يا رب ألاقي طحين.. عربي21 ترصد شهادات سكان في غزة يبحثون عن أي طعام

تستمر حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة لليوم 120 وسط استمرار تفاقم سبل الحياة المنعدمة تقريبا في المناطق الشمالية.

ويضطر سكان مدينة غزة وشمالها لتدبير أمور معيشتهم من شراب وطعام مما يتوفر من حولهم سواء من بقايا الأشجار المثمرة أو حتى من ما يوجد في بيوت النازحين الذين تركوها في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ويرصد عربي21 أحوال الفلسطينيين السيئة في مدينة غزة وسط انعدام الأمن الغذائي.

ويقول أمجد (38 عاما) إنه تمكن من الوصول إلى منزله شمال غرب مدينة غزة بعدما انسحبت قوات الاحتلال من المنطقة، قائلا إن مجرد الوصول إلى هناك كان مخاطرة كبيرة.

ويضيف أمجد لعربي21 "نزحت مع عائلتي إلى مناطق كثيرة وجرى استهدافنا ونجونا من تحت الركام بأعجوبة، والآن نحن نلجأ مع علائلات أخرى إلى فندق كنت أعمل به قبل الحرب ويقع في محيط مستشفى الشفاء".

ويكشف "عندما سمعنا عن الانسحاب من مناطق سكننا قررنا أنا وبعض شباب العائلة الذهاب إلى هناك من أجل البحث عن الطعام وتفقد حال بيوتنا.. ذهبت أنا أقول يا رب ألاقي طحين في بيت عمتي القريب".

ويوضح "وصلت بيتي فوجدته رجع عظم (أعمدة وسقف فقط بدون حوائط) وأثار الحرق في كل مكان ولا يوجد أي شيء يمكن الاستفادة منه، وعندما وصلت بيت عمتي وجدت بعض البقوليات والسكر ومعلبات الفول وعلب الجبنة الفيتا غير المفتوحة".

ويضيف "تمكنت أيضا من الحصول على جرة غاز لكن للأسف لم أجد أي طحين.. وصراحة لو لم أجد ما وجدت كنت أبيت مع عائلتي ليلة أخرى بدون طعام"، كاشفا أن ابن عمته سبق أن تواصل معه وأذن له بأخذ كل ما يحتاجه من طعام أو ملابس أو غاز للطهي وغيره من المستلزمات.

بدوره، يقول أبو عاهد (60 عاما) إنه لم يكلف نفسه للذهاب لتفقد منزله لأنه يعرف أنه تم هدمهه بالكامل، إلا أنه ذهب إلى بيت ابنته من أجل البحث عن الطعام.

ويكشف أبو عاهد لـ"عربي21" أنه وجد في بيت ابنته 2 كيلوغرام من الطحين المغلف بالورق لكن حين فتحه وجده قد امتلئ بالسوس، قائلا: "سوس سوس مش مشكلة الحمد لله إنه لقيناهم سعر كيلو الطحين الآن أكثر من 30 شيكل، وهو بسعر كيس 25 كليو قبل الحرب، والطحين المسوس أحسن من العلف اللي أكلناه بدل الخبز".

ويضيف "لم نجد غير ذلك سوى بعض الخضار والفواكه التي جفت بعدما تعفنت وبعض اللحوم الفاسدة أيضا داخل الفريزر، وطبعا كان البيت في حالة فوضى وأضرار واسعة بفعل القذائف الطلقات النارية".

ويوضح "الحجر من أغلى من البشر بس صدق زعلت على بيت بنتي أكثر من بيتي.. لأنه بنتي تجوزت جديد ولسة ما فرحت مع زوجها على حالهم وكانوا قد دفعوا اللي فوقهم وتحتهم من أجل شراء هذه الشقة التي كانت جميلة ومتواضعة يوما ما".

من ناحيته، يقول محمود (35 عاما) إنه عندما وصل للحي الذي يسكنه وجد بقايا غرفة نومه ملقاه قي الشارع حرفيا، مضيفا "نظرت إلى أعلى فوجدت شقتي موجودة، وعدما وصلتها وجدتها وكأن عاصفة قد هبت داخلها، كل شي محطم وفراش النوم موجود في غرفة واحدة وعرفت أن جنود الاحتلال قد أقاموا بها".

ويشير محمود "كان الجنود قد أغلقوا النوافذ ببعض أكياس الرمال وقطع خشبية من الأثاث ووجدت بقايا طعام وشوكولاتة مغلفة كان قد تركها الجنود، طبعا مع الأسف أخذناها وأكلناها وكنا نخشى أن تكون مسممة لكن لم يحدث لنا أي شيء الحمدلله".

ولم يكن هذا كل ما تركه الجنود، إذ يكشف محمود أنه وجد "بعض الأوقية الذكرية المستخدمة مع أغلفتها المفتوحة في زوايا الشقة، إضافة لبعض البراز على الأثاث والفراش"، مضيفا "ريحة البيت كانت عفنة.. تعمدوا أن يكرهونا في بيوتنا، والله لغير أنضف بيتي لو ضل بعد الحرب كأني بنضف من ورا نجاسة كلب".

المصدر: عربي21