على مدار أكثر من 400 مليون سنة، استطاعت أسماك القرش النجاة من خمسة انقراضات جماعية كبيرة، وتكيفت مع الظروف البيئية وتنوعت إلى مجموعة مذهلة من الأشكال. لكن هذه السلالة القديمة أصبحت الآن من بين مجموعات الأنواع الأكثر تعرضا للانقراض في العالم بسبب الاستغلال المفرط في مصائد الأسماك سيئة التنظيم.

ففي دراسة جديدة نشرت يوم 11 يناير/كانون الثاني 2024 في مجلة ساينس، كشف باحثون ارتفاع إجمالي معدل نفوق أسماك القرش أثناء عمليات الصيد من 76 مليونا إلى 80 مليون سمكة قرش سنويا، وذلك رغم زيادة التشريعات الوقائية للحد من إزالة الزعانف بأكثر من 10 أضعاف خلال الفترة نفسها.

وكان أكثر من 30% من هذه المصائد مخصصا للأنواع المهددة حاليا بالانقراض. وعند تقدير أسماك القرش التي لم تُحدد بشكل صحيح حسب الأنواع، ارتفع تقدير عدد ما النافق منها عالميا إلى 101 مليون سمكة قرش في عام 2019.

مصائد الأسماك الساحلية تعتبر مسؤولة عن الغالبية العظمى من نفوق أسماك القرش (يوريك أليرت) المذبحة مستمرة

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة أستاذ البيئة البحرية بجامعة دالهوزي في كندا "بوريس وورم" في البيان الصحفي الخاص بالدراسة: "معدل نفوق أسماك القرش على مستوى العالم زاد قليلا، والآن يقع صيد معظم أسماك القرش كاملة، وأدى الطلب المتزايد على منتجات أسماك القرش إلى دفع مصائد الأسماك إلى مواصلة صيد الحيوانات".

وأضاف "وورم" في حديث مع "الجزيرة نت" أن الفريق توصل إلى نتائج الدراسة بعد ثلاث سنوات من جمع البيانات عن نفوق أسماك القرش ولوائح مصائد الأسماك.

وأوضح: "لقد كان هذا تحديا حقيقيا، إذ من المعروف أن مصائد أسماك القرش لا يُبلغ عنها بشكل كاف. لقد قمنا بتجميع كل ما أمكننا العثور عليه، بدءا من أرقام الصيد، إلى بيانات المراقبين على القوارب في المياه الدولية، وحتى تقديرات الصيد الساحلي الذي يشمل الصيد الترفيهي والحرفي وحتى الصيد غير القانوني".

وتكشف النتائج أنه رغم زيادة اللوائح المتعلقة بصيد أسماك القرش وقص زعانفها بمقدار عشرة أضعاف، فإن معدل نفوقها في العقد الماضي ظل على حاله تقريبا، مع تقديرات بنفوق 76 مليون سمكة قرش بسبب الصيد في عام 2012، وما لا يقل عن 80 مليونا في عام 2018. ونظرا لعدم الإبلاغ عن جميع المصائد بتفاصيل كافية، وبعضها لم يُسجل على الإطلاق، كما يقول باحثون، فمن المرجح أن يكون عدد النافق منها أعلى بكثير.

الكثير من أجزاء جسم سمكة القرش يدخل في المنتجات الغذائية مثل حساء زعانف القرش الذي يحظى بشعبية كبيرة في بعض البلدان (شترستوك) اللوائح وحدها لا تكفي

ويلفت المؤلف الرئيسي للدراسة إلى أن اللوائح التي أصدرتها بعض البلدان بمنع صيد أسماك القرش، أسهمت في ضمان إمكانية تحديد العديد من المصائد على مستوى الأنواع، وهو أمر ضروري لحدود الصيد والتجارة. ويضيف: "لقد بدأ الآن تنظيم التجارة الدولية، مع حماية أكثر من 100 نوع من أسماك القرش بموجب اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية".

لكن رغم الدور الذي أسهمت به هذه اللوائح التجارية في تقليل عدد أسماك القرش التي يجري اصطيادها في مصائد الأسماك الدولية المفتوحة، فقد بدأت مصائد الأسماك الساحلية في اصطياد المزيد من أسماك القرش.

