بوابة الوفد:
2025-03-04@18:19:00 GMT

محاولة لفهم طارق إمام

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

قلت وأقول وسأقول إن التوهج والنجاح ليس ضربة حظ. لا يوجد بشر محظوظون وآخرون متعوسون. ثمة فعل بشرى فى كل أمر. سبب منطقى. تحرك ما. جهد، فعل، وعطاء يوازى المكافأة. رأيت ذلك فى كثيرين، ويقينى أنه لا نجاح مع تمدد، ولا تفوق مع سكون. الحركة بركة، والعمل أمل، والسعى للسبق ضرورة حياتية لمَن يحب التميز والسبق.

أمثلة عديدة اختبرتها على مدى عقود طويلة، وكان أبرزها فى دوائر الإبداع، حيث الشكوى واسعة، وحيث الرضا عملة نادرة فى عالم ثالث لا ينحنى أدبا أمام أصحاب المواهب.

وربما كانت  واحدة من أبرز الأمثلة لفكرة كون التوهج نتاجًا للكد والمثابرة والسعى الدائم للتميز، تجربة الروائى الجميل طارق إمام، الذى بدأ مشروعه الابداعى قبل ربع قرن، وانعرج معه يمينا ويسارا، وحلّق فى فضاءات واسعة، وصنع عوالم من الدهشة، وكان ديدنه الأعظم هو التجريب سعيا غير منته نحو الجمال.

كلما فكرت فى مبدع جدير بالسحر، أطل طارق إمام باقتدار. ذلك لأنه أخلص لمشروعه الابداعى بحرص ودأب وجهد غير عابئ بمحبطات وانكسارات عانى منها كل المبدعين فى بلادنا على المستويين المادى والمعنوى. فكما كتب نزار قبانى يوما فإن عالمنا العربى يفتقد تقدير الجمال لدرجة أنه يسأل مستنكرا «هل إذا مات شاعرٌ عربى / يجد اليوم مَن يُصلى عليه؟»

التجريب، التجريب، التجريب. هذا أجمل درس تعلمنا إياه نصوص طارق إمام الساحرة، وبين يدى مجموعته القصصية الجديدة التى صدرت مؤخرا عن دار الشروق بعنوان «أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها»، وكأنه  يقول لنا إنه يتحدى ظاهرة أفول القصة القصيرة بالجمال. ففى السنوات الأخيرة انفضت دور النشر عن القصة القصيرة، وأصدر جمهور القراءة قانونا جديدا باستبعادها من مشتريات القراء، لكن طارق إمام أبى الانصياع لهذا القانون، بل وتحداه ليس بقصص قصيرة وإنما بقصص أقصر من أعمار أصحابها. وكأنه هنا يُقرر بوضوح عكس كل الأطروحات أن العبرة بالجمال لا باللون الأدبى. فأينما كان الجمال، فاح الاهتمام، واتسع الجمهور.

لا يلتفت طارق لنظرية نقدية بعينها، ولا يسير خلف قطيع، وإنما ينبت منفردا محررا إبداعاته، ومستدعيا الرواد الخالدين الذين لا يأبهون لتيار أو يخضعون لقوالب.

ومن الإهداء الرائع نلمح الفارق الخيالى والجمالى، فهو يهدى النص إلى والده الناقد الكبير سيد إمام قائلا «إلى السيد إمام: أنت فوق التراب. أنا تحته».

ويحكى لنا  الكاتب عن شخص لم يختر شيئا فى حياته، مثل الملايين بيننا وحولنا ليختتم قصته بقوله « حتى موته كان بلا سبب: استيقظ مرة ولم ينم»، وكأن الموت هنا هو الحياة الحقيقية. ويكتب أيضا «أنا ذلك الاسم الذى أخفق مرة بعد مرة فى العثور على من يحمله. لقد حرمت حتى فرصة أن أموت، فمن أجل ذلك يجب أولا أن أولد».

