رئيس جامعة الأزهر: يجب تطبيق بنود وثيقة الأخوة الإنسانيَّة حقنًا للدماء
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى تطبيق بنود وثيقة الأخوة الإنسانية؛ حقنًا للدماء التي تسال يوميًّا في غزة والسودان وأوكرانيا وعديد من دول العالم، جاء ذلك خلال كلمته في احتفالية "اليوم الدولي للأخوة الإنسانية" الذي يقام بمقر جامعة الدول العربية.
رئيس جامعة الأزهر يشارك في افتتاح "ملتقى الشباب والمسئولية المجتمعية" بالإسماعيلية رئيس جامعة الأزهر: مصر وإندونيسيا تجمعهما عوامل مشتركة في نشر السلامونقل رئيس الجامعة للحضور جميعًا تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ووجه الشكر والتقدير إلى جامعة الدول العربية بيت العرب جميعًا؛ لاحتضانها لهذه الاحتفالية.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن الأديان السماوية تنبع من مشكاة واحدةٍ، وتستقي من معين واحدٍ، هو معين الوحي الإلهي، مشيرًا إلى أن الأديان السماوية جاءت من أجل رفعة الإنسان والسمو بأخلاقه وسلوكه، واتفقت على المعاني الإنسانية النبيلة؛ كالعدل والرحمة والصدق والتسامح والعفو والحرية واحترام الآخر والرفق بالصغير وتوقير الكبير ونحو ذلك، لافتًا إلى أن هذه القيم الإنسانية محمودة؛ لأنها تتفق مع الفطرة السليمة التي فطر الله الإنسان عليها، مضيفًا أن الكذب والخيانة والغدر والظلم وازدراء الآخر وأكل حقوق الناس كلها خصال مذمومة؛ لأنها تتعارض مع الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها.
وبيَّن رئيس الجامعة أن الشاعر الجاهلي قال:
مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ...لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ الله وَالناسِ
مبينًا أن الخير يبقى خيرًا، والشر يبقى شرًّا، لا يلتبس أحدهما بالآخر كما لا يلتبس الليل بالنهار، قال الرافعي: (ولن يأتي على الناس زمان يذكر فيه إبليس فيقال رضي الله عنه).
وأشار رئيس جامعة الأزهر أن إحصاء القيم المشتركة بين الأديان السماوية كإحصاء نجوم السماء وقطرات البحار؛ ولذا أوجب الله -تعالى- على هذه الأمة المحمدية الخاتمة الإيمان بجميع الرسل وبجميع الكتب السماوية؛ فقال جل وعلا:
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.
وأوضح أنه في مثل هذا اليوم منذ خمس سنوات وتحديدًا في يوم الرابع من شهر فبراير عام 2019م وقَّع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، وثيقة الأخوة الإنسانية فى أبو ظبي بدولة الإمارات الشقيقة، وكان هذا حدثًا سجله التاريخ بحروف من نور؛ لأنه يجمع شمل الأمم ولا يفرقها، ويلم شملها، ويقوي أواصر القرب بينها، مع احتفاظ كل أمة بخصائصها المميزة لها، فكانت هذه الوثيقة النبيلة دستور المبادئ النبيلة والأخلاق السامية في هذا العصر الذي لوثت خريطته بكثير من شلالات الدماء والحروب والصراعات وعدوان القوي المتغطرس على الضعيف، وليس ما يدور في غزة أوكرانيا والسودان وليبيا وسوريا واليمن منا ببعيد.
وأكد رئيس جامعة الأزهر أن الأديان السماوية تدعو كلها إلى الرحمة والتسامح والعفو؛ اقرأ قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} مشيرًا إلى أن هذه الآية قال عنها علماؤنا: إنها أجمع آية في القرآن الكريم، ومدح الله -تعالى- العافين عن الناس في كثير من آيات القرآن الكريم؛ منها قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ وقال جل وعلا: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾.
الإسلام انتشر بالرحمة والرفق والعدل لا بالسيف والعنف والكراهيةكما أوضح رئيس جامعة الأزهر أن الإسلام انتشر بالرحمة والرفق والعدل لا بالسيف والعنف والكراهية؛ ولذلك قصر القرآن الكريم رسالة سيدنا محمد ﷺ على شيءٍ واحدٍ وهو الرحمة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ والحديث الشريف يقول: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه".
وقال رئيس جامعة الأزهر: إن وثيقة الأخوة الإنسانية صارت مادة علمية تدَّرس وتقام حولها موائد من الحوار والمناقشات، وتسجل فيها الرسائل العلمية.
وأوضح من بيت العرب الكبير (جامعة الدول العربية) أن حقن دماء المسلمين وغير المسلمين المنتشرة على رقعة واسعة من العالم؛ واجب على كل صاحب ضمير حيًّ، قائلًا: إنني أنادي كل أصحاب الضمائر الإنسانية الحرة أن يجتمعوا على نبذ الكراهية ووقف شلالات الدماء التي تسال يوميًّا في العديد من دول العالم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر سلامة داود السودان اليوم الدولي للأخوة الإنسانية جامعة الدول العربية الأدیان السماویة وثیقة الأخوة
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر: التشبيه في القرآن الكريم ليس إلحاق الناقص بالكامل «فيديو»
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن التشبيه في القرآن الكريم ليس مجرد إلحاق الناقص بالكامل، كما هو شائع في بعض الصور البلاغية، بل يحمل أبعادًا أعمق وأدق تتعلق بتوضيح المعاني وإيصال الحقائق بأسلوب مؤثر في النفس والعقل.
وضرب رئيس جامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، مثالًا بقول الله تعالى: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ"، موضحًا أن هذا التشبيه لا يعني مقارنة نور الله المطلق بمصباح صغير داخل مشكاة، وإنما الغاية منه إعطاء صورة حسية للنور الذي يبدد الظلمات، سواء كان هذا النور هو النور الحسي الذي يملأ الكون، أو نور الهداية والشريعة الذي يوجه الإنسان في دروب الحياة.
وأضاف أن هذا المثال يوضح أن التشبيه ليس دائمًا على أساس مقارنة شيء ناقص بآخر كامل، بل قد يكون الهدف منه إبراز حقيقة حسية لمفهوم معنوي، كما أن استخدام المشكاة والمصباح والزجاجة يوضح فكرة انبعاث النور وتدرجه في الانتشار، وهو ما ينطبق على نور الهداية الإلهية.
وتطرق الدكتور سلامة داود إلى التشبيه في الصلاة على النبي محمد ﷺ في التشهد: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد"، مشيرا إلى أن البعض قد يظن خطأً أن هذا التشبيه يعني أن الصلاة والبركة على النبي محمد ﷺ أقل من الصلاة والبركة على سيدنا إبراهيم عليه السلام، لكن العلماء وضحوا أن هذا ليس من إلحاق الناقص بالكامل، وإنما هو من تشبيه الأصل بالأصل، فسيدنا إبراهيم عليه السلام اشتهر بأن جميع الأنبياء من نسله، وكانت البركة في ذريته معروفة ومشهورة، ولذلك جاء التشبيه ليؤكد عظمة البركة والصلاة على النبي محمد ﷺ، لا لتقليل شأنها.