غزة– لم يمت الفلسطيني إبراهيم العزازي بقذيفة أو بصاروخ إسرائيليين، لكن أهله وأحبته يؤمنون أنه ارتقى شهيدا، بعدما فقد العلاج المناسب الذي يتلقاه لأكثر من 20 عاما، ولصعوبة الوصول إلى المستشفيات جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة للشهر الخامس على التوالي.

منذ عام 2001 يتعايش "الشيخ إبراهيم"، كما يُعرف في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، مع مرض الفشل الكلوي، ويحافظ بانتظام على غسيل الكلى 4 مرات أسبوعيا في مستشفى ناصر الحكومي بمدينة خان يونس، ولم يسبق له خلال هذه الأعوام الطويلة أن واجه ظروفا أقسى مما تعرض لها خلال الحرب الدائرة حاليا.

قبيل وفاته في ديسمبر/كانون الأول الماضي بأسابيع قليلة، تدهورت صحة الشيخ إبراهيم (46 عاما)، لصعوبة الوصول إلى مدينة خان يونس، التي اجتاحتها قوات الاحتلال في إطار عملية برية واسعة، ولم يجد له مكانا في مستشفى أبو يوسف النجار الحكومي الوحيد في مدينة رفح.

النزوح الكبير لمدينة رفح شكل ضغطا هائلا على مستشفى أبو يوسف النجار الحكومي الوحيد بالمدينة (الجزيرة) شهيد المرض

ويؤمن يحيى العزازي بانقضاء أجل عمّه الشيخ إبراهيم، لكنه يقول للجزيرة نت "عمي صبر وتعايش مع المرض 23 عاما، ولم تمر عليه فترة انقطاع عن غسيل الكلى مثلما حدث معه خلال هذه الحرب (..) إنه شهيد المرض والمعاناة".

كان العزازي يتوجه إلى وحدة غسيل الكلى بمستشفى ناصر 4 مرات أسبوعيا، ويقضي من 3 إلى 4 ساعات بالمرة الواحدة، حتى قبيل اندلاع الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبسبب تداعياتها واجه أصنافا من المعاناة، تبدأ من عدم توفر وسيلة نقل، حيث توقفت غالبية سيارات الأجرة عن العمل بفعل أزمة الوقود، وحتى عدم توفر مكان له في المستشفى.

ويقول يحيى "مستشفى ناصر حوّل الشيخ إبراهيم إلى مستشفى أبو يوسف النجار برفح، حيث لم يجد له مكانا، وانقطع لفترة عن غسيل الكلى، وقد أعياه التردد بين المستشفيين للحصول على علاجه".

ومن 4 مرات غسيل بمعدل نحو 12 ساعة أسبوعيا، وفي الأسبوعين الأخيرين قبل الوفاة، خضع الشيخ إبراهيم لجلستي غسيل بمعدل ساعة واحدة في كل جلسة، إحداهما في مستشفى ناصر والثانية في مستشفى أبو يوسف النجار، يقول يحيى "لم تكن كافية لحالة عمي، وطالبنا كعائلة بتسجيله واحتسابه شهيدا وغيره من المرضى الذين فقدوا أرواحهم جراء الحرب وعدم توفر العلاج والأدوية".

الموت مرضا وقهرا

وفي حكاية معاناة مشابهة، توفّيت الستينية وجيهة الجمل. ويقول نجلها حازم للجزيرة نت إن الحالة الصحية لوالدته تراجعت بشكل متسارع وخطير عقب اندلاع الحرب الإسرائيلية.

ولسنوات كانت وجيهة (65 عاما) تخضع لغسيل الكلى في مستشفى أبو يوسف النجار مرتين بمعدل 8 ساعات أسبوعيا، ولظروف مرتبطة بالحرب والضغط الكبير على وحدة غسل الكلى الوحيدة في مدينة رفح، تقلصت إلى مرة واحدة بمعدل ساعتين فقط أسبوعيا.

وفي أواخر أيامها قبل الوفاة، عانت وجيهة، التي فقدت -حسب حازم- "أعز بناتها" جراء غارة إسرائيلية أودت بحياتها وحياة بناتها الخمس- من أورام في أنحاء من جسدها. ويقول "أمي ماتت بسبب المرض والقهر على شقيقتي الأغلى على قلبها".

وتشهد مدينة رفح، التي تؤوي حاليا أكثر من نصف سكان القطاع جراء موجات النزوح الكبيرة إليها، ارتفاعا ملحوظا في معدلات الوفيات، ومن بينها مرضى الكلى والأمراض المزمنة.

وبحسب توثيق لجنة الطوارئ الصحية بالمدينة، فإنها تشهد من 30 إلى 40 حالة وفاة يوميا، فيما كان معدل الوفيات قبل الحرب 5 حالات يوميا.

