يقدم جناح الأزهر الشريف بـمعرِض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزواره كتاب "الأطفال يسألون الإمام"، يشتمل على إجابات لـ ٣٨ سؤالا للأطفال، يجيب عليها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، من إصدارات سلسة كتاب "نور".

 

وكان من أبرز تلك الموضوعات عدة أسئلة من الأطفال عن أصدقائهم المسيحيين، تتناول الأسئلة التالية: قالت لي أمي: لا تلعب مع صديقك المسيحي لأن المرء على دين خليله.

. هل هذا صحيح؟ قالت لي زميلتي بالمدرسة: إن صداقتي لزميلتنا المسيحية حرام.. ما صحة ذلك؟ هل نثاب عندما نساعد غير المسلم؟ يعجبني شكل شجرة الكريسماس ومظاهر الاحتفال بها.. وأحب مشاهدتها في الأفلام الأجنبية.. فهل هذا حرام؟

 

الصداقة من الأمور المباحة

 

وردا على سؤال قالت لي أمي: لا تلعب مع صديقك المسيحي لأن المرء على دين خليله. هل هذا صحيح؟ يجيب الإمام الأكبر على الطفل السائل بالقول: "اللعب مع صديقك المسيحي لا شيء فيه وهو مباح، فلو كان اختلاف الدين هو السبب الوحيد لاعتراض أمك على هذه الصداقة، فناقشها، أما إذا كان لعبك مع صديق لك بغض النظر عن ديانته حتى لو كان مسلما سيغضب أمك فعليك أن تطيعها وتمتنع عن مصادقة هذا الشخص ومصاحبته برا بأمك وطمأنينة لقلبها، فهي ترى ما لا تراه أنت، والصداقة من الأمور المباحة، ولكن بر الوالدين فريضة عليك".

 


وتسأل طفلة آخرى سؤالا مشابها بالقول: قالت لي زميلتي بالمدرسة: ان صداقتي لزميلتنا المسيحية حرام. ما صحة ذلك؟ ليجيبها الإمام الأكبر بالقول: "كلام زميلتك غير صحيح، وصداقتك لزميلتك المسيحية مباح ولا شيء فيه، وقد جعل القرآن الكريم أساس العلاقة بين المسلم وغيره هي البر والقسط لا القطيعة والهجر والعدوان، قال الله تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (سورة الممتحنة: ٨).

 

 


وإجابة على سؤال للأطفال: هل نثاب عندما نساعد غير المسلم؟ يجيب الإمام الأكبر بالقول: "العلاقة بين المسلم وغير المسلم ليس مبناها على الكراهية والعدوان، ولكن مبناها على المشاركة والتعاون وهما أساس المعاملة بين الإنسان والإنسان، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (سورة الحجرات: ١٣). وقد جعل القرآن الكريم أساس العلاقة بين المسلم وغيره هي البر والقسط، لا القطيعة والهجر والعدوان. هذا وقد وردت نصوص كثيرة تأمر المسلم بعمل الخير مطلقا لوجه الله، سواء كان ذلك الخير في حق المسلم أو غيره، من ذلك قول الله تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا" (سورة الإنسان: ٨- ٩). وبهذا يتبين أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يحثان المسلم على مساعدة غيره أيا كان دينه، وأنه سيؤجر على ذلك.


