وقع الأرشيف والمكتبة الوطنية اتفاقية خدمات مهنية في مجال التاريخ الشفاهي مع جامعة بيلْر بولاية تكساس الأمريكية.

وتهدف الاتفاقية إلى تقييم الإستراتيجيات التشغيلية ومؤشرات الأداء الرئيسية، والإجراءات والعمليات والخدمات التي يقدمها قسم التاريخ الشفاهي في الأرشيف والمكتبة الوطنية.

وبناءً على بنود الاتفاقية سيقوم خبير مختص من جامعة بيلْر بالاطلاع على التقنيات المستخدمة في حفظ المواد المسجلة مع الرواة وأرشفتها، ومعرفة وسائل الحفظ الرقمية والمُلكية الفكرية.

كما سيقوم الخبير بتقييم ما يقدمه قسم التاريخ الشفاهي من محاضرات وندوات لتدريب المهتمين من الباحثين وفئة الشباب، والأساليب المبتكرة التي يعتزم القسم تبنيها لاستدامة التواصل بين الأجيال والمشاريع المستقبلية؛ لاسيما تلك المتعلقة بالمناهج التعليمية.

وقال سعادة عبد الله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية: “يسعدنا أن تأتي الاتفاقية لتكون شهادة حقيقية على ما يقدمه الأرشيف والمكتبة الوطنية على صعيد جمع التاريخ الشفاهي وحفظه للأجيال، لا سيما وأننا نعمل على استكمال التاريخ المكتوب بما نحصل عليه من معلومات ترد في أحاديث كبار المواطنين والمقيمين أثناء مقابلتهم من قبل الخبراء والمختصين بالتاريخ الشفاهي في الأرشيف والمكتبة الوطنية”.

ولفت آل علي إلى أن الاتفاقية التي تمثل شراكة حقيقية مع جامعة بيلر ستعزز من إمكانية جعل الأرشيف والمكتبة الوطنية مرجعاً موثوقاً على صعيد تطوير النتاج الفكري، وتعزيز الوعي بالتراث الوثائقي، وعلى ضوء الأهداف الإستراتيجية للهوية المؤسسية الجديدة للأرشيف والمكتبة الوطنية فإن مقابلات التاريخ الشفاهي تعدّ جزءاً مهماً من المؤشرات.

وتوجّه سعادته بالشكر إلى جامعة بيلر على التنسيق والتعاون الذي من شأنه أن يثري حقل التاريخ الشفاهي ويزوده بأرقى المعايير والممارسات المتبعة عالمياً، وبالتجارب والخبرات المميزة.

من جانبه أشاد الدكتور ستيفان سالون، المدير التنفيذي لمعهد التاريخ الشفاهي بجامعة بيلْر بأداء الأرشيف والمكتبة الوطنية على صعيد جمع التاريخ الشفاهي بوصفه شكلا مهما من أشكال التوثيق التاريخي وحفظه، وتوظيفه في المحاضرات الأكاديمية، وفي سلسلة الإصدارات التي يقدمها الأرشيف والمكتبة الوطنية ، ولا سيما التي تعرف المهتمين بتاريخ دولة الإمارات في مراحل تطورها المختلفة.

وثمّن سالون جهود الأرشيف والمكتبة الوطنية وحرصه على أن تكون الآليات والإستراتيجيات ومؤشرات الأداء التي يتم بموجبها جمع التاريخ الشفاهي وحفظه منسجمة مع أحدث الممارسات والمعايير العالمية في هذا المجال.

وقالت الدكتورة عائشة بالخير مستشارة البحوث ورئيسة فريق التاريخ الشفاهي في الأرشيف والمكتبة الوطنية:” إن العمل المشترك وتبادل الخبرات والمعارف بيننا والجهات ذات الصيت العالمي هو السبيل الأمثل للرقي والتميز والابداع، وتشكل هذه الاتفاقية نقلة نوعية في مجال التاريخ الشفاهي؛ فهي تدعم حضور ومشاركة الأرشيف والمكتبة الوطنية في المعاهد الرائدة والمحافل والمؤتمرات الدولية الخاصة بالتاريخ الشفاهي ما سيرفع من معايير عملنا ويمكننا من التنافس وتحقيق مستوى عالمي”.

