انهارت جدرانه وانقطعت مئذنته، ولا يزال المسجد العمري في غزة قائما، رغم تضاؤله إلى حد كبير، كما أنه من حوله، أصبحت المدينة القديمة التاريخية أيضًا في حالة يرثى لها.

هكذا يصف تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، وترجمه "الخليج الجديد"، حال المسجد الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع، والمعروف أيضًا باسم المسجد الكبير في غزة، وهو الأكثر شهرة في غزة.

ويلفت التقرير إلى أن المناطق المحيطة به كانت نقطة محورية في تاريخ وثقافة القطاع الفلسطيني، لكن الضرر الذي لحق بتراث القطاع، على مدى أكثر من 120 يوما من القصف الإسرائيلي امتد عبر أنحاء العالم.

وبالنسبة للفلسطينيين القلائل الذين بقوا، والعدد الأكبر بكثير من النازحين الذين يأملون في العودة، فقد تحولت الثقافة والتاريخ في القطاع إلى ذكريات.

ويقول بدر الزهارنة، الذي يعيش في مدينة غزة على الرغم من كثافة العملية البرية الإسرائيلية في غزة: "المدينة مدينة أشباح، الناس يتجولون بوجوه شاحبة وأرواحهم متعبة بعد أن مروا بهذه الحرب".

ويضيف: "إذا مشيت إلى مدينة غزة القديمة، فلن تتذكر سوى الذكريات، وتشعر بالاشمئزاز والحزن بسبب حجم الدمار الذي لحق بالمواقع الثقافية والدينية".

ويتابع الزهارنة: "مدينة غزة القديمة، التي كانت مليئة بالمواقع الثقافية، أصبحت رمادية وملبدة بالغيوم.. والمشي في غزة يبدو وكأننا في فيلم، في قصة خيالية، في الخيال.. المشهد مروع".

اقرأ أيضاً

حرب غزة: الاحتلال دمر ألف مسجد واغتال أكثر من 100 داعية

وقالت وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن حماية الثقافة "يونسكو"، إنها تحققت من الأضرار التي لحقت بما لا يقل عن 22 موقعًا، بما في ذلك المساجد والكنائس والمنازل التاريخية والجامعات والأرشيفات والموقع الأثري لميناء أنثيدون، أول ميناء بحري معروف في غزة.

ولفتت الوكالة إلى أنها تلقت تقارير عن أضرار لحقت بمواقع أخرى، لكنها لم تتمكن من التحقق منها من خلال الوسائل المتاحة، وخاصة صور الأقمار الصناعية، بسبب الصراع.

وذكر تقرير حديث لوزارة الثقافة الفلسطينية حول الأضرار الإسرائيلية التي لحقت بالتراث الفلسطيني، أن القصف الإسرائيلي لغزة، دمر 207 مباني ذات أهمية ثقافية أو تاريخية، بما في ذلك 144 في المدينة القديمة، و25 موقعا دينيا.

وشملت الأضرار أيضًا مقبرة رومانية قديمة ومقبرة حرب الكومنولث، حيث دُفن أكثر من 3 آلاف جندي بريطاني، ودول الكومنولث بعد وفاتهم، في معارك خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.

وحذرت "يونسكو" من أن المزيد من المواقع معرضة لخطر الأضرار، بما في ذلك أحد أقدم الأديرة المسيحية في المنطقة، وهو مجمع سانت هيلاريون، الذي قالت إنه لم يتضرر بعد، ولكنه يقع في منطقة تشهد قتالاً عنيفاً.

اقرأ أيضاً

صور أقمار صناعية تكشف تدمير إسرائيل 44% من مباني غزة وخانيونس الأكثر تضررا

وتشعر "يونسكو" بقلق عميق إزاء الأضرار التي لحقت بالمواقع الثقافية والتاريخية في غزة.

وبينما تعتبر حالات الطوارئ الإنسانية أولوية مشروعة، فإن حماية التراث الثقافي بجميع أشكاله، وكذلك حماية البنى التحتية التعليمية والصحفيين، يجب أيضًا ضمانها، وفقًا للقانون الدولي، الذي ينص على أن الممتلكات الثقافية هي بنية تحتية مدنية، وفق الوكالة.

يقول وسام نصار، وهو مصور غطى عدة حروب في غزة، لكنه وثق ثقافتها أيضا، إن الأضرار التي لحقت بالمسجد العمري ومحيطه أصابته شخصيا، بسبب الوقت الذي قضاه هناك.

ويضيف: "يحظى هذا المسجد بمكانة خاصة لدى كل فلسطيني في غزة، حيث كان نقطة تجمع خلال شهر رمضان ومكانًا للعبادة وقراءة القرآن الكريم".

