الكيان الصهيوني واغتيال قادة حماس
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
باغتيال الشيخ صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لـ «حركة حماس»، وقائد الحركة بالضفة الغربية، في العاصمة اللبنانية بيروت، يكون الكيان الإسرائيلي قد بدأ بتنفيذ تهديداته باغتيال قادة حماس في الخارج؛ تلك التهديدات التي أعلنها بنيامين نتانياهو رئيس وزراء الكيان في الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي، بإصداره التعليمات للموساد للعمل ضد قادة حماس أينما كانوا، فيما اعتبر يوآف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي أنّ «قادة الحركة يعيشون في الوقت الضائع»، بينما ذهب إيلي كوهين وزير الخارجية الإسرائيلي أبعد من ذلك، عندما أعلن في مقابلة مع القناة الـ13الإسرائيلية، أنّ إسرائيل ستعمل على اغتيال قائدَي حركة حماس إسماعيل هنية وخالد مشعل، و«أنهما لن يموتا موتًا طبيعيًّا»، ممّا يعني أنّ الأمر قد قُضي.
الواضح أنّ أجهزة المخابرات الإسرائيلية -بعد تلقيها الأوامر- تعمل جاهدة على تنفيذ تلك الاغتيالات في أنحاء العالم، وقد حُدّد ذلك بعد انتهاء الحرب في غزة، «فيما يمكن أن يكون مطاردة واسعة النطاق تستمر سنوات، ويمكن أن تكون لها تداعيات على دول عديدة، عربيًا وعالميًا، وفق ما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن مسؤولين إسرائيليين، كشفوا أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أصدر أوامره لهذه الأجهزة، من أجل وضع خطط لمطاردة قادة حماس، الذين يعيشون في لبنان وتركيا وقطر؛ لذا لم يكن غريبًا أن يعلق وزير الدفاع الإسرائيلي ملصقًا على جدار مكتبه في تل أبيب، يحمل صورًا لمئات من قادة حماس، مرتّبين بشكل هرمي، في أسفل الملصق صور لقادة ميدانيين صغار تابعين للحركة، وفي أعلاه صور القيادة العليا، وطُبع هذا الملصق بأعداد كبيرة، ووُضعت علامة (إكس) على وجوه القادة الذين استشهدوا، لكن الرجال الثلاثة الذين يتصدرون قائمة المطلوبين لدى إسرائيل، ما زالوا طلقاء، وهم محمد الضيف قائد الجناح العسكري لحركة حماس، والقائد الثاني مروان عيسى، ورئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، ويشكل المطلوبون الثلاثة مجلسًا عسكريًا سريًا، هو الذي خطط ونفذ هجوم السابع من أكتوبر، الذي يعد الأكثر إيلامًا في تاريخ الكيان الممتد منذ 75 عامًا. وقد ذكرت أربعة مصادر -على علم بالتفكير الإسرائيلي في المنطقة - لوكالة رويترز للأنباء، أنّ من غير المرجح أن يتوقف الهجوم الإسرائيلي على غزة إلا بعد مقتل قادة حماس الثلاثة أو أسْرِهم.
كثيرون تحدثوا عن إمكانية وسهولة وصول الموساد إلى خالد مشعل وإسماعيل هنية، وتساءلوا لماذا لم يُغتالا؟ في الواقع إنّ هذه الرغبة لم تكن بعيدة عن بعض المسؤولين الإسرائيليين، الذين أرادوا شن حملة فورية لقتل مشعل وهنية وغيرهما من قادة حماس الذين يعيشون في الخارج؛ فحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أنّ القيام بذلك «يمكن أن ينسف الجهود المستمرة للتفاوض على إطلاق الرهائن المحتجزين لدى حماس»؛ فقطر أصبحت المحور الرئيسي لمحادثات الأسرى، حيث أجرى رئيس الموساد ديفيد بارنيع، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» ويليام بيرنز في الدوحة مزيدًا من المناقشات حول إطلاق الأسرى الإسرائيليين، مقابل إطلاق المعتقلين الفلسطينيين.
وإذا كان وجود مشعل وهنية في قطر مفيدًا -الآن- لإسرائيل بسبب المفاوضات، فإنّ الخطر يكمن في ما بعد إطلاق سراح الأسرى؛ فإسرائيلُ لا ترقب في مؤمن إلًّا ولا ذمّة. وقد كشف عن خطورة إطلاق سراح آخر الأسرى، الصحفيُّ الأمريكي سيمور هيرش، الذي كتب أنّ «إسرائيل تعتزم القضاء على قادة حركة حماس جميعهم، عندما يتم الانتهاء من إطلاق سراح الرهائن من القطاع، وكتب هيرش نقلا عن مسؤول: «في اللحظة التي تصل فيها الرهينة الأخيرة إلى الأراضي الإسرائيلية، سيتم قتل جميع قيادات حماس -السياسية والدينية والعسكرية- في البلدان التي يعيشون فيها»، وأشار هيرش إلى أنّ جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي، «الموساد»، يقوم بالفعل بتتبع مواقعهم، لكن «قتلهم قبل مغادرة الرهائن أمرٌ محفوفٌ بالمخاطر».
