ندوة الأسرة وبناء القيم تبحث ترسيخ المبادئ العمانية وتعزيز الوعي المجتمعي في تربية الأجيال
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
بدأت اليوم أعمال ندوة الأسرة وبناء القيم ـ الفرص والتحديات ـ التي تنظمها مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية على مدى ثلاثة أيام، بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض، وتبحث ترسيخ المبادئ والقيم العمانية الأصيلة المستمدة من الدين الحنيف، ونشر الوعي بأهم تحديات العولمة وتأثيرها على الأسرة، وتحصين النشء فكريا ومعرفيا بالمبادئ والقيم الأصيلة، والتصدي للأفكار الدخيلة من أجل حماية الأسر والمجتمعات.
وتشهد الندوة التي رعى حفل افتتاحها معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام، 11 جلسة نقاشية ومناقشة 3 محاور رئيسية و3 حلقات عمل ومحاضرتين للجمهور، بمشاركة متحدثين وخبراء وأكاديميين ومختصين في الشأن الأسري والتربوي والعلمي، من داخل وخارج سلطنة عمان، وقام معالي الدكتور راعي الحفل بتكريم الجهات الداعمة والراعية للندوة.
وخلال حفل الافتتاح ألقيت كلمة لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان، ألقاها نيابة عنه الشيخ أفلح بن أحمد الخليلي جاء فيها: «إن الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع، وبحسب ما تكون عليه من قوة وصلابة تكون متانة المجتمع وعلاقة بعضه ببعض، فإن الإنسان خلقه الله ليكون بفطرته مدنيا وبعلاقته اجتماعيا، فلا بد للفرد من الأسرة ولا بد للأسرة من المجتمع، وهم باجتماعهم وتعاونهم وتكاتفهم يشد بعضهم أزر بعض، ويقضي بعضهم حاجة بعض».
وذكر في كلمة سماحته: «إن هذا كله إنما هو مرهون بارتباط الأسرة بالقيم التي تتكون من العقيدة الصحيحة والأخلاق العليا، فيصدق على كل أفراده وصف النبي- صلى الله عليه وسلم- للمؤمنين في قوله: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، وأصل ذلك قول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) الحجرات: ١٠، فالإيمان لحمة قوية تشد المؤمنين بعضهم إلى بعض وهي أقوى من لحمة النسب».
وأضاف في كلمة سماحته: «إن هذا ما جسده الرعيل الأول من هذه الأمة الذين ضربوا أروع الأمثال في اندماج بعضهم مع بعض، وحسن تآخيهم في الله، حتى أولئك الذين استشرت بينهم العداوة حقبة من الدهر، وتوارثوها أبا عن جد، وخلفا عن سلف، فقد وحد بينهم الإيمان ومحا كل أثر من آثار الخلاف والخصام بينهم، كما امتن الله تعالى بذلك على نبيه- عليه الصلاة والسلام- الذي أيده بهم فكانوا له خير صحبة إذ قال تعالى: (هُوَ ٱلَّذِيٓ أَيَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞ) الأنفال (63)
وبين في كلمة سماحته: «إن الله تعالى ذكّرهم بهذه النعمة العظيمة التي أسبغها عليهم، فوحدتهم من شتات، وأحيتهم من موات، فصاروا أمة مثالية في تعاونها وتآزرها، وتوادها وتراحمها، فقد ذكرهم بما كانوا عليه وما حوَّلهم إليه، إذ قال: (وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ) آل عمران (103)».
ولفت إلى أن: «هذه المُثُل لا تحيا إلا بالمحافظة عليها من خلال المحافظة على القيم، والتمسك بالفضائل، فلذلك كانت ضرورة التناصح والتآمر بالخير والتناهي عن الشر، ولذلك دعاهم بعد هذا الامتنان إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (104) آل عمران: ١٠٤، مضيفًا أن هذا يعني حسن التربية للناشئة لتتغذى بالإيمان، وتتحلى بالأخلاق، وتزدان بالفضيلة، فإن الجيل الصاعد هو أمانة بيد الجيل الراهن، وكل منهم مسؤول عن أمانته، كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
وأكد «أنهم إذا صدقوا في المحافظة على رعيتهم صلح الحال والمستقبل، وتماسكت الأسر، واطمأن المجتمع، وعمت الفضيلة، وانحسرت الرذيلة، وساد الخير في جميع الناس، وانتظم النظام جميع أمورهم، وعمهم الوئام فشمل القاصي والداني، وزالت الفجوة بين الناس، وعادوا في ذات الله إخوانا».
