حضر المهندس محمد صلاح الدين مصطفى وزيــر الإنتــاج الحربــي، افتتاح معرض الدفاع العالمي 2024 “WDS” المقام بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 4 إلى 8 فبراير الجاري برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

وأشاد وزير الإنتاج الحربي بالتنظيم المتميز لمعرض الدفاع العالمي 2024 الذي يعكس حرص الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية على أن يكون المعرض متكاملاً وفريداً من نوعه بحيث يوفر للمصنعين المحليين والعالميين والجهات المعنية بقطاع الصناعات العسكرية والأمنية ولكافة المهتمين من الزوار منصة موحدة تحت سقف واحد.

 كما أشاد بشعار نسخة هذا العام من المعرض وهو "للغد نستعد" الذي يتماشى مع حقيقة أنه لابد للسلام من قوة تحميه، مشدداً على أن توطين تكنولوجيات الصناعات العسكرية الحديثة فى مصر هو هدف رئيسى بالنسبة لكل القائمين على وزارة الإنتاج الحربي، وتعمل الوزارة دائماً على تطوير المنتجات النمطية لشركاتها إلى جانب إدخال منتجات جديدة سواء بالتعاون مع شركات مناظرة محلية وعالمية أو من خلال مراكز البحوث التابعة له وبالتعاون مع مراكز البحوث التابعة للقوات المسلحة بما يدعم مساعي الدولة المصرية لإمتلاك القدرة والوقوف على أرض صلبة لتحقيق السلام. 

 وأعرب الوزير عن تمنياته بنجاح معرض الدفاع العالمي 2024 في تحقيق أهدافه وخلق العديد من الفرص التجارية لتبادل المعرفة والخبرات وعقد الشراكات التجارية في مجال صناعة الدفاع على المستوى العالمي.

وأشار الوزير "محمد صلاح" إلى أن مشاركته بمعرض الدفاع العالمي 2024 “WDS” تأتي في ضوء العلاقات الوثيقة بين الجانبين المصري والسعودي والحرص على الإطلاع على أحدث تكنولوجيات التصنيع في مجال الصناعات الدفاعية، مثمناً مشاركة الجانب السعودي وعلى رأسه الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية في معرض مصر الدولي للصناعات الدفاعية "EDEX" في نسخه الثلاثة بأعوام 2018 و2021 و2023.

ولفت إلى وجود شراكات تعاونية مثمرة بين وزارة الإنتاج الحربي والجانب السعودي في مختلف المجالات سواء العسكرية أو المدنية، مضيفاً أن آخر أوجه هذه الشراكات توقيع مذكرة تفاهم للتعاون المشترك مع الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية بشهر ديسمبر الماضي.

وحضر المهندس محمد صلاح الدين مصطفى وزير الإنتاج الحربي "منتدى قادة دفاع المستقبل" والذي عُقد على هامش فعاليات النسخة الثانية من المعـرض، وجاء منتدى قادة دفاع المستقبل بحضور رؤساء أركان الدول والمسؤولين الحكوميين والعسكريين والصناعيين حول العالم، وتضمّن المنتدى عروض تقديمية وحلقات نقاش لعدد من الموضوعات التي تهم المتخصصون في مجال صناعات الدفاع والتسليح حيث تم مناقشة السياسات والاتجاهات في صناعة الدفاع في المملكة العربية السعودية والعالم وكذا مناقشة التطورات والتحديات التي تواجه مستقبل الدفاع، وتمحورت جلسات المنتدى حول "جاهزية الدفاع/القوة أو الابتكار لتوسيع القدرة، الأمن والاستقرار في العصر السعودي الجديد، وتعزيز بيئة الاستثمار في المملكة العربية السعودية"، بالإضافة إلى حلقتين نقاشيتين بعنوان "التحدي الذي يواجهه الأفراد: جذب المواهب المناسبة في قطاع الدفاع وتحسين مهاراتها والاحتفاظ بها، والابتكار بسرعة الملاءمة/ إدارة تحدي التكنولوجيا الدفاعية".

معرض الدفاع العالمي

والتقى المهندس محمد صلاح الدين مصطفى وزير لإنتاج الحربي على هامش معرض الدفاع العالمي، مع ثابت العباسي وزير الدفاع العراقي، حيث أكد وزير الدولة للإنتاج الحربي على عمق ومتانة العلاقات بين مصر والعراق، مستعرضاً الإمكانيات التكنولوجية والفنية والتصنيعية بشركات الوزارة. 

