القصر الفخم الذي يقال إن نابليون نام فيه لبضع ليالٍ، وآخر حمام تركي متبقي يقدم تقشيرًا بالزيت لكامل الجسم، وكذلك متجر التحف الذي يحتوي على كنوز للبيع، والكثير والكثير من جواهر مدينة غزة لم تعد موجودة، وأصبحت رمادا نتيجة العدوان الإسرائيلي الوحشي والقصف اليومي على قطاع غزة، فقد صمد تلك الآثار أمام عقود من الاضطرابات، وحافظت على ذكرى مجد غزة القديم باعتبارها ملتقى طرق الحضارات، ولكن الآن تم القضاء عليهم في القصف الإسرائيلي المستمر على غزة.

والحرب الحالية، هي الحري الأكثر دموية التي واجهها الفلسطينيون على الإطلاق، ويعد تدمير مواقع التراث الثقافي في غزة من بين الجرائم التي تتهمها جنوب أفريقيا في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها ضد إسرائيل، وبحسب صحيفة NPR الأمريكية، فقد تم توثيق دليل سفر مصغر إلى مدينة غزة، والذي يوثق المعالم التاريخية والثقافية التي اعتاد السياح زيارتها، وبعد ما يقرب من أربعة أشهر من الحرب، أصبح كل موقع زرناه آنذاك مدمرًا أو متضررًا بشدة أو يتعذر الوصول إليه، بحسب مجموعة عمل تابعة للصحيفة الأمريكية قامت بتوثيق أوضاع الآثار التاريخية في الوقت الحالي.

ولم يتمكن سوى عدد قليل من سكان غزة من رؤية ما حدث للمواقع منذ بدء الحرب، وفر معظم الذين يعيشون في مدينة غزة إلى الجنوب في الأسابيع الأولى من الحرب، ومع انسحاب القوات الإسرائيلية من أجزاء من مدينة غزة في الأسابيع الأخيرة، غامر السكان الذين لم يفروا من المدينة بالخروج لفهم مناظرهم الطبيعية الجديدة الممزقة.

 

 

المسجد العمري.. الموقع التاريخي الأكثر شهرة في غزة

يعد المسجد العمري أقدم مسجد في غزة، حيث يعود تاريخه إلى العصر الصليبي، وقد تم تدمير المسجد بسبب الزلازل والفتوحات، وأعيد بناؤه عدة مرات على مر التاريخ، وكان للمسجد تاريخ حافل، وقد كانت في الأصل كنيسة بيزنطية من القرن الخامس تم بناؤها فوق معبد قديم، وتم تحويله إلى مسجد في القرن السابع، ثم إلى كنيسة صليبية في القرن الحادي عشر، ثم عاد إلى مسجد في القرن الثالث عشر، وكانت العناصر المعمارية للكنيسة الصليبية لا تزال واضحة في المسجد الحديث، وقد تم توثيق نقش الشمعدان اليهودي على عمود المسجد، والذي يُعتقد أنه كان في الأصل جزءًا من كنيس يهودي قديم، وتم تدميره في العقود الأخيرة. .

والآن أصبح من الصعب التعرف على المسجد المركزي في غزة، بأرضياته المغطاة بالسجاد الأزرق ونوافذه الزجاجية الملونة، وقال الجيش الإسرائيلي لإذاعة NPR إنه ضرب المسجد العمري تحت إدعاء استهداف المسلحين ونفق داخل المبنى.

 

 

الحمام السامري

والحمام السامري، وهو حمام تقليدي مقبب تم ترميمه في عام 1320، كان يديره في الأصل أعضاء من الديانة السامرية القديمة، وكل ما تبقى من الحمام السامري هو بعض القناطر التي كادت أن تكون مدفونة تحت أنقاض المبنى، واللافتة التي كانت توضع في الخارج، ووقف أحمد الياس (38 عاما) بجوار أنقاض الحمام الذي كان يستحم فيه مع أصدقائه، حيث تم استخدام وخزات من الضوء للتدفق عبر الثقوب الملونة في السقف المقبب، ويقوم القائمون على الحمام بتقديم دعك بالزيت لكامل الجسم.