يذكر أن الأرشيف والمكتبة الوطنية يحتفظ بمئات المقابلات الصوتية والمرئية التي أجراها قسم التاريخ الشفاهي مع كبار المواطنين والمقيمين من الإخباريين والمعمّرين والمخضرمين وشهود العصر ممن عاشوا مرحلة ما قبل قيام دولة الإمارات، ويجد من يطلع على تلك المرويات توثيقاً تفصيلياً للحياة التي عاشوها في تلك الحقبة، ويستمد من الروايات المسجلة وصفاً لطبيعة الحياة والعلاقات الاجتماعية والموارد المعيشية في الماضي.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الأرشیف والمکتبة الوطنیة التاریخ الشفاهی

إقرأ أيضاً:

مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)

فبراير 20, 2025آخر تحديث: فبراير 20, 2025

محمد الربيعي

بروفسور متمرس ومستشار علمي، جامعة دبلن

في قلب ولاية كاليفورنيا المشمسة، حيث تتراقص اضواء التكنولوجيا وتتلاقى عقول المبتكرين، تقبع جامعة ستانفورد، شامخة كمنارة للعلم والمعرفة. ليست مجرد جامعة، بل هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى صرح عظيم، يضيء دروب الاجيال.

منذ سنوات خلت، تشكلت لدي قناعة راسخة بجودة جامعة ستانفورد، وذلك من خلال علاقات علمية بحثية مشتركة في مجال زراعة الخلايا. فقد لمست عن كثب تفاني علماء الجامعة وتميزهم، وشهدت انجازات علمية عظيمة تحققت بفضل هذا التعاون المثمر.

ولعل ما يزيد اعجابي بهذه الجامعة هو شعار قسم الهندسة الحيوية (الرابط المشترك بيننا) والذي يجسد رؤيتها الطموحة: “بينما نستخدم الهندسة كفرشاة، وعلم الاحياء كقماش رسم، تسعى الهندسة الحيوية في جامعة ستانفورد ليس فقط الى الفهم بل ايضا الى الابداع”. انه شعار ينم عن شغف اعضاء القسم بالابتكار وتطوير المعرفة، ويؤكد التزامهم بتجاوز حدود المالوف.

البداية: قصة حب ملهمة

تعود جذور هذه الجامعة العريقة الى قصة حب حزينة، ولكنها ملهمة. ففي عام 1885، فقد حاكم ولاية كاليفورنيا، ليلاند ستانفورد، وزوجته جين ابنهما الوحيد، ليلاند جونيور. وبدلا من الاستسلام للحزن، قررا تحويل محنتهما الى منحة، وانشا جامعة تحمل اسم ابنهما، لتكون منارة للعلم والمعرفة، ومصنعا للقادة والمبتكرين.

ستانفورد اليوم: صرح شامخ للابداع

تقف جامعة ستانفورد اليوم شامخة كواحدة من اعرق الجامعات العالمية، ومنارة ساطعة للابداع والابتكار. فهي تحتضن بين جدرانها نخبة من الاساتذة والباحثين المتميزين الذين يساهمون بشكل فعال في اثراء المعرفة الانسانية ودفع عجلة التقدم الى الامام. ولا يقتصر دور ستانفورد على تخريج العلماء والمهندسين المهرة، بل تسعى جاهدة ايضا الى تنمية مهارات ريادة الاعمال لدى طلابها، لتخريج قادة قادرين على احداث تغيير ايجابي في العالم.

ويعود الفضل في هذا التميز لعدة عوامل، لعل من ابرزها تبنيها لمفهوم الحريات الاكاديمية. وكما اجاب رئيس الجامعة على سؤال لماذا اصبحت ستانفورد جامعة من الطراز العالمي في غضون فترة قصيرة نسبيا من وجودها اجاب لان: “ستانفورد تكتنز الحرية الاكاديمية وتعتبرها روح الجامعة”. هذه الحرية الاكاديمية التي تمنح للاساتذة والباحثين والطلاب، هي التي تشجع على البحث العلمي والتفكير النقدي والتعبير عن الاراء بحرية، مما يخلق بيئة محفزة للابداع والابتكار.

من بين افذاذ ستانفورد، نذكر:

ويليام شوكلي: الفيزيائي العبقري الذي اخترع الترانزستور، تلك القطعة الصغيرة التي احدثت ثورة في عالم الالكترونيات، وجعلت الاجهزة الذكية التي نستخدمها اليوم ممكنة.

جون فون نيومان: عالم الرياضيات الفذ الذي قدم اسهامات جليلة في علوم الحاسوب، والفيزياء، والاقتصاد. لقد وضع الاسس النظرية للحوسبة الحديثة، وكان له دور كبير في تطوير القنبلة الذرية.

سالي رايد: لم تكن ستانفورد مجرد جامعة للرجال، بل كانت حاضنة للمواهب النسائية ايضا. من بين خريجاتها المتميزات، سالي رايد، اول امراة امريكية تصعد الى الفضاء، لتثبت للعالم ان المراة قادرة على تحقيق المستحيل.

سيرجي برين ولاري بيج: هذان الشابان الطموحان، التقيا في ستانفورد، ليؤسسا معا شركة كوكل، التي اصبحت محرك البحث الاكثر استخداما في العالم، وغيرت الطريقة التي نجمع بها المعلومات ونتفاعل مع العالم.

