تتسلل إلى نفسك من الوهلة الأولى بعد عملية اغتيال ثلاثة فلسطينيين داخل مستشفى «ابن سينا» فى مدينة «جنين» بالضفة الغربية، التى نفذتها وحدة «المستعربين» الإسرائيلية متنكرين فى أزياء نسائية وأطقم طبية، يوم الثلاثاء الماضى، أن تل أبيب قد بدأت فى تغيير قواعد اللعبة والعودة إلى منهج العصابات التى قامت عليها دولة الاحتلال مثل «الهاجناه» و«بالماخ».
ويزداد هذا التسلل توغلاً إلى النفس بعد التناول المكثف لوسائل الإعلام العربية والعالمية فى إبراز تلك الواقعة كحدث فريد من نوعه، ثم نشر تقارير حول تلك الوحدة من «المستعربين» وماهيتها وما قامت به خلال الفترات السابقة، ولكن بعد البحث والتروى ستجد أن الأمر مختلف، وستعرف أن وجوه المجرمين والكومبارس تتغير وتتبدل على مسرح الخيانة مع ثبات النص على خشبة العرض المسرحى.
فبعد عامين تقريباً من فشل جيش الاحتلال فى قمع انتفاضة الحجارة الأولى، منذ اندلاعها يوم التاسع من ديسمبر 1987، كشف التليفزيون الإسرائيلى النقاب عن وجود وحدات «المستعربين» السرية، وأظهر جنود يتنكرون فى أزياء نسائية ورجال مسنيين، يقتربون من أحد البيوت، وفجأة وعلى غرار أفلام «هوليوود» يلقى هؤلاء الجنود بالكوفيات جانباً ثم يشهرون أسلحتهم لاعتقال عدد من الشبان العرب!.
هذا السيناريو هو نص المسرحية تقريباً التى تم تنفيذها فى مستشفى «ابن سينا»، مع اختلاف الأجواء وعدد القتلى وحجم الدمار والإبادة الجماعية الممنهجة التى تحدث الآن، والسؤال البديهى هنا، لماذا يتم الكشف عن تلك الوحدات السرية من «المستعربين» الآن؟!
لن تختلف الإجابة اليوم عن العقود السابقة ويمكن حصرها فى هدفين، الأول يدخل فى إطار الحرب النفسية لزعزعة المقاومة وزرع الشك بين أعضائها أو المتعاطفين معها، عن طريق إبراز عمليات تلك الوحدات، بنشر تقارير على لسان جنودها وكيف كانوا يندسون فى أحداث الانتفاضة الأولى ويقذفون جيش الاحتلال بالحجارة!
الهدف الثانى هو البحث عن ورقة التوت الأخيرة التى تستر عورات جيش الاحتلال أمام الإسرائيليين، وتصدير مشهد كاذب بالسيطرة على مقدرات الحرب، وأن «المستعربين» نموذج لجيش صغير قادر على حرب العصابات والقضاء على قيادات المقاومة وتصفيتها، كما حدث من قبل وذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية أن من بين 25 ألف معتقل فلسطينى فى انتفاضة الحجارة الأولى قامت وحدات «المستعربين» باعتقال عشرة آلاف منهم!
القصة لم تنتهِ هنا، فوسط التقارير والمعلومات الكثيرة التى نشرت حول تلك الوحدة منذ الكشف عنها، هناك تقرير نشرته صحيفة «هاآرتس» نقلته جريدة الرأى فى 21 أكتوبر 1998، تناول قصة وحدة «المستعربين» من البداية على لسان مؤسسها «شموئيل موريه»، و«عاموس مانور» الذى عيِّن رئيساً لجهاز الأمن العام فى الخمسينيات، تناول التقرير قضية لم يسبق الإشارة إليها أو الإعلان عنها أو حتى الحديث حولها، وهى قضية زواج جنود «المستعربين» اليهود من عربيات مسلمات وتكوين عائلات وإنجاب أبناء!