الدكتور مروان الهمص: أجهزة غسيل الكلى لدينا بالية وغير كافية في ظل النزوح الكبير نحو رفح (الجزيرة) انهيار صحي وشيك

ويقول رئيس لجنة الطوارئ ومدير مستشفى أبو يوسف النجار الدكتور مروان الهمص، للجزيرة نت، إن وحدة غسيل الكلى الوحيدة في المدينة كانت تتعامل مع 110 مرضى، وارتفع هذا العدد إلى 525 مريضا جراء النزوح الكبير من جميع مدن القطاع إلى مدينة رفح.

وتشير تقديرات محلية ودولية إلى أن أكثر من مليون فلسطيني يمثلون نصف سكان القطاع، الذين يقدر عددهم بنحو 2.2 مليون نسمة، أُجبروا على النزوح عن منازلهم ومدنهم هربا من الجرائم الإسرائيلية.

وشكّل ذلك ضغطا هائلا على مستشفى أبو يوسف النجار الحكومي الوحيد بالمدينة الذي يقدم خدمة غسيل الكلى، ويمتلك 18 جهازا فقط. ووفقا للهمص فقد اضطرت إدارة المستشفى إلى تقليص مرات الغسيل الأسبوعية لكل مريض إلى مرتين فقط، وهي "غير كافية من الناحية العلاجية".

وفي التفاصيل تبدو الأوضاع الصحية أكثر تدهورا، فهذه الأجهزة بالية ومنتهية الصلاحية، ويقول الهمص "معلوم طبيا أن عمر الجهاز ينتهي ببلوغه 20 ألف ساعة عمل، وقد تجاوزت الأجهزة لدينا 50 ألف ساعة، ورغم ذلك لا تكاد تتوقف عن العمل للحظة بسبب الضغط الكبير عليها من المرضى، وعدم توفر البديل".

وبحسب الهمص، فإن من يعانون من الأمراض المزمنة يواجهون معاناة مضاعفة خلال الحرب، لعدم توفر الأدوية، ضاربا المثل بالأدوية المركبة الخاصة بأمراض الضغط والسكري، وغالبيتها غير متوفر لدى القطاع الصحي. في حين أدوية الربو والسرطانات نادرة جدا، وعدم تلقي المريض لهذه الأدوية بانتظام يؤدي إلى مضاعفات خطرة والوفاة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مستشفى أبو یوسف النجار الشیخ إبراهیم مستشفى ناصر غسیل الکلى مدینة رفح فی مستشفى

إقرأ أيضاً:

فاجعة الفندق في تركيا.. ارتفاع كبير بأعداد القتلى والجرحى

أعلنت وزارة الداخلية التركية، الثلاثاء، عن ارتفاع أعداد القتلى في حريق فندق في منتجع للتزلج شمال غربي البلاد.

وأفاد وزير الداخلية التركي علي يرليكايا بأن 66 شخصا قتلوا وأصيب 51 آخرون في حريق اندلع في فندق ليل الثلاثاء في منتجع للتزلج وسط تركيا وتم إخماده.

وقال الوزير الذي زار الموقع إن "عدد القتلى في حريق الفندق ارتفع إلى 66 شخصا، فيما أصيب 51 شخصا أحدهم في حال الخطر".

وأوضح أن جهود إخماد الحريق مستمرة.

وانتشرت النيران بسرعة كبيرة، ما أدى إلى إتلاف أجزاء كبيرة من الفندق الواقع على قمة جبال كور أوغلو.

وعقب الإبلاغ عن الحريق، هرعت فرق الإطفاء والطوارئ الطبية من مدينة بولو والمناطق المجاورة إلى موقع الحادث.

مقالات مشابهة

  • خلال 2024.. ارتفاع كبير في المساحات الخضراء المُدمرة من الحرائق بالبرازيل
  • انخفاض كبير بأسعار السلع في غزة بعد وقف إطلاق النار
  • في غزة.. سكان جباليا يعودون ليجدوا الأنقاض بدل المنازل
  • الإمدادات الطبية تعلن وصول أكثر من 120 طن من المحاليل الوريدية ومستهلكات غسيل الكلى من بورتسودان إلى فرع ولاية الجزيرة
  • العدوة تشهد ميلاد صرح طبي جديد: 135 سريراً و25 ماكينة غسيل كلوي في خدمة أهالي المنيا
  • ارتفاع وفيات حريق الفندق في تركيا إلى 66
  • فاجعة الفندق في تركيا.. ارتفاع كبير بأعداد القتلى والجرحى
  • مدير مكتب الصحة: ارتفاع إصابات أمراض الجهاز التنفسي بين سكان تعز
  • الدفاع المدني في غزة: انتشال رفات 137 شهيدا برفح منذ وقف إطلاق النار
  • ملء جفونهم..للمرة الأولى منذ أشهر سكان غزة ينعمون بالنوم