على العالم أن يقف إلى جانب الأونروا
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
بعد قرابة أربعة أشهر من الحرب، أصبح الوضع في غزة كارثيا. إذ نزح أكثر من 75% من سكان المنطقة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة. ولقي عشرات الآلاف من الفلسطينيين مصرعهم، والكثير منهم أطفال. وتحذر الأمم المتحدة من أن مجاعة توشك على الوقوع. وتنتشر الأمراض المعدية. والافتقار إلى الرعاية الصحية أمر بالغ الخطورة.
وشريان الحياة الرئيسي لسكان غزة في هذا المشهد هو وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أو الأونروا، أي الوكالة التي يبلغ عمرها خمسة وسبعين عاما تقريبا ويجري تمويلها بالكامل تقريبا من خلال المساهمات الطوعية.
والآن، أعلنت خمس عشرة دولة على الأقل، منها الولايات المتحدة، وقف المدفوعات للأونروا، انتظارا لتحقيق، وذلك بسبب تقارير من المخابرات الإسرائيلية تفيد بأن عشرات من العاملين في الأونروا قد شاركوا في الهجوم على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر.
ولكن الوقت الراهن تحديدا هو بالضبط الوقت الخطأ لوقف تمويل الأونروا. ولذلك تلتزم النرويج بقوة تجاه مواصلة تمويل هذه الوكالة الحيوية وتجاه الشعب الفلسطيني. وبوصفي وزير الخارجية النرويجية، فإنني أحث الدول المانحة على التفكير في العواقب واسعة النطاق التي قد تترتب على قطع خدمات الأونروا.
لأننا إذا لم يتم التراجع عن هذه القرارات، فإننا نواجه خطرا جديا يتمثل في تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة في غزة. وبما أن الأونروا تدعم أيضا ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، فإن وقف المدفوعات قد يزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة للغاية بالفعل.
غير أنه يتعين على العالم أن يستمر في تمويل الأونروا لأسباب أكثر من هذه الأسس العملية. فلا ينبغي لنا أن نفرض عقابا جماعيا على ملايين الناس بسبب أفعال مزعومة ارتكبها عدد قليل من الناس.
لقد فزعت النرويج، شأن غيرها من البلاد المانحة، من المزاعم القائلة بأن اثني عشرا من موظفي الأونروا البالغ عددهم ثلاثة عشر ألف موظف في غزة قد تورطوا في الهجوم على إسرائيل، وهو الهجوم الذي وجهنا له أشد عبارات الإدانة الممكنة. فلا يجب أبدا أن نتسامح مع أي من هذه الأفعال. ولذلك فإننا نرحب برد فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، بإقالة الأفراد المتهمين والبدء في التحقيق. وتتوقع النرويج شفافية كاملة. فإذا ما تم التحقق من هذه الادعاءات، فتجب محاسبة المتورطين في الهجوم.
ولكن تعليق التمويل لوكالة رئيسية تابعة للأمم المتحدة بسبب سلوك مزعوم لاثني عشر موظفا ليس هو الحل. فلو أن بعض العاملين في قسم للشرطة ارتكبوا جريمة، فسوف يحاسب هؤلاء الأفراد، ولن تحَلَّ قوة الشرطة بأكملها. أي أنه يجب علينا أن نميز بين ما يحمل أن يكون أفراد قد قاموا به وبين ما تمثله الأونروا.
منذ تأسيس الأونروا في عام 1949، وهي توفر الخدمات الأساسية والتعليم والمأوى والبنية الأساسية للمخيمات والمساعدات الطارئة لمن فروا من منازلهم أو طردوا منها في حرب عام 1948 التي أعقبت تأسيس إسرائيل. وفي ذلك الوقت، كان عدد اللاجئين يبلغ تقريبا سبعمائة وخمسين ألفا. أما اليوم، وبعد مرور أربعة أجيال، فإن قرابة 5.9 مليون لاجئ من فلسطين مؤهلون للحصول على خدمات الأونروا في جميع أنحاء المنطقة.
ومنذ أن بدأت الحرب الحالية، واصل موظفو الأونروا في غزة، ومعظمهم من الموظفين المحليين، أداء خدمات الإغاثة في ظل ظروف فائقة القسوة وفي ظل تعرضهم لخطر يومي على حياتهم. فقد دفعوا، شأن كثيرين آخرين، ثمنا باهظا: إذ لقي منذ السابع من أكتوبر أكثر من مائة وخمسين موظفا في الأونروا مصرعهم.
والنرويج، وهي بلد صغير نسبيا، من أكبر الجهات المانحة للأونروا، إذ التزمت في العام الماضي بمبلغ خمسة وأربعين مليون دولار - وهو مبلغ يبقى أقل بكثير مما تقدمه الولايات المتحدة. ولقد جعلت النرويج من عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين أولوية لها منذ المفاوضات التي أدت إلى اتفاق أوسلو الأول بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، والذي تم التوقيع عليه في عام 1993. وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، ترأست النرويج مجموعة دولية مانحة لفلسطين ينصب تركيزها على دعم إقامة المؤسسات الفلسطينية، التي تعد أساسية لإقامة الدولة الفلسطينية.
