جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-27@10:08:24 GMT

يوم في حياة تشارلي

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

يوم في حياة تشارلي

 

 

ماجد المرهون

majidomarmajid@outlook.com

 

 

ليس بغريب أن يعلم معظم سكان العالم عن الحياة في أمريكا بتفاصيلها من بين كل الدول الغربية وذلك بسبب تأثير إعلام هوليود التي تستحوذ على 80% من صناعة السينما العالمية، ويقابله جهل معظم الأمريكيين بالحياة الحقيقية لسكان العالم حيث لا يصلهم الخُمس المتبقي من الإعلام بكل أنواعه إلا بنسبة لاتكاد تُذكر مع المهتمين والباحثين عن إجابات وغالبًا ماتكون تلك الفئة متنفذة وغير معروفة أو من كبار السن الذين عاصروا الأحداث منذ منتصف القرن الماضي ولم تعد الاهتمامات الأسرية وتربية الأطفال والترفيه واللهو والمتعة تعني لهم شيئًا.

 

كان ذلك ملخص الحوار الذي دار بين تشارلي وإلينا في طريق عودتهما إلى المنزل بعد زيارة قبر والدها الراحل متأثرًا بجراحه في حرب العراق، وقد بقي النقاش عالقًا في ذهن تشارلي وهو على فراش نومه ليلتها، حتى إذا طلع نهار الثامن من يناير البارد وجد ذِهنه عالقًا في الحلم الأمريكي وهيمنة أفكار الليلة الماضية المختلطة بمقولة توماس جيفرسون عن الرفاهية مع العبودية أو الاقتصاد مع الحرية وكماشة الاحتياطي الفيدرالي عند حساب ضرائبه الواجب سدادها وقروضه الائتمانية المتزايدة وتكاليف المعيشة لأطفاله وكلبه المُصاب بالاكتئاب، بالإضافة إلى تعزيز حصانة سور بيته ضد ثعابين روبرت؛ إن زوجتي على حق فأنا لا أعرف أسماء الدول ولا خارطة العالم وبالذات أعدائنا من العرب والمُسلمين ونحن نحاربهم للحفاظ على أمننا القومي باستثناء إسرائيل فهي واحة السلام والديموقراطية الوحيدة في المنطقة، وأعلم أن إيران وروسيا والصين والمهاجرين من أمريكا اللاتينية أشرار يجب الحذر منهم "تشارلي محدثًا نفسه" ولكن كوب قهوة يخلصني من زحام هذه الأفكار هو كل ما أحتاجه الآن.

 

يجلس تشارلي متدفئًا بكوبه الصيني وقهوته الكولومبية عندما لاحظ عدة كتب على طاولة المطبخ حيث كانت إلينا تتوسلها مراجعًا لأطروحتها في الأسطورة الصهيونية، ومنها كتاب سمحا فلابين بعنوان "ميلاد إسرائيل" وإيلان بابيه بعنوان "عشر خرافات عن إسرائيل" وآفي شلايم بعنوان "إرهاب دولة" فتشده يد الفضول إلى كتاب "اختراع الشعب اليهودي" للمحاضِر والمؤرخ شلومو ساند، ليشرع بتصفحه ساعة جلوسه على السجادة الفارسية مع نغمات تشايكوفسكي الخالدة قبل مغادرة المنزل مشوشًا من هدوء جولدا مائير الصارخ في أذُنيه وهي تقول: إسرائيل لم تخطط لطرد السكان المحليين بل هم من اختاروا ذلك بإرادتهم، باعتبار أن الجيش الإسرائيلي المسالم والنقي جدًا لم يقتل ويذبح ولم يُجزِّر ويُهجِّر، وأمام عينيه بن جوريون مؤنبًا نتنياهو قائلًا: عار عليك فأنت لم تستخدم القوة الكافية للدفاع عن النفس ضد الإرهاب كما فعلنا في قرية طنطورة ويغمز بعينه الوحيدة لبايدن الفخور، ثم يكتشف تشارلي عند وصوله باب سيارته نسيانه لمفتاحه ومحفظته وهاتفه.

 

صباح الخير تشارلي تبدو قلقًا؟ إني أستغرب جدًا من جاري روبرت هذا، من الذي أقنعه بجمال الثعابين حتى يُربيها في منزله، وكيف يمكنه المحافظة على أمان وسلامة أسرته من خطرها؟! "تشارلي الحانق متمتمًا بينه ونفسه" ويبدو أن معظم الأمريكيين يعلمون بوجود تقاطع مصالح بين سُلطاتنا العليا ولا ينكرون وجود زُمرة رمادية متحكمة كالدولة العميقة بحسب أقوال دونالد ترامب ولا أعتقد أنه سيكرر هذه الأقوال التي أطاحت به المرة الماضية، مع أننا لا نقطع بوجودها يقينًا إذ إن الأطراف الصالحة تقوم بمواجهة الأطراف الفاسدة وتستمر حياتنا على هذا المنوال.