لا شك أنّ اغتيال العاروري، كان ضربة إسرائيلية مزدوجة لمحور المقاومة حزب الله اللبناني وحركة حماس معًا، حيث جرى استهدافه بينما كان موجودًا في مكتب الحركة الكائن بـ «الضاحية الجنوبية» في بيروت، التي تُعد معقلًا مُهمًا لحزب الله. ورغم تتبع الموساد لقادة حماس في كلّ مكان، إلا أنّ بعض المصابين بالأمراض المذهبية البغيضة، وجّهوا سهامهم المسمومة بكل جرأة ووقاحة إلى حزب الله، وكأنّ هناك اتفاقًا بين الحزب والكيان لاغتيال العاروري، ولعمري إنه قمة السذاجة؛ فالسيد حسن نصر الله ذكر في خطابه الذي ألقاه يوم الأربعاء الثالث من يناير 2024، أنّ «الذي صار خطيرًا جدًا، يوجد عنوانان: يوجد قتل الشيخ صالح العاروري وإخوانه، وهذا بحد ذاته جريمة عظيمة وكبيرة، ويوجد ضرب في الضاحية، وهذا أول مرة يحصل في هذا الشكل بعد الـ 2006»، وقال: «إن اغتيال الشيخ صالح العاروري جريمة خطيرة لن تبقى من دون رد وعقاب، وبيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي»، وبالتأكيد فإنّ الكيان الصهيوني يعلم تمامًا قيمة هذا الكلام.
ما هو المكسب الذي حققته إسرائيل باغتيال الشيخ صالح العاروري؟ حققت إسرائيل نصرًا رمزيًا فقط؛ لتغطية الفشل العسكري والاستخباراتي الذي مُنيت به في غزة، وقد تصل إلى السنوار وضيف وأبو عبيدة ومشعل وهنية، كما وصلت إلى الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وسعيد صيام والمبحوح والعاروري وغيرهم، وقد يتطلب الأمر وقتًا، لكن التكلفة ستكون باهظة الثمن، وحتى في حالة اغتيالهم، فإنّ ذلك لن يقضي على قوة حماس. والدليل أنّ قيادات الحركة الآن - وهي قيادات شابة -هي أشد قوة وصلابة من القيادات السابقة، وسياسةُ الاغتيالات هذه لم تصفّ المقاومة الفلسطينية على مدى أكثر من نصف قرن، والتي شملت شخصيات وقيادات المنظمات والحركات الفلسطينية كافة، وإنما تركزت التصفيات الأخيرة على حركتي حماس والجهاد فقط؛ لأنّ هناك من سقط في فخ اتفاقيات أوسلو التي غيّرت مفاهيم البعض، لكنها أنشأت جيلا مناضلا مستعدًا للشهادة في أيّ لحظة.
زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشیخ صالح العاروری یعیشون فی قادة حماس حرکة حماس
إقرأ أيضاً:
هآرتس: إسرائيل وليست حماس هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
قالت صحيفة هآرتس في مقالها الرئيسي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكذب عندما يبرر استئنافه الحرب على قطاع غزة برفض حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إطلاق سراح بقية الأسرى المحتجزين لديها.
وأفادت أن نتنياهو دفع المطلوب لعودة وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير إلى الحكومة مقدما، "ولكن ليس من جيبه الخاص، بالطبع، بل من دماء 59 أسيرا (إسرائيليا) الذين قد يكون مصيرهم قد حُسم باستئناف الحرب..".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وليام هيغ: لست معجبا لكن تأثير ترامب قد يكون إيجابياlist 2 of 2ما الذي قد يحدث إذا أصر ترامب على تطبيق أوامره التنفيذية؟end of listومما يجدر ذكره أن حزب الليكود بقيادة نتنياهو أعلن أن حزب "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير سيعود إلى الائتلاف الحكومي، وذلك بالتزامن مع شنّ إسرائيل يوم الثلاثاء ضربات جوية واسعة خلفت ما يزيد على 400 شهيد فلسطيني.
وكان حزب "بن غفير" قد انسحب من الائتلاف في يناير/كانون الثاني احتجاجا على الهدنة مع حركة حماس في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي بيانه الذي أصدره الثلاثاء، زعم مكتب نتنياهو أن استئناف الهجمات على غزة جاء بعد رفض حركة حماس "مرة تلو أخرى إعادة مخطوفينا، وكذلك رفضها كل المقترحات التي تلقتها من المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف والوسطاء".
ولكن صحيفة هآرتس كتبت في مقالها أنه يجب القول، "بصوت عالٍ وواضح"، إن ما ورد في ذلك البيان "كذب"، وأكدت أن إسرائيل، وليست حركة حماس، هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية.
إعلانوأردفت القول إن مكتب رئيس الوزراء كذب مرة أخرى عندما ذكر في بيانه أن الهدف من استئناف العدوان هو تحقيق أهداف الحرب كما حددتها القيادة السياسية، ومن بينها الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، أحياءَ كانوا أم أمواتا.
إسرائيل أخلفت وعدها بالانسحاب من محور "فيلادلفيا"، وقررت منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وإغلاق المعابر الحدودية
وحذرت من أن الضغط العسكري الذي تمارسه إسرائيل ضد حركة حماس يعرِّض أرواح الأسرى والجنود الإسرائيليين وسكان غزة أيضا للخطر، ويؤدي إلى تدمير ما تبقى من القطاع الفلسطيني.
ولفتت إلى أنه كان من المفترض أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى التي كان من المقرر أن تنتهي بالإفراج عن جميع الأسرى المتبقين في غزة، لكن الحكومة الإسرائيلية هي التي رفضت ذلك.
وأضافت أن إسرائيل أخلفت وعدها بالانسحاب من محور "فيلادلفيا"، وقررت منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وإغلاق المعابر الحدودية.
وخلصت الصحيفة إلى أن نتنياهو تخلى عن الأسرى لإنقاذ حكومته من الانهيار، ولم يعد هو ولا أعضاء ائتلافه الحاكم يكترثون لغضب عائلات الأسرى، "فبالنسبة لهم أن ما يهم هو الموافقة على ميزانية الدولة".