من غزة إلى اليمن وما بينهما، تبدو استراتيجية الرئيس الأمريكي جو بايدن مرتبكة وتقتصر على ردود الأفعال التكتيكية، وهو ما يصب في صالح استمرار ضعف نفوذ واشنطن في الشرق الأوسط وزيادة كراهية شعوب المنطقة للولايات المتحدة.

ما سبق كان خلاصة تحليل نشره "المركز العربي واشنطن دي سي" للزميل بالمركز نبيل خوري، وترجمه "الخليج الجديد".

ويرى خوري أن أولى مظاهر الارتباك الأمريكي إزاء ما يحدث في المنطقة بسبب حرب غزة، هو إقدام بايدن على إعادة تصنيف الحوثيين في اليمن كجماعة إرهابية، لكن هذا التصنيف كان غير ذي فعالية.

اقرأ أيضاً

لماذا يصر بايدن على نفي ارتباط اضطرابات الشرق الأوسط بحرب غزة؟

التصنيف الإرهابي المتردد للحوثيين

وكان التصنيف أقل من ذلك التصنيف الحاسم الذي أقره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث اكتفى بايدن بتصنيف خاص (SDGT)، وهي فئة تمنع الحوثيين من الوصول إلى النظام المالي الأمريكي ولكنها تحمل أثراً أقل من تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO) الذي استخدمه ترامب.

ويقلل تصنيف SDGT من التأثير على المنظمات الإنسانية الدولية غير الحكومية التي تقدم المساعدة الحاسمة لليمن، مما يسمح لها بمواصلة عملها بشكل قانوني، علاوة على ذلك فقد منح بايدن مهلة للحوثيين 30 يوما قبل سريان التصنيف.

ويقول الكاتب إن هذه التعديلات تجعل الإدارة تبدو مترددة وضعيفة، خاصة وأن العقوبات المتعلقة بالإرهاب تبدو غير ذات أهمية عندما يتم فرضها على مجموعة ليس من المعروف أن لديها أي أصول مالية أجنبية.

والأسوأ من ذلك أنه من وجهة نظر الحوثيين، فإن هذا التصنيف يزيد الطين بلة ويوفر حافزًا لمواصلة هجماتهم على السفن التجارية وربما استهداف السفن البحرية الأمريكية وغيرها من الأصول.

اقرأ أيضاً

أجندة بايدن المزدحمة تدفع نحو وقف الحرب

اعتراف بعدم الفعالية

وفي حديثه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بعد خمسة أيام من حملة القصف الأمريكية البريطانية، اعترف مستشار الأمن القومي جيك سوليفان بأن الضربات ضد الحوثيين لن تردعهم بالكامل.

وكرر الرئيس بايدن هذا التقييم في 18 يناير/كانون الثاني الماضي.

بدوره، قدر مسؤول أمريكي، لم يذكر اسمه، حجم القدرات الهجومية التي تم تدميرها للحوثيين بأنها "أقل من ثلث" أصول الجماعة.

تزايد العداء

ويقول الكاتب إن عداء الحوثيين تجاه الولايات المتحدة في السابق كان خطابيا، حيث استخدموا شعار "الموت لأمريكا" لسنوات، لكنهم لم يطلقوا رصاصة واحدة ضد الأصول الأمريكية.

والآن، يعتبر الحوثيون الولايات المتحدة عدوًا، وقد وعد قادتها بالانتقام من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

والآن بعد أن أصبح الحوثيون أكثر اندماجا في محور المقاومة، فمن المرجح أن يكون حلفاء الجماعة أكثر تحفيزا لضرب أهداف أمريكية في المنطقة، وخاصة في سوريا والعراق، كما حدث مؤخرا في الأردن حيث تم توجيه ضربة إلى طائرة أمريكية.

اقرأ أيضاً

توماس فريدمان: بـ 3 محاور.. عقيدة بايدن الجديدة تتشكل في الشرق الأوسط

ويقول خوري إن الرد العسكري على الحوثيين ينطوي على خطر الانتقام وانتشار غضب الجماهير العربية ضد الولايات المتحدة.

ويمضي متسائلا: "ثم إذا كانت إدارة بايدن نفسها تعترف بأن الضربات لم تأت بالنتائج المرجوة، فأين المنطق والاستراتيجية وراء اختيار استهداف الحوثيين؟".

تفاعل تكتيكي وليس استراتيجي

ويرى الكاتب أن البيت الأبيض ض يتفاعل مع الأحداث بشكل تكتيكي، وليس بذكاء استراتيجي، حيث تفتقر إدارة بايدن إلى استراتيجية توجيهية واضحة للشرق الأوسط.

ويدور جزء كبير من نهجها تجاه المنطقة حول توسيع "اتفاقيات أبراهام"، للتطبيع بين إسرائيل ودول عربية، لتشمل المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى.

وتسعى إدارة بايدن أيضًا إلى ربط حل المشكلة الفلسطينية باتفاق التطبيع المقترح بين تل أبيب والرياض.

بالإضافة إلى ذلك، كان نهج إدارة بايدن تجاه السلام في الشرق الأوسط أقل ديناميكية من نهج الإدارات السابقة، ولا يوجد ذكر يذكر في استراتيجية بايدن للأمن القومي لعام 2022 لعملية السلام في الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً

رغم تكثيف حملته الانتخابية.. استطلاع رأي: انخفاض شعبية بايدن إلى 38%

وفي رحلته الأولى إلى المنطقة كرئيس، في يوليو/تموز من ذلك العام، لم يقدم بايدن خطة محددة للسلام الفلسطيني الإسرائيلي، وبدلاً من ذلك تحدث فقط على نطاق واسع عن "التكامل والترابط الإقليمي".