ويُرجع باحثو الدراسة ذلك إلى دخول الكثير من أجزاء جسم سمكة القرش في المنتجات الغذائية، مثل حساء زعانف القرش الذي يحظى بشعبية كبيرة في بعض البلدان، كما أن غضروف سمك القرش وزيت كبد القرش من المكونات الشائعة في الصناعات الطبية ومستحضرات التجميل.

ويقول الباحثون إنه لإنقاذ أسماك القرش، من الواضح أن قوانين مكافحة زعانف الأسماك ليست كافية، ويجب أن تكون هناك لوائح أكثر شمولا لصيد الأسماك، وأن يكون حظر صيد هذه الأنواع المهددة بالانقراض في المياه الإقليمية للبلدان ولا تقتصر على المياه المفتوحة فقط. ويعتقد الفريق أن الحظر الكامل على صيد أسماك القرش من خلال تدابير الحماية -مثل محميات أسماك القرش- يمكن أن يكون إجراء ناجحا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مصائد الأسماک أکثر من

إقرأ أيضاً:

ظهور سمكة يوم القيامة في المكسيك وجزر الكناري يثير القلق

خلال النصف الأول من فبراير/شباط 2025 الحالي، اندهش رواد الشاطئ في ولاية "باها كاليفورنيا سور" بالمكسيك عندما عثروا على سمكة معروفة بين الجمهور باسم "سمكة يوم القيامة" حية تسبح بالقرب من الشاطئ، وقد صُور هذا الحدث النادر بالفيديو.

أثار ذلك عددا ضخما من المناقشات والمخاوف عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم، خاصة حينما أعلن في الوقت نفسه تقريبا عن جرف البحر سمكة أخرى من النوع نفسه إلى الشاطئ في مكان مختلف تماما عن الأول، وهو جزر الكناري في المحيط الأطلسي، مما زاد من التكهنات.

أطول سمكة عظمية

وتعرف هذه السمكة علميا باسم "سمكة المجداف"، ولها جسم طويل يشبه الشريط، ويمكن أن يصل طول سمك المجداف إلى 11 مترا، مما يجعلها أطول سمكة عظمية في المحيط.

إلى جانب ذلك، تتميز السمكة بوجود زعنفة ظهرية حمراء زاهية تمتد على طول الزهر، مع رأس به زوائد حمراء ريشية، مما يمنحها مظهرا أسطوريا، خاصة أنها -على عكس معظم الأسماك- تتحرك عن طريق تمويج زعنفتها الظهرية الطويلة بدلا من استخدام زعنفة الذيل.

تعيش سمكة المجداف في مياه المحيطات العميقة، وعادة ما تكون على عمق يتراوح بين 200 إلى ألف متر تحت سطح الماء، وتوجد عادة في المحيطات الاستوائية والمعتدلة في جميع أنحاء العالم، ولكنها نادرا ما تقترب من السطح، وتتغذى عادة على الكائنات البحرية الصغيرة.

إعلان

وعلى الرغم من أن سمك المجداف غير ضار على الإطلاق بالبشر، لأنه لا يمتلك أسنانا كبيرة أو سما، فإنه ارتبط كثيرا بالكوارث، إذ يرجع لقب "سمكة يوم القيامة" إلى الفولكلور الياباني، وهناك تُعرف سمكة المجداف باسم "رسول قصر إله البحر".

وحسب الأسطورة اليابانية، فإن ظهور هذه السمكة يسبق الزلازل أو موجات المد العارمة أو بالنسبة للبعض "نهاية العالم"، وقد أثير كثير من الجدل حول هذا الأمر بعد زلزال توهوكو المدمر وتسونامي عام 2011 في اليابان، حيث عثر على العديد من أسماك المجداف التي تقطعت بها السبل على الشواطئ قبل الحدث الكارثي، مما دفع كثيرين إلى ربط وجودها بأحداث زلزالية وشيكة.

