ذهب السودان … المورد الذي أشعل الحرب
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
ينظر الكثيرون من السودانيين لمورد الذهب باعتباره لعنة من اللعنات التي أصابت الإقتصاد القومي بدلاً من أن يراه نعمة ومورداً يغذي الخزينة العامة.
فالذهب الذي نشط في اكتشافه الأهالي السودانيون بداية العقد الثاني من هذه الألفية، ويعمل به أكثر من مليون مواطن سوداني أضحي يجلب الكوارث على مستوى السياسات بين السودان ودول الإقليم.
وتتداول الأوساط الرسمية وغير الرسمية في السودان أن دولاً من الإقليم تدعم الحرب التي تدور في السودان بين الجيش السوداني ومتمردي الدعم السريع منذ شهر أبريل من العام الماضي بسبب مطامعها في الاستحواذ على الذهب السوداني.
ويُعدّ السودان أحد أكبر منتجي الذهب في القارة الأفريقية؛ إذ بلغ إنتاجه 30.3 طن في النصف الأول من عام 2021 وحده، بحسب الإحصاءات الرسمية.
وبلغت عائدات الذهب لخزينة حكومة السودان 720 مليون دولار خلال الربع الأول من عام 2022؛ وفق تقرير التجارة الخارجية الصادر عن بنك السودان المركزي.
إلا أن إنتاج السودان من الذهب (قطاع الشركات) تراجع ليصل إلى طنين فقط خلال فترة الحرب المستمرة في البلاد منذ عشرة أشهر مقارنة بإنتاج العام الماضي الذي تجاوز 18 طناً، بحسب مساعد مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية مقدام خليل إبراهيم.
وأكد إبراهيم أن إجمالي الذهب المنتج من قطاعات الشركات العام الماضي بلغ 2 طن، في الفترة من 15 أبريل إلى نهاية أغسطس 2023″.
وأضاف إبراهيم أن قيمة الذهب المنتج تبلغ 124 مليون دولار، نصيب الحكومة منها 25.5 مليون دولار.
والشركة السودانية للموارد المعدنية هي الآلية الإشرافية الحكومية على موارد التعدين في السودان، وهي الجهة المعنية بالرقابة علي قطاع التعدين، وبمثابة الذراع الفني للحكومة لمراقبة إنتاج الذهب.
ويعتمد السودان على صادرات الذهب بصورة رئيسية للحصول على النقد الأجنبي،
ووفقاً لتقارير صادرة في وقت سابق عن الأمم المتحدة فإن الاقتصاد السوداني تراجع بنسبة تصل إلى 42% جراء الحرب المستمرة بين الجيش السوداني ومتمردي الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي.
أصابع إتهام كثيرة أشارت لضلوع دولة الامارات العربية فب دعم متمردي الدعم السريع بهدف السيطرة من خلالها على ذهب السودان.
ولم تكن الإمارات وحدها التي تركز اهتمامها على مورد الذهب فى السودان فروسيا أيضاً في دائرة الإتهام عبر قوات فاغنر.
والأسبوع الماضي لوحت الحكومة السودانية بعزمها على قطع علاقتها الدبلوماسية بالإمارات على خلفية دعمها لمتمردي الدعم السريع في الصراع الدائر الآن في السودان بحسب مصادر خاصة تحدثت مع ( المحقق).
ويرى المحلل السياسي، عبد الباسط الحاج إن تدخل الإمارات في ملف السودان مرتبط بثلاث مصالح رئيسية تبحث عنها الإمارات في المنطقة و هي (ساحل البحر الأحمر، و الأراضي الزراعية الخصبة في السودان، والذهب) ، وأشار إلى أن هذه المصالح لن تتحقق إلا بوجود نظام سياسي في السودان تهيمن الإمارات على قراره يكون تحت سيطرتها بالكامل.
وأشار الحاج في حديثه مع (المحقق) إلى المعلومات المبذولة في تقارير عالمية والتي تشير إلى أن الذهب المستخرج من السودان يباع في الإمارات بواسطة وكلاء يعملون لصالح متمردي الدعم السريع و بالمقابل يتم تمكين هذه القوات عسكرياً واقتصادياً لتلعب دوراً سياسياً لصالح أبوظبي .