من جانبه أكد الشيخ خليل بن أحمد الخليلي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية في كلمة له على اهتمام حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بالأسرة، مشيرا إلى أن عاهلُ البلاد المفدى -حفظه الله ورعاه- أولى ملفَّ الأسرة عناية خاصة؛ إيمانا من جلالته بأولوية تربية الأجيال وتنشئتِهم النشأة الصالحة واستمرارِ تعزيز المنظومة القيمية في المجتمع العماني.
وقال: إن العالم يعيش لحظاتٍ متسارعة، نصبح فيها ونمسي على إيقاع لا منتهٍ من التغيير في مناحي الحياة جميعها، عالمٌ تتزاحم فيه غاياتُ التدافع والتأثير، وليست الأسرةُ بمنأىً عن هذه التجاذبات بغض النظر عن دوافعها: سياسةً كانت أو اقتصاديةً أو فكريةً أو غيرَ ذلك من البواعث المختلفة، فلم يعد سرا ما يحاك من السعي الحثيث لتفتيت الأسرة وضرب كيانها.
وأوضح الخليلي: أن للطفراتِ الرقمية التي يشهدها الواقع التقني إسهاما بالغا في التأثير على الدول والمجتمعات، فقد أفرز واقعا جديدا تغيَّر معه نمط الحياة، وانطوت بسببه المسافات؛ فتقارب الناس وتيسر لهم التواصل وبلوغ المعارف والمنافع بأيسر الطرق، وهذا جانب جيد من التغيير الحاصل، يجدر بمجتمعنا أن يأخذ بأحسنه، وأن يستفيد قدر الإمكان منه.
وبين الخليلي أنه في الجانب الآخر مثَّل تدفق البيانات في فضاء الإنترنت تحديا من حيث الكم الهائل من المعلومات التي تشتت الذهن -ابتداءً-، إضافة إلى إشكالية المضمون الذي اختلط فيه الغث بالسمين، فتسللت أفكار دخيلة كثرت معها المغالطات والرِّيَب، ونوزعت بسببها الأسرةُ دورَها؛ مما أدى بفئة من الشباب -ذكورا وإناثا- إلى الوقوع في شرك الشبه العقدية أو دخول دائرة التيه والعقد النفسية، أو انزلاق الحال ببعضهم إلى درك التشكيك والجحود.
وأضاف: إن على الأسرة خصوصا والمربين عموما مسؤولية القراءة الصحيحة للواقع بما يعين على أداء دور المرشد الحكيم والناصح الأمين، الذي ينطلق من متطلبات الجيل الحالي، ويستلهم المبادئ التربوية ويبني نماذجها التطبيقية بما ينسجمُ مع الثوابت الدينية والاجتماعية ويواكبُ المتغيراتِ المعاصرةَ؛ فإن هذا خليق -إن شاء الله- بأن يؤسس القيم في نفوس النشء تأسيسا متوازنا يجمع بين رسوخ المنبت وتطلعات الأجيال الحديثة».
وخلال الجلسة الرئيسية الأولى تحدثت الدكتورة ريا بنت سالم المنذرية أستاذة مشاركة ورئيسة قسم المناهج والتدريب بجامعة السلطان قابوس عن بعض اهتمامات الشباب والانتماء الوطني، وأهمية الانتماء في الممارسات اليومية للشباب ووعيهم الاجتماعي بأهمية الانتماء للوطن.
مؤكدة على أهمية فهم الشباب للقضايا الاجتماعية والمفاهيم الراسخة لدى الشباب، ليتشكل في أذهانهم الوعي لمختلف الجوانب، والتأثيرات المحيطة بهم، وما يشعرون به من بعض الضغوطات وتأثيرات ذلك على مسار حياتهم.
كما تطرقت الدكتورة ريا المنذرية إلى العديد من الجوانب التي يجب أن تغرس في الأجيال، وأهمية وجود الإيجابية في رسم مسارات الحياة اليومية، والتغلب على التحديات والصعوبات التي تواجههم عبر مواجهتها وإيجاد الطرق التي يتجاوز بها الشباب هذه التحديات للوصول لمجتمع واع يدرك الجوانب التي قد تؤثر عليها ويحاول أن لا يستلم لها.
