وكالة بغداد اليوم:
2025-04-24@16:39:20 GMT

نقد مفهوم الخلافات بین بغداد وٲربیل

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

نقد مفهوم الخلافات بین بغداد وٲربیل

كتب.. عدالت عبدالله

على كل من يعتبر نفسه عراقي الهوية ومنتمياً الى بلدٍ بحجم وتاريخ العراق وحضارته، أن يعي أن هناك منظومة إصطلاحية خاصة ومتميزة يمكن العودة اليها- إذا ما أردنا ذلك!- لتعبير عصري وعقلاني عن كل القضايا العراقية وشؤون البلد وشجونه. وأن هذه المنظومة تختلف كلياً عن الجهاز المفاهيمي الأيديولوجي أو العرقي أو الطائفي الكلاسيكي السائد حالياً في العراق والمعمول به عادةً لتسمية أحداث البلاد أو أزماتها ومآزقها، ومقاربة أحوال العباد أو مشاكلها وصراعاتها.

 

كما علينا أن نفهم أيضاً أن هذه المنظومة الإصطلاحية لايُفقِهها أحد بسهولة أو قادر على ترجمتها عملياً وبدون وجع الرٲس! إلا اولئك الذين تحرووا نوعاً ما من قيود التحزب الأعمى، أو الذين يتمتعون بتفكير نقدي تجاه المسلمات والوقائع، أو الأحداث والفضائح، ولا ينخدعون بما تغرسها الثقافة السياسية الإستهلاكية اليومية في بواطن عقولنا، الفاقدة منذ زمن لأي مناعة معرفية بفعل طغيان آيديولوجيات الأكراه وعقليات الشيطنة والإقصاء. 

ومن هذا المنطلق برأيي يمكن أن ينطلق التفكير أيضاً في عبارة (الخلافات) بين بغداد وأربيل ومقاربتها نقدياً، فما بالك إذا ما وصل الأمر معنا الى ملاحظة ظاهرة ترديد عبارة (الخلافات) كشيء عادي ومُسَلَّم به! في حين أن بمجرد القبول بها أو ترسيخها في قاموس السياسة في هذا البلد والإعلام العراقي كما هو الحال، فأن ذلك بمثابة تخدير العقل وتعطيله تماماً، بل تسطيح الرؤية والعبارة معاً الى أدنى مستوياتهما اليومية، المتأثرة بمشاهد كيدية ووقائع مفروضة، أو مفاهيم وقواميس ملغومة لاتجدها إلا في جعبة الأحزاب والقوى، التي تتحكم بعقولنا وسلوكنا السياسية وبواقعنا المتأزم عبر فضائيات الفتنة وخطابات التجنيد ضد بعضنا البعض.

نعم أن التسليم بعبارة الخلافات بين بغداد وأربيل وبكل هذه السهولة، لا يعني في مدلوله العميق شيئاً سوى تعرية إنعدام قدرتنا في تجاوز الفتن، وتعذر التعبير عما تمليه المنظومة الإصطلاحية الوطنية الوئامية على نظام تسمياتنا التقليدية لعالم الأشياء والوقائع وإخفاقنا الفكري في تقديم بدائل تعبيرية تحث الأطراف السياسية ومؤسسات الدولة ومرافقها على بناء إرادة المشتركات وتوسيع قاعدة التفاهمات بين أبناء البلد الواحد وممثليهم السياسيين. أنه بأوضح العبارات، بمثابة الهروب من مسؤوليات معنوية تفرزها روح الوطنية وتُحوَلِها تدريجياً الى عادات لغوية ومباديء تعبيرية منفتحة بوجه سُبل التفاهم ومُجهضة في الوقت ذاته لإمكانية توليد الفتن على مستوى الخطاب وتفشيها في عقول أصحاب القرار والمتنفذين في البلد وفي توجهات الناس عموماً.

بتعبير آخر، علينا أن نفهم مجدداً بإن بغداد وأربيل ليستا عاصمتين لبلدين مختلفين، الأولى هي مفخرة حضارية وتاريخية لجميع العراقيين، والثانية عاصمة الإعمار والإزدهار ورمز من رموز اقليم كردستان العراق الذي نلجأ اليه جميعاً في السراء والضراء!، وهو الواقع في شمال الوطن لا في أي بقعة أخرى، فضلاً عن أن أربيل كترميز معنوي للتعبير عن عموم الإقيم هو رمز مُعبر عن العراق الجديد، وممثل إداري ورسمي لموطن دستوري ضمن نظام سياسي إتحادي تم اقراره بأستفتاء شعبي وبتصويت ديمقراطي لدستور العراق الدائم.