هؤلاء وغيرهم الكثير، هم نتاج عقول تفتحت في رحاب ستانفورد، وتشربت من علمها ومعرفتها، ليصبحوا قادة ومبتكرين، غيروا وجه العالم. انهم شهادة حية على ان ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي منارة للعلم والمعرفة، ومصنع للاحلام.

وادي السيلكون: قصة نجاح مشتركة

تعتبر ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيلكون، الذي اصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا والابتكار. فقد ساهمت الجامعة في تخريج العديد من رواد الاعمال الذين اسسوا شركات تكنولوجية عملاقة، غيرت وجه العالم. كما انشات ستانفورد حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لدعم الطلاب والباحثين وتحويل افكارهم الى واقع ملموس.

ولكن، كيف اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في هذا النجاح؟

الامر لا يتعلق فقط بتخريج رواد الاعمال، بل يتعدى ذلك الى عوامل اخرى، منها:

تشجيع الابتكار وريادة الاعمال: لم تكتف ستانفورد بتدريس العلوم والتكنولوجيا، بل عملت ايضا على غرس ثقافة الابتكار وريادة الاعمال في نفوس طلابها. وشجعتهم على تحويل افكارهم الى مشاريع واقعية، وقدمت لهم الدعم والتوجيه اللازمين لتحقيق ذلك.

توفير بيئة محفزة: لم تقتصر ستانفورد على توفير المعرفة النظرية، بل انشات ايضا بيئة محفزة للابتكار وريادة الاعمال. وشجعت على التواصل والتفاعل بين الطلاب والباحثين واعضاء هيئة التدريس، وتبادل الافكار والخبرات.

انشاء حاضنات الاعمال ومراكز الابحاث: لم تكتف ستانفورد بتخريج رواد الاعمال، بل انشات ايضا حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لتوفير الدعم المادي والمعنوي للطلاب والباحثين، ومساعدتهم على تحويل افكارهم الى شركات ناشئة ناجحة.

جذب الاستثمارات: لم تكتف ستانفورد بتوفير الدعم للطلاب والباحثين، بل عملت ايضا على جذب الاستثمارات الى وادي السيليكون، من خلال بناء علاقات قوية مع الشركات والمستثمرين، وعرض الافكار والمشاريع المبتكرة عليهم.

وبفضل هذه العوامل وغيرها، اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيليكون، وساهمت في تحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.

ومن الامثلة على ذلك:

شركة غوغل: التي تاسست على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما سيرجي برين ولاري بيج.

شركة ياهو: التي تاسست ايضا على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما ديفيد فيلو وجيري يانغ.

شركة هيوليت-باكارد: التي تاسست على يد اثنين من خريجي ستانفورد، وهما ويليام هيوليت وديفيد باكارد.

هذه الشركات وغيرها الكثير، هي دليل على الدور الكبير الذي لعبته ستانفورد في نجاح وادي السيليكون، وتحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.

ستانفورد: اكثر من مجرد جامعة

ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي مجتمع حيوي، يجمع بين الطلاب من جميع انحاء العالم، ليتبادلوا الافكار والخبرات، ويبنوا مستقبلا مشرقا لانفسهم ولوطنهم. كما انها مركز للبحث العلمي، حيث تجرى ابحاث رائدة في مختلف المجالات، تساهم في حل المشكلات العالمية، وتحسين حياة الناس.

الخلاصة: ستانفورد، قصة نجاح مستمرة

باختصار، جامعة ستانفورد هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى واقع ملموس. انها صرح شامخ للعلم والمعرفة، ومصنع للقادة والمبتكرين، ومركز للابداع والابتكار. وستظل ستانفورد تلهم الاجيال القادمة، وتساهم في بناء مستقبل مشرق للانسانية جمعاء.

 

مقالات مشابهة

  • لإعادة إعمار غزة.. «بيت الزكاة والصدقات» يوقع اتفاقية جديدة للتعاون المشترك
  • «الكاراتيه» يوقع اتفاقية تعاون مع كازاخستان
  • "المشرق" يوقع اتفاقية عضوية مع "ملاءة"
  • ترامب يوقع على استمرار حالة الطوارئ الأمريكية في ليبيا لعام آخر
  • صندوق الوطن يوقع اتفاقية تعاون مع "السواعد الخضراء"
  • صندوق الوطن يوقع اتفاقية تعاون مع السواعد الخضراء
  • ترامب يوقع مذكرة لكبح الاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية الأمريكية
  • جامعة حلوان تفتح باب التقديم للتربية الوطنية للطالبات
  • شراكة جامعة الإمارات و«أبوظبي للزراعة» والخدمة الوطنية
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)