من جانبه تحدث الدكتور جاسم المطوع إعلامي وخبير في الشأن الأسري عن العديد من الجوانب التي تحيط بالعالم اليوم، مؤكدا أن المجتمعات والفطرة الإنسانية تتعرض لمتغيرات كثيرة وتواجه صعوبات وتحديات، موضحا أهمية مواكبة هذه المتغيرات عن طريق النزول إلى واقع المجتمعات وإيجاد مؤسسات معنية بالجانب الأسري وحل المشاكل الأسرية والمساهمة مع الأب والأم في تربية الأبناء.
وأكد المطوع أن واقع الحياة المعاصرة يفرض تحديا من نوع آخر يتمثل في أن الأطفال اليوم أصبحت لديهم وسائل تواصل مع العالم الخارجي، لذلك فإن التربية الصالحة للأبناء تتطلب تكاتف الجميع بما في ذلك المؤسسات.
من جانبه تحدث الدكتور مصطفى أبو سعد متخصص في إعداد المرشدين النفسيين في الشأن الأسري عن عدد من الجوانب التي تواجهها الأجيال في الحياة وتغير مسارات حياتهم وتصيبهم بفقدان طاقاتهم وسلوكهم القويم وتغير الفطرة الإنسانية لديهم.
وقال: إن الشباب اليوم يواجهون العديد من الوسائل التي تؤدي بهم إلى طرق مظلمة تفقدهم بصيرتهم وأخلاقهم وتشوه المعتقدات والقيم، مشيرا إلى خطورة الهواتف النقالة ومنصات التواصل الاجتماعي التي تعج بـ (الغث)، وقال: إن هناك العديد من المؤشرات على وجود حالات إدمان على مشاهدة وسائل التواصل الاجتماعي بشكل سلبي، واستخدام المنصات لجوانب غير أخلافية، قد تقود صاحبها إلى براثن الإدمان على مشاهدات المحتوى غير الأخلاقي ومن ثم الإصابة بالإدمان والتغير في السلوكيات والأخلاق التي بدورها تكون بداية للدخول في نفق مظلم قد يغير حياة الفرد وتؤدي به إلى مستنقع الحياة الفاشلة.
كما استعرض اليوم الأول محور «الأسرة.. فكرًا وأخلاقًا» حيث تناول أربع قضايا في أربع جلسات: محوريـة الأسرة فـي المنظـور الإسلامي للاجتماع البشـري، قدمها الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي في الجلسة الأولى، حيث ناقش فيها أهمية الأسرة في التكوين الفطري للبشرية ومعالجة الإشكالات العقدية والمفاهيمية المتصلة بالموضوع.
كما ناقش فضيلة الشيخ الدكتور أبو زيد المقري الإدريسي في الجلسة الثانية الإعلام الغربي ومضامين التربية على فكرة الإلحاد والشذوذ من ناحية الكشف عن التدابير التي يعتمدها الإعلام المؤدلج في صناعة الأجيال الموجهة، وفي الجلسة الثالثة طرحت الدكتورة فريدة زمردة دور المصطلحـات ومعالجتها في تشـكيل الوعي العقائدي، وأشارت فيها إلى قضية المصطلحات المتصلة بالأسرة في ظل انتشار العولمة، وإشكالات التدافع بين التيارات الساعية لتجفيف منابع تكوين الأسرة من خلال نشر اصطلاحات جاذبة، فيما تطرق الدكتور باحمد أرفيس في الجلسة الرابعة والأخيرة إلى الوعي بالوظائف الطبيعية والحقوقية بين أفراد الأسرة، وناقش فيها أهمية تكامل الأدوار والبذل والتضحية داخل الأسرة؛ من أجل صناعة أجيال تنطلق في رؤيتها للحياة من خلال الوعي بالحقوق من حيث التنظير والتطبيق سواء كان بين الزوجين أو بينهما وبين الأولاد.
