لندن- بعد فراغ سياسي دام لأكثر من سنتين، وجدت الأزمة السياسية الحادة التي عصفت بأيرلندا الشمالية طريقها للحل، بعد التوافق على تنصيب زعيمة الحزب القومي الأيرلندي "شين فين" وزيرة أولى في أيرلندا الشمالية، في تحول تاريخي أنهى الخلافات الحادة بين القوميين الداعمين لانفصال أيرلندا الشمالية والوحدويين المؤيدين للتاج البريطاني بشأن وضعية أيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ولا يعيد اتفاق "تقاسم السلطة" بين الخصمين السياسيين في أيرلندا الشمالية -وهو أحد أهم بنود اتفاق "الجمعة العظيمة" الذي أنهى أعمال عنف امتدت لـ3 عقود- الهدوء إلى الجزيرة الأيرلندية فقط، لكن يحافظ أيضا على استقرار علاقات بريطانيا بكل من الأوروبيين والأميركيين.

لأكثر من سنتين ظل حزب "شين فين" القومي الانفصالي، الذي يوصف بالجناح السياسي للجيش الأيرلندي الجمهوري، عاجزا عن تشكيل حكومة تنفيذية بسبب رفض الحزب الوحدوي الديمقراطي الانضمام للحكومة ومقاطعة أعضائه أشغال الجمعية العامة (البرلمان).

ينص اتفاق "الجمعة العظيمة" الذي وقع عام 1998، على ضرورة التوصل لتفاهم لـ"اقتسام السلطة" بموجبه لا يستطيع أي من الغريمين السياسيين الحكم دون مشاركة الطرف الآخر، حيث يترأس الحزب المتصدر رئاسة الحكومة فيما يتولى خصمه السياسي منصب نائب الوزير الأول، ويتمتع بصلاحيات مساوية له.

لكن إصرار الحزب الوحدوي الديمقراطي على المقاطعة في العامين الماضيين أدخل البلاد في حالة شلل سياسي، تصاعدت معه حدة الغضب الشعبي اتجاه فشل الطبقة السياسية في حل الأزمة، وإعلان أزيد من 150 ألف موظف حكومي الإضراب احتجاجا على عدم رفع الأجور رغم ارتفاع معدلات التضخم، مما أجبر الفرقاء السياسيين هذه المرة على الجلوس مضطرين على طاولة الحل.

بنود الاتفاق

ظلت التنازلات التي قامت بها لندن بشأن وضعية أيرلندا الشمالية بعد اتفاق البريكست محل نقاش وتداول على طاولة التفاوض بين الحكومة البريطانية والحزب الوحدوي حتى اللحظة الأخيرة، قبل أن يقرر أعضاء الحزب الموافقة على الاتفاق وإنهاء مقاطعتهم للجمعية العامة والجهاز التنفيذي في أيرلندا الشمالية.

الصيغة النهائية للاتفاق نصت على تخفيف إجراءات المراقبة والوثائق المطلوبة لدخول البضائع من بريطانيا إلى أيرلندا الشمالية، باستثناء الإجراءات التي تفرضها دواع أمنية، إلى جانب التأكيد على الوضعية الدستورية لأيرلندا الشمالية كجزء لا يتجزأ من أراضي المملكة المتحدة، ومنح المنتخبين السياسيين الحق في مراجعة ومراقبة أي قوانين أوروبية على صلة بوضعية أيرلندا الشمالية.

كما وافقت الحكومة البريطانية على زيادة الدعم الممنوح للحكومة التنفيذية في أيرلندا الشمالية ليصل إلى 3.8 مليارات دولار بهدف تحسين جودة الخدمات العامة.

هذا الاتفاق الذي حصل على موافقة مجلس العموم البريطاني قبل أيام، يأتي بعد مضي ما يقارب السنة على توصل كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لما يعرف بـ"إطار عمل ويندسور" كنسخة معدلة على "البروتوكول الخاص بأيرلندا الشمالية" والذي عقدت عليه آمال لفتح الطريق أمام اتفاق آخر ينهي الأزمة السياسية في الجزيرة الأيرلندية، لكن الوحدويين حينها رأوا أن تنازلات بروكسل غير كافية وتمس بوحدة أراضي المملكة المتحدة، وما زالت تجبر التجار على التعامل بطريقة مختلفة مع أيرلندا الشمالية.

ميشيل أونيل تعد أحد الوجوه السياسية التي برزت في مرحلة ما بعد إنهاء الصراع المسلح في أيرلندا الشمالية (غيتي) سيدة تصنع التاريخ

إحياء اتفاق اقتسام السلطة في أيرلندا الشمالية، لم ينه أزمة سياسية مشتعلة فقط، بل شكل منعطفا تاريخيا مع تنصيب زعيمة حزب "شين فين" الانفصالي "ميشيل أونيل" أول سياسية قومية تقود الحكومة التنفيذية في أيرلندا الشمالية التي عاشت لعقود على وقع صراع عنيف بين أنصار الانفصال عن بريطانيا والموالين للتاج البريطاني أدى إلى مقتل 3500 شخص.

تعد "ميشيل أونيل" البالغة من العمر 47 عاما، أحد الوجوه السياسية الشابة التي برزت خلال مرحلة ما بعد إنهاء الصراع المسلح في أيرلندا الشمالية، حيث يعتبر والدها أحد قادة الحزب القومي الأيرلندي، كما يعد وجودها على رأس السلطة التنفيذية المرة الأولى التي تتولى فيها امرأة هذا المنصب في المقاطعة البريطانية.