ويتابع: "كمصور، فإن لها أهمية خاصة بالنسبة لي، حيث ألتقط العديد من اللحظات والذكريات داخل هذا المسجد".

ويلفت نصار، الذي يعيش الآن في كندا، إنه يتذكر زيارته للمدينة القديمة، بما في ذلك الحمامات التركية المدمرة الآن، سواء كمصور أو في حياته الشخصية.

ويتابع: "الأضرار التي لحقت بالمواقع المسيحية، مثل مجمع كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية، بالقرب من المسجد العمري، أضرت أيضًا بالتنوع في غزة".

ويزيد: "كمصور سأحمل الحزن طوال حياتي لأن هذه المباني التاريخية يصعب ترميمها، وخسارتها لا تعوض.. سأتذكرهم في كل لحظة، فلدينا آلاف الذكريات في هذه الأماكن. ولكن الحزن الأكبر سأشعر به عندما أنظر إلى الصور التي التقطتها داخل هذه المواقع الأثرية".

ويتابع: "للأسف، إسرائيل دمرت كل شيء جميل في غزة.. لم تهدف إسرائيل إلى تدمير البشر فحسب، بل أيضًا الحجارة والبنية التحتية والمباني التاريخية، راغبة في القضاء على الحياة البشرية والتراث الثقافي".

اقرأ أيضاً

الأعلى للرياضة في غزة يتهم إسرائيل بقتل اللاعبين وتدمير الملاعب

يشار إلى أن قضية جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي اتهمت إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، والتي دفعت المحكمة إلى إصدار أمر لإسرائيل بمنع قواتها من تنفيذ أعمال يمكن أن ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، تضمنت اتهامات بأن إسرائيل استهدفت الثقافة الفلسطينية.

كما اتهمت القضية، إسرائيل بتدمير المتاحف والمراكز الثقافية الحديثة وتهديد "الإمكانات الثقافية" في غزة من خلال الإضرار بالمدارس، فضلاً عن قتل الصحفيين والمعلمين والمثقفين.

يقول رئيس منظمة التراث من أجل السلام (غير حكومية) إسبر صابرين، إن الضرر الذي لحق بتراث غزة سيكون دائمًا، ويصل إلى ما هو أبعد من المباني المادية.

ويضيف أن ما حدث للمواقع الدينية سيؤثر على الحياة الاجتماعية للمسلمين والمسيحيين على حد سواء وسيستغرق إعادة تأهيلها وقتا طويلا.

ويتابع صابرين: "إن تدمير التراث في غزة هو أيضاً تدمير للتقاليد، وهو أيضاً تدمير لعاداتهم وثقافتهم".

ويستطرد: "إنه تدمير هائل للتراث أن يتم فصل سكان غزة عن أرضهم عمداً.. من المهم الحفاظ عليها واستعادتها".

ويختتم: "عندما تتوقف الحرب ستكون هناك حاجة لتقييم ما تم تدميره".

اقرأ أيضاً

3 أشهر من حرب غزة.. لغة الأرقام تظهر تدميرا مرعبا و10 سنوات لإعادة الإعمار

المصدر | الجارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: المسجد العمري حرب غزة الفلسطينيون إسرائيل غزة آثار غزة الأضرار التی لحقت بما فی ذلک اقرأ أیضا فی غزة

إقرأ أيضاً:

الفلسطينيون في خان يونس ينتظرون ساعات للحصول على وجبة يومية وسط القيود الإسرائيلية

انتظر العشرات من الفلسطينيين النازحين في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة في طوابير طويلة أمام مطبخ خيري للحصول على وجبة يومية، في وقت تواجه فيه المنطقة قيودًا شديدة على دخول المساعدات.

اعلان

أظهرت لقطات حشودًا كبيرة من الناس، بينهم أطفال يبكون، وهم يتزاحمون لحمل قدورهم في محاولة يائسة للحصول على أي كمية من الأرز، الذي يُعتبر الطعام الوحيد المتاح في المطبخ الخيري.

وفي مشهد مؤلم، كان الأطفال يستخدمون أيديهم لالتقاط ما تبقى من الأرز في الأواني الفارغة جانبًا، في محاولة لإطعام أنفسهم.

يقول ياسين خضر، النازح من رفح، إنه يهرب يوميًا من خيمته حتى لا يضطر إلى مواجهة أسئلة أطفاله عن رغيف الخبز. وأضاف أنه لا يزال ينتظر الدقيق من الأونروا، ولكن ارتفاع سعره، إذ وصل الكيلو إلى 100 شيكل، يجعل تأمينه أمرًا صعبًا.

نساء وفتيات فلسطينيات يكافحن للوصول إلى الطعام في مركز توزيع في خان يونس، قطاع غزة، الجمعة، 20 ديسمبر 2024Abdel Kareem Hana/APRelated"جثث تُترك للكلاب ونتسابق على القتل".. شهادات جنود إسرائيليين تكشف عن ممارسات مروعة في غزةغارة جوية إسرائيلية على وسط غزة تُسفر عن مقتل خمسة وإصابة سبعة آخرينإسرائيل تواصل قصف غزة موقعة قتلى وجرحى والحوثيون يستهدفون تل أبيب بصاروخ باليستيوسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الميلاد بالأمل

من جانبها، قالت إعتدال صالحة، وهي امرأة نازحة من المنطقة نفسها، إنها لم تحصل على الدقيق منذ أكثر من شهرين. وأوضحت أنها تذهب يوميًا إلى الجمعيات الخيرية في الساعة السادسة صباحًا، لكنها لم تحصل على أي مساعدات غذائية.

نساء وفتيات فلسطينيات يكافحن للوصول إلى الطعام في مركز توزيع في خان يونس، قطاع غزة، الجمعة، 20 ديسمبر 2024Abdel Kareem Hana/ AP

وكانت الوكالة الأممية قد أشارت إلى أن القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات، بالإضافة إلى انهيار النظام القانوني في القطاع، جعل من الصعب وصول قوافل المساعدات إلى الفلسطينيين النازحين.

المصادر الإضافية • أب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية فزاعة الاعتقال تلاحق نتنياهو.. رئيس وزراء إسرائيل يتغيب عن مراسم ذكرى الهولوكوست في بولندا إصابة شاب بنيران الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة في ريف درعا السورية بعد مزاعم عن تقديمه معلومات عسكرية لحزب الله.. الشرطة الإسرائيلية والشاباك يعتقلان شابا يبلغ 19 عاما أزمة إنسانيةقطاع غزةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الغذاءاعتداء إسرائيلالمساعدات الإنسانية ـ إغاثةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next إسرائيل تواصل قصف غزة موقعة قتلى وجرحى والحوثيون يستهدفون تل أبيب بصاروخ باليستي يعرض الآن Next ألمانيا: الشرطة تفتش منزل المشتبه به في تنفيذ هجوم سوق الميلاد بماغديبورغ يعرض الآن Next صاروخ باليستي من اليمن يسقط في تل أبيب ويصيب 16 شخصاً بجروح طفيفة يعرض الآن Next هجوم بطائرات مسيّرة يستهدف مدينة قازان الروسية ويتسبب بأضرار مادية يعرض الآن Next من التشويق إلى الدراما.. أفضل أفلام عام 2024 عليك أن تشاهدها قبل نهاية العام اعلانالاكثر قراءة القيادة المركزية الأمريكية تعلن عن تصفية "أبو يوسف" زعيم داعش في سوريا آيتان على سقف قصر السيسي ومُلْك فرعون الذي لا يفنى.. صورة الرئيس المصري تشعل مواقع التواصل ألمانيا: 5 قتلى على الأقل وإصابة 200 شخص بعملية دهس بسوق عيد الميلاد واعتقال مشتبه به سعودي الجنسية إصابة شاب بنيران الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة في ريف درعا السورية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.. هل تعلم أن للأسد 348 اسمًا؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومضحاياسوريابشار الأسدهيئة تحرير الشام قطاع غزةعيد الميلادألمانياأبو محمد الجولاني الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تغير المناخاعتداء إسرائيلقصفالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • أردوغان: إسرائيل ستنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها
  • "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟
  • أستاذ علوم سياسية: على العالم التدخل لإنقاذ حالة التجويع التي تشهدها غزة
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • سفارة روسيا في لشبونة: الأضرار التي لحقت بالسفارة البرتغالية في كييف كانت بسبب قوات الدفاع الجوي الأوكرانية
  • محلل فلسطيني: إسرائيل تستهدف تدمير أكبر مساحة ممكنة من قطاع غزة
  • ما هو مكتب “لوتش” الأوكراني الذي تم تدميره بضربة روسية؟
  • الفلسطينيون في خان يونس ينتظرون ساعات للحصول على وجبة يومية وسط القيود الإسرائيلية
  • صور تظهر ما نجم عن صاروخ الحوثي الذي استهدف إسرائيل وفشلت باعتراضه
  • أرحومة يتفقد الأضرار التي لحقت بمبنى وزراة العمل جراء الأمطار في سرت