وتباكى التقرير عن تلك المأساة بعد قرار حل تلك الوحدات وعن مصير هؤلاء الأبناء، وهويتهم، فهم «يهود» من وجهة نظر المسلمين لأن الأب يهودى، ومسلمون من وجه نظر اليهود لأن الأم عربية مسلمة، وتساءل التقرير عندما يصل هؤلاء الأبناء إلى مرحلة التجنيد للجيش إلى أين يذهبون؟ وإلى أى هدف يصوبون بنادقهم؟ ثم تباكى التقرير أكثر عن تلك الجريمة اللا أخلاقية فى حق الجنود «المستعربين» الذين أصيب بعضهم بحالة انفصام ذاتى نتيجة الانفصال عن أولادهم وزوجاتهم!
وعلينا أن نصدق أن هذا القاتل المحترف الذى لا يحتاج إلى تبريرات لسفك دماء الضحايا من الأطفال والرجال والنساء واغتصاب الأرض، أصيب بانفصام ذاتى نتيجة تلك الإنسانية المفرطة!
أخطر ما جاء فى هذا التقرير ما قاله «موريه» بأنه: «عندما يجرى الحديث عن وحدات «المستعربين» فإن المقصود بذلك هو الوحدات العسكرية مثل «شمشمون» و«دوفدفان» التى تختلف فى طبيعتها عن وحدات «المستعربين» التى عرفناها، فالمستعربون اليوم يتخفون فى صورة عربى ويتوجهون فى مهمة محددة لمرة واحدة، ثم يعودون إلى قواعدهم، أما المستعرب الحقيقى فهو الشخص الذى يعيش كعربى تماماً فى حى ووسط عربيين، ويبنى بيتاً وأسرة!
والخلاصة.. ربما تكون عودة وحدة «المستعربين» إلى مسرح الأحداث هى ورقة التوت الأخيرة لإنقاذ «نتنياهو» من الرحيل بعد فشله فى القضاء على حركة المقاومة وتصفية قياداتها رغم بشاعة المذابح التى ارتكبها وحجم الدمار الهائل الذى ألحقه بغزة وأهلها.
فى النهاية.. ربما تشكل وحدات «المستعربين» خطراً كبيراً لا يمكن إنكاره أوالاستهانة به، لكن الأخطر هم «المستعربون» الذين تم زرعهم بيننا كعرب، يأكلون مما نأكل ويشربون مما نشرب، وربما يلعنون إسرائيل فى اليوم ألف مرة، وهم فى الحقيقة أبطال وكومبارسات عروض مسرح الخيانة مع إخوانهم من المتصهينيين العرب!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب المستعربون مدينة جنين
إقرأ أيضاً:
رامي صبري: أنا ديكتاتور في الأغاني.. وأرفض "الخيانة" و"الكره"
علق الفنان رامي صبري، على أكثر الأشياء التي يرفضها ولا يحبها وهي الخيانة والكره، مشددًا على انه تعرض للخيانة في وقت سابق من أحد المقربين منه، ولكن لم يتعرض للخيانة في مرات كثيرة، معقبًا: “أنا ديكتاتور في الأغاني ومش بسمع لحد".
وتابع رامي صبري، خلال حواره مع الإعلامية أسما إبراهيم ببرنامج “حبر سري”، على شاشة “القاهرة والناس”،: "أنا في الحياة العامة تعاملي مختلف ومش بسمع للناس اللي بتكلمني عن شخصية حد ولازم أتعامل مع الأشخاص للحكم عليهم".
وشدد على أن هناك أغاني يتم طرحها للأسواق لا تكون معروفه وبعد فترة تحدث طفرة كبيرة وتحقق نجاحات كبيرة، موضحًا أن الأغاني الجديدة عليه تأخذ وقت من أجل تحقيق النجاح والانتشار، منوهًا بأن الأغاني الجديدة له تأخذ ما يصل لـ 4 شهور لتحقيق الانتشار الواسع “مش بتكون مفهومة”.