صنعاء.. فعالية صنعاء.. فعالية خطابية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السرطانبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السرطان
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
يمانيون/ صنعاء
نظّم صندوق مكافحة السرطان، اليوم، بصنعاء فعالية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السرطان.
وفي الفعالية، أكد نائب وزير الصحة العامة والسكان الدكتور مطهر المروني أهمية إحياء اليوم العالمي لمكافحة السرطان للفت الأنظار لهذا المرض والتعريف بمعاناة المرضى ووضع الحلول المناسبة لإنقاذهم والتخفيف من معاناتهم.
وأشار إلى أهمية استغلال هذه المناسبة للتوعية بمخاطر هذا المرض وأسبابه وكيفية الوقاية منه.. مستعرضاً ما تعرض له القطاع الصحي من استهداف مباشر من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الذي فاقم من معاناة المرضى في اليمن.
وتطرق إلى التحديات التي فرضها الحصار من منع دخول الدواء والمستلزمات الطبية الخاصة بمعالجة الأمراض المزمنة خاصة السرطان.. لافتاً إلى النجاحات التي حققتها وزارة الصحة وصندوق مكافحة السرطان وسعيها لتوفير التجهيزات والبنية التحتية والأدوية.
وثمن نائب وزير الصحة جهود ودور صندوق مكافحة السرطان في تنفيذ الكثير من المشاريع التي ستساهم في الحد من السفر لتلقي العلاج في الخارج وافتتاح الوحدات الصحية الخاصة بمرضى السرطان في كثير من المحافظات وتوفير الأدوية الخاصة بهم.
ولفت إلى ما يتعرض له أبناء فلسطين وقطاع غزة من حرب إبادة جماعية من قبل الكيان الصهيوني الغاصب.. مباركا العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن ضد السفن الإسرائيلية أو المتجهة نحو الموانئ المحتلة.
من جانبه أشار رئيس صندوق مكافحة السرطان عبدالسلام المداني، إلى أن العالم يحتفل باليوم العالمي لمكافحة السرطان، فيما أبناء غزة يعانون الأمرين جراء وحشية العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني الغربي، ومن خذلان أبناء الدين والعرض والدم ممن ينسبون أنفسهم للعروبة والإسلام.
وأكد أهمية تضافر جهود الجميع للعمل على تخفيف المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي يعيشها مرضى السرطان، لافتاً إلى أن الصندوق منذ إنشائه قبل خمس سنوات يسعى إلى خدمة هذه الشريحة بكل الإمكانات المتاحة، مشدداً على أن المسؤولية تقتضي العمل الدؤوب لخدمة مرضى السرطان.
وثمن المداني، اهتمام القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى ومتابعتهم المستمرة لتقديم أفضل الخدمات الطبية لمرضى السرطان والتوجيه بإنشاء المستشفيات المرجعية والمحورية المجهزة بأحدث التجهيزات التشخيصية والعلاجية والكوادر المؤهلة التي تغني المرضى عن السفر للخارج.
وأشاد بجهود العاملين في المركز الوطني لعلاج الأورام وجميع الوحدات والصندوق وما يقدمونه في سبيل خدمة مرضى السرطان، داعياً أصحاب رأس المال إلى المساهمة في تخفيف الألم النفسي والصحي عن مرضى السرطان.
وفي الفعالية التي حضرها وكيلا وزارة الصحة لقطاع الطب العلاجي الدكتور علي جحاف وأمانة العاصمة لقطاع التعليم والشباب محمد البنوس، أشار مدير المركز الوطني لعلاج الأورام، الدكتور عبدالله ثوابة، ونائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالأمانة محمد صلاح ورئيس رابطة مرضى السرطان حميد اليادعي وعن المرضى الطفلة حنان، إلى أهمية إحياء اليوم العالمي للسرطان لرفع الوعي بمخاطر المرض وطرق الوقاية والكشف المبكر عن المرض.
وأوضحت الكلمات أن مواجهة مرض السرطان مسؤولية الجميع وليست مسؤولية الحكومة فقط .. لافتة إلى الارتفاع الكبير في عدد الحالات المصابة بالسرطان ما يتطلب تضافر الجهود الرسمية والشعبية والقطاع الخاص لمواجهة هذا المرض وتخفيف معاناة المرضى.
وأشادت بدور وجهود الصندوق في تخفيف معاناة المرضى وتوفير الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية وتطوير البنية التحتية.. مؤكدة أن هناك الكثير من الأطفال المصابين بمرضى لوكيميا الأطفال قد تماثلوا للشفاء التام.
تخلل الفعالية، ريبورتاج الإنجازات بصندوق مكافحة السرطان خلال خمسة أعوام تضمن المشاريع المنفذة وقيد التنفيذ لتطوير البنية التحتية ودعم النفقات التشغيلية للمراكز والوحدات لاستمرار تقديم خدماتها للمرضى، فضلاً عن المشاريع التي تسهم في نشر الوعي من خلال تنفيذ أنشطة وحملات التوعية والتأهيل والتدريب.
كما تم تكريم رئيس صندوق مكافحة السرطان بدرع رابطة مرضى السرطان.
حضر الفعالية مدير مستشفى الكويت الجامعي، الدكتور أكرم الحاج، وعدد من المسؤولين في الصندوق والمركز الوطني للأورام ومؤسسة الشفقة، والمرضى.
# صندوق مكافحة السرطانالعاصمة صنعاءاليوم العالمي لمكافحة السرطانفعالية خطابيةالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: صندوق مکافحة السرطان مرضى السرطان
إقرأ أيضاً:
مرضى يراقبون أنفاسهم ومستشفيات تئن عجزًا
على كرسي منبعج داخل قسم غسيل الكلى بمجمع الشفاء الطبي، يجلس حسين أحمد الحساينة، رجل تجاوز السبعين من عمره، ينظر في الفراغ بعينين فقدتا بريقهما منذ زمن. نجا حسين من مجزرة دار أبو شريعة والحساينة في حي الصبرة، لكنه خسر فيها أكثر مما يمكن للغة أن تحصيه. «مات 137 ونجوت أنا. الله نظر لي بعين الرحمة»، قالها ودمعة ثقيلة انسابت على خده الأيمن.
قُطعت قدمه في المجزرة، ولم تزل آثار الجراح تخطّ مسارها فوق جسده الواهن. يعاني من داء السكري وضغط الدم، ويحتاج إلى غسيل كلى دوري.
يقول لـ«عُمان»: «يجيبوني مرة في نص الليل، مرة في الفجر. تعبان جدا»، قبل أن يضيف بأن طلباته المتكررة للسفر والعلاج خارج القطاع لم تلقَ استجابة رغم تقديمه أكثر من خمسة نماذج.
اليوم، يقف حسين لساعات طويلة في طابور الانتظار بمستشفى الشفاء، أمله بغسل كليتيه مرّتان في الأسبوع لم يعد مضمونًا. «أنا واقف من الصبح، ودخلت على الظهر، ولسه دوري مجاش، والله تعبت نفسيًا». حمل جسده المثقل بدعامات القلب وأحمال الألم إلى المشفى بعد أن استدان أجرة الطريق، ستون شيكلًا للذهاب ومثلها للعودة.
لكن أوجاع حسين لا تقتصر على الجسد. النظر الذي خفت، والقلب العليل، كلاهما يعكسان ما هو أعمق: انهيار الكرامة في حضرة العجز الدولي والعالمي. يسأل بمرارة: "من وين أجيب كل هذه المصاري؟!»، وكأنه يسأل غزة كلها.
في حديثه تتكثف مأساة آلاف المرضى، وتتكشف فصول الحصار بأبشع وجوهه. في غزة، لا أحد ينجو حقًا، حتى الناجون يتيهون في دروب الموت المؤجل.
أزمةٌ صحية تتفاقم
منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تعيش المنظومة الصحية حالة انهيار متكاملة الأركان. فالمستشفيات تعمل بنصف طاقتها إن لم تكن أقل، والمخزون الدوائي شارف على النفاد، ما يهدد حياة مئات الآلاف من المرضى.
بحسب وزارة الصحة، فإن أكثر من مئة ألف مريض بارتفاع ضغط الدم وثمانين ألف مريض بالسكري في قطاع غزة، محرومون اليوم من أبسط حقوقهم العلاجية. ومع تواصل القصف وإغلاق المعابر، تبدو الاستجابة الدولية خجولة، وكأن العالم سلّم بأن غزة لا تستحق الحياة.في ظل هذا الواقع، تبدو مشاهد المرضى وهم ينتظرون في طوابير طويلة داخل مستشفيات مدمّرة، انعكاسًا فجًا لعجز المجتمع الدولي عن حماية أبسط الحقوق الإنسانية.
في حي الشجاعية، يروي الشاب فتحي يعقوب مشهدًا لن يغادر ذاكرته ما دام حيًّا: «الأم كانت تنزف، توفيت مباشرة. الابن رجله بُترت، وكانوا يحاولوا يعالجوه، لكن مقدروش. استشهد في نفس اللحظة وهم يعالجوه».
الدماء التي غطّت الأرض، وصراخ الأب المكلوم، وارتباك الطواقم الطبية وهم يواجهون ما يفوق قدراتهم، كلها صور تعود لفتحي كل ليلة، تخنقه حتى في أحلامه.
«المستشفى كان مزدحم، وكل دقيقة يدخل مصاب جديد، ما في أجهزة كافية ولا أطباء. كأنك في ساحة حرب مش مستشفى»، يقول فتحي. ثم يصمت لثوانٍ قبل أن يضيف: «كان في طفل رضيع نايم على الأرض، بدون سرير، بدون أي شيء».
فتح قلبه الممزق وقال: «إحنا مش أرقام. إحنا بشر. كل واحد فينا إله اسم، إله أهل، إله حلم. بس هون، حتى الحلم بيندفن قبل صاحبه». فتحي لا ينسى كيف حمل شقيقه الممزق، وركض به على الأقدام بعد أن تعطلت سيارة الإسعاف في منتصف الطريق بسبب القصف.
المستشفيات تحت النار
في مستشفى العودة شمال القطاع، لا تتوقف صافرات الخطر. الممرض خالد حمد يرفع صوته مستغيثًا: «العدو الصهيوني يستبيح حرمة المستشفيات، التي هي أصلًا محمية بموجب القانون الدولي». يتحدث خالد بحنجرة ملتهبة من الألم، يناشد خلال حديثه منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي بحماية المستشفى: «الاحتلال يقصفها بلا رحمة. المستشفيات لا تستخدم إلا لأغراض طبية، فأين الإنسانية؟».
في مشهد عبثي، يعمل الطاقم الطبي تحت النار، بينما الأسقف تهتز، والجدران تتشقق، والمرضى بين الحياة والموت. المستشفيات التي كانت يومًا ملاذًا، تحوّلت إلى أهدافٍ مباشرة في قائمة الجيش الإسرائيلي.
يقول الدكتور غازي اليازجي، رئيس قسم أمراض وزراعة الكلى في مجمع الشفاء الطبي: «يوجد لدينا 250 مريض غسيل كلى يعانون من قصور كلوي مزمن من الدرجة الخامسة. المفروض المريض يغسل ثلاث جلسات في الأسبوع، لكن إحنا مضطرين نقللها لجلستين وكل جلسة 3 ساعات فقط».
هذا النقص يؤثر سلبًا على فعالية العلاج. يضيف: «كفاءة الغسيل مش هي المطلوبة، وهذا بيؤدي لمضاعفات قد تصل للوفاة»، ويحذّر غازي. ويناشد المؤسسات الدولية: «وفروا لنا أجهزة الغسيل، الأدوية، والمستهلكات. الوضع صعب وكارثي».
الكارثة ليست في الأرقام فقط، بل في الوجوه الشاحبة، في التعب الذي يسكن العيون، وفي الخوف من أن تكون هذه الجلسة الأخيرة.
منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزة، يرفع صوته من تحت الركام، يقول: «خدمة السرطان وأمراض الدم؟ أكثر من 54% من أدويتها غير متوفرة. غسيل الكلى؟ 25% من أدوية الخدمة مفقودة».
في حديثه، تبدو وزارة الصحة كمن يقاتل بلا ذخيرة. يتابع البرش : «هذه قائمة تطول. كل يوم خدمة جديدة تتوقف. كل يوم مريض جديد يُحكم عليه بالموت البطيء».
البرش لا يكتفي بسرد الأرقام، بل يوجه نداء إنسانيًا: «نحتاج لفتح المعابر فورًا، نحتاج لدخول الشاحنات الطبية، نحتاج لوقف القصف عن المستشفيات». في صوته، غضب مكبوت وحزن دفين، كأن غزة كلها تتحدث على لسانه.
ويختم بقوله: «لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نشاهد المرضى يحتضرون أمام أعيننا. ما يحدث ليس فقط أزمة صحية، بل جريمة إبادة ممنهجة».ما بين حسين الحساينة وفتحي يعقوب، ومنير البرش وخالد حمد، تتداخل الحكايات والدموع، لتشكّل لوحة سوداء لواقع صحي مروّع. مستشفيات تُقصف، وأدوية تنفد، وأرواح تتبخر قبل أن تجد علاجًا.
غزة، التي تئن تحت حصار لم يعرف الرحمة، تواجه اليوم إبادة صحية إلى جانب الإبادة العسكرية. ومثل كل تقارير الحرب، يظل السؤال معلقًا: «إلى متى؟».