هناك ما يقرب من ستة ملايين فلسطيني لم يختاروا طوعا أن يعيشوا حياة اللاجئين. فأنا على قناعة بأنهم، شأننا جميعا، يفضلون الحياة في بلد يمكنهم أن يعتبروه بلدهم. ومسألة مصير اللاجئين الفلسطينيين تقع في قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولكن بعد مرور خمسة وسبعين عاما، لا يزال الحل السياسي بعيد المنال.
والأونروا أكثر بكثير من محض منظمة إنسانية. فهي تمثل التزاما من جانب المجتمع الدولي تجاه اللاجئين الفلسطينيين. وعملياتها أيضا شديدة الأهمية بالنسبة لوجود منظمات إنسانية أخرى في غزة. وإننا بحاجة إلى المزيد، لا إلى تقليل، وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة التي مزقتها الحرب. والحق أن تحسين وصول المساعدات الإنسانية يعد قضية رئيسية بالنسبة للمحادثات الجارية بشأن اتفاق محتمل على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين إلى جانب وقف دائم للأعمال العدائية. ولكي ينجح هذا الأمر، فإننا نحتاج إلى وجود أشخاص على الأرض قادرين على توصيل هذه المساعدات. ولو أننا تخلينا عن البنية الأساسية الداعمة الكبيرة الخاصة بالأونروا واستبدلنا بها قنوات بديلة، كما يقترح منتقدو الأونروا، فسوف يستغرق ذلك الكثير من الوقت.
ولذلك فإنني أقول لزملائي من المانحين، إننا ينبغي أن نطالب الأونروا بالشفافية والمحاسبة. ولكن لا ينبغي أن يدفع شعب غزة واللاجئون الفلسطينيون في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ثمن تجاوزات بعض الأفراد. فلا يمكننا أن نتخلى عن الشعب الفلسطيني الآن.
إسبن بارث إيدي وزير خارجية النرويج.
الترجمة لـ عمان عن «نيويورك تايمز»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: اللاجئین الفلسطینیین أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
هآرتس: إسرائيل وليست حماس هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
قالت صحيفة هآرتس في مقالها الرئيسي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكذب عندما يبرر استئنافه الحرب على قطاع غزة برفض حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إطلاق سراح بقية الأسرى المحتجزين لديها.
وأفادت أن نتنياهو دفع المطلوب لعودة وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير إلى الحكومة مقدما، "ولكن ليس من جيبه الخاص، بالطبع، بل من دماء 59 أسيرا (إسرائيليا) الذين قد يكون مصيرهم قد حُسم باستئناف الحرب..".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وليام هيغ: لست معجبا لكن تأثير ترامب قد يكون إيجابياlist 2 of 2ما الذي قد يحدث إذا أصر ترامب على تطبيق أوامره التنفيذية؟end of listومما يجدر ذكره أن حزب الليكود بقيادة نتنياهو أعلن أن حزب "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير سيعود إلى الائتلاف الحكومي، وذلك بالتزامن مع شنّ إسرائيل يوم الثلاثاء ضربات جوية واسعة خلفت ما يزيد على 400 شهيد فلسطيني.
وكان حزب "بن غفير" قد انسحب من الائتلاف في يناير/كانون الثاني احتجاجا على الهدنة مع حركة حماس في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي بيانه الذي أصدره الثلاثاء، زعم مكتب نتنياهو أن استئناف الهجمات على غزة جاء بعد رفض حركة حماس "مرة تلو أخرى إعادة مخطوفينا، وكذلك رفضها كل المقترحات التي تلقتها من المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف والوسطاء".
ولكن صحيفة هآرتس كتبت في مقالها أنه يجب القول، "بصوت عالٍ وواضح"، إن ما ورد في ذلك البيان "كذب"، وأكدت أن إسرائيل، وليست حركة حماس، هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية.
إعلانوأردفت القول إن مكتب رئيس الوزراء كذب مرة أخرى عندما ذكر في بيانه أن الهدف من استئناف العدوان هو تحقيق أهداف الحرب كما حددتها القيادة السياسية، ومن بينها الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، أحياءَ كانوا أم أمواتا.
إسرائيل أخلفت وعدها بالانسحاب من محور "فيلادلفيا"، وقررت منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وإغلاق المعابر الحدودية
وحذرت من أن الضغط العسكري الذي تمارسه إسرائيل ضد حركة حماس يعرِّض أرواح الأسرى والجنود الإسرائيليين وسكان غزة أيضا للخطر، ويؤدي إلى تدمير ما تبقى من القطاع الفلسطيني.
ولفتت إلى أنه كان من المفترض أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى التي كان من المقرر أن تنتهي بالإفراج عن جميع الأسرى المتبقين في غزة، لكن الحكومة الإسرائيلية هي التي رفضت ذلك.
وأضافت أن إسرائيل أخلفت وعدها بالانسحاب من محور "فيلادلفيا"، وقررت منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وإغلاق المعابر الحدودية.
وخلصت الصحيفة إلى أن نتنياهو تخلى عن الأسرى لإنقاذ حكومته من الانهيار، ولم يعد هو ولا أعضاء ائتلافه الحاكم يكترثون لغضب عائلات الأسرى، "فبالنسبة لهم أن ما يهم هو الموافقة على ميزانية الدولة".