وأشاد على حرص الوزارة التعاون التام مع الجانب العراقي في كافة المجالات سواء في شكل تصنيع مشترك أو نقل للتكنولوجيا أو غيرها من أوجه التعاون، مؤكداً على اهتمام وزارة الإنتاج الحربي بالتعاون مع وزارة الدفاع العراقية وتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين شركات الإنتاج الحربي والشركات العراقية في مختلف المجالات.

وأكد ثابت العباسي وزير الدفاع العراقي على وجود تفاهم متبادل بشأن ضرورة دفع علاقات التعاون الثنائية إلى الأمام في شتى المجالات وأهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تعود بالمنفعة المشتركة على الجانبين، معرباً عن اهتمام وزارة الدفاع العراقية بتعزيز التعاون مع وزارة الإنتاج الحربي المصرية في مجالات التصنيع المختلفة في ضوء ما تمتلكه من قدرات وخبرات متميزة.

من ناحية أخرى اجتمع وزير الدولة للإنتاج الحربي مع  الأمير محمد بن أحمد بن عبد العزيز آل سعود، على هامش معرض "WDS".

وأوضح المستشار الإعلامي لوزير الإنتاج الحربي والمتحدث الرسمي للوزارة  محمد عيد بكر أن الوزير "محمد صلاح" أشار إلى أن مشاركته بمعرض الدفاع العالمي تؤكد على مدى عمق العلاقات بين مصر والسعودية، مؤكداً أن “WDS” يمثل منصة عالمية للتوافق العملياتي في قطاع الدفاع عبر المجالات الخمسة لصناعة الدفاع (البر، البحر، الجو، الأمن، الأقمار الصناعية) وهو ما يمثل فرصة واعدة للتعرف على أحدث تكنولوجيات صناعات الدفاع والتسليح حول العالم.

ولفت إلى أن الوفد المرافق اوزير الدولة للإنتاج الحربي خلال زيارته للمعرض يضم كل من المهندس محمد شيرين محمد المشرف على الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير والدكتور مهندس صلاح جمبلاط رئيس مجلس إدارة شركة أبو زعبل للكيماويات المتخصصة (مصنع 18 الحربي) و محمد سليمان مدير مكتب وزير الدولة للإنتاج الحربي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الانتاج الحربى معرض الدفاع العالمي السعودية دفاع المستقبل الرياض 4 فبراير 2024 وزیر الدولة للإنتاج الحربی معرض الدفاع العالمی 2024 وزارة الإنتاج الحربی وزیر الإنتاج الحربی المهندس محمد التعاون مع محمد صلاح

إقرأ أيضاً:

مرجعية تاريخية.. «رأس المال» لـ كارل ماركس وتأثيره العالمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق - كتاب يبحث عن العدالة الاجتماعية وإنصاف العمال منذ قرن ونصف
 

يُعد كتاب «رأس المال: نقد الاقتصاد السياسي» (Das Kapital) أحد أهم الأعمال الفكرية في تاريخ الفلسفة والاقتصاد، ألفه الفيلسوف والاقتصادي الألماني كارل ماركس. 

يتناول الكتاب تحليل النظام الرأسمالي بعمق، موضحًا آليات الاستغلال، تراكم رأس المال، والآثار الاجتماعية والاقتصادية للرأسمالية.

تم نشر المجلد الأول عام 1867، بينما نُشِرَ المجلدان الثاني والثالث بعد وفاة ماركس بواسطة صديقه فريدريك إنجلز. اعتمد ماركس في تحليله على نظريات الاقتصاد الكلاسيكي لآدم سميث وديفيد ريكاردو، لكنه تجاوزهما بتقديم منهج تحليلي جديد قائم على المادية الجدلية والتاريخية.

تناقضات 

يهدف كارل ماركس في «رأس المال: نقد الاقتصاد السياسي»، إلى كشف التناقضات الجوهرية في الرأسمالية، وهو نظام يقوم على استغلال الطبقة العاملة لصالح رأس المال. يرفض ماركس التصورات السطحية للاقتصاديين الكلاسيكيين، مثل آدم سميث وديفيد ريكاردو، الذين تعاملوا مع السوق باعتباره نظامًا طبيعيًا وعادلًا، دون النظر إلى علاقات الإنتاج والصراع الطبقي الذي يولّد فائض القيمة لصالح الرأسماليين.