وبهذا المعنى، يمكن القول وبإختصار شديد، نحن دوماً أمام شأن وطني داخلي واستحقاق سياسي بإمتياز، يتعذر اليوم تسويته إلا عبر هذه الثقافة الوطنية الراقية في التعاطي مع شؤوننا الداخلية، لاسيما أن الأمر أساساً ليس مرتبطاً بوجود طرف أجنبي لا بالنسبة لبغداد ولا لأربيل، وأنما الشأن متعلق حصراً بـ(أنا) فقط لا بـ(الآخر)، وكل من يتجاهل هذه الحقيقة الدامغة فهو غير عراقي ولايمكن الوثوق بإدعاءآته أو شعاراته الوحدوية. 

وبناءً على هذه المسلمة في تخيل الهوية والماهية، يستوجب علينا دون ادنى ريب إعادة النظر في عبارة الخلافات بين أربيل وبغداد حتى وإن بات هذا التعبير متداولاً على الصعيد الإعلامي ومتعارف عليها سياسياً بفعل القبول غير النقدي بها، وإعتبار هذا الموضوع قطعاً، على أنه مسألة تتعلق بوجود وجهات نظر مختلفة لاتزال بحاجة الى المزيد من النقاش والتباحث بين أبناء البلد الواحد الى أن يتوصل الجميع في نهاية الأمر الى توحيد تام ومُرض للمواقف والآراء حول كافة الملفات العالقة بين الطرفين بل تصفير المشاكل نهائياً.


المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

الانقسامات حول دعوة الشرع إلى بغداد تهدد الطموحات الدبلوماسية

22 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: مع اقتراب موعد القمة العربية في بغداد منتصف أيار 2025، يتصاعد الجدل السياسي في العراق حول دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع، التي أعلنها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

هذه الدعوة، التي تهدف إلى إعادة دمج سوريا في الحضن العربي، كما يقول المدافعون عنها، أثارت انقسامات حادة، خاصة داخل “الإطار التنسيقي”، مما يكشف عن صراع أعمق حول التوجهات الإقليمية للعراق.

فبينما يرى البعض في الدعوة خطوة دبلوماسية لتعزيز مكانة العراق عربياً، يعتبرها آخرون استفزازاً سياسياً يهدد التوازنات الداخلية.

داخل “الإطار التنسيقي”، تبرز الخلافات بوضوح.

حزب الدعوة الإسلامية، في موقف متشدد، وصف حضور الشرع بـ”الإهانة”، مستنداً إلى اتهامات غير مؤكدة حول سجله، رغم نفي مجلس القضاء الأعلى لوجود مذكرة توقيف بحقه.

في المقابل، فضّلت قوى مثل تيار الحكمة وائتلاف النصر الصمت أو القبول الضمني، مما يعكس غياب موقف موحد.

مصادر سياسية تشير إلى أن هذا الرفض قد يكون مدفوعاً بأجندات انتخابية، حيث يسعى البعض لتعبئة قواعدهم الشعبية قبيل انتخابات تشرين الثاني 2025، مستغلين الحساسيات التاريخية تجاه الشرع.

على الجانب الآخر، تلقى الدعوة ترحيباً من القوى السنية والكردية، التي ترى في القمة فرصة لتأكيد انتماء العراق لمحيطه العربي.

هوشيار زيباري، القيادي الكردي، أشاد بالخطوة، منتقداً “الدوافع الطائفية” للمعارضين.

هذا التباين يكشف عن صراع أوسع بين تيار يدفع نحو الانفتاح على الدول العربية، خاصة الخليج، وآخر متمسك بالروابط مع المحور الإيراني.

و هكذا فان القمة، ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل ساحة تجاذبات سياسية داخلية وإقليمية.

الحكومة، من جهتها، تؤكد التزامها بميثاق جامعة الدول العربية، لكن توظيف الملف سياسياً يهدد بتحويل القمة إلى نقطة توتر بدلاً من منصة للتعاون.

والجدل حول الشرع يعكس تحديات العراق في موازنة طموحاته الإقليمية مع تعقيداته الداخلية، مما يضع السوداني أمام اختبار دقيق لقيادة هذا الملف بنجاح. ق

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • انخفاض أسعار الدولار في بغداد وأربيل مع إغلاق البورصة
  • العراق يترقب مصير مفاوضات إيران النووية: آمال ومخاوف
  • الأعرجي:العراق لن يستغني عن قوات التحالف الدولي
  • تحالف العزم: لقاء السوداني بالشرع لإبعاد العراق عن الخلافات الإقليمية
  • استقرار أسعار الدولار في بغداد وأربيل
  • لليوم الثاني.. أسعار الذهب تقفز لـ710 آلاف دينار في بغداد وأربيل
  • الدولار يواصل تراجعه أمام الدينار في بغداد وأربيل
  • الانقسامات حول دعوة الشرع إلى بغداد تهدد الطموحات الدبلوماسية
  • العراق .. مطالبات برلمانية بمنع الشرع عن قمة بغداد
  • كيف فعلتَ كل هذا أيها الصابئي المجنون ؟!