بحسب الأسطورة فإن ظهور هذه السمكة يسبق الزلازل أو موجات المد العارمة أو بالنسبة للبعض "نهاية العالم"(معهد سكريبس لعلوم المحيطات)

العلم يقول "لا"

ولكن الأدلة العلمية لا تدعم وجود ارتباط مباشر بين مشاهدات أسماك المجداف والكوارث الطبيعية. ويقترح الباحثون أن أسماك المجداف تعيش في مياه المحيطات العميقة وأن ظهورها العرَضي بالقرب من السطح قد يشير إلى المرض أو الارتباك أو العوامل البيئية بدلا من أن تكون مؤشرا للزلازل.

وكانت دراسة من جمعية الزلازل الأميركية -نُشرت عام 2019- قد أشارت إلى أن الارتباط المتصور بين جنوح أسماك المجداف والنشاط الزلزالي هو "ارتباط وهمي".

فحص الباحثون العلاقة بين ظهور أسماك المجداف والزلازل في اليابان، ووجدوا حدثا واحدا فقط يمكن ربطه بشكل معقول مع الزلازل، من بين 336 مشاهدة للأسماك و221 زلزالا. ونتيجة لذلك، لا يمكن للمرء أن يؤكد الارتباط بين الظاهرتين.

وتضمنت الدراسة بيانات من نوفمبر/تشرين الثاني 1928 إلى مارس/آذار 2011، حيث بحثت في سجلات ظهور أسماك المجداف البحار قبل 10 و30 يوما من الزلازل التي وقعت على بعد 50 و100 كيلومتر من مكان مشاهدة الأسماك.

إعلان

واقتصر الباحثون في دراستهم على الزلازل التي بلغت قوتها 6.0 درجات أو أكثر، لأن هذه الزلازل كانت مرتبطة "بظواهر سابقة مثل سلوك حيواني غير عادي في تقارير سابقة".

ولم يسجل أي ظهور لأسماك أعماق البحار قبل زلزال بلغت قوته 7.0 درجات، ولم تحدث أي زلازل بلغت قوتها أكثر من 6.0 درجات في غضون 10 أيام من ظهور أسماك أعماق البحار.

لم تظهر على الشواطئ إذن؟

ويعتقد العلماء أن هناك أسبابا عدة قد تدفع سمكة المجداف ناحية الشواطئ، فقد تفقد أسماك المجداف المريضة أو المصابة السيطرة على نمط سباحتها وتنجرف نحو المياه الضحلة، خاصة أنها ترفع رأسها دائما في أثناء السباحة بينما توجه ذيلها لأسفل.

وإلى جانب ذلك، قد تتسبب الأعاصير أو التسونامي أو الزلازل في حدوث اضطرابات في تيارت المياه العميقة، مما يؤدي إلى إرباك مخلوقات أعماق البحار وإجبارها على الانتقال إلى مناطق أكثر ضحالة. وإذا انخفضت مستويات الأكسجين في أعماق البحار بسبب التلوث أو النشاط البركاني، فقد تتحرك أسماك المجداف إلى الأعلى بحثا عن المياه الغنية بالأكسجين.

وقد يؤدي تغير المناخ أو التحولات الطبيعية في درجة حرارة المياه إلى جعل بيئة أعماق البحار دافئة جدا أو باردة جدا بالنسبة لأسماك المجداف، مما يدفعها للبحث عن بيئات جديدة.

مقالات مشابهة

  • ظهور سمكة يوم القيامة في المكسيك وجزر الكناري يثير القلق
  • سمكة قرش تتسبب في بتر يد سيدة كندية
  • اكتشاف “مصائد قاتلة” في أعماق البحر الأحمر يصدم العلماء!
  • “مصائد موت” في أعماق البحر الأحمر تثير دهشة العلماء
  • “مصائد موت” في أعماق البحر الأحمر تثير دهشة العلماء 
  • نفوق 6 أفيال بطريقة مروعة في حادث قطار .. فيديو
  • مأساة: اصطدام قطار بأفيال يؤدي إلى نفوق 6 منها (صور)
  • أمن الحسيمة يوقف عضو شبكة متخصصة في تهجير البشر عبر قوارب الصيد
  • مشهد مذهل.. ظهور سمكة الشيطان الأسود| ما القصة؟
  • مصر تتربع على عرش بطولة البحر الأحمر الدولية وتضمن مشاركتها في مونديال الصيد