كما أقامت المؤسسة مساء اليوم محاضرة عامة في مسرح مدينة العرفان قدمها الدكتور جاسم المطوع حول كيفية إدارة أوقات الأبناء أمام الشاشات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجوانب التی العدید من فی الجلسة فی کلمة م س ؤول
إقرأ أيضاً:
الاهتمام المجتمعي بأسر الشهداء .. لفتة إنسانية تُجبر القلوب وتخفف المعاناة
أوضح مراقبون ومعنيون أن التقدير المجتمعي لتضحيات الشهداء أمر مقدس في مجتمعنا، فأسر الشهداء تظل لها مكانة كبيرة في قلوب الناس، لأنها قدمت أبناءها وإخوانهم وفلذات أكبادها من أجل كرامة وعزة الشعب والوطن، وكل فرد في المجتمع اليمني يشعر بأن اسر هؤلاء الشهداء هي جزء من عائلته وعليهم واجب يجب القيام به تجاهه بشكل واضح لأن أبناء هذه الأسر فقدوا من يعولهم أو احد أفرادهم من اجل الله والوطن .
استطلاع/ أسماء البزاز
البداية مع الأستاذ محمد الفرح -عضو المكتب السياسي لانصار الله حيث يقول : أن أسر وأبناء الشهداء هم مسؤولية وأمانة في أعناقنا وان من الوفاء للشهيد الاهتمام بأسرته فلا يجوز أن ينشأ ابن الشهيد غير حافظ للقرآن مثلا، ولا يجوز ان يعيشوا المعاناة في أوساطنا دون ان نتلمس احتياجاتهم ونتلمس هموهم.
ويرى الفرح أنه ليس من الوفاء وليس من الإنسانية وليس من الدين ذلك، بل ان هذا عامل مثبط للآخرين بألا ينفروا خاصة اذا رأينا أبناء الشهداء وهم يعيشون معاناة وينشأون في جهل وليس هناك من يربيهم تربية إيمانية، بكل تأكيد فإن ذلك عامل مثبط للآخرين عن الانطلاق للجهاد، وطبعا لا يعفينا عن هذا الدور وجود مؤسسة للشهداء، فدورها فقط هو تنظيم الجهد وتنظيم ما يأتي، وهي ليست بديلا عن دور المجتمع اطلاقا، وهذه من الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها البعض الذين ينظرون إلى مؤسسة الشهداء بأنها كل شيء
وتابع الفرح : عندما يجد أي واحد منا أسرة تعاني اذا كان متحمل مسؤولية ان يتصل لمسؤول للشهداء في المديرية أو في المنطقة أو المحافظة ولكن من المناسب ان تكون هناك أيضا مبادرة من قبلنا نحن لتقديم العون لأسر الشهداء والتعاون معهم، وكل أسرة وكل قرية ومجتمع يستطيع أن يعين اسر الشهداء ولا نحتاج إلى أي جهات أخرى وما يأتي من مؤسسة الشهداء ومن الجانب الرسمي هو زيادة نعمة وزيادة خير لهم، وهذه المسألة يجب أن تكون حاضرة باستمرار في ثقافتنا وفي خطب الجمعة وفي الندوات والمحاضرات باستمرار فمسألة الاهتمام بهم والاهتمام ببتربيتهم بتعليمهم في المساجد وفي المدارس، مثلا في فصل الشتاء تكون درجة الحرارة منخفضه والبرد شديداً وهذا معروف لذا يجب ان يكون هناك عطاء وأن نتلمس احتياجات أبناء الشهداء، والأغلب من أبناء الشهداء يصبرون على أي معاناة يمكن ان تحدث لهم.
مبادرات الإسناد:
من جانبه يقول محمد الرضي – مجلس الشورى : في الذكرى السنوية للشهيد، يجب أن نتذكر الشهيد الذي قدم روحه في سبيل الله ومن اجل ان نعيش حياة العزة والكرامة ان نعيش في أمان نتذكرهم في هذه المناسبة ونتذكر ما تركوا خلفهم من أمانة في أعناقنا، انهم أبناءهم وأهاليهم وأبناؤهم أيضا قدموا من يعولونهم دفاعاً عنا جميعا.
وأوضح الرضي انه في هذه الذكرى يجب ان نعزز التكافل الاجتماعي وبالأخص تجاه أبناء الشهداء وأقاربهم وان نمد لهم يد العون وان نكون سندا لهم، فالمستشفيات من المهم ان تقدم لهم الخدمات الطبية المجانية والمدارس الحكومية والخاصة ان تتبنى مبادرات تعليمهم مجانا وأن تتحرك الجمعيات الأهلية اليمنية للمساهمة في تقديم مساعدات مالية وعينية وأن يساهم تجار الملابس في كسوتهم وتجار المواد الغذائية في تقديم مبادرات شهرية وسنوية وكلا حسب المستطاع لتقديم ما يمكن لمساندتهم.
وتابع الرضي : يجب ان يتبنى الأهالي في القرية أو الحي مبادرات لمساندتهم، من يمتلك وايت الماء ان يتبنى تقديم وايت واحد لأسرة شهيد شهريا، وان يكون هناك تخفيض في كيلو الكهرباء من قبل تجار الكهرباء لأهالي الشهداء، وعلى الحكومة ان توفر لهم الإعاشة والمعونة بشكل دائم غير منقطع، فقد قال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله ورعاه- عن أبناء الشهداء (أكرموهم أكرمكم الله إنهم أمانة في أعناقكم)، فما جزاء الإحسان إلّا الإحسان فنحن نستحي من دماء الشهداء ونحن نعيش في عزة وكرامة بفضلهم وبفضل تضحيات أسرهم ونخجل أمام صمود أهلهم وذويهم وأمام إيمانهم الذي تقشعر منه الابدان.
تضحيات عظيمة:
الإعلامي الحسين السقاف يقول من ناحيته: لا بد من الإشارة إلى أن الشعب اليمني من اكثر الشعوب المسلمة التي تجل وتقدر تضحيات الشهداء ومن اكثر الشعوب التي قدمت آلاف الشهداء من اجل الدفاع عن وطنها وعزتها وكرامتها منذ اكثر من عشرة أعوام من العدوان الغاشم، ولا يظهر حجم التضحيات العظيمة التي قدمها الشهداء بشكل جلي إلا عندما نحيي ذكرى أسبوع الشهيد والتي يحتفل بها الشعب اليمني ليس على مستوى كل محافظة، بل على مستوى كل مديرية وكل حارة في اليمن، لأنه مرتبط بالشهداء بشكل وثيق .
وأضاف السقاف : يجب أن نعرف أن أسر وأبناء الشهداء يتواجدون بيننا في كل منطقة وفي كل حارة وفي كل محافظة في اليمن ومظاهر إحياء أسبوع الشهيد تجسد مدى إجلال المجتمع وتقديره لتضحيات شهدائنا الأبرار، سلام الله عليهم، وانطلاقاُ من هذا التقدير المجتمعي لتضحيات الشهداء فإن أسر وأهالي الشهداء تظل لهم مكانة كبيرة في قلوب كل الناس، لأنهم قدموا أبناءهم وإخوانهم وفلذات أكبادهم من اجل كرامة وعزة الشعب الوطن وكل فرد في المجتمع اليمني يشعر بأن أسر هؤلاء الشهداء هي جزء من عائلته وعليهم واجب يجب القيام به تجاهها بشكل واضح لأنها فقدت من يعولونها من أجل الوطن وكل أفراد المجتمع.
مبينا انه عندما تأتي ذكرى أسبوع الشهيد يجب على وسائل الإعلام ان تقوم بدورها في ابراز تضحيات الشهداء من جهة ومن جهة أخرى حث المجتمع على ضرورة رعاية وكفالة اسر الشهداء كنوع من الواجب الذي يجب القيام به تجاه الأسر التي قدمت آلاف الشهداء من اجل دينها ووطنها والإعلام قادر على استنهاض جهود المجتمع بشكل كبير لتعزيز روح التكافل تجاه أسر الشهداء وإيجاد قنوات واضحة يتم من خلالها توحيد الدعم المجتمعي والرعاية لأسر الشهداء إلى جانب الدعم الكبير الذي توليه القيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبدالملك الحوثي -حفظه الله- والقيادة السياسية والحكومة لأسر الشهداء لا سيما واعداد الشهداء -سلام الله عليهم- كبيرة جدا ومن الصعب على أي حكومة أن تلبي كل احتياجات اسر الشهداء بشكل كامل وبالتالي فالمجتمع معني بتقديم كل ما يستطيع تقديمه لرعاية أبناء الشهداء وأسرهم كواجب وديني يجب القيام به تجاههم.
