هل يدفع بايدن الثمن؟
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
سرايا - مع أنَّ جيمي كارتر، الرئيس الأميركي الأسبق، هو الرجل الذي غيَّر تاريخَ إيران، وأوصل آية الله الخميني من المنفى إلى حكم طهران، إلَّا أنَّ حظَّه كانَ مثل حظ سنمَّار، الذي كافأه السلطان بإلقائِه من أعلى البرج، فقد احتجز النظامُ موظفي سفارة الولايات المتحدة رهائنَ لأكثرَ من عام. خسر كارتر الانتخابات، وإمعاناً في إهانته أطلقت طهران سراحَهم في صباح اليوم التالي لتولّي رونالد ريغان الرئاسة.
وكذلك الأمرُ مع باراك أوباما، الذي وقَّعَ اتفاقاً اعتبرته طهران انتصاراً، وأغضبَ الحلفاءَ من دول الخليج و"إسرائيل"، يسمح لطهرانَ بالتخصيب النووي، ويُنهي العقوبات الاقتصادية عليها، من دون أن تقدّمَ التزامات بوقف ميليشياتها. وفي الأيام الأخيرة من رئاسته، كانت المكافأة إذلالَ بحارةٍ أميركيين اقتاد الحرسُ الثوري بارجتَهم من مياه الخليج، وبثُّوا صورَهم مستسلمين على أرض السفينة.
جو بايدن، مثل كارتر وأوباما، في عهده أصبحت الحكومةُ الإيرانية أغنَى حكومة في تاريخ الجمهورية الإيرانية. فهو شبه عطّل فرض العقوبات الاقتصادية، و«شجع» إيران على بيع كمياتِ نفطٍ الأكثر في تاريخ البلاد منذ سقوط الشاه، بعد أن كانت بائعاً بترولياً صغيراً في عهود سبعة رؤساء أميركيين سابقين. وعوضاً عن أن تردَّ الجميل والتصالح مع إدارة بايدن، زادت نشاطاتها العسكرية المُعادية للأميركيين في كل مكان مضطرب في المنطقة.
طبعاً، لا يمكن فهمُ هذا الجزء من العلاقة الغريبة من دون فهم كل قصة الخلاف بين واشنطن وطهران، التي بلغَ عمرها 45 عاماً. معظمها يدور رحاها غرب إيران، في المنطقة العربية، وتتَّسع مع الوقت، واشنطن لا تريد حرباً مباشرة لأنَّها مكلِّفة وقد لا تكسبها، فإسقاط نظام صدام تمَّ في أسبوعين فقط، لكن إدارة العراق دامت عقداً وفشلت. نظام طهران ليس بالفردي مثل العراق، ومهمة محفوفة بالأخطار بعد ذلك. طهران، رغم عنترياتِها تخشى من الحرب، وحتى المواجهات المحدودة مع أميركا؛ لأنَّها ستُضعف النظامَ، إن لم تدمّره.
ولا شك أنَّ النزاعات أتعبت الطرفين، وخربت المنطقة، ولا توجد أهدافٌ واضحةٌ ومعلَنة، على الأقل من الجانب الإيراني، إلا الهيمنة والنفوذ اللذين يمكن تحقيقهما عبر النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي، وليس العسكري وحده. كما أنَّ الصراع مع دولة عظمى مثل الولايات المتحدة ربَّما ينجح في تقليص حضورها في أجزاء من المنطقة، لكنَّها ستظلُّ موجودة إقليمياً وستبقى قوةً مهيمنة عالمياً.
حروب الوكالة هدفُ إيران منها توسيعُ نفوذِها الإقليمي، والتضييق على خصومها الإقليميين، وقد بيَّنت حربُ غزةَ خطورة التمدد الذي هدَّد الممرات الدولية واضطر دولة مثل الهند إلى إرسال قوة عسكرية بحرية والمشاركة لأول مرة، مثل الدول الكبرى، في حمايةِ تجارتها، وإعلان نفسها قوةً في بحر العرب. هذه التداعيات؛ رفع مستوى الصراع العسكري مع الولايات المتحدة، والتمدد الجغرافي، واستهداف دول جديدة مثل الأردن، وضرب اقتصاد مصر بحصارِ قناة السويس، ستؤدي إلى مزيد من التوتر، وربما الفوضى التي لن تكونَ في صالح المنطقة، ولا إيران كذلك.
ألا يمكن أن يدفعَ ذلك إدارة بايدن التي لا تريد المواجهات العسكرية إلى البحث عن حلول لتحقيق سلامٍ مؤقت، عقد أو عقدين آخرين مثلاً؟ حرب 2006 بين حزب الله و "إسرائيل" عملياً أوقفت المواجهات إلى اليوم تقريباً، باستثناء عمليات محدودة. يمكن أن تنتهي حرب غزة بإبعاد حماس جنوباً، كما تمَّ إبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني من قبل، وربَّما منح السلطة الفلسطينية قيادة المرحلة الجديدة في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد يكون الحلُّ محدوداً وغطاء لانسحاب أميركي من الأزمة يهوّن على بايدن تصوير النتيجة على أنَّها لم تكن هزيمةً ونتيجةً لتراخي سياسته تجاه إيران.
إقرأ أيضاً : نتنياهو: الأونروا جزء من المشكلة ويجب استبدالهاإقرأ أيضاً : جيش الاحتلال ينسف مربعا سكنيا غرب مدينة غزةإقرأ أيضاً : لبيد: بن غفير أثبت أنه لا يفهم شيئا في السياسة الخارجية
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
إيران تبلغ الوكالة الذرية باستعدادها للتفاوض لكن ليس تحت ضغط
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بعد اجتماع مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الخميس، إن إيران مستعدة لحل النزاعات مع الوكالة بشأن التزامها بالضمانات المتعلقة ببرنامجها النووي، لكنها لن تفعل ذلك تحت الضغط.
وكتب عراقجي على موقع إكس بعد محادثاته مع جروسي في طهران "الكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي الترويكا الأوروبية، نحن على استعداد للتفاوض على أساس مصلحتنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتنازل، لكننا غير مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب".
وقال عراقجي إن المحادثات مع جروسي كانت "مهمة ومباشرة"، في حين قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي إنها كانت "بناءة".
وأضاف عراقجي "بصفتنا عضواً ملتزماً بمعاهدة حظر الانتشار النووي، فإننا نواصل تعاوننا الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. من الممكن حل الخلافات من خلال التعاون والحوار".
وذكر دبلوماسيون أمس الأربعاء أن القوى الأوروبية تسعى إلى استصدار قرار جديد ضد إيران من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل للضغط على طهران بشأن ما تعتبره ضعف تعاونها.
ويسعى رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ أشهر إلى تحقيق تقدم مع طهران بشأن قضايا من بينها الدفع نحو مزيد من التعاون في مجال المراقبة في مواقعها النووية وتفسير لآثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في مواقع غير معلنة.
Important & straightforward talks with DG @rafaelmgrossi this morning.
As a committed member of NPT we continue our full cooperation with the IAEA. Differences can be resolved through cooperation and dialogue. We agreed to proceed with courage and good will.
Iran has never… pic.twitter.com/bwLLzrKzwE
وأجريت المحادثات بينما من المقرر أن يتولى دونالد ترامب منصبه مرة أخرى كرئيس للولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني).
وخلال فترة ولايته السابقة، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق المبرم عام 2015 بين إيران وقوى عالمية بهدف كبح جماح برنامجيها النووي والصاروخي.