الظلم الطاغي.. وتنبؤات ابن خلدون
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
د. عبدالله باحجاج
عندما يسقط المدافعون عن حقوق الإنسان في انتهاكاتها، وطبيعة الانتهاكات هنا ليست في حق سياسي أو اقتصادي أو ثقافي، وإنما في حق الإنسان في الحياة، عندها يصدق عليهم القول الشهير "حاميها حراميها"، وقد كشفتهم غزة الباسلة بأنهم فعلًا كانوا "حرامية" طوال العقود الماضية؛ إذ تاجروا بحقوق الإنسان لمصالحهم، وباسمها- زاعمين- هددوا أنظمة، ونجحوا في ابتزازها، وباسمها- زاعمين- شنوا الحروب على أنظمة وأطاحوا بها، ونجحوا، وتركوا دولها في فتنة تزهق الأرواح.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، عرّت غزة طبيعتهم الآدمية، وأظهرتهم كيانات بشرية في شكل وحوش بربرية متوحشة، لا يمكن أن تنتمي للإنسانية الطبيعية السوية. والحق في الكرامة، عندها يصدق عليهم القول الشهير "حاميها حراميها" والشعوب لم تنصبهم كمدافعين عنها، وإنما هم من منحوا أنفسهم هذه الصفة، ومارسوها بانتقائية وازدواجية فاضحة. فقد كان الغرب- وعلى رأسهم واشنطن- قد نجح طوال العقود الماضية في تلبس الأدوار الإنسانية بشعارات حقوق الإنسان والديمقراطية، وقد انطلت على الشعوب والكثير من النخب، واخترقوا المجتمعات ومؤسساتها. ووجدت الأنظمة في المنطقة نفسها تحت ضغوطات قهرية، واستجابت لهم بسهولة، ونجاحهم نرجعه إلى الأسباب التالية: حسن نية الأغلبية، ورغم ذلك فقد تمكنوا من تمرير أنفسهم كمدافعين عن الحقوق في المنطقة لعدة أسباب أبرزها:
- حُسن نية الشعوب "آنذاك".
- عدم لجوء الأنظمة إلى استكمال منظومة الحقوق والحريات طواعية ومن تلقاء نفسها، ودسترتها وإيجاد آليات تنفيذية لضمانتها.
- عدم وجود البدائل الداخلية لاستحقاق الحقوق والحريات الأساسية وضمانتها.
- أطماع النخب في الانتفاع والاستقواء ببرامجهم ومخصصاتهم المالية وامتيازاتهم المعنوية، والاستقواء بهم في مواجهة أنظمتها السياسية.
وكل مظلمة فردية أو فئوية أو جماعية (سياسية، اقتصادية، فكرية) كانت تتجه بوصلتها إما إلى واشنطن لرفعها والانتصار لها، أو لأوروبا للإقامة فيها؛ لأنها أصبحت آمنة أكثر من أوطانهم، وتحولت تقارير هذه الدول السنوية عن حقوق الإنسان في المنطقة إلى سيف مُسلّط على رقاب الأنظمة، وتترقبها بقلق، وتكون غالبًا سببًا في تطوير وتحسين منظومة الحقوق الداخلية فيها (تشريعيًا ومؤسسيًا)، حتى أصبح السلوك السياسي للأنظمة مقومًا بمعايير حقوق الإنسان وحرياته من المنظور الغربي الأمريكي؛ مما تعزز هنا اتجاهات هذه البوصلة رغم علم الشعوب والنخب بازدواجية المعايير الغربية لحقوق الإنسان، وكذلك دافعيته الكامنة وراءها، وقبل طوفان الأقصى كانوا يفرضون أفكارهم الشاذة على المنطقة كالإلحاد والمثلية والنسوية.. لكن بعده، ذابت كما يذوب الرصاص بالنار.