ونقرأ له عبارات شعرية مبهرة تصلح مأثورات خالدة لأجيال قادمة فيقول مثلا «الأرض حكاية خرافية، تغادرها فقط كى تُثبت لأطفالك أن كل اكتشافات النضج نبوءات فى قصص الساحرات».

وتبدو حكاياته القصيرة موجعة وساحرة وهى تخالط واقعنا المعاصر، فيقول مثلا «لتوسيع الطرق القديمة.. أزالوا مقابر. لم يمت قاطنوها بعد». ويكتب أيضا «الأسطح.. كم أوقع رجالها من طائرات.. ورقية». ونقرأ له نصا آخر يقول «الجسور شيدوها حين جاعت الأرض.. كى تتغذى الشوارع.. بمن يخافون القفز من النوافذ».

وهكذا يرتقى بالكلمات والقص دون التفات لخناقات صغيرة يعج بها الوسط الابداعى، فينجو بجماله، ويسمو، ويشع ويستعر.

والله أعلم

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد فعل بشرى نجاح تمدد ولا تفوق طارق إمام

إقرأ أيضاً:

جائزة تشجيعية لطالبات جامعة بنها في مسابقة "معًا" للأفلام القصيرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن الدكتور ناصر الجيزاوي رئيس جامعة بنها، حصول طالبات الجامعة على جائزة تشجيعية عن فيديو "بصيرة" خلال فعاليات المسابقة القمية للأفلام القصيرة "معًا" والتي نظمتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي برعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي لطلاب الجامعات والمعاهد المصرية، بمشاركة 205 فيديوهات قصير من إبداعات الطلاب.

وأعرب الدكتور ناصر الجيزاوي عن سعادته بفوز طالبات الجامعة وهم مي عبدالرازق، رحمة عبدالمقصود، يمنى أحمد، فاطمة فرج، بثينه سليمان بإحدى الجوائز التشجيعية بمسابقة "معا" التي تسهم في تنمية وعي الشباب وتعزيز قيم التسامح والانتماء، مؤكدا حرص جامعة بنها على توفير كافة سبل الدعم والرعاية لكافة الأنشطة الطلابية والتي تعمل على صقل شخصيتهم وتكسبهم مهارات التواصل مع الآخرين وتعلمهم كيفية استثمار أفكارهم وإبداعتهم.

يذكر أن مسابقة "معًا" انطلقت بهدف إنتاج فيديوهات قصيرة لا تزيد مدتها عن دقيقة واحدة، تساهم في نشر ثقافة التسامح والتعايش، وتعزيز السلام الاجتماعي، وتدعيم قيم المواطنة، وترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال، ومناهضة التطرف والفكر التكفيري، وذلك ضمن جهود وزارة التعليم العالي المستمرة لبناء شخصية الشباب السوية وتحصينهم ضد الأفكار الهدامة.

مقالات مشابهة

  • طارق لطفي: حلمت بالتمثيل مع عادل إمام.. بيتفرج على أعمالي وشجعني
  • رئيس الجمهورية: العراق يرفض وبشدة أية محاولة لتهجير الفلسطينيين
  • محيي إسماعيل: الكاريزما أهم من الجمال في التمثيل والدليل عادل إمام
  • ثلاثة أعمال مغربية تتأهل للجائزة القصيرة في جائزة الشيخ زايد للكتاب 2025
  • جائزة تشجيعية لطالبات جامعة بنها في مسابقة "معًا" للأفلام القصيرة
  • إعلان القوائم القصيرة لـ"زايد للكتاب"
  • "كيمجي رامداس" و"نيكون" تختتمان مسابقة "منظرة عُمانية" لتصوير الأفلام القصيرة
  • ميتا تعتزم اطلاق تطبيق مستقل للفيديوهات القصيرة
  • جبريل: أحبطنا محاولة تهريب عدد 312 قطعة ذهب
  • بوتيتشيلي والأسطورة .. كيف جسّد الأساطير في لوحاته؟