ويكشف الكتاب عن أن الرأسمالية ليست مجرد نظام اقتصادي، بل هي علاقة اجتماعية مبنية على الاستغلال المنهجي. العمال يُجبرون على بيع قوة عملهم لأنهم لا يمتلكون وسائل الإنتاج، مما يجعلهم عرضة لسرقة جزء من جهدهم من قبل الرأسماليين، وهو ما يسميه ماركس "فائض القيمة". من خلال هذه الآلية، يتحول العمل الحي إلى وسيلة لزيادة تراكم رأس المال، مما يعمّق عدم المساواة.

ويركّز ماركس على قانون التراكم الرأسمالي، حيث يُعاد استثمار الأرباح في توسيع الإنتاج، مما يؤدي إلى تمركز رأس المال في أيدي قلة، وتزايد البؤس بين العمال. هذا التراكم لا يؤدي إلى الاستقرار، بل يُنتج أزمات دورية متكررة ناتجة عن فائض الإنتاج، حيث تعجز السوق عن استيعاب البضائع، مما يؤدي إلى تسريح العمال وإفلاس الشركات الصغيرة، وهو ما يعكس التناقض الداخلي في الرأسمالية.

وعلى عكس الاقتصاديين البرجوازيين الذين يرون الاقتصاد باعتباره مجموعة قوانين ثابتة، يطبّق ماركس المنهج المادي الجدلي لفهم تطور المجتمع. وفقًا لهذا المنهج، فإن التغيرات الاقتصادية تُشكّل البناء الفوقي للمجتمع، بما في ذلك السياسة، القانون، والثقافة. ولذلك، فإن الرأسمالية ليست نظامًا أبديًا، بل مرحلة تاريخية ستُستبدل بنظام أكثر عدالة، حيث يمتلك المنتجون وسائل الإنتاج، مما ينهي الاستغلال الطبقي.

الأفكار الرئيسية 

يتناول الكتاب عدة محاور أساسية، منها: نظرية فائض القيمة.

يرى ماركس أن جوهر الرأسمالية يكمن في الاستغلال، حيث يُجبر العمال على بيع قوة عملهم مقابل أجر لا يعكس القيمة الحقيقية لعملهم. الرأسمالي لا يدفع للعمال إلا ما يكفي لإعالتهم واستمرارهم في العمل، بينما القيمة التي ينتجونها تفوق ما يحصلون عليه من أجور.

ويتمثل فائض القيمة في الفرق بين قيمة السلع التي ينتجها العمال وما يُدفع لهم كأجور. هذا الفائض لا يعود إلى العمال، بل يتم الاستيلاء عليه من قبل الرأسماليين. كلما زاد استغلال العمال، زاد فائض القيمة، مما يؤدي إلى تراكم الثروة في يد الطبقة البرجوازية وتفاقم الفقر بين العمال.

ولا يكتفي الرأسماليون بجني الأرباح، بل يسعون إلى تعظيمها عبر زيادة فائض القيمة، إما بإطالة يوم العمل، أو بتكثيف الإنتاج من خلال التكنولوجيا التي تزيد من إنتاجية العمال دون زيادة أجورهم. هذه الممارسات تكرّس الاستغلال وتزيد من التفاوت الطبقي.

ويرى ماركس أن فائض القيمة هو المحرك الأساسي للرأسمالية، لكنه أيضًا تناقضها الأكبر، إذ يؤدي تراكم الثروة في يد قلة إلى إفقار الطبقة العاملة وتقويض قدرة السوق على الاستهلاك. هذا التناقض سيؤدي في النهاية إلى انهيار الرأسمالية وبروز نظام اجتماعي أكثر عدالة.

تراكم رأس المال

يشرح ماركس أن الرأسمالية ليست نظامًا ثابتًا، بل ديناميكيا يقوم على التوسع المستمر. يسعى الرأسمالي إلى إعادة استثمار الأرباح في الإنتاج، ليس فقط من أجل الربح، ولكن أيضًا للبقاء في المنافسة. هذه العملية تؤدي إلى تراكم رأس المال في أيدي عدد متزايد من القلة.

ومع تزايد التنافس، يُجبر الرأسماليون الصغار إما على التوسع أو الإفلاس، مما يؤدي إلى تركيز الثروة في أيدي قلة من الاحتكاريين. يخلق هذا التراكم احتكارات تسيطر على السوق وتحدّ من المنافسة، وهو تناقض داخلي في النظام الرأسمالي.