ليس هذا فحسب، وإنما كان سببًا في انكشاف طبيعتهم البربرية المتوحشة، فقد عطلوا القانون الدولي وأوقفوا المعاهدات الدولية والإقليمية، ومنحوا الصهاينة الصلاحية كاملة في تطبيق "قانون الغاب" الأصل فيها الإباحة المفتوحة في فعل كل شيء: إبادات جماعية وتهجير وتجويع، ضد السكان الأصليين، ويقفون معه عسكريًا وماليًا وسياسيًا.. لذلك، لن نُبالغ في نعتهم بالبربرية المتوحشة، فهم يتلذذون بالإبادات الجماعية التي أغلبها من الأطفال والنساء، والتنكيل والتدمير والتجويع دون نوبة ضمير.. وهنا نقول بصوت عالٍ.
لقد انتهت أمريكا كمرجعية لحقوق الإنسان وكمدافعة عنها، فهي الآن مكشوفة لأصغر طفل في المنطقة، وقد أرجعت البشرية إلى تاريخها المظلم حيث كانت المجازر والمذابح البشرية تحصد الملايين.
هذا يعني سقوط النظام العالمي بكل مؤسساته التي تمت إقامتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية 1945؛ لأنها لم تحل دون عودة المجازر والمذابح والتي بسببها أقيمت للحيلولة دون وقوعها، مما يُحتِّم على البشرية أن تبحث عن نظام جديد أو قوة عادلة لحماية حق الإنسان في الحياة في ظل النزاعات والتوترات، صحيح لا يمكن مقارنة خسائر غزة البشرية والمادية بنظيرتها في الحرب العالمية الثانية، لكن لو تمعنا في الفكر والماهيات سنجد أنها ترتقي إليها من حيث المأساوية والفكر المنتج لها.
إننا نُصِر مع سبق الإصرار والترصد على السقوط التاريخي لواشنطن خاصة والغرب عامة، ولا يمكننا حصره في السقوط الأخلاقي لوحده؛ بل إنه السقوط الشامل الذي تنبأ به ابن خلدون قبل سبعة قرون، وهو صاحب مقولته الخالدة "الظلم مؤذن بخراب العمران"، وقد فسَّر كيف تصل الدول إلى الظلم الطاغي، وآثار هذا الظلم ومآلاته على المجتمع والناس والعمران. وعندما نستدعيها في حالة غزة، ونبحث عن تأصيلاتها الإسلامية، نُجزِم بقرب سقوط دول وأنظمة لأن الظلم الطاغي يحصد أرواح الملايين من البشر ظلمًا وعدوانًا.. إلخ.
وكل من يتابع التقارير السنوية لوزارة الخارجية الأمريكية ويقارنها بالممارسات والمواقف الأمريكية في غزة، سيظهر له التعارض بين القول والفعل من جهة، وسيتأكد له أن إدارة الرئيس جو بايدين تُدخل بلادها في الظلم الطاغي الذي يكون سببًا في زوال الدول والأنظمة. ولنأخذ تقريرًا من تقاريرها الحديثة عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كنموذج؛ حيث نجد في مقدمته كلمة لوزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، وننقل منها العبارة التالية: "تتعهد واشنطن بالدفاع عن حقوق الإنسان أينما كان في العالم حتى لو لدى شركاء الولايات المتحدة"، وهنا نتساءل: أين هذا التعهد مما يجري في غزة خصوصًا؟ ويتحقق هنا الظلم الطاغي في كون واشنطن مشاركة بالفعل والقول والمال في الجرائم والإبادات وبصورة مكشوفة.
