الإمام الطيب يجيب على أسئلة الأطفال بشأن أصدقائهم المسيحيين وشجرة الكريسماس
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
يقدم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزوَّاره كتاب «الأطفال يسألون الإمام»، يشتمل على إجابات لـ 38 سؤالًا للأطفال، يجيب عليها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، من إصدارات سلسة كتاب «نور».
وكان من أبرز تلك الموضوعات، عدة أسئلة من الأطفال عن أصدقائهم المسيحيين، تتناول الأسئلة التالية:
سؤال: قالت لي أمي: لا تلعب مع صديقك المسيحي لأن المرء على دين خليله.
هل هذا صحيح؟
وأجاب الإمام الأكبر على الطفل السائل بالقول: «اللعب مع صديقك المسيحي لا شيء فيه وهو مباح، فلو كان اختلاف الدين هو السبب الوحيد لاعتراض أمك على هذه الصداقة فناقشها، أما إذا كان لعبك مع صديق لك بغض النظر عن ديانته حتى لو كان مسلمًا سيغضب أمك فعليك أن تطيعها وتمتنع عن مصادقة هذا الشخص ومصاحبته برًّا بأمك وطمأنينة لقلبها، فهي ترى ما لا تراه أنت، والصداقة من الأمور المباحة، ولكن بِرُّ الوالدين فريضة عليك».
سؤال: قالت لي زميلتي بالمدرسة: إن صداقتي لزميلتنا المسيحية حرام. ما صحة ذلك؟
ليجيبها الإمام الأكبر بالقول: «كلام زميلتك غير صحيح، وصداقتك لزميلتك المسيحية مباحٌ ولا شيء فيه، وقد جعل القرآن الكريم أساس العلاقة بين المسلم وغيره هي البرَّ والقسط لا القطيعة والهجر والعدوان»، قال الله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (سورة الممتحنة: ٨).
سؤال: هل نثاب عندما نساعد غير المسلم؟
ويجيب الإمام الأكبر بالقول: «العلاقة بين المسلم وغير المسلم ليس مبناها على الكراهية والعدوان، ولكن مبناها على المشاركة والتعاون وهما أساس المعاملة بين الإنسان والإنسان»، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (سورة الحجرات: ١٣).
وقد جعل القرآن الكريم أساس العلاقة بين المسلم وغيره هي البر والقسط، لا القطيعة والهجر والعدوان. هذا، وقد وردت نصوص كثيرة تأمر المسلم بعمل الخير مطلقًا لوجه الله، سواءٌ كان ذلك الخير في حق المسلم أو غيره، من ذلك قول الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} (سورة الإنسان: ٨- ٩). وبهذا يتبيَّن أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يحثان المسلم على مساعدة غيره أيًّا كان دينه، وأنه سيؤجر على ذلك.
كتاب «الأطفال يسألون الإمام»سؤال: يعجبني شكل شجرة الكريسماس ومظاهر الاحتفال به وأحب مشاهدتها في الأفلام الأجنبية. فهل هذا حرام؟
ويجيب الإمام الأكبر على الطفل بالقول: «إعجابك بالأشجار أيا كانت شيء جميل لا شيء فيه لأنها من خلق الله تعالى، ذات المنظر البديع الدال على عظمة الله وقدرته في خلقه، وكذلك جميع المناظر الطبيعية من حولنا حينما تنظر إليها ونرى جمالها، لا نملك إلا أن نقول: سبحان الله.. تبارك الله أحسن الخالقين. وقد أمرنا الله تعالى في كتابه بالنظر إلى ما في الكون والتدبر فيه، فكلما تمعَّن الإنسان في خلق الله المباح ازداد يقينًا وإيمانًا بالله تعالى. أما إعجابك بمظاهر الاحتفال بالكريسماس لا يحرم إلا إذا كان في هذه المظاهر أشياء محرمة أو عنف وإساءة، فحينها لا يجوز مشاهدتها ولا الإعجاب بها، وهذه الشروط ليست خاصة بالكريسماس فقط، وإنَّما هي شروط لكل الاحتفالات وغيرها، سواءٌ كانت خاصة بالمسلمين أو بغير المسلمين، فالأصل في جميع الأشياء أنها مباحة إلا ما أتى الشرع الحنيف بتحريمه فيصبح حرامًا..
