية عام 1932، وكان الفيلم من اخراج نحاس والانتاج لشركة نحاس اسفنكس بالاسكندرية، ومثل فى هذا الفيلم جورج أبيض، ونادرة، وزكريا أحمد، ومرسى عبداللطيف، وكان مؤلف الموسيقى وواضعها هو نجيب نحاس، ومؤلف القصائد هو خليل بك مطران، والأغانى كانت من تلحين زكريا أحمد، أما مخرج الفيلم فكان «ماريوفولى». ويتناول المجلد ملامح من سيرة بعض الموسيقيين العظماء أمثال الموسيقار الكبير الراحل محمد عبدالوهاب، ومنيرة المهدية، وليلى مراد، وبديعة مصابنى، والعظيمة أم كلثوم وغيرهم من العمالقة الذين سطروا تاريخًا كبيرًا للفن المصرى فى الداخل والخارج. إن ما أقدم على صنيعه البنك التجارى الدولى CIB لهو بحق عمل رائع وإنجاز بكل المقاييس، وهو يؤكد بذلك أن دور المؤسسات المالية العملاقة لا يقتصر فقط على الأمور المالية بل يمتد إلى كل مناحى الحياة خاصة التنمية المستدامة والخدمات المجتمعية ومنها إثراء الحياة الثقافية بما يعود بالنفع فى النهاية على كل شرائح المجتمع.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المصرية CIB

إقرأ أيضاً:

فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة

منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها. 

أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.

فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود. 

ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه. 

تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.

لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى. 

ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.

ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية. 

وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.

كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.

وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين. 

وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.

ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.

ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.

إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة. 

وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.

رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.

مقالات مشابهة

  • الرجل الشقلباظ!
  • من بلقاس إلى المسرح.. حكاية صعود المطربة أنغام البحيري
  • من «جملات كفتة» إلى كوريا.. حكاية متحولات السينما
  • «فخ» كأس العرب
  • "ساعة قبل الفجر".. نضال الشافعي في حكاية تكسر باب الصمت الزمني المخيف
  • فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
  • الوجوه الثلاثة!!
  • صهاريج عدن.. حكاية حضارة أمة أدركت نعمة الماء وقيمته في مواجهة تحديات الزمن
  • أسرار مؤلمة.. شمس تروي حكاية الطرد والصدمة والاختفاء لسنوات
  • «السيسى» وبناء الدولة