تنبؤات ابن خلدون تجعلنا نعتبر أمريكا في مفصل تاريخي قابل لكل الاحتمالات السلبية؛ إذ إن أرواح ضحاياها في غزة هم من الأطفال والشباب والنساء، وهي تتساءل عند خالقها بأي ذنبٍ قتلت؟ وأدعية غير الآمنيين في غزة تصعد للسماء مع أدعية ملياري مسلم في العالم على مدار الساعة؛ فيقينًا أننا ننتظر العدالة الإلهية. وقُلنا في مقالنا السابق المعنون "استكبار يُفضي لهلاك الدول والحضارات"، إن صور الهلاك متعددة قمتها، ما يدلل عليه العنوان مباشرة، ومتعددها هلاك سياسي أو اقتصادي، فهل قضية ولاية تِكساس تطبيقًا لنبوءة ابن خلدون؛ حيث إنَّ التطورات فيها تشير الى احتمالية إعلان "جمهورية تكساس الاتحادية" أو الدخول في أتون صراعات داخلية في أمريكا.. والظلم الطاغي في ظرفيته الراهنة لا تستفرد به واشنطن فقط؛ بل الدول الغربية أغلبها، ومن يناصرهم سرًا وعلانية.
لا نتمنى الشر لدولةٍ أو لشعبٍ، وإنما الحديث هنا عن مآلات الظلم الطاغي كتلك الذي يتحدث عنها القرآن الكريم، وتناولناه في مقالنا السابق، خاصة الآن بعد أن أصبح المجتمع الدولي في حالة فراغ "صفرية" للمعيارية الأخلاقية والقيمية و"الصفرية" ذاتها للمدافعين عن حقوق الإنسان دولا أو مؤسسات أو أفرادا، دون جنوب أفريقيا، وهي الاستثناء؛ بل إنها تَظهَر وكأنها جاءت من كوكب آخر. وهنا ننعَى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل الاتفاقيات الأخرى، وننعَى كل المنظمات والناشطين الحقوقيين، ففي عهدهم تتجدد المذابح والمآسي، وهنا كذلك ينبغي أن نوجه لواشنطن خاصة والغرب عامة الرسالة التالية: "أنتم الآن أبعد عن الحديث عن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لا نقول إن غزة أسقطتكم أخلاقيًا وقيميًا؛ بل أكبر من ذلك، فقد جردتكم من الإنسانية، وكشفت بربريتكم المتوحشة، ولن تجدوا بعد غزة من يستمع إليكم إذا عدتم للحديث عنها.. كنَّا نعلم قبل غزة أنكم لا تنتصرون للحق بصفته الإنسانية المجردة، وإنما لما وراءه من مصالح اقتصادية وجيوسياسية، غير أننا لم ولن نتصور أنكم ستساهمون بصورة سافرة ومفضوحة في الإبادة الجماعية للأطفال والشباب والنساء وكبار السن وكل المدنيين، لا نتصور أن هناك بشرًا تسمح ضمائرهم بما يحدث في غزة حتى الآن.. سترحلون عاجلًا، وستنصِف عدالة السماء الأبرياء.. وإننا منتظرون!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزارة العدل وحقوق الإنسان تُحيي الذكرى الـ 76 لليوم العالمي لحقوق الإنسان
الثورة نت|
أحيت وزارة العدل وحقوق الإنسان اليوم بصنعاء، الذكرى الـ 76 لليوم العالمي لحقوق الإنسان بفعالية خطابية.
وفي الفعالية ألقى رئيس مجلس الوزراء أحمد غالب الرهوي، كلمة أشار في مستهلها إلى أن العالم وهو يُحيي هذه المناسبة ينبغي تذكيره بأنه على مدى عشر سنوات يجري استهداف حقوق الشعب اليمني صغارًا وكبارًا، أطفالًا ونساءًا وشيوخًا وبنية تحتية من قبل تحالف العدوان، السعودي الإماراتي ومن خلفه الأمريكي والبريطاني والصهيوني.
وأوضح أن المدنيين بما فيهم الأطفال والنساء منذ عشر سنوات يقتلون وتهدم البيوت على رؤوس أهلها وساكنيها بذريعة استعادة شرعية غير موجودة وإعادة رئيس انتهت فترته الانتخابية وعُزل في الأخير واُستبدل بآخر من قبل من أتوا رافعين شعار الدفاع عنه.
وقال “من المعيب ألا نسمع أحد يتكلم عن حقوق الإنسان في ظل ما يتعرض له أبناء الشعب اليمني من قتل وتدمير طال بنيته التحتية من مدارس ومستشفيات وطرق وجسور ومياه وكهرباء طيلة عقد من الزمن”.
