شهر رجب سمي بالأصب، وسمي بالأصم لأنه لا يسمع فيه صوت السلاح والجدال، وكانوا في الجاهلية ينتظرون شهر رجب حتى يرصدوا البركة، إلى أن جاء الإسلام وأكد ذلك، فهو مقدمة لشهر رمضان، فرجب هو شهر الغراس، شهر نضع فيه البذره و الإمداد.
جدد العهد واعقد النية من الآن، فشهر رجب هو شهر الإمداد، وله نفحات فالتقطوها في هذا الشهر ولا تضيعوها
قال تعالى: ﴿ وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾
[ الإسراء: 72]
وقال تعالي ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) {التوبة: 36}
رجب ومحُرم وذو الحجه وذو القعدة من الأشهر الحرم، ثم يأتي شعبان الذي كتب الله فيه البركة، ثم يأتي رمضان خير شهور الدنيا.
إذا أنت في معسكر تدريبي دائم طيلة ستة أشهر تحيط بك البركة.. مضاعفة الحسنة، ومضاعفة السيئة، واستجابة الدعاء، وليله الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وليلة القدر، ويوم عرفه (وتكفير ذنوب سنة ماضية وسنة قادمة)
تصور معي الآن ماذا سيكون حالك في الستة أشهر القادمة؟
ولتفسير هذه الآية أمر عجيب (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ) {التوبة: 3٦}
أول ما طالبنا الله به في هذا الشهر هو رفع الظلم عن أنفسنا.. أنت مطالب برفع الظلم عن نفسك، فاخرج من دائره ظلم نفسك ثم من دائرة غضب الله عليك.. مطلوب منك الآن أن تبحث عن موقعك في شهر رجب.. أين أنت الآن من خريطة الأيام والأوقات؟.. وكيف تكون مميزآ في هذا المعسكر التدريبي؟
في موسم الإمداد لا تقطع المدد، وفي مواسم الأنوار التقط النور.. ابدأ فوراً.. عظم شعائر الله في هذا الشهر فهذا شهر الاستعداد.. ذلك موسم رفع القدر، والفرق بين رجب ورمضان، أنت في رمضان تصوم عن الحلال لأجل الله، أما رجب وشعبان، أنت تدرب نفسك على الصيام عن الحلال والحرام لأجل الله.. اللهم بارك لنا في رجب وشعبان.
لذا اسأل الله البركة في كل لحظة، فالفتور الذي تحصل عليه في رمضان لأنك لم تحسن الغراس في شهر رجب وشعبان حتى ندخل رمضان بالتدريج، كما نخرج منه بالتدريج بإلحاقه بالستة البيض من شوال، والبركة هنا تعني الزيادة في الشيء، فهل راقبت رجب قبل ذلك ونظرت مشاهدة البركة بأعين واعية؟
والبركة هنا إما رزق مادي - إما فتح يحدث في نفسك (والفتح يكون بقرار مناسب.. اتفاق عمل، أو قرار متأخر، أو رزق روحي (روحاني) كنور يقذف في قلبك، أو نقطه تحول تحدث لك بعد الفقد والألم حتى تسكن روحك وتطمئن ( الإسراء والمعراج )
ويأتي دعاء المرحلة (اللهم أني أشكو اليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي وهواني علي الناس)
لذا في هذا الشهر ابحث عن كل مداخل البركة.. ادخل في حضرة الذات القُدسية.. خذ دور المحُرم وعيش به وفيه في كل أحداث حياتك.
وتعني الذات القُدسيه الحضور مع الله قلبا وقالبا تدريبا ومجاهدة.. والحضور مع الله هي حالة وليست مكانة (فيه ناس ده حالها الطبيعي.. في ناس تروح وتدخل في هذه الحالة).. هؤلاء قلوبهم وعقولهم وخواطرهم معلقة بالله.. كلماتهم - نظراتهم - خواطرهم في حضور تام مع الله..
لو شعرت أنك في هذه الحاله احترمها واعرف أنك في حضرة الله الملك وقدسها والإحرام.. أنت اخترت بإرادتك الحرة أن تأخذ لقب محرما من دون أن تلبس ملابس الإحرام في غير وقت الحج والعمرة.
