أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى تطبيق بنود وثيقة الأخوة الإنسانية؛ حقنًا للدماء التي تسال يوميًّا في غزة والسودان وأوكرانيا وعديد من دول العالم، جاء ذلك خلال كلمته في احتفالية "اليوم الدولي للأخوة الإنسانية" الذي يقام بمقر جامعة الدول العربية.

رئيس جامعة الأزهر يشارك في افتتاح "ملتقى الشباب والمسئولية المجتمعية" بالإسماعيلية رئيس جامعة الأزهر: مصر وإندونيسيا تجمعهما عوامل مشتركة في نشر السلام

ونقل رئيس الجامعة للحضور جميعًا تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ووجه الشكر والتقدير إلى جامعة الدول العربية بيت العرب جميعًا؛ لاحتضانها لهذه الاحتفالية.

وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن الأديان السماوية تنبع من مشكاة واحدةٍ، وتستقي من معين واحدٍ، هو معين الوحي الإلهي، مشيرًا إلى أن الأديان السماوية جاءت من أجل رفعة الإنسان والسمو بأخلاقه وسلوكه، واتفقت على المعاني الإنسانية النبيلة؛ كالعدل والرحمة والصدق والتسامح والعفو والحرية واحترام الآخر والرفق بالصغير وتوقير الكبير ونحو ذلك، لافتًا إلى أن هذه القيم الإنسانية محمودة؛ لأنها تتفق مع الفطرة السليمة التي فطر الله الإنسان عليها، مضيفًا أن الكذب والخيانة والغدر والظلم وازدراء الآخر وأكل حقوق الناس كلها خصال مذمومة؛ لأنها تتعارض مع الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها.

وبيَّن رئيس الجامعة أن الشاعر الجاهلي قال:
مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ...لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ الله وَالناسِ

مبينًا أن الخير يبقى خيرًا، والشر يبقى شرًّا، لا يلتبس أحدهما بالآخر كما لا يلتبس الليل بالنهار، قال الرافعي: (ولن يأتي على الناس زمان يذكر فيه إبليس فيقال رضي الله عنه).

وأشار رئيس جامعة الأزهر أن إحصاء القيم المشتركة بين الأديان السماوية كإحصاء نجوم السماء وقطرات البحار؛ ولذا أوجب الله -تعالى- على هذه الأمة المحمدية الخاتمة الإيمان بجميع الرسل وبجميع الكتب السماوية؛ فقال جل وعلا: 
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.

وأوضح أنه في مثل هذا اليوم منذ خمس سنوات وتحديدًا في يوم الرابع من شهر فبراير عام 2019م وقَّع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، وثيقة الأخوة الإنسانية فى أبو ظبي بدولة الإمارات الشقيقة، وكان هذا حدثًا سجله التاريخ بحروف من نور؛ لأنه يجمع شمل الأمم ولا يفرقها، ويلم شملها، ويقوي أواصر القرب بينها، مع احتفاظ كل أمة بخصائصها المميزة لها، فكانت هذه الوثيقة النبيلة دستور المبادئ النبيلة والأخلاق السامية في هذا العصر الذي لوثت خريطته بكثير من شلالات الدماء والحروب والصراعات وعدوان القوي المتغطرس على الضعيف، وليس ما يدور في غزة أوكرانيا والسودان وليبيا وسوريا واليمن منا ببعيد.

وأكد رئيس جامعة الأزهر أن  الأديان السماوية تدعو كلها إلى الرحمة والتسامح والعفو؛ اقرأ قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} مشيرًا إلى أن هذه الآية قال عنها علماؤنا: إنها أجمع آية في القرآن الكريم، ومدح الله -تعالى- العافين عن الناس في كثير من آيات القرآن الكريم؛ منها قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ وقال جل وعلا: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾.

الإسلام انتشر بالرحمة والرفق والعدل لا بالسيف والعنف والكراهية

كما أوضح رئيس جامعة الأزهر أن الإسلام انتشر بالرحمة والرفق والعدل لا بالسيف والعنف والكراهية؛ ولذلك قصر القرآن الكريم رسالة سيدنا محمد ﷺ على شيءٍ واحدٍ وهو الرحمة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ والحديث الشريف يقول: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه".

وقال رئيس جامعة الأزهر: إن وثيقة الأخوة الإنسانية صارت مادة علمية تدَّرس وتقام حولها موائد من الحوار والمناقشات، وتسجل فيها الرسائل العلمية.

