مصر تبدأ بتطبيق شروط صندوق النقد.. ترشيد للإنفاق أم تضييق للخناق؟
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
أذكت موافقة الحكومة المصرية على برنامج بشأن ترشيد الإنفاق بالتزامن مع مباحثاتها مع صندوق النقد الدولي لاستئناف برنامج حزمة الإنقاذ الذي توقف، مخاوف من تطبيقها فقط على المواطنين من خلال تقليص الدعم وزيادة الأسعار في ظل انهيار العملة.
وكان مجلس الوزراء المصري، وافق قبل يومين، على مشروع قرار بشأن ترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة، والهيئات العامة الاقتصادية، للعام المالي 2023–2024؛ والضوابط العامة وقواعد ترشيد الإنفاق؛ وذلك بهدف مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية.
تضمنت الضوابط العامة، التي تعد أحد مخرجات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لترشيد الإنفاق الاستثماري لجهات الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية حتى نهاية العام المالي، خفض تمويل الخزانة العامة بالخطة الاستثمارية للعام المالي 2023-2024 بنسبة 15%.
كما أن الضوابط تضمنت تأجيل تنفيذ المشروعات حديثة الإدراج بالخطة (خلال العام السابق أو العام الجاري)، وذلك بحظر إبرام أية تعاقدات على تلك المشروعات سواء بالأمر المباشر أو المناقصات العامة، وعدم البدء في أية مشروعات جديدة في العام الحالي، وإعطاء الأولوية لاستكمال المشروعات التي أوشكت على الانتهاء (70% فأكثر).
وشكك نواب مصريون في جدوى مثل تلك الخطة على اعتبار أنها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن مثل تلك البرامج دون الالتزم بها، وانتقد النائب محمود قاسم قرار الحكومة التي عادة ما تطلب من المواطنين ترشيد الإنفاق والاستهلاك في الوقت الذي لا تلتزم هي فيه بالقرارات التي تصدرها لترشيد الإنفاق الحكومي.
وتساءل البرلماني المصري: "ما فائدة إصدار الحكومة لعدد من القرارات لترشيد الإنفاق الحكومي، وهى لا تلتزم بهذه القرارات، ومن بين هذه القرارات القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء"، مشيرا إلى أن "نفس هذا القرار كان أصدره مجلس الوزراء منذ عدة أشهر".
في غضون ذلك أنهت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى القاهرة، نهاية الأسبوع، بعد زيارة امتدت نحو 15 يوما شهدت مباحثات شاقة وصعبة وطويلة، ولكنها بحسب الصندوق أحرزت تقدما كبيرا مع استمرار عقد لقاءات افتراضية لتحديد حجم الدعم الإضافي اللازم لسد فجوة التمويل المتزايدة في البلاد.
وكان من أهم مخرجات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في نهاية عام 2016 هو تقليص الدعم الحكومي لفواتير الكهرباء والوقود والغاز والمياه، وخفض حجم الدعم التمويني إلى مستويات ضئيلة للغاية فضلا عن تلاشي قيمة مدخراتهم بنسبة 50% دون أن يطرأ أي تحسن يذكر على معيشتهم.
ويقول الصندوق إنه أخذ في الاعتبار أهمية الاتفاق على تعزيز الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة؛ لضمان ظروف معيشية مناسبة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تضررت بشدة من ارتفاع الأسعار"، وفقا لبيان الصندوق.
"روشتة" قديمة متجددة
اعتبر الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، أن "تصريحات الحكومة عن التقشف ووقف المشروعات يخالف ما صرح به رئيس النظام الذي يعارض وقف المشروعات التي يعمل بها 6 ملايين شخص، بالتالي هل نتوقع تنفيذ القرارات الجديدة، هذا القرار ليس بجديد وتتخذه الحكومة منذ ثلاث سنوات ويأتي دائما متأخرا بعد مرور نحو نصف عام على إصدار الموازنة السنوية".
وأوضح لـ"عربي21" أن "وجود استثناءات كثيرة من القرار مثل الجيش والشرطة وبعض الجهات أو المشروعات تفرغ القرار أو المشروع من مضمونه، ورغم ذلك فإنه في كل عام لا يوجد أي بيان بما تم تحقيقه من ترشيد في الإنفاق، هذا إلى جانب أن الحكومة لم تلتزم منذ موازنات 2013 برقم (مبلغ) الاستثمارات المخصصة في الموازنة، ليس بسبب الترشيد ولكن بسبب عدم وجود موارد كافية، وفي العادة لا تلتزم الحكومة بقراراتها بما فيها القرارات الأخيرة بتقليص حجم الاستدانة".
الأمر الآخر، بحسب الولي، أن أي برنامج لصندوق النقد الدولي يتضمن تقليص حجم الدعم، والروشتة الخاصة بالصندوق لا تتغير، وبالتالي فهي سوف تنعكس بالسلب على المواطنين وسيزيد حجم الأعباء على الأسر المصرية خاصة مع استمرار خفض قيمة الجنيه المصري، وبالتالي فإنها سترتفع معدلات التضخم إلى أرقام قياسية، وعادة ما تكون القرارات المتعلقة بالمواطنين هي الأسهل والأسرع في التطبيق".
رغبات الحكومة لا تجتمع مع قراراتها
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبدالمطلب، "استمرار أزمة ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة وترقب الكثيرين لانخفاض جديد للجنيه وبالتالي موجة جديدة من الغلاء في مناحي الحياة كافة، وكلها تشير إلى عدم قدرة الحكومة على وقف تدهور الأوضاع الاقتصادية أو التحكم فيها ووجود برنامج متشدد مع صندوق النقد بقدر أقل من الليونة".
وأوضح لـ"عربي21" أن "أي قرارت سوف تتخذها الحكومة بهدف تقليل الإنفاق لها علاقة مباشرة بعجز الموازنة المصرية وأزمة تفاقم الديون واستحقاقاتها وهو ما دفعها إلى هذه القرارات، وقد تضر بموقف مصر في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي تعهدت بمظلة حمائية لمحدودي الدخل، ولا يتصور أن تكون أي قرارات متعلقة بزيادة الأسعار في صالح محدودي الدخل".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه "من الصعب تحقيق المعادلة وعكسها في آن واحد، ومن ضمن مباحثات صندوق النقد الدولي خفض التضخم إلى مستويات معقولة، وإن زيادة الأسعار -سواء السلع أو الخدمات أو غيرها- تزيد معدلات التضخم".
وأثارت قرارات حكومية متزامنة برفع أسعار الخدمات الحكومية في مجالات النقل والمواصلات والإنترنت والمحمول وبعض المواد الغذائية، مع اليوم الأول في العام الجديد، ردود فعل غاضبة في الشارع المصري تبعتها موجة ارتفاعات قياسية في الأسعار لا تزال مستمرة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي المصرية الموازنة صندوق النقد الدولي مصر الموازنة صندوق النقد الدولي المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع صندوق النقد الدولی ترشید الإنفاق
إقرأ أيضاً:
مديرة صندوق النقد: أطالب صناع السياسات بإجراء إصلاحات طموحة وتنشيط خلق فرص العمل
قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إن التكامل الاقتصادي والعمل متعدد الأطراف سيظلان ضروريين لرفع النمو وحل المشاكل العالمية، مؤكدة أن الصندوق على أهبة الاستعداد كشريك متاح دائما للمساعدة من خلال التحليل الاقتصادي المحايد، والمشورة السياسية المصممة خصيصا، والدعم المالي للأعضاء المتضررين من الصدمات.
ونقل بيان صادر عن صندوق النقد الدولي عن جورجيفا قولها، أثناء مشاركتها في اجتماع قادة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في عاصمة بيرو ليما، إن معدلات التضخم تتراجع في الولايات المتحدة، وفي أوروبا، وحتى في آسيا، وعلى عكس ارتفاعات التضخم السابقة، فقد تم ذلك دون انزلاق الاقتصاد إلى الركود.
وأضافت أن الجمع بين إجراءات السياسة النقدية الحاسمة، وتخفيف القيود المفروضة على سلسلة التوريد، واعتدال أسعار الغذاء والطاقة، يتجه مرة أخرى نحو استقرار الأسعار في حين يظل النمو في منطقة إيجابية تمامًا، مع التوقعات بأن يصل إلى 3.2 بالمئة العام الحالي والعام المقبل، مع نمو منطقة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ فوق المتوسط العالمي العام الجاري.
وأضافت أنه في حين ينمو الاقتصاد العالمي، فإن الوتيرة أبطأ مما كانت عليه في العقود التي سبقت جائحة كوفيد بنحو نقطة مئوية واحدة حيث كانت 3.8 بالمئة آنذاك مقابل حوالي 3 بالمئة الآن على المدى المتوسط، إلا أن ذلك يقترن بإرث من الديون العامة المرتفعة التي تصل عالميًا إلى 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضحت أن ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة خدمة الدين وتضرر الإيرادات بسبب النمو المنخفض ، يؤثر على ميزانيات الحكومات عند قياسه مقابل المطالبات الهائلة بالإنفاق العام على التعليم والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية، خاصة في المجتمعات المتقدمة في السن.
كما أشارت إلى أن التجارة في عالم أكثر انقساما لم تعد المحرك القوي للنمو كما كانت في الماضي، بجانب حدوث تراجع عن التكامل الاقتصادي العالمي مدفوعا بمخاوف الأمن القومي، منوهة بأن صناع السياسات عليهم متابعة هدفين في وقت واحد وهما ضبط الأوضاع المالية وإجراء إصلاحات طموحة لرفع إمكانات النمو وتنشيط خلق فرص العمل، مع التركيز على تعبئة رأس المال الخاص، وتحسين الإنتاجية، وفي بعض الحالات، بناء مؤسسات وحوكمة أقوى.