وردا على سؤال بعض الأطفال: يعجبني شكل شجرة الكريسماس ومظاهر الاحتفال به وأحب مشاهدتها في الأفلام الأجنبية. فهل هذا حرام؟ يجيب الإمام الأكبر على الطفل بالقول: "إعجابك بالأشجار أيا كانت شيء جميل لا شيء فيه لأنها من خلق الله تعالى، ذات المنظر البديع الدال على عظمة الله وقدرته في خلقه، وكذلك جميع المناظر الطبيعية من حولنا حينما تنظر إليها ونرى جمالها، لا نملك إلا أن نقول: سبحان الله.. تبارك الله أحسن الخالقين. وقد أمرنا الله تعالى في كتابه بالنظر إلى ما في الكون والتدبر فيه، فكلما تمعن الإنسان في خلق الله المباح ازداد يقينا وإيمانا بالله تعالى. أما إعجابك بمظاهر الاحتفال بالكريسماس لا يحرم إلا إذا كان في هذه المظاهر أشياء محرمة أو عنف وإساءة، فحينها لا يجوز مشاهدتها ولا الإعجاب بها، وهذه الشروط ليست خاصة بالكريسماس فقط، وإنما هي شروط لكل الاحتفالات وغيرها، سواء كانت خاصة بالمسلمين أو بغير المسلمين، فالأصل في جميع الأشياء أنها مباحة إلا ما أتى الشرع الحنيف بتحريمه فيصبح حراما..

 

 

لا تكونوا إمعة

 


ولكن يا بني  يضيف الإمام الأكبر  لابد أن يكون لك ذاتية متفردة لا يستهويك أي شيء تراه، فالله تعالى أعطانا العقل لضبط الأمور وتسييرها في مسارها الصحيح، هذا ما أريد أن تكون عليه، فلا تنخدع بسفاسف الأمور والانسياق وراءها، وهذا ما ربى النبي ﷺ أمته عليه، فقال: (لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن النَّاسُ أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تُحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا). لقد اهتم النبي ﷺ ببناء الشخصية المسلمة على التميز واستخدام العقل والحكمة، وعدم التقليد الأعمى، وعدم اتباع كل ما نرى أو نسمع، أو السير خلف الناس دون روية وتبصر. وفي هذا الحديث يقول النبي ﷺ ناصحًا للمسلمين: (لا تكونوا إمعة)، والإمعة هو: الشخص الذي يقلد الناس بدون وعي ولا رأي، والمقلد والتابع لغيره يكون بلا شخصية ولا رأي، ولا يقوم رأيه على التصديق والاعتقاد، وهذا خطر على المقلد نفسه، وخطر على المجتمع لأنه يؤدي إلى إفراغه من التفكير والتعقل في الأمور..

الخلاصة يا بني أن الإنسان لابد أن يكون له شخصية واعية لا يتبع كل ما يرى أو يسمع بدون عقل، وهذا ما يسمى بالهوية، فكل إنسان له هوية مستقلة يحافظ عليها، وكل دين له هوية يحافظ عليها أتباعه، فلا ينساق الشخص خلف رغبات نفسه دون هدف".

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر جناح الأزهر الأطفال يسألون الإمام الإمام الأكبر سلسلة نور الإمام الأکبر الله تعالى قالت لی هل هذا أحسن ا

إقرأ أيضاً:

أنها الرحلة الأعظم فى الوجود

أحتفل العالم الاسلامى بأعظم رحلة تمت فى الوجود وهى بكل فخر أعظم معجزة حدثت لسيد الخلق سيدنا وتاج الرؤوس الرسول محمد ابن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام وهى رحلة الإسراء والمعراج، لقد أهدى العلى القدير للحبيب الذى اصطفاه على العالمين فخص بها نبيه ورسوله عليه الصلاة والسلام، ليثبت بها فؤاده فهى ليلة حدثت فيها معجزات لا تخطر على قلب أو عقل بشر، ففى ليلة الاسراء شق فيها صدره الشريفة تلك الرحلة التى من الله تعالى بها على حبيبه ورسوله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، بعد أن توفيت زوجته السيدة خديجة أم المؤمنين، وفى نفس العام توفى أيضا عمه وسنده أبو طالب، ليضيف له حزنا على حزنه لفقده أعظم سندين له فى أحلك الأوقات، فأطلق على ذلك العام عام الحزن، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يمنح رسوله منحة يتعجب منها الجميع على مر العصور، فتم تهيئته جسمانيا ونفسيا وشق صدره ليتهيأ لتلك الرحلة التى أراد الله أن يخص بها حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم، فإذا شاء الله فلا راد لمشيئته سبحانه وتعالى، فهو القادر الذى لايعجزه شىء، فهو من رفع إليه عيسى وإدريس، فما بالنا بمن اصطفاه وفضله على العالمين، لتتم هذه الرحلة المباركة الطيبة وهى الإسراء والمعراج، فأتاه جبريل عليه السلام بدابة البراق التى حملته طوال رحلة الإسراء وهى رحلة أرضية تمت بقدرة الله لرسوله من مكة إلى بيت المقدس، مثلما ذكر أمام الدعاة الشيخ الشعراوى فى خواطره الإيمانية، وأوضح أيضا أن المعراج هو رحلة سماوية تمت بقدرة الله لرسوله الأمين من بيت المقدس إلى السماوات العلا ثم إلى سدرة المنتهى، فعندما صعد إلى السماوات العلا اطلع على أهل الجنة واطلع على أهل النار، وتقابل مع جميع الأنبياء وسلم عليهم وصلى بهم، وقال الله تعالى «لقد رأى من آيات ربه الكبرى»، فالله تعالى لا يترك أى صاحب هم أو صاحب قلب مكلوم ألا يلتفت إلى قلبه، فما بالنا برسول الله الذى كان يحمل هم الدنيا كلها وحمل أمانة تنوء بها الجبال، وهو من ماتت زوجته السيدة خديجة أم المؤمنين التى كان يأوى إليها عند تعبه وتؤازره وزملته وأمنت به وأعانته فى بدايات الرسالة عندما آوى إليها فى بداية استقباله للوحى، وفى نفس العام مات عمه أبو طالب الذى كان يحميه من بطش كفار قريش الذين استغلوا وفاة عمه وظلوا يطاردونه ويقذفونه بالحجارة حتى سالت الدماء من قدمه الشريفة، فحزن حزنا شديدا وظل يبحث عن رجال صادقين يقفوا معه فى تبليغ الدعوة، فذهب إلى ثقيف ولكنها ردته رداً سيئا فأخذ يدعوا ربه قائلا «اللهم إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس إلهى أنت رب المستضعفين أنت ربى إلى من تكلنى إلى بعيد يتجهمنى أم إلى عدو ملكته أمرى أعوذ بنور وجهك الذى أضاءت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل على غضبك أو أن تحل بى عقوبتك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله»، لتأتى له رحلة الإسراء والمعراج تؤنسه وتسرى عنه ما ألم به من مكر وبطش الكفار، ولما لا وقد اصطفاه ربه وجعله إمام المرسلين وحبيب رب العالمين إنها معجزة ربانية أعطاها الله تعالى لرسوله الكريم ليثبت بها قلبه ونختتم بهذه الآية الكريمة من سورة الإسراء قال تعالى «سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ»، صدق الله العظيم.

 

مقالات مشابهة

  • المحرمون من المغفرة في ليلة النصف من شعبان
  • أنها الرحلة الأعظم فى الوجود
  • خصوصية جبل الطور حتى يتجلى الله تعالى عليه
  • 27 كتابا تتصدر مبيعات جناح الأزهر في معرض الكتاب.. منها «الأطفال يسألون الإمام»
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 5-2-2024 في محافظة قنا 
  • كتاب «الأطفال يسألون الإمام» هدية شيخ الأزهر لـ«النشء» بمعرض القاهرة للكتاب.. نهى عباس لـ “البوابة نيوز”: أسئلة أولادنا فى الغرب الإمام الأكبر أجاب عليها بأسلوب بسيط
  • معدة كتاب «الأطفال يسألون الإمام» لـ"البوابة نيوز": شيخ الأزهر أوضح مفهوم حقوق الإنسان الصحيح فى الإسلام
  • عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى: ترك ما لا يعنيك من الأخلاق الفاضلة
  • عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى: ترك ما لا يعنيك فضيلة حث عليها الإسلام
  • حكم الدعاء بعبارة "يا غارة الله" وبيان معناها