على طريقة «لديكم امتحان مفاجئ الأسبوع المقبل» المنسوبة لأحد المعلمين، مهّدت الولايات المتحدة لهجماتها على مواقع تقول إنها تابعة لإيران في دول عربية، وحددت تقريباً مواعيد انطلاقها.
ولا يستبعد البعض شيئاً من التنسيق بين الولايات المتحدة وإيران، قياساً على سابقة معترف بها، يضمن لواشنطن أن تحقق أهدافها من الهجمات، ولطهران أن تتكبد أقل الخسائر.
وأياً ما كان الأمر، فإن السؤال الأهم: من يخسر من هذه الضربات؟ فالنقاط المستهدفة عربية، وتمثل استمراراً لانتهاك سيادة الدول الواقعة فيها، وهو انتهاك غضت الولايات المتحدة الطرف عنه، بل هيأت له الأرضية، وتحديداً في العراق حين أمعنت في إضعافه وتفكيك مؤسساته وإشاعة الطائفية بين مكوناته حتى أصبح القرار في البلد العربي في أوقات كثيرة إيرانياً خالصاً.
وأمر مماثل، وإن بظروف مختلفة، يمكن الاستشهاد به في حالتي سوريا التي طالت الضربات مواقع فيها، أو اليمن الذي لم تلتفت الولايات المتحدة لتمدد «الحوثي» فيه باسم إيران.
هذا يعني أن الأذرع الإيرانية استطالت في الخريطة العربية بعون، أياً كانت صوره، من الولايات المتحدة التي تقول إنها تسعي إلى قطعها.
الكل يعلم أن تكأة واشنطن للهجمات التي بدأت ولا سقف زمنياً معلناً لنهايتها، الانتقام لمقتل ثلاثة جنود أمريكيين في قاعدة على الحدود السورية الأردنية. ورغم أن اتهام الإدارة الأمريكية الصريح لإيران بالوقوف وراء هذه الهجمات، فإن الرد جاء في أراض عربية، وهي مفارقة استدعت طرح أسئلة في الداخل الأمريكي نفسه.
لم تقدم الإدارة الأمريكية جواباً مقنعاً حول هذه المفارقة التي تتعامى عن الأصل وتقطع الفروع، والأغرب أن إيران تستنكر الهجمات الأمريكية في سوريا والعراق من باب أنها تمثل انتهاكاً لسيادة البلدين، أي أن الطرفين يواصلان التلاعب بمفهوم السيادة وتصفية حساباتهما في ساحات عربية، وعلى جثث عربية.
هل يمكن فصل هذه الجولة عن «الحوار» الأمريكي الجاري في مكان غير مكانه عن زمانه، أي عما يجري في غزة؟ بالطبع لا، فاتهام طهران بدفع «حماس» إلى التصعيد في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي قائم، رغم نفي الطرفين، وتداعيات هذا التصعيد امتدت إلى البحر الأحمر، حيث التهديد الحوثي للملاحة الدولية الذي قابلته هجمات أمريكية بريطانية لم تردعه ولا توقف اتهام إيران بدعمه.
هل في هذه الهجمات صرف للأنظار عما تفعله إسرائيل في غزة ريثما تنضج الصفقة الكبرى التي يروج على أنها وشيكة؟ هل من الأهداف الأمريكية تعطيل التفاوض مع الحكومة العراقية على ترتيبات خروج «قوات التحالف» التي تقودها الولايات المتحدة من العراق؟ هل تسعى إدارة بايدن بضرباتها لمواقع في بلدان عربية بذريعة أنها معقل أذرع إيرانية إلى تحقيق نوع من النصر قبل الانتخابات الرئاسية؟ كثير من الأسئلة مطروح وتكلفة انتظار إجاباتها يدفعها العرب، بينما يعلن الطرفان الأمريكي والإيراني أنهما يريدان تجنيب المنطقة مزيداً من الاشتعال.
وليد عثمان – جريدة الخليج
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
تعليق جديد من الولايات المتحدة على اعتقال إمام أوغلو
أكد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن الاتهامات الموجهة إلى أكرم إمام أوغلو ليست جديدة، مشيرًا إلى أن واشنطن تتابع تطورات الوضع في تركيا عن كثب.
وقال روبيو في تصريحات صحفية: “الرواية التي تطرحها الحكومة التركية تقول إن أكرم إمام أوغلو متورط في قضايا فساد، وإن هذه المسألة قائمة منذ فترة طويلة، وقد تم التحرّك بشأنها أخيرًا.”
اقرأ أيضاموعد صلاة العيد في تركيا
الجمعة 28 مارس 2025وأضاف أن “إمام أوغلو والمعارضة السياسية لا يوافقون على هذا الطرح، بل يرون أنه كان سيملك فرصة قوية للفوز لو سُمح له بالترشح.”
وشدد روبيو على أن الولايات المتحدة “لا تريد رؤية حالة عدم استقرار في بلد حليف مثل تركيا”، مؤكداً رغبة واشنطن في مواصلة التعاون مع أنقرة في ملفات إقليمية مهمة، بما في ذلك القضية السورية.
واختتم بالقول: “ترامب في ولايته الأولى أقام علاقة قوية مع الرئيس أردوغان، وأعتقد أنهم الآن يريدون استئناف هذه العلاقة.”