ودعت أونيل خلال كلمة لها أمام أعضاء البرلمان في قصر ستورمونت بأيرلندا الشمالية، إلى تأسيس "حقبة سياسية جديدة"، مشيرة إلى أن وجود الحزب القومي الأيرلندي على رأس الحكومة تحول تاريخي لم يكن جيل والدها ليتخيل حدوثه.

أرّق الفراغ السياسي الذي شهدته أيرلندا الشمالية على مدى عامين الولايات المتحدة (غيتي) ترحيب أميركي

كان الرئيس الأميركي جو بايدن أول المرحبين بإنهاء الأزمة السياسية في أيرلندا الشمالية، مشددا في بيان صادر عن البيت الأبيض، على أهمية عودة عمل المؤسسات الدستورية، وضرورة استمرار الحوار بين مختلف الفرقاء السياسيين من أجل تحصين المكتسبات التي تحققت منذ التوقيع على اتفاق السلام.

وأرق الفراغ السياسي الذي شهدته أيرلندا الشمالية على مدى عامين الولايات المتحدة، التي زار رئيسها جو بايدن العاصمة بلفاست العام الماضي من أجل حث الخصوم السياسيين على إعادة العمل باتفاق السلام.

وتعد هذه المقاطعة البريطانية منطقة بالغة الحساسية بالنسبة لواشنطن، كما تتقاطع فيها السياسة والتاريخ ويستحضر من خلالها الرئيس الأميركي بقوة أصوله الأيرلندية والدور الذي لعبته بلاده كراعية لاتفاق السلام المعروف بـ"الجمعة العظيمة"، وعبرها يتحدد منسوب التوتر في علاقتها مع بريطانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی أیرلندا الشمالیة

إقرأ أيضاً:

«الثانية 26» تمنح نابولي «الأسرع الثالث»!

نابولي (أ ف ب)

أخبار ذات صلة تقليص إيقاف بوجبا إلى 18 شهراً دي بروين ولوكاكو خارج تشكيلة بلجيكا أمام إيطاليا وفرنسا


ابتعد نابولي بصدارة الدوري الإيطالي لكرة القدم مؤقتاً، بعد فوزه على ضيفه كومو 3-1، في افتتاح المرحلة السابعة.
سجّل الأسكتلندي سكوت مكتوميناي (1)، البلجيكي روميلو لوكاكو (53 من ركلة جزاء)، والبديل البرازيلي دافيد نيريس (86) لنابولي، والبرازيلي الآخر جابريال ستريفيتزا (43) لكومو.
قال لوكاكو بعد الفوز لشبكة سكاي «نحن نقترب من الهدف، يستغرق الأمر بعض الوقت لأنني وصلت متأخراً، كل الفضل يعود إلى زملائي في الفريق والجهاز الفني والجماهير الذين بفضلهم نحن نؤدي بشكل جيد للغاية».
ورفع نابولي رصيده إلى 16 نقطة في الصدارة، بفارق أربع نقاط عن يوفنتوس الثاني الذي يلعب مع كالياري «الأحد»، وخمس عن ميلان وإنتر وتورينو.
وهذا الفوز السادس في آخر سبع مباريات للفريق الجنوبي الذي تعادل في واحدة، بعد انطلاقة سيئة بداية الموسم بخسارته أمام فيرونا بثلاثية.
في المقابل، تكبّد كومو خسارته الأولى بعد ثلاث مباريات، والثالثة في الدوري، ليبقى في المركز العاشر بثماني نقاط.
وصدم مكتوميناي الضيوف بهدف السبق بعد 26 ثانية فقط، حين استلم كرة من لوكاكو بين مدافعين تخطاهما، مسدداً إلى يمين المرمى.
وهذا ثالث أسرع هدف لنابولي في تاريخ الدوري منذ بدء اعتماد حصول الفائز على ثلاث نقاط، بعد هدفي المكسيكي هيرفينج لوزانو أمام فيرونا في 2021 (الثانية 9) والأرجنتيني إيزيكيل لافيتسي أمام جنوى في 2008 (الثانية 25).
وأدرك ستريفيتزا التعادل بتسديدة قوية من خارج منطقة الجزاء إلى يمين المرمى (43).
وأعطى لوكاكو فريقه التقدّم مجدداً مسجلاً من ركلة جزاء (53)، وهو الهدف الثالث له مع الفريق في الدوري.
وأمّن البديل نيريس الفوز بعد سبع دقائق على دخوله، حين انسلّ من بين المدافعين واستثمر تمريرة جميلة من لوكاكو لينفرد ويسجل (86).
وتغلب فيرونا على ضيفه فينيتسيا 2-1 محققاً فوزه الأول، بعد ثلاث خسارات.
سجل له الدنماركي كاسبر تينغستد (9) والفنلندي يسي يورونن (81 بالخطأ في مرماه) وجايتانو أوريستانيو (3) لفينيتسيا.

 

مقالات مشابهة

  • أيرلندا ترفض طلب إسرائيل سحب قواتها في اليونيفيل من جنوب لبنان
  • «الثانية 26» تمنح نابولي «الأسرع الثالث»!
  • أسعار النفط تتجه إلى تسجيل أكبر ارتفاع أسبوعي خلال عامين
  • الخطأ الذي كلف نصر الله حياته.. تقرير يكشف كيف اخترقت إسرائيل حزب الله وعلاقة سوريا
  • أسعار النفط تتجه لأكبر ارتفاع أسبوعي في عامين
  • من هو هاشم صفي الدين الذي زعم الاحتلال استهدافه؟
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • بلغ عددها 21 عملية حتى ساعات الظهيرة.. حزب الله يكثف من عملياته العسكرية على الجبهة الشمالية
  • جنبلاط: الحرب الإسرائيلية على لبنان يمكن أن تستمر عامين