وأوضح أن النموذج الذي حاولت الإمارات صناعته في السودان هو نموذج خطير جداً يساهم في هشاشة السودان والمنطقة عموماً فمن المؤكد – حسب الحاح – أن دعم جماعة مسلحة شبه عسكرية لتكون موازية للقوات المسلحة الرسمية للبلد هو ما قاد إلي الحرب الدائرة الآن، مشيراً إلى استمرار الإمارات في دعمها لقوات الدعم السريع حتي بعد نشوب الحرب من خلال توفير الدعم اللوجستي عن طريق مطار أم جرس في دولة تشاد وغيرها من النوافذ التي وصل عبرها الإمداد.
بينما يفند الناطق الرسمي لشعبة مصدري الذهب، عاطف عبد القادر فرضية أن دولاً من الإقليم ترغب في الاستحواذ على ذهب السودان وتقف خلف الصراع القائم الآن بالسودان.
ونفى أن تكون هنالك أطماع حول الذهب من تلك الدول وقال إن الأمر خاضع للتجارة
مضيفاً القول “صحيح إن السودان من الدول المنتجة للذهب ولكنه ليس الدولة الوحيدة وأن الذهب ليس سبباً في الصراع الدائر الآن بالسودان”.
واوضح عاطف أن الإشكالية في صادر الذهب ليس الدول الطامعة أو الراغبة ولكنها السياسات الحكومية التي تقف عائقاً في أن تستفيد الخزينة العامة من هذا المورد الهام.
واتهم عبد القادر السياسات الحكومية بعدم القدرة على الاستفادة من الذهب بصورة مباشرة.
وأشار إلى أنه في حال وجود سياسات رشيدة لصادر الذهب لاستطاع السودان الإستفادة من هذا المورد الهام.
وكشف أن السياسات الموضوعة من قبل بنك السودان هي التي تؤثر على الصادر.
من جهة أخرى أكد المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي على دور الذهب في الحرب الدائرة الآن بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع .
وقال إن الذهب من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اندلاع الحرب باعتبار أن السودان من أهم منتجي الذهب في القارة الأفريقية ويتبوأ المركز الثالث عشر عالمياً.
ونبه فتحي في حديثه مع (المحقق) إلى وجود مطالب بعد اندلاع الحرب تطالب بالغاء استغلال مليشيا الدعم السريع لأكبر المناجم الموجودة في السودان والتي تتمثل في منجم جبل عامر ( غربي السودان) الذي تستحوذ عليه مليشيا الدعم السريع.
وأوضح أن هذا المنجم لا يستفيد منه الاقتصاد السوداني لجهة أنه يتم تهريب نحو 90 بالمئة من إنتاجه.
وكشف أن أغلب الشركات المملوكة لمتمردي الدعم السريع هي الشركات التي تعمل في مجال الذهب.
وأبان فتحي أن جميع أنشطة ما كان يعرف بقوات الدعم السريع تمول عبر الذهب بعد سيطرته على منجم جبل عامر بالإضافة إلى انشطة تلك القوات في مختلف بقاع السودان.
واكد فتحي إن السودان أنتج عام 2022 نحو 18 طن من الذهب مبيناً أن هذا الرقم لا يساوي سوى 50 بالمئة من الانتاج الفعلي.
وقال إن التقديرات لعائدات الذهب تصل الى 5 مليار دولار بيد أن مايدخل الخزينة العامة لا يتعدى نصف هذا المبلغ.
وأضاف إن ” الحرب الحالية ستكبد الإقتصاد السوداني خسائر فادحة وستزيد من معدلات التضخم وسيفقد السودان ما يقارب 2,5 مليار دولار من عائدات الذهب
مشيراً إلى أن الذهب من الأسباب الخفية للحرب الحالية لجهة أن الكثير من شركات المتمردين كانت تعمل مع الشركات الروسية وتبرم عقوداً واتفاقيات معها.