ولكن يا بني -يضيف الإمام الأكبر- لا بدَّ أن يكون لك ذاتية متفردة لا يستهويك أي شيء تراه، فالله تعالى أعطانا العقل لضبط الأمور وتسييرها في مسارها الصحيح، هذا ما أُريدُ أن تكون عليه، فلا تنخدع بسفاسف الأمور والانسياق وراءها، وهذا ما ربَّى النبي ﷺ أمته عليه، فقال: «لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن النَّاسُ أحسنَّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم، إن أحسنَ الناس أن تُحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا». لقد اهتم النبي ﷺ ببناء الشخصيَّة المسلمة على التميز واستخدام العقل والحكمة، وعدم التقليد الأعمى، وعدم اتباع كل ما نرى أو نسمع، أو السير خلف الناس دون روية وتبصر.
وفي هذا الحديث يقول النبي ﷺ ناصحًا للمسلمين: «لا تكونوا إمعةً»، والإمعة هو: الشخص الذي يقلِّدُ الناس بدون وعي ولا رأي، والمقلد والتابع لغيره يكون بلا شخصيةٍ ولا رأي، ولا يقوم رأيه على التصديق والاعتقاد، وهذا خطر على المقلِّد نفسه، وخطر على المجتمع لأنه يؤدِّي إلى إفراغه من التفكير والتعقُّل في الأمور..
الخلاصة يا بني: أن الإنسان لا بدَّ أن يكون له شخصية واعية لا يتبع كل ما يرى أو يسمع بدون عقل، وهذا ما يسمى بالهويَّة، فكل إنسان له هوية مستقلة يحافظ عليها، وكل دين له هوية يحافظ عليها أتباعه، فلا ينساق الشخص خلف رغبات نفسه دون هدف.
فكرة كتاب «الأطفال يسألون الإمام»الجدير بالذكر، أن أسئلة كثيرة تدور في ذهن الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانًا ظنًّا منهم أن تلك الأسئلة مسيئة للعقيدة ويطلبون من أطفالهم التوقف عن ذلك، لهذا جاءت فكرة هذا الكتاب الذي جمع أسئلة مهمة للأطفال ليجيب عنها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بنفسه، ليرشدهم ويعلمهم صحيح دينهم، وتكون رسالة تربوية لأولياء الأمور توجههم إلى أهمية الانتباه إلى أسئلة أبنائهم الصغار والإجابة عنها بعقل متفتح بل وتشجيعهم على التفكير والتدبر في أمور العقيدة وغيرها من الأمور الحياتيَّة.
مشاركة الأزهر في معرض الكتابويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
موقع جناح الأزهر بمعرض الكتابويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم (4)، ويمتدُّ على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يوجه الشكر لرئيس الإمارات والبابا فرنسيس على جهودهما في دعم مسيرة الأخوة الإنسانية
قافلة خريجي الأزهر بالغربية تشارك في فعاليات مؤتمر اليوم الواحد للدراسات الإسلامية بأسوان
ضمن جولتها بإندونيسيا.. مستشار شيخ الأزهر تزور معهد «ديا ماليلا» العالمي
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: معرض الكتاب الإمام أحمد الطيب شجرة الكريسماس كتاب الأطفال يسألون الإمام الإمام الأکبر الله تعالى شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
جناح الأزهر بمعرض الكتاب يعرض الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ56 لزوَّاره كتاب "الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة.. دراسة تأصيلية"، إعداد: وحدة التأليف بمركز الإمام الأشعري بالأزهر الشريف.
يعتبر هذا الكتاب بمثابة التقعيد لما يليه من إنتاج علمي، فقد ركز على الجانب المنهجي من خلال الضوابط المتعلقة بالمعرفة والنظر؛ لتكون مقدمة لأي بحث كلامي، تم تناول الضوابط من خلال ذكر موجزها وشرحها والنماذج التطبيقية عليها، وذلك من خلال 8 ضوابط.
الضابط الأول: "المعرفة ممكنة عقلا واقعة فعلا"، فقد قرر أهل السنة أن حقائق الأشياء ثابتة ردا على المشككين من السوفسطائية، ومنكري الحقائق، والقائلين بنسبيَّتها بوجه عام، مع الوضع في الاعتبار أن الاختلاف في الرأي والتعدد في الاتجاهات يدخل تحت مظلة الثوابت، وفارق كبير بين القول بإمكان المعرفة عقلا، وما لا يقع في دائرة النظر العقلي كحقيقة ذات الله تعالى وصفاته عز وجل.