وكما هو الحال مع الفلسطينيين، كان الأمر مع اليمن، حيث لم تذكر  استراتيجية الأمن القومي الخاصة ببايدن اليمن إلا باعتبارها "ملاذاً للإرهابيين"، ولم يطور مبعوث بايدن لليمن، تيموثي ليندركينج علاقات مباشرة مع الحوثيين  مفضلًا بدلاً من ذلك التواصل معهم بشكل غير مباشر عبر وسطاء عمانيين.

من ناحية أخرى، فشل اجتماع بين مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية الصيني وانج يي في تايلاند نهاية يناير/كانون الثاني في إقناع الصين باستخدام نفوذها الاقتصادي مع إيران للضغط على الحوثيين للسماح بالشحن المجاني في البحر الأحمر.

الغرق في الشرق الأوسط

ويقول الكاتب إنه على الرغم من تفضيل بايدن المعلن للتركيز على آسيا بدلا من الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة لا تزال غارقة في المشاكل الأمنية في المنطقة مع عدم وجود نهاية في الأفق للتدخل الأمريكي هناك.

ويضيف: والحقيقة البسيطة هي أن تصعيد التدابير العسكرية والأمنية في المنطقة من شأنه أن يؤدي إلى تأجيج المزيد من الحرائق في العراق ولبنان وسوريا، في حين تظل مشكلة غزة مرتبطة بالتطرف الإيديولوجي للحكومة الإسرائيلية اليمينية والدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل.

اقرأ أيضاً

هآرتس تكشف عن فريق بايدن الكبير للتعامل مع حرب غزة.. دائرة ضيقة وواسعة

وربما يكون بايدن قد خسر بالفعل أصوات العرب الأمريكيين والمسلمين في انتخابات نوفمبر 2024، أو على الأقل جزءًا كبيرًا منه، بينما يبدو أنه لا يعرف السبب.

وقد ينطبق الأمر نفسه على الناخبين الليبراليين والتقدميين بسبب إحباطهم المتزايد منه.

المصدر | نبيل خوري / المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بايدن الشرق الاوسط غزة اليمن الحوثيين الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط إدارة بایدن فی المنطقة اقرأ أیضا بایدن ا من ذلک

إقرأ أيضاً:

مسؤول أمريكي: حرب حماس تلهم كثيرين

سرايا - نقلت صحيفة واشنطن بوست عن بريت هولمغرين مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الاستخبارات قوله إن هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي والحرب في غزة مثلتا عاملا ملهما في تحفيز ما وصفها بالمنظمات الإرهابية لتجنيد المقاتلين في الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم.

وأكد هولمغرين أن الغضب المتصاعد تجاه الولايات المتحدة بسبب دعمها العسكري لإسرائيل وسط تزايد الخسائر المدنية في غزة حقيقةٌ ملموسة، وأن ذلك الدعم يثير الكراهية ضد بلاده.

وأضاف المسؤول الأميركي أن هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان وسيظل حدثا للأجيال تستخدمه المنظمات المسلحة في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم كفرصة للتجنيد، وأن الحرب التي خاضتها حماس تلهم الكثيرين وتحديدا الغاضبين من الدعم الأميركي لإسرائيل.

وأشار هولمغرين إلى ما سماه "زيادة الاعتقالات في أوروبا لأفراد مشتبه بتخطيطهم لهجمات ضد مواقع يهودية وإسرائيلية" والتقارير التي تفيد بأن تلك الزيادة في النشاط العدائي مرتبطة بالأحداث الجارية في الشرق الأوسط.

وفي وقت سابق، نقلت واشنطن بوست، عن تقرير للجنة خبراء مستقلين تضم مسؤولين أميركيين سابقين استنتاجهم بأن دعم واشنطن المستمر لحرب إسرائيل على غزة يقوّض مصداقيتها.

وأضاف التقرير أن مبيعات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من الأسلحة لإسرائيل تنتهك الحدود القانونية، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي يتصرف في غزة بتجاهل ممنهج للقانون الإنساني الدولي، وأن أسلحة أميركية استخدمت في حالات كثيرة تم خلالها تجاهل القانون الدولي.

يأتي ذلك في ظل مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حربها على غزة، مخلفة أكثر من 125 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة في القطاع المحاصر أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل إسرائيل حربها هذه بدعم عسكري أميركي، متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقف الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني الذي يوصف بالكارثي في القطاع.


مقالات مشابهة

  • بايدن: أمريكا أساسية لإدارة العالم ومثلها لا يمكن الاستغناء عني!
  • أهم التحديات التي تواجه حكومة ستارمر الجديدة في الشرق الأوسط
  • مسؤول أمريكي: حرب حماس تلهم كثيرين
  • مقلب قمامة أصبح من أكبر حدائق الشرق الأوسط.. تلال الفسطاط تعيد الاعتبار للسياحة الثقافية
  • القيادة الأمريكية: دمرنا خلال 24 ساعة زورقين مسيرين حوثيين بالبحر الأحمر وموقع رادار في اليمن
  • جوتيريش يدعو لإحلال السلام في الشرق الأوسط بدءًا من وقف الحرب على غزة
  • بمشاركة عراقية.. قياديو الاتصالات في الشرق الأوسط يناقشون الأمن السيبراني بمؤتمر شنغهاي
  • باحث: الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل حال دخولها في جبهة صراع جديدة (فيديو)
  • مباحثات أمريكية فرنسية لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط
  • الولايات المتحدة تجري مباحثات مع فرنسا لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط