اتهمت إيران الولايات المتحدة وبريطانيا بالعمل على تأجيج الفوضى وانعدام الأمن في المنطقة، إثر الضربات الجوية التي استهدفت مواقع تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن -الليلة الماضية- في وقت حذر الحشد الشعبي في العراق من تبعات غارات سابقة استهدفت مواقع تقع غربي البلاد.

وأعلنت واشنطن ولندن أنهما استهدفتا -مع دول حليفة- 36 هدفا في 13 موقعا بمناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، ردا على ما وصف بهجمات هذه الجماعة على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ودانت الخارجية الإيرانية الهجمات الأميركية والبريطانية، وقالت إنها تعد "انتهاكا للسيادة وسلامة الأراضي اليمنية" واعتبرت أن "استمرار هذه التحركات يعتبر مغامرة واضحة وتهديدا مقلقا للسلم الدولي".

كما أكدت أن هجمات الليلة الماضية "تناقض بشكل واضح ادعاءات واشنطن ولندن بشأن عدم توسيع دائرة الحرب والنزاع في المنطقة، وتؤدي الى إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة".

ويتحمل المجتمع الدولي -وفق الخارجية الإيرانية- المسؤولية في محاسبة بريطانيا والولايات المتحدة بسبب زعزعتهما الاستقرار والأمن الإقليميين.

من جانبه، قال المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع إن الغارات الأميركية البريطانية شملت أمانة العاصمة ومحافظاتِ صنعاء والحديدة وتعز والبيضاء وحجة وصعدة، مؤكدا أن هذه الغارات لن تمر دون رد.

بدوره، قال عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي إن قصف التحالف الأميركي البريطاني محافظات يمنية لن يغير موقف الجماعة ولن يوقف عملياتها العسكرية التي تقوم بها ضد إسرائيل "حتى تتوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة ويرفع الحصار عن سكان القطاع". وأضاف البخيتي في منشور على موقع إكس أن "الجماعة ستقابل التصعيد بالتصعيد".

اعتداء سافر

من جهتها، دانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) القصف الأميركي البريطاني وقالت إنه "اعتداء سافر على سيادة دولة عربية، وتصعيد سيجر المنطقة إلى مزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار الذي تتحمل واشنطن والاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تداعياته" وجددت في بيان صحفي تقديرها للموقف اليمني في نصرة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية.

وتضامنا مع قطاع غزة، الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لحرب إسرائيلية مدمرة، يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن بالبحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية، أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

ومع تدخل واشنطن ولندن واتخاذ التوترات منحى تصعيديا لافتا في يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن الحوثيون أنها باتت تعتبر كافة السفن الأميركية والبريطانية ضمن أهدافها العسكرية.

وجاءت الغارات في اليمن بعد يوم من سلسلة ضربات أميركية ضد أهداف مرتبطة بإيران في كل من العراق وسوريا ردا على مقتل 3 عسكريين أميركيين في هجوم بمسيّرة في قاعدة بالأردن يوم 28 يناير/كانون الثاني الماضي.

وأدت هذه الضربات -التي استهدفت مناطق غرب العراق على الحدود مع سوريا ونددت بها حكومة بغداد- إلى مقتل 16 وإصابة 36 آخرين من عناصر الحشد الشعبي.

وردا على تلك الغارات، قال رئيس هيئة الحشد فالح الفياض إن العدوان الأميركي "لن يمر مرور الكرام" مؤكدا -خلال كلمته في مراسم تشييع قتلى الضربات الأميركية- أنّ استهداف هيئة الحشد "لعب بالنار" وأضاف أن القوات الأجنبية "يجب أن تغادر أرض العراق لأنها تجاوزت الخطوط الحمراء باستهداف القوات المسلحة العراقية".

وقد رفعت -خلال مراسم التشييع التي شارك فيها عناصر من الحشد بزيهم العسكري- أعلام عراقية وأخرى للحشد، ولافتات كتب عليها "الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: واشنطن ولندن

إقرأ أيضاً:

الحشد يصيب البرلمان العراقي بالشلل.. هل ينهيه تدخل إيران؟

منذ نحو شهر كامل يشهد مجلس النواب العراقي شللا تاما، وذلك بسبب انقسام حاد داخل قوى الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم، حيال قانون الخدمة والتقاعد الخاص بهيئة الحشد الشعبي، التي يرأسها فالح الفياض، وسعي أطراف إطارية لإقالته من منصبه مقابل أخرى رافضة.

وتصّر مليشيا "عصائب أهل الحق" بقيادة قيس الخزعلي، وائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، على تمرير القانون في البرلمان مع الإبقاء على شرط السن التقاعد (60 عاما)، لإزاحة الفياض من رئاسته قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.



وفي المقابل، تضغط كتلتي "بدر" بقيادة هادي العامري، و"العقد الوطني" بزعامة الفياض نفسه، على استثناء رئيس "الحشد" من شرط العمر، حتى يحتفظ الأخير بمنصبه، ولو لمدة سنة واحد أو إعطاء الصلاحية إلى رئيس مجلس الوزراء العراقي بالتمديد له.

اللجوء لإيران

وعلى ضوء النزاع الحاصل داخل الإطار التنسيقي، ولأن الجبهتين الرافضة للفياض والمتمسكة به، لا تستطيع إكمال النصاب القانوني داخل البرلمان، وإقرار القانون بالصيغة التي تريدها، لجأ الفياض إلى طهران طالبا منها التدخل، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.

وقالت قناة "الرابعة" العراقية، الأربعاء، إن "الفياض لجأ إلى طهران شاكيا قادة الإطار التنسيقي إلى أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني الجنرال علي أكبر أحمد يار، محاولا استغلال نفوذه الإقليمي، للتدخل بشكل مباشر والضغط على الأطراف الرافضة له داخل الإطار".

وأجرى رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، الثلاثاء، مباحثات مع مسؤولين إيرانيين، لم يجر الإعلان عنها مسبقا، وتحديدا مع وزير الخارجية، عباس عراقجي، وأمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني وممثل المرشد الايراني الأعلى علي خامنئي، علي أكبر أحمد يار.

وعلمت "عربي21" من مصادر سياسية خاصة، طالبة عدم الكشف عن هويتها، أن "زيارة فالح الفياض جاءت بعد يوم من جلسة حامية بين أطراف الإطار التنسيقي وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدي، بسبب قانون الحشد الشعبي، الذي لم يتم التوصل إلى حلّ حتى الآن".

وأكدت المصادر أن "احتدام الصراع والاشتباك اللفظي كان بين منظمة بدر بقيادة هادي العامري، وبين جماعة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، لأن تطبيق القانون بوضعه الحالي معناه إحالة الآلاف من قادة الحشد الشعبي إلى التقاعد، وهؤلاء غالبيتهم من بدر".

وعن موقف السوداني من الأزمة، أوضحت المصادر أن "الفياض بطبيعة الحال هو الأقرب إليه، ويُنظر إليه من باقي أطراف إطارية على أنه حليفه المحتمل في الانتخابات المقبلة، لكن موقفه السوداني داخل الإطار ضعيف كونه لا يمتلك كتلة برلمانية كبيرة".

وأكدت المصادر أن "الفياض ذهب يستنجد بإيران والحصول على تأييد منها يبقيه في منصبه على الأقل إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، ومن غير المعلوم حصلوه على تأييد، خصوصا أن الأطراف الأخرى هي قريبة منها أيضا، سواء الخزعلي أو المالكي".

"خلاف طاحن"

من جهته، وصف الباحث في الشأن العراقي، سعدون التكريتي، أن الخلاف داخل الإطار التنسيقي بأنه "طاحن"، وقد يصل إلى تكسير العظام بين الأطراف المتنازعة على رئاسة الحشد الشعبي، قبل الانتخابات البرلمانية، وذلك لأسباب عديدة، ولاسيما المالية منها.



وأوضح التكريتي في حديث لـ"عربي21" أن "الاستماتة على تمرير قانون الحشد الشعبي، يعود إلى عاملين أساسيين، الأول الحصول على منصب رئيس الهيئة والمناصب القيادية الأخرى داخل المؤسسة، وهذا يقود إلى العامل الثاني، وهو التحكم بالأموال المخصصة للتشكيل العسكري".

وأشار الباحث إلى أن "ميزانية الحشد الشعبي تصل إلى 3 مليار دولار سنويا، ونحن الآن في بداية سنة مالية جديدة، بالتالي كل الأموال هذه تحت تصرف رئيس الهيئة أولا، والقيادات العليا ثانيا، بالتالي تستغل بشكل كبير في مرحلة الانتخابات، وتلعب دورا كبيرا في إرادة عناصر الحشد".