حكايات الشرفاء:
وختامه مسك مع فضيلة العلامة الحسين السراجي حيث يقول :
خيرُ المطالع تسليم على الشُّهدا
أزكى الصلاة ِعلى أرواحهم أبدا
فَلْتنحنِ الهامُ إجلالاً وتكرمةً
لكلِّ حرٍّ عن الأوطان مات فدى
وأضاف قائلا: تبقى حكايات الرموز التي تُحاكُ بالحب والوفاء والعشق تُكتبُ بيدِ شباب عشقوا الوطنَ فكانوا له الأصدقُ ومنه الأقربُ ليبقى الوفاءُ للتراب اليمني حكاية يمانية ترويها الأجيالُ وتتحدثُ عنها المجالسُ ليتحولَ حزنُ الفقد إلى الفخر بالإنجازِ وتصبحَ شواهدُ القبور نورًا على مدى الأيام تقرأُ عليها فاتحةَ الكتاب مِن كل مَن مرّ عليها .
وتابع: شهداؤنا هم رموز العطاء، وعنوان المجد والعزة، فبدمائهم الطاهرة تحرر الوطن من ربقة عبودية الاستكبار، وببطولاتهم الفذة نُفاخر الشعوب والأمم، هم الأبطال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، في ميادين العزّة والإباء، وإنّنا في هذه الذكرى السنوية نحتفي بذكراهم تخليداً لوفائهم وتقديراً لتضحياتهم .
مبينا انه وأمام هذه التضحيات ووفاء لهؤلاء العظماء يجب ألا نغفل عن أسرهم وفي المقدمة الوالدين والأبناء والزوجة، وهنا مختبر الوفاء ومعترك الصدق الذي يجب أن يكون، وذلك بتوفير الحياة الكريمة لأسر الشهداء وذلك بتفقد أحوالهم وقضاء حوائجهم وتعويضهم عما فقدوه من الرعاية والكفالة، إعطائهم الأولوية في التعليم والصحة وكافة الخدمات وأنّ من واجب الأمة فردًا فردًا أن يقوموا بكفالة وإعانة أرامل وأيتام الشهداء الذين دافعوا عن ديننا ووطننا، وبذلوا الغالي والنفيس، وطردوا منتهك السيادة ومستبيح الكرامة وناهب الثروات، مضيفاً: يجب أن نقتدي بسيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله فقد روي عبدالله بن جعفرٍ عن حادثة استشهاد أبيه في غزوة مُؤتة ، أن رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آله وسلَّمَ أتاهم فقال (( لا تَبْكُوا على أَخي بعدَ اليومِ ، ادْعُوا إليَّ ابْنَي أخي )) قالَ : فَجيءَ بنَا كأَنَّا أَفْرُخٌ ، فقالَ ((ادْعُوا إليَّ الحلاَّقَ)) فجيءَ بالحلاَّقِ فحَلَقَ رُؤوسَنَا ، ثمَّ قَالَ ((أمَّا محمَّدٌ فشَبيهُ عمِّنَا أَبي طالبٍ، وأمَّا عبدُاللهِ فشَبيهُ خَلْقِي وخُلُقِي)) ثمَّ أخَذَ بيَدِي فأَشَالَهَا – أي رَفَعَها – فقالَ ((اللهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَراً في أَهْلِهِ ، وبَارِكْ لعبدِ اللهِ في صَفْقَةِ يَمِينِهِ)) قالَهَا ثلاثَ مِرَات، قالَ : فجَاءَتِ أمُّنَا فذَكَرَتْ لَهُ يُتْمَنَا، وجَعَلَتْ تُفْرِحُ لَهُ – أي لا عشيرةَ لأبنائي بعد موتِ أبيهم – فقالَ صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آله وسلَّمَ ((الْعَيْلَةَ تَخَافِينَ علَيْهِمْ – أي الفقر والحاجة – وأَنَا وَلِيُّهُمْ في الدُّنْيا والآخِرَةِ)) .
مبينا أن أبناء الشهداء في مقدمة الاهتمام والرعاية من قبل الدولة وكافة مؤسساتها والمجتمع ككل والأمر يحتاج واقعاً ملموساً وليس عملاً موسمياً يتلاشى بخروجه وتتم العودة إليه في الموسم التالي وهكذا، مؤكدا أهمية تفعيل الدور المجتمعي لتعزيز روح التكافل نحو أسر وعوائل الشهداء بدءاً من استشعار الواجب المناط بالجميع.
مبينا أهمية التوعية والتحرك الفاعل وإبراز النشاط في هذا الجانب ونتائجه مهمة أيضاً، فالرسالة يجب أن تصل ويفهمها الجميع وتعيها الآذان الواعية .