 

يقول: "أنا مذهول بصراحة، فلم أتوقع أنهم سيدمرونها ويسويونها بالأرض"، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب الحمام السامري "بذخائر دقيقة" لاستهداف خلية تابعة لحماس وشبكة من الأنفاق بداخله، وقال الجيش إنه لم يتمكن من العثور على معلومات حول المعالم الأخرى المدرجة في قائمتنا.

 

 

قصر الباشا.. حيث قيل أن نابليون أقام فيه

وتم بناء قصر الباشا على يد سلطان مملوكي في القرن الثالث عشر، وأضيفت قصة ثانية منذ عدة مئات من السنين في العصر العثماني، وهذا هو المكان الذي يقول مؤرخو غزة إن نابليون قضى فيه ثلاث ليالٍ في شهر فبراير من عام 1799 خلال حملته العسكرية في المنطقة، وفي غزة المعاصرة، كان متحفًا يعرض كنوز غزة الأثرية، بما في ذلك الجرار الخزفية التي يعود تاريخها إلى قرون والتي كانت تحمل النبيذ وزيت الزيتون من غزة إلى الموانئ عبر البحر الأبيض المتوسط ​​- وهو تذكير بزمن السلام والازدهار الاقتصادي في غزة، وبتاريخها. التراث البحري.

والآن تحول معظم قصر الباشا إلى أنقاض، ولا تزال بعض الجدران الخارجية والقناطر المعقدة قائمة، والمصير الحالي للآثار المعروضة غير معروف، فالعنصر الوحيد المرئي الآن هو سيارة مدمرة على كومة من التراب أمام القصر المدمر.

 

 

متجر التحف، المليء بالكنوز

متجر التحف في المدينة القديمة، وهو كشك على طول سوق كان مزدحمًا في السابق، كان مليئًا بألبومات الصور القديمة، ومعلقات همسة النحاسية التي تهدف إلى درء العين الشريرة، والكتب الإنجليزية النادرة، ومن بين المجموعة التي امتلأت المتجر ذات يوم: نسخة أصلية تعود لعام 1924 من كتاب "الجريمة والمجرمون في فلسطين" بقلم مفتش شرطة القدس، ودليل هاتف يعود إلى ثلاثينيات القرن العشرين يضم عائلات يهودية وفلسطينية بارزة تبعثرت منذ ذلك الحين في المنفى والشتات.

والآن تم تدمير متجر التحف، وتتناثر سلبيات الأفلام القديمة بين الحطام، ولم يتسن الوصول إلى سليم الريس، صاحب المتجر المبتهج الذي يتحدث الإنجليزية والذي أدار المتجر لأكثر من 30 عامًا.

 

 

مطعم السمك الشهير في غزة

مطعم السلام أبو حصيرة للأسماك على شاطئ البحر في غزة، هو المكان الذي جلسنا فيه في عام 2019 على طاولة طويلة، نتناول السمك المشوي المتبل بالفلفل الحار والبقدونس والبصل والليمون والطماطم، وكانت تخصصاتها بمثابة محك لتقاليد الملاحة البحرية في غزة، بما في ذلك زبدية الجمبري، وهي يخنة طماطم حارة، يتم تقديمها في أواني طبخ الزبديا الطينية التقليدية في غزة.

 

وقد تعرض المطعم الآن لأضرار كما يظهر من خلال نوافذه الواسعة المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

 

 

مقهى في قصر قديم

بيت ستي، وهو مقهى ومطعم أنيق يقع في قصر تقليدي مكون من ثلاثة طوابق، ويعتبر قصيدة للتراث الثقافي الفلسطيني، لا يزال قائما، وفقا لمالكه السابق، الكاتب المسرحي ورسام الكاريكاتير في غزة عاطف سلامة، لكنه يقول إنه مغلق ولا يمكن الوصول إليه، وأولئك الذين لديهم مفاتيح فروا من مدينة غزة ولا يستطيعون العودة.

ويقع المقهى حول فناء واسع به طيور في أقفاص ونباتات تتسلق الجدران، ويقدم وجبة إفطار فلسطينية تقليدية مكونة من المربيات والخبز المسطح الصغير المغطى بالجبن وبهارات الزعتر، وفي أمسيات الخميس، كان يستضيف زبائن من الشباب لتناول العشاء وتدخين الشيشة والموسيقى العربية الحية.

 

 

فندق ومتحف

المتحف، والذي يعني "المتحف"، هو فندق بوتيكي مكون من 36 غرفة ويطل على البحر، وكان يحتوي على منطقة استقبال متألقة بها خليط من البلاط والحجارة التي تم انتشالها من منازل غزة القديمة، وقد تم عرض مجموعة المالك الخاصة من الآثار الغزية في الردهة.

ولم يكن ما حدث للفندق واضحًا حتى أوائل فبراير، عندما كانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت بالفعل وأصبح من الآمن للسكان الاقتراب من المنطقة، ووجد مصورنا الفندق متضررًا بشدة، وكانت قاعة الاستقبال مليئة بالحجارة والبلاط المحطم، وتم تحطيم الأباريق القديمة، وتحطمت النوافذ، وتحطمت الجدران، وهدمت الأسطح، وتم تدمير الحديقة المشذبة المليئة بأشجار النخيل والصبار في الخارج، وجدار خارجي يعرض كتابات عبرية، وقد قام أحد الجنود برش رسالة على أخيه، وهو أسير من حماس، ويبدو أن الفندق قد اشتعلت فيه النيران.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مدینة غزة تم تدمیر فی القرن فی غزة

إقرأ أيضاً:

القصة الكاملة للمقاتل السوري مجدي نعمة الذي بدأت محاكمته اليوم بباريس

بدأت اليوم الثلاثاء في باريس محاكمة السوري مجدي نعمة المقاتل السابق في صفوف "جيش الإسلام" حيث يواجه تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب بين عامي 2013 و2016 في ضواحي دمشق.

ويدحض نعمة البالغ من العمر 36 عاما التهم الموجّهة إليه، مشدّدا على "الدور المحدود" الذي اضطلع به في إطار هذه الجماعة التي حاربت النظام السوري وكانت تدعو إلى تطبيق للشريعة الإسلامية.

وُضع نعمة في الحبس الاحتياطي منذ يناير/كانون الثاني 2020، ويواجه احتمال الحكم عليه بالسجن 20 عاما.

وإلى جانب تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والمساعدة في التخطيط لها، يشتبه في أن المقاتل السوري ساعد على تجنيد أطفال أو فتيان في صفوف "أشبال الإسلام" وتدريبهم على العمل المسلح.

وقد رفض رئيس محكمة الجنايات جان-مارك لافيرن أن يتكلم المتهم بالإنجليزية، طالبا أن يستخدم لغته الأم العربية.

وقد تجاهل مجدي نعمة هذه التوجيهات. وعندما طُلب منه التعريف عن نفسه، ردّ بالإنجليزية. وقال "لا أدلة إطلاقا على الأفعال المنسوبة لي"، مؤكّدا أن هذه القضية "سياسية بحتة".

الانشقاق والغوطة وتركيا

وهذه ثاني محاكمة تقام في فرنسا على خلفية جرائم مرتكبة في سوريا، بعد محاكمة أولى جرت في مايو/أيار 2024 في غياب المتّهمين وهم مسؤولون رفيعو المستوى في النظام السوري أدينوا بتهمة ضلوعهم في الاختفاء القسري لفرنسيَّيْن من أصل سوري ومقتلهما.

إعلان

أما مجدي نعمة، فقد انشقّ عن الجيش السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 لينضم إلى زهران علوش مؤسس وقائد "لواء الإسلام" الذي أصبح "جيش الإسلام" عام 2013.