ومع تصاعد التراكم، يسعى الرأسماليون إلى تخفيض التكاليف، مما يؤدي إلى زيادة استغلال العمال عبر تخفيض الأجور، وإطالة ساعات العمل، وتسريح العمال غير الضروريين. هكذا، يؤدي تراكم رأس المال إلى تعميق التفاوت الطبقي وإفقار الطبقة العاملة.

ويرى ماركس أن هذه العملية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، إذ سيصل النظام إلى نقطة يصبح فيها الاستغلال غير محتمل، مما يؤدي إلى انتفاض العمال وسقوط النظام الرأسمالي، ليحل محله نظام اشتراكي يُدار لصالح المنتجين لا الرأسماليين.

الاغتراب 

في ظل الرأسمالية، لا يمتلك العامل السيطرة على المنتج الذي يصنعه، إذ يصبح العمل مجرد وسيلة للبقاء وليس تحقيق الذات. العامل ينتج سلعًا لا يملكها، بل يستولي عليها الرأسمالي ويبيعها لتحقيق الربح، مما يؤدي إلى شعور العامل بالاغتراب عن عمله.

ولا يُنظر إلى العمل في الرأسمالية كوسيلة للإبداع وتحقيق الذات، بل كعبء مفروض على العامل، يؤدي إلى إنهاكه واستنزاف طاقته دون أي إشباع حقيقي. هذا الوضع يحوّل الإنسان إلى مجرد أداة للإنتاج بدلًا من أن يكون فاعلًا في عملية الإنتاج نفسها.

ولا يقتصر الاغتراب على العمل فقط، بل يمتد إلى علاقات العمال بعضهم ببعض. في بيئة تنافسية حيث يسعى الجميع للبقاء، يصبح التضامن بين العمال هشًا، مما يمنعهم من توحيد صفوفهم ضد الرأسماليين، ويؤدي إلى مزيد من الفردانية والانقسام.

ويرى ماركس أن إنهاء الاغتراب لا يكون إلا بالقضاء على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، بحيث يصبح العمل وسيلة لتحرير الإنسان بدلًا من استعباده. في النظام الاشتراكي، يكون العمال هم الملاك الفعليون للإنتاج، مما يعيد إليهم السيطرة على عملهم وحياتهم.

أزمات الرأسمالية

على عكس ما يدّعيه الاقتصاديون البرجوازيون، يرى ماركس أن الأزمات ليست حوادث عرضية في الرأسمالية، بل هي جزء جوهري من بنيتها. تنشأ الأزمات بسبب التناقضات الداخلية للنظام، خاصة بين الإنتاج والاستهلاك.

وفي سعيهم لتحقيق أرباح أكبر، يقوم الرأسماليون بإنتاج كميات ضخمة من السلع، لكن بسبب انخفاض الأجور وتفاوت الدخل، لا يستطيع العمال شراء هذه السلع. يؤدي ذلك إلى تكدّس البضائع غير المباعة، مما يدفع المصانع إلى الإغلاق وتسريح العمال، فتتفاقم الأزمة.

ومع تكرار الأزمات، يصبح الأغنياء أكثر ثراءً بينما تزداد الطبقة العاملة فقرًا وبؤسًا. يؤدي ذلك إلى تأجيج الصراع الطبقي، حيث يبدأ العمال في إدراك أن النظام الرأسمالي لا يخدم مصالحهم، مما يمهد الطريق للتحول الثوري.

ويرى ماركس أن هذه الأزمات ستتكرر بشكل متزايد حتى تصل الرأسمالية إلى نقطة الانهيار الذاتي، حيث يصبح الاستغلال غير محتمل وتصبح الثورة العمالية حتمية. مع سقوط الرأسمالية، سيتم استبدالها بنظام اشتراكي أكثر عدالة، حيث يتم الإنتاج بناءً على الحاجات الفعلية للناس وليس لتحقيق الأرباح.

تأثير الكتاب عالميًا

تجاوز تأثير كتاب ماركس نقد الاقتصاد السياسي المستوى الأكاديمي إلى عدة مجالات أخرى من أهمها:

الثورات والحركات الاشتراكية

ألهم كتاب «رأس المال» الحركات الاشتراكية والثورية لأنه قدم تفسيرًا علميًا للتناقضات الداخلية في النظام الرأسمالي، ما كشف الطبيعة الاستغلالية التي تُميز العلاقة بين الطبقات الاجتماعية. رأى ماركس أن التاريخ يتقدم من خلال الصراع الطبقي، حيث تسعى الطبقة العاملة لتحطيم قيود الاستغلال المفروضة عليها من قبل البرجوازية. هذه الأفكار شكلت الأساس الفكري للثورة الروسية عام ١٩١٧، حيث طبق البلاشفة المفهوم الماركسي في بناء دولة اشتراكية تسعى لإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.

امتدت تأثيرات كتاب «رأس المال» إلى الحركات الاشتراكية في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، التي سعت إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال القضاء على الفوارق الطبقية. في الصين، قاد ماو تسي تونغ ثورة مستوحاة من الماركسية، معدلًا نظريات ماركس لتتناسب مع الظروف الزراعية الصينية. وفي أمريكا اللاتينية، تجسدت أفكار ماركس في الكفاح ضد الإمبريالية واستغلال الشركات متعددة الجنسيات.

بالنسبة لماركس، هذه الثورات والحركات ليست سوى تعبير عن حتمية تاريخية. إذ كان يعتقد أن النظام الرأسمالي سينهار بفعل تناقضاته الداخلية، ليحل محله نظام اشتراكي يعبر عن مصالح الطبقة العاملة. هذه الحتمية لم تكن تنبؤًا فحسب، بل دعوة للعمل من أجل بناء عالم جديد خالٍ من القهر والاستغلال.

النقابات العمالية

كان «رأس المال» مصدر إلهام لتطوير الوعي الطبقي بين العمال، حيث أوضح ماركس كيف يستغل النظام الرأسمالي العمل البشري لتحقيق الربح. هذا الوعي دفع العمال إلى الاتحاد في نقابات عمالية لمقاومة الاستغلال، والمطالبة بحقوقهم. بالنسبة لماركس، النقابات تمثل المرحلة الأولى في تنظيم الطبقة العاملة، وهي أداة لتحدي سلطة رأس المال والسعي لتحسين ظروف العمل.

النقابات العمالية، التي ناضلت من أجل الأجور العادلة وساعات العمل المحدودة، جسدت رغبة العمال في تقليل هيمنة الرأسمالية على حياتهم اليومية. هذه الحركات، رغم كونها إصلاحية، مهدت الطريق لتطوير وعي ثوري أعمق يدرك الحاجة لتغيير النظام بأكمله. رأى ماركس أن هذه الإصلاحات قد تخفف من معاناة العمال، لكنها لا تقضي على السبب الجذري للاستغلال.

من وجهة نظر ماركسية، النقابات ليست هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتنظيم الطبقة العاملة تمهيدًا للثورة الاشتراكية. فالعمال يجب أن يتجاوزوا المطالب الإصلاحية ويعملوا من أجل الإطاحة بالنظام الرأسمالي، وتحقيق السيطرة الجماعية على وسائل الإنتاج.

التأثير الأكاديمي

يبقى «رأس المال» مرجعًا أساسيًا في الدراسات الأكاديمية لأنه قدم تحليلًا علميًا للنظام الرأسمالي، يركز على كيفية توليد القيمة والاستغلال في عملية الإنتاج. كتاب ماركس لم يكن مجرد نقد أخلاقي، بل دراسة منهجية كشفت التناقضات البنيوية التي تجعل النظام الرأسمالي غير مستدام على المدى البعيد. لذلك، يُدرس في الجامعات ضمن مجالات الاقتصاد الماركسي، والعلوم السياسية، والفلسفة، بوصفه عملًا كلاسيكيًا لفهم الاقتصاد والمجتمع.

من وجهة نظر ماركسية، التعليم الأكاديمي الذي يتناول "رأس المال" يجب أن يساهم في بناء وعي نقدي يفضح أيديولوجيا البرجوازية، التي تسعى لتبرير النظام القائم. دراسة كتاب "رأس المال" لا تهدف فقط لفهم الرأسمالية، بل لتغييرها. لذلك، تشكل الماركسية جزءًا أساسيًا من الفكر الثوري الذي يربط النظرية بالممارسة.

رغم هيمنة النظريات الاقتصادية الليبرالية، لا تزال الماركسية تُعتبر أداة حية لفهم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العالم. بالنسبة لماركس، البحث الأكاديمي ليس محايدًا؛ إنه جزء من الصراع الطبقي، ويجب أن يساهم في تعزيز نضال العمال ضد النظام الاستغلالي.

التحدي للرأسمالية

رغم مرور أكثر من قرن ونصف على صدور «رأس المال»، تبقى أفكار ماركس حية في نقد النظام الرأسمالي، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية. رأى ماركس أن الرأسمالية تقوم على التراكم غير العادل للثروة، حيث يتم استغلال العمال لإثراء أصحاب رأس المال. هذه الأفكار أصبحت أكثر وضوحًا خلال أزمات مثل أزمة ٢٠٠٨، التي كشفت هشاشة النظام المالي وعدم المساواة المتزايدة في توزيع الثروة.

من منظور ماركسي، هذه الأزمات ليست انحرافات عن النظام الرأسمالي، بل نتيجة حتمية لتناقضاته الداخلية. التركيز على الربح، التنافسية المفرطة، وعدم قدرة السوق على تنظيم نفسه بشكل عادل كلها تؤدي إلى دورات من الازدهار والانهيار. لذلك، النقد الماركسي لا يقتصر على الإصلاح، بل يدعو إلى تجاوز النظام برمته.

في عالم اليوم، حيث تتفاقم الفجوات الطبقية ويزداد الاستغلال، تمثل أفكار ماركس دعوة للعمال للتحرك من أجل بناء نظام جديد. بالنسبة له، الحل الوحيد هو إنهاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، واستبدالها بنظام اشتراكي يُدار بشكل جماعي لصالح المجتمع بأسره، وليس لتحقيق أرباح قلة من البرجوازيين

الخاتمة

ترك «رأس المال» بصمة هائلة في مجالات متعددة، بما في ذلك الاقتصاد، علم الاجتماع، العلوم السياسية، والفلسفة. الجامعات والمؤسسات الأكاديمية حول العالم استمرت في تدريس أفكار ماركس باعتبارها أداة لفهم تطور الأنظمة الاقتصادية وتحليل تأثيرها على المجتمعات.

على سبيل المثال، أثر «رأس المال» على النظريات النقدية الحديثة التي تسعى لفهم العلاقة بين رأس المال والعمل في ظل العولمة. كما شكل الكتاب أساسًا للعديد من المدارس الفكرية مثل مدرسة فرانكفورت، التي استخدمت أفكار ماركس لتحليل الثقافة والإعلام كأدوات للهيمنة الرأسمالية.

في علم الاجتماع، ساعدت أفكار ماركس حول الصراع الطبقي والاغتراب في تطوير نظريات تهتم بدراسة عدم المساواة الاجتماعية والصراعات الاجتماعية. في الاقتصاد، ساهم الكتاب في فهم كيفية توزيع الموارد والثروة، وقدم أدوات لتحليل الأزمات الاقتصادية.

كتاب «رأس المال» لكارل ماركس ليس مجرد تحليل اقتصادي، بل رؤية شاملة للنظام الرأسمالي وتناقضاته الداخلية وتأثيره على المجتمعات. ألهم الكتاب حركات اجتماعية وثورات حول العالم، وساهم في بناء نقاشات أكاديمية مستمرة حول العدالة الاجتماعية والاستغلال. يظل الكتاب أحد أعمدة الفكر الحديث، ومرجعًا لفهم الأزمات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية التي يشهدها العالم حتى اليوم.
 

 

مقالات مشابهة

  • جناح وزارة الدفاع في معرض الكتاب.. إصدارات نادرة وشاشات تفاعلية توثق التاريخ
  • مرجعية تاريخية.. «رأس المال» لـ كارل ماركس وتأثيره العالمي
  • وزارة الانتاج الحربي تشارك في معرض تعميق التصنيع المحلي للصناعات الهندسية
  • الإنتاج الحربي يشارك في معرض تعميق التصنيع المحلي للصناعات الهندسية
  • الإنتاج الحربي تشارك في معرض تعميق التصنيع المحلي للصناعات الهندسية
  • التنمية المحلية: 31 مليار جنيه استثمارات مشروعك لدعم المشروعات الصغيرة
  • وزير الداخلية يستقبل وزير الدفاع وكبار قادة القوات المسلحة بمناسبة عيد الشرطة
  • رئيس الحجر الزراعي: تعاون مثمر مع وزارة الإنتاج الحربي
  • وزير الداخلية يستقبل الفريق أول عبد المجيد صقر ورئيس الأركان للتهنئة بعيد الشرطة
  • مأرب.. افتتاح معرض المشغولات اليدوية بمديرية حريب القراميش