وبيّن التكريتي، أن "الحشد تعداده يصل إلى أكثر من 250 ألف عنصر، وهؤلاء مع عائلاتهم يشكلون رقما كبيرا للقوى السياسية الشيعية تحديدا من أجل التنافس على كسب أصواتهم، بالتالي موضوع الخلاف داخل الإطار التنسيقي ليس شيئا اعتباطيا".

وتوقع التكريتي أن "تتدخل إيران لإيجاد حلّ وسط بين الأطراف المتنازعة داخل الإطار الشيعي، خصوصا مع وجود تحدي أمريكي يضغط باتجاه تفكيك الفصائل المسلحة، وربما حتى الحشد الشعبي يشمله الأمر، لذلك المصلحة الإيرانية تقتضي ربما التهدئة والتوصل لحل يخمد الخلافات".

وفي السياق ذاته، أكد المتحدث السابق باسم الإطار التنسيقي، عائد الهلالي، أن "الهدف الأساسي من القوانين الجدلية هو توسيع رقعة المساحة الانتخابية للنواب أو للكتل السياسية، وهذه مشكلة، فلم تستطع الكتل السياسية مغادرة هذا المشهد منذ انتخابات 2005 وإلى اليوم".

ونقلت وكالة "شفق نيوز" العراقية عن الهلالي، أن "هذه المشكلة تحتاج إلى معالجة وهذه تتم من خلال الضغط الجماهيري الكبير وبدونه سوف تستأثر الكتل السياسية بشكل كبير بالمشهد السياسي وتوظف العملية السياسية وأموال الدولة العراقية لمصالح بناء عوائل رؤساء الكتل السياسية".

من جانبه، قال المحلل السياسي العراقي، المحسوب على الإطار التنسيقي، حيدر البرزنجي، خلال مقابلة تلفزيونية الأربعاء، أن "60 ألف عنصر من الحشد الشعبي ضمن الإدارة المركزية سيصبحون خارج الخدمة بسبب قانون المنتظر إقراره في البرلمان".



وأشار البرزنجي إلى أن "هناك حديثًا عن تفكيك الحشد الشعبي من الداخل"، لافتا إلى أن "بعض القوى السياسية (لم يسمها) مستعدة للتضحية بالحشد بسبب خصومتها مع رئيس الوزراء، بل إن هناك تحالفا يراد له ألا يستمر".

وتشكل الحشد الشعبي عام 2014، من أكثر من 70 مليشيا شيعية، بأمر من المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، ضمن ما يسمى بـ"فتوى الجهاد الكفائي"، وذلك من أجل مجابهة تنظيم الدولة الذي اجتاح البلاد في وقتها وسيطر على ثلث مساحته.

وفي عام 2016، صوت البرلمان العراقي على اعتبار الحشد الشعبي قوة رسمية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة، وذلك وسط مقاطعة من القوى السنية للجلية اعتراضا على القانون، الذي وصفوه في وقتها "نسف للشراكة الوطنية"، كونه يعزز حضور المليشيات في المشهد العراقي.

مقالات مشابهة

  • الأمن النيابية تعلن الانتهاء من معظم تعديلات قانون الحشد الشعبي
  • الأمن النيابية تعلن الانتهاء من معظم تعديلات قانون الحشد الشعبي - عاجل
  • باريس تتهم سلطات إيران بنهب وتدمير المعهد الفرنسي للأبحاث
  • مصدر مطلع: ميليشيا الحشد الشعبي ترفض بناء جدار كونكريتي مع إيران
  • المالكي : أمريكا تطلب حل الحشد الشعبي ونقل سكان غزة إلى الأنبار
  • الفياض: الحشد الشعبي يعمل ضمن مشروع المقاومة الإسلامية
  • هل تدخل الحشد الشعبي لمنع بناء جدار كونكريتي على الحدود مع إيران؟ - عاجل
  • سلام: للضغط الأميركيّ على اسرائيل كي تنسحب بشكل كامل من النقاط التي لا تزال تحتلها
  • الحشد يصيب البرلمان العراقي بالشلل.. هل ينهيه تدخل إيران؟
  • قانون تقاعد الحشد الشعبي… صراع سياسي في الوقت الضائع