المحقق: نازك شمام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع … شبح الحكومة من أجل الشرعية
كارثة سقوط المدن عسكرياً تمهيد لفصل إداري للمدن وليس فصل سياسي للأقاليم (5)
مقدمة
في ظل الحرب في السودان المستمرة منذ أبريل 2023، أصبح الصراع على الشرعية السياسية أكثر تعقيدًا مع محاولات كل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني تشكيل حكومة مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرتهما. وبينما يسعى الدعم السريع إلى فرض نفوذه من خلال حكومة مدعومة بتحالف سياسي منشّق، يتحرك الجيش السوداني لتشكيل حكومة أخرى تستمد شرعيتها من المؤسسات السيادية المتبقية. فكيف يمكن قراءة هذه الخطوات في ظل التنافس على الشرعية؟ وما تداعياتها على مستقبل السودان؟
خطوة الدعم السريع نحو تشكيل حكومة
أفادت تقارير بأن قوات الدعم السريع تخطط لإعلان حكومة مدنية هدّدت بها منذ أشهر طويلة في المناطق التي تسيطر عليها، مستندة إلى تحالف مع مجموعة منشقة عن تحالف "تقدم". هذه الخطوة تأتي في وقت يسعى فيه الدعم السريع إلى تقديم نفسه كقوة سياسية إلى جانب كونه قوة عسكرية، بعد أن تمكن من السيطرة على مساحات واسعة في غرب السودان.
مشروع متخيل للدعم السريع في بناء مؤسسات اقتصادية
قمت بطرح سؤال لـ محمد حسن التعايشي عبر لقاء في منصة الدكتور عزام عبد الله حول كيفية تشكيل مؤسسات في المناطق التي يقترحوا تشكيل حكومة فيها "حكومة متخيلة حسب تقديري" وكيف تنفيذ كل الأداء بما فيها إنشاء قطاع مصرفي. أوضح التعايشي أن خطتهم تشمل إنشاء بنك مركزي ونظام مصرفي جديد، وصرّح بسخرية أن الإيرادات التي يوفّرها وزير المالية جبريل إبراهيم من مناطق سيطرة الجيش تجعل من السهل جذب إيرادات من مناطق سيطرة الدعم السريع
مستقبل المناطق الجغرافية لوضع حكومة الدعم السريع
بعد التقدمات التي أحرزها الجيش في ولاية الجزيرة ومحلية بحري في العامة الخرطوم، أصبحت فكرة إعلان حكومة من الخرطوم شيئًا من ضرب الخيال. بات الجيش قريبًا من تحقيق النصر داخل ولاية الخرطوم، مما عقد على الدعم السريع المضي قدمًا في فكرة تشكيل الحكومة وفق الحدود الجغرافية التي كانت محددة قبل ثلاثة أشهر. ربما باتت القيمة الاستراتيجية الأهم للدعم السريع الآن هي إسقاط ولاية شمال دارفور، وخاصة الفاشر، التي حشد لها أكبر القوات من الجنود لإسقاطها، حتى يتمكن من فرض سيطرته الكاملة على الإقليم. في حال تحقق ذلك، فإن الدعم السريع قد يسعى إلى تقديم نفسه كإدارة إقليمية ذات مشروعية عسكرية، مدعومًا بحدود مشتركة مع أربع دول يمكنه استخدامها لتعزيز موقفه سياسيًا ودبلوماسيًا.
الانقسام داخل تحالف تنسيقية تقدم
شهد تحالف "تقدم" انقسامًا داخليًا حادًا بين جناحين رئيسيين بعد أن حاول رئيس التحالف حمدوك توسيع الجبهة السياسية لمقاومة خطاب الحرب عبر اجتماعات نهاية شهر يناير، إلا أن الانقسام قد حدث فعليًا داخل التحالف
1-الجناح المؤيد للتفاوض السلمى و تكوين الجباه السياسية الفاعلة بقيادة د عبد الله حمدوك رئيس تقدم و المؤتمر السوداني و التجمع الاتحادي و حزب الامة كقوى بارزة مكتفية بالحياد من موقف الحرب و محاولة نزع فتيل الازمة العسكرية بالضغط علي الاطراف وهي مجموعة مخالفة تماما للمبدأ حول تشكيلة حكومة منحازة لاحدي الطرفين .
2- الجناج المنشق من تقدم الداعم للدعم السريع : و يتكون من اعضاء الجبهة الثورية مثل نائب كتلة تقدم "الهادي ادريس" و الجناح المنشق من العدل و المساوة بقيادة " صندل" و شخصيات بارزة مثل محمد حسن التعايشي عضو مجلس السيادة السابق .
هذا الانقسام ...و بالرغم من انه سيضعف تحالف تقدم الا انه قد حدد بشكل قاطع وضع القوى السياسية من الاطراف , و هو أمر مؤسف رغم التفاهمات التي قادها رئيس التحالف "حمدوك" الا ان الأمر قد يبدو مجهزاً له , فهذا الانقسام اتاح للدعم السريع غطاء سياسي حقيقي لتقديمه للمجتمع الدولي لدعم اكبر في تشكيل الحكومة في مناطق السيطرة , وهو امر سيتفيد منه " محمد حمدان دقلو" بالتأكيد ان يجد مجموعة من السياسين ان يدعموه , الا انني برأيي الجزرى حول معارضتي للفكرة فقد و وصفتها ب(الانتحار السياسي).
محاولة استنساخ النموذج الليبي في أقليم دارفور
الإعجاب الشديد بالنموذج الليبي جعل التعايشي (منظَر حكومة الدعم السريع) ، المنظّر لحكومة الدعم السريع ومستشاريه، يتجاهلون الأهمية الاستراتيجية لمدينة بنغازي، التي تمثل مركزًا اقتصاديًا ومحورًا لتحالفات قوية تميز الإدارة المدنية هناك فعندما ضرب التعايشي مثالًا بالانقسام الحكومي في ليبيا، سعى إلى تبرير فكرة الحكومة التي يطمحون إلى تشكيلها، مدعيًا أنها لن تؤدي إلى تقسيم السودان، بل ستساهم في فرض التوازن داخل البلاد غير أن هذا الطرح يتجاهل التناقضات التاريخية العميقة بين السودان وليبيا، فضلًا عن المغالطات التي تجعل الاستشهاد بالتجربة الليبية أمرًا صعب التطبيق.
في ليبيا، ورغم الانقسام السياسي، لا تزال هناك قوة اقتصادية كامنة ومصادر تمويل محلية يمكنها دعم الإدارات المتنافسة، فالوضع مختلف تمامًا فالإقليم مثل دارفور عانى من حروب مستمرة لأكثر من 17 عامًا، أفقدته القدرة على المساهمة التمويلية مما يجعله بحاجة إلى موارد مالية ضخمة لإدارة شؤونه أو حتى مجرد التفكير في مشاريع استثمارية داخل الإقليم. وبالتالي، فإن محاكاة التجربة الليبية في السودان، وبالأخص في دارفور، ليست سوى طرح نظري يفتقد للواقعية.
أما في السودان، فإن فكرة "الانفصال الإداري" لن تؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد، نظرًا للطبيعة الخاصة للإنفاق العام والانتشار الجغرافي الواسع، إضافةً إلى التأثير السلبي على الحركة الاقتصادية والأسواق الكبرى في محليات دارفور حيث تركيبة و طبيعة السلع فيها نوع من الصعوبة ان تسوق في مناطق جديد باختلاف طبيعة العلاقات التجارية للاقليم , مما سيسبب اعتراضات كبيرة من التجارة المستوردين و المصدرين .
هذا السيناريو يكشف حقيقة واضحة: الميليشيات ليست مؤهلة لبناء دولة في السودان، بل تمثل نموذجًا لدولة غارقة في الفوضى، تنهكها الصراعات الداخلية والانقسامات المتزايدة.
إلى أين يتجه الصراع على الشرعية؟
-تفتيت السلطة والانقسامات بدلًا من توحيدها
الصراع المستمر بين الجيش والدعم السريع حول الشرعية لا يسهم في إنهاء الأزمة، بل يدفع نحو تفتيت السلطة وانقسامها، مما يفتح الباب أمام تعدد الحكومات بدلًا من توحيدها. إن وجود حكومتين متنافستين لن يؤدي فقط إلى تعقيد المشهد السياسي، بل سيدفع السودان نحو مرحلة أكثر خطورة من الانقسام، قد تتطور مستقبليًا إلى بوادر أزمة تتعلق بنواة للانفصال السياسي.
هذا السيناريو لا يعزز الاستقرار، بل يساهم في إفقار البلاد نتيجة سوء الإدارة وضعف الموارد. فتعدد السلطات وتنازع الشرعيات لن يكون مجرد أزمة سياسية، بل سيمتد ليؤثر على الاقتصاد الوطني، حيث سيؤدي انعدام التنسيق الحكومي إلى تدهور الخدمات، ضعف الاستثمارات، وزيادة الأعباء المالية، مما يسرّع من انهيار الدولة بدلًا من تحقيق أي توازن سياسي أو إداري.
-التأثير على الحل السياسي والتفاوض
إذا نجح الدعم السريع في تشكيل حكومة وتحالف سياسي، فقد يتمكن من كسب دعم أطراف دولية وإقليمية لديها مصالح في السودان أو المنطقة، وترى فيه جهة يمكنها تنفيذ أجنداتها. هذا الدعم المحتمل قد يمنح الدعم السريع شرعية دبلوماسية محدودة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويعزز حالة الانقسام بدلًا من دفع الأطراف نحو حل شامل للأزمة.
في المقابل، يسعى الجيش بقيادة البرهان إلى تعزيز موقعه عبر تحركات دبلوماسية نشطة منذ بداية العام، شملت زيارات إلى دول مؤثرة داخل الاتحاد الإفريقي في محاولة لإعادة السودان إلى المنظمة بعد تعليقه في أعقاب انقلاب أكتوبر 2021. ويراهن الجيش على المؤسسات الحكومية عبر (حكومة الأمر الواقع) كأداة ضغط لدفع الدول إلى إعادة الاعتراف بحكومته داخل الاتحاد الإفريقي، أو على الأقل منع الاعتراف بحكومة الدعم السريع في حال تشكيلها.
هذا التجاذب بين الطرفين حول الشرعية الدولية والإقليمية قد يؤثر بشكل مباشر على مسار الحل السياسي والتفاوض، حيث سيؤدي إلى تعقيد أي جهود وساطة ويعزز حالة الاستقطاب الإقليمي بين القوى الداعمة لكل طرف او الاطراف المحايدة و الطارحة للحلول ، مما يجعل الحلول السياسية أكثر بعدًا عن التحقيق و ستكون معقدة للغاية .
خاتمة: السودان إلى أين؟
إن تشكيل حكومة من قبل قوات الدعم السريع قد يؤدي إلى إضفاء طابع سياسي على الصراع العسكري، في حين أن مساعي الجيش لإنشاء حكومة موازية قد تعمّق الانقسام بدلًا من معالجته. في ظل هذه التطورات المتسارعة، يبقى السودان أمام مفترق طرق خطير إما الانزلاق نحو مزيد من التفكك والانقسام، أو البحث عن حلول وسط تضمن الاستقرار وإعادة بناء الدولة.
لكن السؤال الأهم :هل يدرك الطرفان أن الصراع على الشرعية قد يدفع السودان إلى حالة دائمة من الانقسام والتشرذم؟ لقد حذّرتُ شخصيًا من هذه السيناريوهات منذ نوفمبر 2023، عندما أطلقت على هذا المشهد مصطلح "الانفصال الاداري" , حيث رصدتُ بوادره المبكرة و نظَرت إمكانية حدوثه ضمن سياق صراع الشرعية والشرعية المتخيلة.
اليوم، نحن أمام حقبة جديدة من التاريخ السياسي، أفرزتها الحرب، وأعادت رسم معادلات السلطة والنفوذ، لتجعل من إعادة توحيد السودان سياسيًا وإداريًا تحديًا أكبر مما كان متوقعًا.
dr_benomer@yahoo.com