أنت أدركت أن الله مُطلع عليك في كل لحظة، وأنك في حمايته، وأنك تدخل وتخرج في حال الحضور حتى تصل إلى خشية الله في السر والعلن (أنا في حرم الرحمن آمنة مطمئنة)
لذا درب عقلك على حالة الإحرام.. تذكر دائما نداءات سيارات الإسعاف (الإسعاف النفسي)
(اسمع دائما لصفارات الإنذار ندائك الداخلي.. يا عبد الله اتق الله)
فالإنسان مركب من عنصرين، عنصر شهواني و عنصر روحي والعنصر الروحي يغذى بالذكر، والفكر، والعلم، والعنصر الشهواني يغذى بالفراغ، والجهل، والغفلة، وقلة الحضور مع الله، والتعلق، والإنسان دائما حائر بين العنصرين، فإذا غلبه جانب الروح على جانب الشهوة امتلأ بالنور، لا يأتي منه إلا الخير، وإذا غلبه جانب الشهوة على الجانب الروحي صار شرا لا يأتي إلا بالشر.
حدد موقعك الآن من هذا الشهر.. كن من السابقين أولئك المقربون.. انتفاضه للطاعات في مواسم الإمداد.. تقديم المساعده لمن عرفت ومن لم تعرف ( لأن يهدي الله بك رجلآ واحدا خيرا من الدنيا وما فيها)
حدد نواياك لثلاثة أشهر مقبلة، واعلم أنك في طريقك إلى مواسم الإحسان، فاستدعي الهمة والإرادة في موسم الإمداد.
اقرأ أيضاًقبل انقضائه.. تعرف على أفضل العبادات في شهر رجب
باقي عليها 3 أيام.. فضل ليلة 27 رجب وأفضل الأدعية المستحبة
أدعية مستحبة في الأيام البيض لشهر رجب
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: شهر رجب شهر شعبان رجب فضائل شهر رجب شهر رجب 2024 رجب وشعبان فی هذا الشهر شهر رجب مع الله
إقرأ أيضاً:
البعض يُفسد على نفسه الشهر الفضيل باللهو ومتابعة المواد التلفزيونية الهابطة
تعد البرامج المختلفة احد النماذج التي تهدم النفوس وتضيع الأوقات في شتى المجالات وتختلف البرامج والأجهزة الإلكترونية التي تمسخ الناس عن ذكر الله وتضيع بسببها الأوقات في رمضان وهنا نقول الوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك.. ففي كل عام تقدم القنوات كماً كبيراً من المسلسلات والمسابقات اغلبها هابطة بينما ينبغي على المرء أن يستغل أوقات الشهر الفضيل لذكر الله والاستغفار وتلاوة القرآن.
استطلاع/ رجاء محمد الخلقي
– تفكير شيطاني-
البرامج التي تبث في أوقات رمضان تعد برامج شيطانية تمنع الناس من الصلاة وذكر الله كثيرا هذا ما قالته أم محمد احمد ربة بيت من مديرية شعوب
وأضافت: القنوات جميعها تعلن عن قدوم حلقة كذا وبرنامج كذا ومسابقه كذا فأين موقع ذكر الله في هذه الحالة.. لقد اُنزل القرآن في رمضان وليلة القدر في رمضان وهي أعظم ليلة للناس وخير من الف شهر، فأماني اليهود والنصارى هو الإفساد وان يكفروا الناس ويلهوهم عن ذكر الله وهذا بعدهم..
– أم مثالية –
إما أم احمد غيلان فقد استاءت من هذه الأجيال والتي تقضي أوقاتها في مشاهدة البرامج الرمضانية والتي لا تنتهي حتى النوم وبعدها سحور ونوم واليوم التالي نفس الخطوات، فتقول:- بالنسبة للبرامج منعت أولادي من مشاهدة المسلسلات لأنها تلهيهم وتخرجهم لعالم أخر فرمضان شهر خير ومبارك وفيه الرحمة والمغفرة والعتق من النار حتى صلاتهم لا أحسها بخشوع وإنما بسرعة فائقة وشاردين في هذه المسلسلات الماسخة والتي لا نخلص منها حتى نهاية رمضان.. وهنا أوجه لكل أم أن تمنع أولادها من هذا المسخ، فالمشاهدة لا تفوتهم ابدا وسيعاد كل ما يشاهدونه أما رمضان فلن يعود إلا بعد عام، لابد من استغلال الشهر بكل ما نمتلك من قوة وتفكير ووقت فأولادنا أمانة في أعناقنا..
– رحمة الله بعبده-
الأستاذة حنان سمير – أخصائية اجتماعية تقول: في هذا الشهر الكريم تعمل قنوات ومسلسلات على إغواء الناس عن طاعة الله وذكره وقراءة قرآنه.. وأضافت بالقول:- الكثير من الناس ينتظرون هذه المسلسلات بشغف وينسوا ذكر الله.
وتضيف: في هذا الشهر أنزل القرآن وهو خير من الف شهر وأوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار…
وتتابع: شهر رمضان المبارك ، يفتح الله فيه أبواب الخير، ويغلق فيه أبواب الشر، ويصفد فيه المردة والشياطين، ويقال فيه لباغي الخير أقبل، ولباغي الشر أقصر، وتضاعف فيه الحسنات، وترفع فيه الدرجات، وتستجاب فيه الدعوات، وتمحى فيه السيئات، ويتجاوز الله فيه عن العظائم، ولله في كل يوم منه عتقاء من النار.
أما الأستاذة سمية غالب “مدرسة إسلامية” تُؤكد بأن التلفزيون والإلكترونيات بشكل عام مسخ للبشر ولابد من الابتعاد منها خاصة خلال شهر رمضان.
وتضيف بقولها:- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مستفيض بين عامة المسلمين وخاصتهم.
فعلى المؤمن الذي يرجو الله والدار الآخرة أن يستغل أوقات هذا الشهر المبارك في طاعة الله تعالى، وأن يتفرغ لذلك قدر استطاعته، فالكيّس الحاذق يتحين الفرص، ويتربص الموسم حتى لا يخسر في مواطن الربح.
وإن أفضل الوسائل لاستغلال الوقت فيما يعود على المرء بالنفع في دنياه وأخراه في هذا الموسم العظيم:
1 – الاستعانة بالله -سبحانه وتعالى- وحده، وصدق التوجه إليه، وتجديد التوبة النصوح إليه -سبحانه وتعالى-.
2 – إمعان النظر في حديث الله تعالى في كتابه العزيز عن هذا الشهر المبارك، وعن العبادة التي شرعها فيه، وما خصه الله تعالى به من الفضائل، مما يدل دلالة جلية على عظم قدره عنده سبحانه وتعالى وعلو شأنه، فقد اختاره طرفاً لإنزال القرآن، وحصول الأحداث العظام التي غيرت وجه التاريخ، كواقعة بدر الكبرى، والفتح الأكبر فتح مكة…
3 – إمعان النظر فيما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من الفضائل لهذا الشهر المبارك، وكثرة ما رغب في الأعمال الصالحات فيه.
4 – إمعان النظر في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، وهدى صحابته والسلف الصالح بعدهم -رضوان الله على الجميع-، ففي ذلك شحذ للهمم، واستنهاض للعزائم، واستثارة لكوامن الخير في المسلم.
5 – إعداد العدة له قبل دخوله، والتفرغ له مما لا بد منه من شؤون الحياة الضرورية.
6- تنظيم الوقت وتقسيمه تقسيماً دقيقاً محكماً بحيث يجعل جزءاً منه لتدبير شؤون معاشه التي لا بد له منها، وجزءاً آخر لأوراده اليومية وأذكاره الصباحية والمسائية، فإن ذلك مما يحفظ على المرء وقته بإذن الله تعالى, وجزءاً منه لنوافل عبادته الأخرى من صلاة وذكر ودعاء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وجزءاً أكبر من وقته لتلاوة كتاب الله تعالى وتدبر معانيه، فإن بين هذا الشهر وبين القرآن علاقة وارتباطاً قوياً ففي هذا الشهر أنزل القرآن، كما يلحظ ذلك في حديث القرآن عن شهر رمضان المبارك.