ولفت الرهوي إلى تزامن ذلك مع الحصار الجوي والبري والبحري وسياسة التجويع ومحاولة الإذلال التي يتبعّها الأعداء والتي لا صلة لها بحقوق الإنسان ولا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبين “أن ما نشاهده جميعًا اليوم فيما يجري بغزة هو ما حصل في اليمن تمامًا والذي اعتبره رعاة حقوق الإنسان الغربيين الداعمين للعدو الصهيوني، دفاعًا عن النفس فيما هو في حقيقة الأمر تدمير للبيوت وقتل وإبادة جماعية لأبناء غزة وتجوعيهم وإجبارهم بالقوة المفرطة على النزوح القسري من القطاع”.
وذكر أن صاحب الأرض المحتلة أصبح معتديًا في نظر الغرب، فيما التجويع ومنع وصول الغذاء والدواء والماء وكل ما يحتاجه الإنسان في غزة في ظل الحصار المطبق عليها، هو دفاع عن النفس.
ومضى رئيس مجلس الوزراء “ما ارتكبه الأمريكي من جرائم جسيمة وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في سجني أبو غريب وجوانتانامو وقبل ذلك في اليابان وفيتنام وفي غيرها مناقٍضة لحقوق الإنسان وآخرها ما واجهه المتظاهرون بأمريكا من قمع وضرب بالعصي وإهانات من قبل من يدّعي رعاية الحريات وحقوق الإنسان”.
وأضاف “نؤكد في هذه المناسبة أن حكومة الإنقاذ وحاليًا حكومة التغيير والبناء لم تقصر في عملها إزاء قضايا حقوق الإنسان وسنعمل كحكومة حالية باستمرار عبر وزارة العدل وحقوق الإنسان على تحسين الأوضاع بالسجون وتحقيق دورها الإيجابي في تحويل نزلائها إلى أناس إيجابيين”.
وتابع “يتمتع المعتقلون والأسرى بكل الحقوق الإنسانية سواء الاتصال بأهاليهم أو في معيشتهم وعلاجهم عكس ما يتعرض له أسرانا في سجون المرتزقة والعدوان من تعذيب وإهانات حد قيامهم بدفن المجاهدين وهم أحياء إلى جانب أعمال القتل والذبح الموثقة بالصوت والصورة”.
وأردف “ما يتشدق به الإنسان الأوروبي والغربي عن حقوق الإنسان هو محض افتراء، بينما هم في الحقيقة لا يطبّقون حقوق الإنسان إلا على شعوبهم لأنهم ينظرون إليهم بأنهم متميزون فيما معظم الشعوب تتعرض لظلمهم وقمعهم وقهرهم والنهب والسيطرة على الثروات”.
وأكد الرهوي أن أمريكا التي خاضت أكثر من 280 حربًا خارج حدودها هي الشيطان الأكبر التي قضت على مئات الآلاف من الهنود الحمر السكان الأصليين للأمريكيتين، وما تتحدث به أمريكا عن حقوق الانسان مجرد أكاذيب.
ولفت إلى أن وزارة العدل وحقوق الإنسان لديها توثيق كامل بالصوت والصورة لكل الجرائم التي اُرتكبت ضد الشعب اليمني الذي أصبح منتصرًا على العدوان المستمر منذ عشر سنوات.
واختتم رئيس مجلس الوزراء كلمته بالقول “ستعمل حكومة التغيير والبناء على ترسيخ وضع حقوق الإنسان في اليمن بغض النظر عما يمارسه الآخرون ضد شعبنا وأسرانا والتي لا تليق بالإنسان الذي كرّمه الله على سائر خلقه”.
وفي الفعالية التي حضرها وزير العدل وحقوق الإنسان القاضي مجاهد أحمد عبدالله، ونائبه القاضي إبراهيم الشامي، أشارت عضو مجلس الشورى – رئيسة لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة والمجتمع المدني بالمجلس حسيبة شنيف، إلى أهمية إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف العاشر من ديسمبر من كل عام، للتذكير بواحد من أكثر التعهدات العالمية وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وذكرت أن وثيقة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، صاغها ممثلون من مختلف الفئات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم وحددت لأول مرة حقوق الإنسان الأساسية التي يجب حمايتها عالميًا .. معتبرة هذا اليوم، معيارًا مشتركًا للشعوب والأمم وفي ذات الوقت مخططًا عالميًا للقوانين والسياسات الدولية والوطنية والمحلية وأساس أجندة 2030 للتنمية المستدامة.
وأعربت شنيف، عن الأسف في تحول الحديث عن حقوق الإنسان من خطاب نضالي إلى خطاب يثير التندر ويبعث على الشعور بالقهر والغضب، خاصة ممن يتم الاعتداء على حقوقهم باسم حقوق الإنسان أو من يتعرضون للتنكيل اليومي بكرامتهم وحقوقهم بغطاء دولي.
واستشهدت بما يحصل في قطاع غزة من إبادة ومجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ والشباب التي اُنتهكت بآلة الحرب والعدوان الصهيوني، الأمريكي، البريطاني، مضيفة “ليس سهلًا الثقة بحقوق الإنسان وبالمنظمات التي تدّعي حمايتها والعالم يتفرج إزاء إبادة شعب مدني مسالم في أرضه المحتلة”.
وتطرقت عضو مجلس الشورى، إلى الآليات الوطنية لحقوق الإنسان، مؤكدة أن تلك الآليات هي هيئات تعمل على صون وحماية حقوق الإنسان وترصد تنفيذ القانون الدولي، بدءًا بالقضاء والنيابة العامة والمحاكم واللجان البرلمانية في مجلسي النواب والشورى والوزارات المعنية والجهات ذات العلاقة.
بدوره استعرض مسؤول قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل علي صالح تيسير، ما تعرض الشعب اليمني منذ عشرة أعوام من عدوان وحصار من قبل التحالف الأمريكي، السعودي الإماراتي في انتهاك سافر لمبادئ حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وأفاد بأن الأمم المتحدة شريكة في الإجرام الأمريكي، السعودي، الإماراتي في اليمن، مبينًا أن العدوان ارتكب جرائم بحق المدنيين، راح ضحيتها 59 ألف ما بين شهيد وجريح، وعشرة آلاف شهيد من الأطفال، و100 ألف جريح ونحو عشرة آلاف مفقود من أبناء اليمن.
وأشار تيسير إلى أن تحالف العدوان تسبب في ارتكاب آلاف المجازر والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية بحق الشعب اليمني، لافتًا إلى أن نحو 11 مليون طفل يمني يعيشون سوء التغذية الحاد والوخيم، وهناك أطفالًا ونساءًا يعيشون تحت خط الفقر يقتاتون أوراق الشجر.
وبين أن الحصار الجوي والبري والبحري لتحالف العدوان تسبب أيضًا في موت 570 ألف يمني، ودمّر وأجهز على ألفي مدرسة وحرمان ملايين اليمنيين من الخدمات العامة، مؤكدًا أن حقوق الإنسان التي تدّعيها أمريكا وأوروبا مجرد خدعة، انخدع بها الكثير.
ولفت مسؤول قطاع الإنسان بوزارة العدل، إلى أن أمريكا والغرب يمارسون أعمالًا ضد الإنسانية في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسوريا وليبيا وغيرها من دول العالم، مضيفًا “آن الأوان لأن يستيقظ العالم من سباته والنظر بعين الاعتبار لما ترتكبه أمريكا وأوروبا من جرائم ومجازر مروعة بحق المدنيين في مختلف دول العالم”.
فيما بارك رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى لوزارة العدل وحقوق الإنسان إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان، مبينًا أن هذه المناسبة هي الثانية التي تأتي في ظل العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني واستمرار المجازر والإبادة الجماعية في غزة وسط صمت عالمي وعجز دولي معيب.
وأكد أن حقوق الإنسان الحقيقية التي تلبي طموحات وتطلعات البشر وتحفظ لهم حقوقهم وحرياتهم هي في منهج المولى تبارك وتعالى الذي اختاره للناس جميعًا المتمثل بالقرآن الكريم وما حفظه من كرامة ومكانة للإنسانية كأهم وأعظم المخلوقات.
وعبر عن الأسف من جهل الأمة بعظمة وأهمية القانون الإلهي الذي حفظ حقوق الإنسان وحريته وكرامته ومكانته، من خلال رمي بالقانون الإلهي وراء الظهر وتعاملت في أغلب مراحل التاريخ الإسلامي بعيدًا عنه، ما ساعد في ظهور الظلم والطغيان والفساد وانتشاره في أوساط الأمة الإسلامية.
واستهجن المرتضى، بيان الخزانة الأمريكية الصادر في التاسع من ديسمبر الجاري الذي فرض من خلاله عقوبات اقتصادية على اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى ورئيسها بزعم انتهاك حقوق الإنسان، وما ساقه من تهم زائفة وكاذبة، مؤكدًا أن كل التهم التي وُجهت للجنة ورئيسها محظ افتراء وغير صحيحة جملة وتفصيلًا.
وجددّ التأكيد على أن الأسرى والمعتقلين الموجودين لدى صنعاء يحظون بكامل الحماية والرعاية الإنسانية ويتواصلون بأهاليهم وحتى بقياداتهم بشكل مستمر، لافتًا إلى أن تلك الاتهامات التي تم توجيهها للجنة لن تثنيها عن مواصلة الجهود في متابعة ملف الأسرى والمعتقلين، وستكون دافعًا قوياً للمضي في إنجازه بكل الوسائل والطرق الممكنة عبر الأمم المتحدة أو الوساطات المحلية.
وأوضح رئيس لجنة شؤون الأسرى، أن التعامل الإنساني مع الأسرى، نابع من المنطلقات والمبادئ الإسلامية والإنسانية وسيبقى هذا التعامل قائمًا ولن يتغير تحت أي ظرف، مشيرًا إلى أن أمريكا غارقة اليوم في جرائمها البشعة التي ترتكبها يوميًا في غزة وقبلها على جماجم ملايين البشر من الهنود الحمر وجرائمها في اليابان وفيتنام، والصومال وأفغانستان والعراق، وسجون أبو غريب وغوانتانامو وغيرها.
من جهته أشار منسق هيئة التنسيق للمنظمات اليمنية غير الحكومية لرعاية حقوق الطفل عبده الحرازي، إلى أن إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يذّكر الجميع بآلاف الضحايا في اليمن وفلسطين ممن طالهم العدوان الأمريكي، الصهيوني، السعودي، الإماراتي.
وأكد أن تلك الجرائم ستظل وصمة عار في تاريخ البشرية والعالم الصامت الذي جبُن عن قول كلمة الحق في ظل انتهاك صارخ لكافة المواثيق والصكوك والتشريعات الدولية الداعية إلى حماية حقوق الإنسان والأطفال بوجه خاص.
ودعا الحرازي، الجهات الحكومية وكافة المنظمات الدولية العاملة باليمن إلى تعزيز الشراكة والتشبيك مع منظمات المجتمع المدني كشريك أساسي في التنمية المجتمعية، والعمل بإرادة وعزيمة لا تلين لمواجهة التحديات والأزمة الإنسانية التي تمر بها البلاد.
تخللت الفعالية التي حضرها عدد من المسؤولين بوزارة العدل والجهات المعنية وذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني، عرض عن واقع حقوق الإنسان في ظل العدوان والحصار قدّمه المستشار القانوني لوزارة العدل وحقوق الإنسان حميد الرفيق، وتكريم رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى بدرع حقوق الإنسان، نظير جهوده التي بذلها وما يزال في سياق معالجة ملف الأسرى والمعتقلين.