 

حاكم تكساس لايزال مُصرًا على موقفه.. قصفت المُقاتلات الأمريكية مواقعًا للإرهابيين في العراق وسوريا واليمن.. سندافع عن قواتنا ومصالحنا بالتعاون مع شركائنا.. إسرائيل تسحب بعض قواتها من غزة لتفسح المجال لدخول المساعدات الإنسانية ولكنها ستستمر في الحرب دفاعًا عن نفسها.. يغلق تشارلي مذياع سيارته قبل وصوله إلى العمل وقد ازداد تشويشًا وحيرة مع ميولٍ لتكذيب ما سمعه وشاهده ونزعة تشكيك بما تعلمه في المدرسة وما ينقله لهم إعلامهم وماصورته أفلام هوليود من بطولات رامبو وسوبرمان وغيرهما ممن تجسدت فيهم الشخصية الأمريكية القيادية الصالحة والساعية لاستتباب المحبة والوئام على الكرة الأرضية والكواكب المجاورة، وما الذين قتلوا إلا غبار بشري على هامش تحقيق السلام وقد استحقوا الموت.

 

يبدو أني أحيا في عالم آخر مختلف عن الذي يحياه بقية سكان العالم "تشارلي موسوسًا نفسه" وما أن وصل إلى مقر عمله حتى وجد الجميع تقريبًا يشاركه نفس عالمه ومنهمكون في العمل، فتلك المرأة تتحدث مع مدير مدرسة ابنها المتنمر، وذلك الشاب يحاول إقناع والدته بالعدول عن طلاقها لوالده، والمدير مجتمع مع بعض المسؤولين لمناقشة تداعيات أزمة خطوط الملاحة البحرية.. ماذا الملاحة البحرية؟!

أين يقع البحر الأحمر؟ ويبحث تشارلي محاولًا ربط علاقة الاقتصاد بالجغرافيا والسياسة ولماذا تؤثر عليهم إسرائيل وهي تبعد آلاف الأميال عنهم، ومن الذي أعطاها الحق للتحكم بمصير أكثر من 320 مليون إنسان أمريكي؟! يا إلٰهي ما الذي يحدث هل كل هؤلاء القتلى من الأطفال! لقد تجمدت أفكاره وهو يتصفح بعض تطبيقات مواقع التواصل التي لم يطلها حجب حراس البوابات الذي طال كل شيء منذ أن كان طفلًا وهو على قناعة تامة بل يقين شبه مطلق بأن إسرائيل وأمريكا تقاتلان الجانب المظلم من العالم ولم يكن يشك البتة أن بلاده تُسمِّن غولًا من أمواله وعرق دافعي الضرائب المغلوب على أمرهم ليتسلط على الأبرياء بالقتل والدمار والتهجير، ويتغول أرضهم ومقدراتهم حتى تحول ماردًا يهدد كل جيرانه في المنطقة، ومازاد من صدمة تشارلي أن معظم الشعب الأمريكي كان معتقدًا بكل مايعتقده منذ نشأة الولايات المتحدة الأمريكية حتى شهر أكتوبر من العام الماضي.

 

لقد أسقط "المؤرخون الجدد" في كتبهم الأساطير والأكاذيب الصهيونية ولكن لم يكن يصدقها إلا قليل ممن لا تأثير لهم على المجتمع وهم أفراد وفرقاء مع استمرار الإعلام الأمريكي الكاذب في بث تأكيد نزاهة إسرائيل خلال العقود السبع العجاف، والتي انطلت على تشارلي الطيب وأمثاله الكثير؛ ما أضخم تلك المظاهرة ما السبب؟! "تشارلي سائلًا نفسه في طريق عودته من العمل" إنهم منددون بموقف الحكومة الأمريكية الداعم لجرائم حرب إسرائيل ويبدو أن العالم قد استفاق خلال 3 أشهر من سباتٍ دام عشرات السنين وسوف تواصل هذه الصحوة تمددها بشكل أكبر وأقوى من كل وسائل الحجب وأساليب المجابهة للإعلام المضاد.

 

وصل تشارلي منزله متلحفًا بالكوفية الفلسطينية ليفاجأ بزوجته وأبنائه وكلبهم المكتئب وهم يقفون خارجًا في طقسٍ شديد البرودة وسيارة الإسعاف عند مدخل بيت جارهم، قالت إلينا: لقد أخبرونا أن أحد ثعابين روبرت المسكين قد لاذ بالفرار بعد أن لدغه في يده وشددوا على أهالي كل البيوت المجاورة بضرورة الخروج، يبدو أن تلك الثعبان شديد الخطورة وربما سنبات هذه الليلة في الشارع...!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معظم الناجين في تحطم الطائرة الأذربيجانية كانوا في المقاعد الخلفية

سرايا - ذكرت وكالة الأنباء القرغيزية Vesti.kg أن معظم الناجين في حادث تحطم طائرة الركاب الأذربيجانية اليوم من سكان مدينة أكتاو الكازاخية، وكانوا في المقاعد الخلفية للطائرة.

وقالت الوكالة على "تلغرام" اليوم الأربعاء: "كان معظم الناجين يجلسون في القسم الخلفي من الطائرة. أما الركاب الـ16 الذين كانوا يحلقون في مقدمة الطائرة فقد سقطوا من داخل الطائرة فور اصطدامها بالأرض".
وأضافت: "أما سائر الركاب وأفراد الطاقم الذين كانوا يجلسون وسط الطائرة، فلقوا مصرعهم بداخلها".