وأوضح من بيت العرب الكبير (جامعة الدول العربية) أن حقن دماء المسلمين وغير المسلمين المنتشرة على رقعة واسعة من العالم؛ واجب على كل صاحب ضمير حيًّ، قائلًا: إنني أنادي كل أصحاب الضمائر الإنسانية الحرة أن يجتمعوا على نبذ الكراهية ووقف شلالات الدماء التي تسال يوميًّا في العديد من دول العالم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جامعة الأزهر سلامة داود السودان اليوم الدولي للأخوة الإنسانية جامعة الدول العربية الأدیان السماویة وثیقة الأخوة

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يُوضِّح حقيقة اسم الله الجليل.. ويحذر من الخلط بصفات البشر

أكد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، أن اسم "الجليل" من أسماء الله الحسنى لم يَرِد في القرآن الكريم بهذه الصيغة المباشرة، لكنه ورد بصيغة "ذو الجلال"، موضحًا أن الاسمين يحملان المعنى ذاته من حيث الدلالة اللغوية والشرعية.

وأوضح فضيلته، خلال حديثه اليوم بالحلقة الثالثة عشرة من برنامج «الإمام الطيب»، أن "ذو الجلال" تعني صاحب الجلال والعظمة، مشيرًا إلى أن اشتقاق الاسمين من المصدر نفسه (الجلال) يجعل معناهما متطابقًا، قياسًا على الأسماء المشتقة في اللغة العربية، مثل "ذو العلم" التي تعادل "العالم"، و"ذو الكرم" التي تعادل "الكريم". وقال: "إذا ثبت لله تعالى الجلال، فهو جليل، وذو الجلال هنا ليست صفة مضافة، بل هي تأكيد لثبوت الجلال له سبحانه".  

وفي ردٍّ على سؤال حول المعنى اللغوي لكلمة "الجليل"، أشار الإمام الطيب إلى أن أصل الكلمة يعود إلى الفعل "جلّ"، الذي يحمل ثلاثة معانٍ في اللغة العربية: الأول بمعنى "أعطى"، والثاني بمعنى "كبر في السن"، والثالث بمعنى "عَظُمَ قدره". لكنه نبّه إلى أن المعنى الثاني (كبر السن) لا يليق بالله تعالى، لأنه من صفات النقص، بينما يَصلح المعنيان الآخران لوصف الله.  

واستشهد فضيلته بالحديث النبوي الذي يروي اجتماع كفار قريش في دار الندوة، حيث ظهر إبليس في صورة "شيخ جليل" ليوحي بفكرة اغتيال النبي محمد صلى الله عليه وسلم، على يد شباب القبائل، موضحًا أن "جليل" هنا تعني الشخص كبير السن، وهو معنى لا يُنسب لله، بل يُستبدل بصفات كـ"القِدَم" و"البقاء"، التي تعني أن وجود الله تعالى لا أول له ولا آخر.  

وحذَّر فضيلة الإمام الأكبر من الخلط بين المعاني اللغوية التي قد تحمل دلالات بشرية لا تتناسب مع كمال الذات الإلهية، مؤكدًا أن صفات الله تُفهم في ضوء التنزيه التام عن النقائص، قائلا: "الله تعالى موجود بلا بداية ولا نهاية، ووجوده واجب لذاته، فلا يُقاس بصفات المخلوقين".

مقالات مشابهة

  • هيئة كبار العلماء: التوكل على الله أساس نهضة الأمة الإسلامية
  • رئيس جامعة الأزهر: الدنيا دار فناء وما في أيدينا أمانة سنردها
  • دور الخطاب في تبليغ الرسالات السماوية وأثره في التأثير والإقناع
  • وكيل الأزهر: الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى
  • رئيس جامعة الأزهر: القرآن يصوّر المنافقين بأبلغ التشبيهات ويحذر من نفاق القلوب
  • شيخ الأزهر يُوضِّح حقيقة اسم الله الجليل.. ويحذر من الخلط بصفات البشر
  • لقاء رمضاني للجنة العليا للأخوة الإنسانية
  • شيخ الأزهر: نصيب العبد من اسم الله "الحسيب" يكون بالبذل والعطاء ومساعدة الآخرين
  • شيخ الأزهر: الإنسان دائم الاحتياج إلى الله تعالى وهو وحده حسيبه وكافيه
  • شيخ الأزهر: نصيب العبد من اسم الله الحسيب يكون بالبذل والعطاء والمساعدة