وسيطرت هذه الجماعة على الغوطة الشرقية شمال شرق دمشق في عام 2011 "ويشتبه في ارتكابها جرائم حرب خصوصا في حقّ المدنيين".

وكان المتهم القريب من زعيم الجماعة اتخذ من إسلام علوش اسما حركيا. وأكد للمحققين أنه غادر الغوطة الشرقية نهاية مايو/أيار 2013 إلى تركيا حيث كان المتحدث باسم "جيش الإسلام"، مما يثبت أنه لم يكن بإمكانه ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه. ويزعم أنه ترك الجماعة عام 2016.

وفي نوفمبر/تشرين 2019 وصل إلى فرنسا كطالب لمتابعة دراسته في معهد أبحاث العالم العربي والإسلامي بجامعة إيكس مارسيليا (جنوب شرق).

وأوقِف مجدي نعمة في يناير/كانون الثاني 2020 بعد بضعة أشهر من تقديم شكوى في فرنسا ضدّ "جيش الإسلام"، ووجَّه إليه قاض تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والتخطيط لها.

اختفاء قسري

وأحيل لاحقا على محكمة الجنايات بتهمة التواطؤ في حالات الاختفاء القسري. واتهم كعضو في "جيش الإسلام" بخطف 4 نشطاء في مجال حقوق الإنسان بينهم المحامية والصحفية السورية رزان زيتونة. ولم يعثر على هؤلاء إلى اليوم.

لكن محكمة استئناف باريس ألغت هذه الملاحقات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لأسباب إجرائية، رغم أنها أكدت في حكمها أنه "يجب اعتبار جيش الإسلام مسؤولا عن اختفاء" الناشطين الأربعة. ثم ثبّتت محكمة التمييز، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي، هذا الحكم.

وكان فريق الدفاع عن مجدي نعمة قد طعن خلال التحقيق في مبدأ الولاية القضائية العالمية للقضاء الفرنسي الذي يسمح له بمحاكمة أجنبي بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم حرب في الخارج ضدّ أجانب، لكن محكمة التمييز ردت الطعن.

وقبل انطلاق المحاكمة، أشار وكيلا الدفاع عن نعمة إلى أن سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 يفتح آفاقا جديدة ويثير "مسألة شرعية" هذه المحاكمة.

إعلان

وبالنسبة إلى مارك بايي، المحامي المكلّف بالدفاع عن عدّة أطراف مدنية في هذه القضية، فيعتبر أنه "في الوضع الحالي من المستحيل إجراء محاكمة على خلفية هذه الجرائم في سوريا".

ومن المتوقع أن يصدر الحكم في 27 مايو/أيار المقبل.

مقالات مشابهة

  • القصة الكاملة للمقاتل السوري مجدي نعمة الذي بدأت محاكمته اليوم بباريس
  • يعيد كتابة التاريخ.. ما هو السيديريت الذي تم اكتشافه على المريخ؟
  • إقبال زوار معرض«أبوظبي للكتاب» على اقتناء الإصدارات القديمة والنادرة
  • صحيفة عربية: اغتيال العميد علي الرياني يرسخ حالة الانفلات الأمني في غرب ليبيا
  • الأمير فيصل بن سلمان:”لجنة البحوث” تعزز توثيق التاريخ الوطني
  • نيوزويك: عطلة نهاية الأسبوع التي صنعت ظاهرة ترامب وغيرت التاريخ
  • مندوب مصر أمام محكمة العدل: إسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها
  • صحيفة عبرية: القنبلة التي هزت ميناء رجائي الإيراني جاءت من الصين
  • واشنطن تنسف مزاعم الحوثيين وتكشف عن المواقع التي يتم من خلالها دك مواقع المليشيا وثكناتها المسلحة
  • هيئة الآثار تدين استهداف العدوان الأمريكي للمواقع الأثرية في جبل براش