تحطمت طائرة ركاب تابعة للخطوط الجوية الأذربيجانية كانت في طريقها من باكو إلى غروزني صباح اليوم الأربعاء بالقرب من مدينة أكتاو غرب كازاخستان. ووفقا لوزارة الطوارئ الكازاخستانية، كانت الطائرة تقل 69 شخصا بمن فيهم 5 من أفراد الطاقم وهم مواطنون من أذربيجان وروسيا ودول أخرى، ونجا 32 منهم.

المصدر: نوفوستي





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 608  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 25-12-2024 06:23 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
دراسة تكشف .. أمر خطير جدا ينتظرنا بسبب تغير المناخ رسميًا .. "النسر الأصلع" الطائر الوطني في الولايات المتحدة كارثة بيئية في البحر الأسود: تسرب نفطي ضخم يهدد الحياة البرية عالم مصريات ألماني يكشف أسرار مقبرة عمرها 4000 عام صرف رواتب لموظف في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بقيمة... 3 سنوات لمدعي علاج السحر بتهمة هتك العِرض في الرصيفة سيصبح مزارًا .. تحديد مكان دفن نصر الله "بمئات الآلاف" .. "سلطة إقليم... بالفيديو .. شاهد لحظة تحطم طائرة ركاب قرب مدينة... تغيير اسم جامعتي البعث وتشرين بسوريا .. إلى حمص...مدير مستشفى كمال عدوان: المستشفى يتعرض لدمار كبير...السلطات السورية تعلن إحراق قرابة مليون حبة كبتاغونالمرصد السوري: القوات الإسرائيلية توغلت أكثر في سوريةتركيا تعلن عن خطتها للمشاركة في إعادة إعمار سوريا...الاحتلال: سنزيد وتيرة الهجمات ضد الحوثيين وفق الضرورةحماس وإسرائيل تتبادلان الاتهامات بشأن تأجيل الوصول...مطالبات إسرائيلية لنتنياهو باتخاذ قرارات بشأن صفقة...مدير المستشفيات الميدانية في غزة: لا أكفان لدينا من السجن وببدلة الحبس .. عصام صاصا يطل لأول مرة... لماذا ظهر كريم عبد العزيز بشخصيتين في برومو مسرحية... الممثلة السورية "يارا صبري" تحتفي بعودتها... القضاء يغلق نهائيا ملف القتل غير العمد بقضية... دنيا سمير غانم تعود إلى المسرح ب "مكسرة... الاتحاد الإماراتي يعبر عن استيائه من أخطاء التحكيم بعد خسارة منتخبه أمام الكويت الفئران تغزو "أولدترافورد" معقل مانشستر يونايتد كأس الخليج .. فوز مثير للكويت على الإمارات بخليجي 26 حقيقة انتقال ميسي إلى مانشستر سيتي في الميركاتو الشتوي الأهلي والحسين والوحدات والفيصلي إلى نصف نهائي كأس الأردن CFI مسبار باركر يصل لأقرب نقطة للشمس عشية عيد الميلاد محكمة إيطالية تغرّم شركة أوبن إيه آي 15 مليون يورو الاحتفال بالطلاق .. عادة غريبة تنتشر في الجزائر "رد بطريقة قاسية على ابن عمه .. ماذا تريد؟" .. إيلون ماسك يتجاهل عائلته البريطانية صور مروعة لرجل أشعل امرأة داخل المترو .. ووقف يشاهد ببرودة يريدها ترامب .. قصة غرينلاند التي يقطنها عربي وحيد القبض على قاتل خطير في ليبيا .. والدته إحدى ضحاياه جديد صادم عن داهس الألمان .. الطبيب السعودي توعد منذ 2013 البرازيل .. قوانين قديمة تحظر تناول البطيخ وبيعه "رد بطريقة قاسية على ابن عمه .. ماذا تريد؟" .. إيلون ماسك يتجاهل عائلته البريطانية

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • معظم ضحاياه نساء وفتيات.. معلومات مرعبة عن "دنيجا دنيجا " المرض الأوغندي الغامض
  • تراجع معظم بورصات الخليج وسوق دبي عند أعلى مستوى في عقد
  • نهاية إسرائيل في تمددها وتوسعها الجغرافي
  • معظم الهزات الأرضية منه .. حزام زاگروس الزلزالي يطوق العراق
  • في اليمن السعيد.. ما الذي قد يعطّل حياة 70 في المئة من اليمنيين؟
  • معظم الناجين في تحطم الطائرة الأذربيجانية كانوا في المقاعد الخلفية
  • إسرائيل تهدد بشن هجوم على اليمن و«الحوثيون» يتوعدون باستهداف المصالح الأمريكية
  • عماد الدين حسين: إسرائيل هي العدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة
  • عماد الدين حسين: العدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة هو وجود إسرائيل
  • لما أخفت وكالة الاستخبارات الأمريكية اكتشاف حياة على المريخ منذ 40 عامًا