الضابط الثاني: "أسباب حصول المعرفة ثلاثة: العقل الصحيح، والحواس السليمة، والخبر الصادق"، فالعلم إما أن يكون حاصلا من خلال الإنسان نفسه، أو لا، فإن كان من نفسه فالحواس والعقل، وإن كان من غيرها فالخبر، فالحواس من طرق وآلات المعرفة التي تمد العقل بالمعلومات، وبها يتعرف على مظاهر الإبداع في الكون ووجوه الحكمة فيه، وكان القيد بكونها سليمة للرد على المشككين في أداء الحواس، والعقلُ أحد أسباب حصول المعرفة، وسيلةٌ صادقة إذا تمت على شروطها، والمعرفة العقلية الصحيحة هي أساس صحة الحس والخبر، ولدور العقل المهم جعل أهل السنة والجماعة المعرفة العقلية واجبة، وليس معنى ذلك أن فيه الغنية عن النقل، فلا غنى للعقل عن توجيه الشرع وإرشاده. ومن أسباب حصول المعرفة: الخبرُ الصادق؛ لأن النص هو أصل الدين، وهو الكفيل بتحصين العقائد عن شرود العقول ومراوغات الخصوم، من أجل ذلك كان قطعيُّ النقل مقدَّمًا في الاعتبار عند أهل السنة على ظنِّيِّ العقل.
الضابط الثالث: "شروط إفادة الأدلة لليقين"
إذ الدليل إما أن يكون نقليًّا أو عقليا، فالنقلي يفيد اليقين إذا ثبت قطعا لفظه ومعناه وأنهما مرادان للشارع الحكيم، والعقليُّ يفيد اليقين إذا ترتَّبت أحكامه على قضايا يكون التصديق بها ضروريًّا أو مكتسبات تنتهي إلى تلك الضروريات.
الضابط الرابع: "لا تعارض بين العقل والنقل"، فبعد أن اتضحت شروط إفادة الدلائل لليقين، كان هذا الضابط الذي يبين أنه لا تعارض بين صريح النقل وصحيح العقل؛ لأن النقل والعقل كلاهما يصدران من مشكاة واحدة وهي نور الحق سبحانه، وقد جعلهما الله طرقًا من طرق الهداية لعباده.
الضابط الخامس: "الأدلة النقلية عقلية أيضًا في وقت واحد"، يهتم هذا الضابط ببيان أن النصوص الشرعية تحمل بداخلها دلائل عقلية، بحيث لو صيغت هذه الأدلة بطريقة عقلية مجردة لم تخرج عن المعنى المراد من النص؛ لذا فهي دلائل شرعية عقلية في نفس الوقت.
الضابط السادس: "وجوب معرفة الله تعالى" فمعرفة الله تعالى من خلال النظر واجبة على كل مكلف بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أجمعت الأمة على ذلك.
الضابط السابع: "العالم آية على وجود خالقه"، وقد تناول الأشاعرة هذا الضابط بعبارات متعددة، مصدرين به مباحثهم في هذا العلم الشريف، مستخدمين مصطلحات الحدوث، والإمكان، ودلالة الأثر على المؤثر، وبناء عليه تنوعت الطرق في الاستدلال على وجود الله سبحانه تعالى، فبعد بيان تحقق العلم بوجود الأشياء انتقل الأشاعرة إلى إثبات حدوثها وحدوث العالم بإطلاق؛ لما يعتريه من تغير، أو ترجيح للوجود على العدم وهو ما يعرف بدليل الإمكان الذي استخدمه بعض أعلام المدرسة، ولا بد للعالم من محدث من خارجه وهو واجب الوجود سبحانه وتعالى.
الضابط الثامن: (صحة إيمان المقلد) فالمقلد الذي يأخذ بقول الغير من غير أن يعرف دليله، فلا يخرج من دائرة الإيمان، وهذا ما دل عليه أعلام المدرسة الأشعرية الذين يبتعدون عن التكفير ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، ولا ريب أن الخلاف في إيمان المقلد الجازم، وليس الظان أو الشاك فعدم صحة إيمانهما متفق عليها، والخلاف أيضًا بالنظر لأحكام الآخرة وفيما عند الله تعالى، أما بالنظر إلى أحكام الدنيا فيكفي الإقرار فقط ويجري عليه أحكام الإسلام في الدنيا.
وبهذه الضوابط المنهجية التي ضبطت منهج أهل السنة والجماعة العقدي يتضح لنا ما تميز به هذا المنهج الأغر من سمات توضع في ميزان فضله من وسطية واعتدال واتباع وعموم وشمول.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان؛ مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.