خيمة مناقيش الزعتر مصدر رزق في الحرب على غزة
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
داخل خيمة نزوح بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، تنشغل عائلة الفلسطيني جهاد عاشور بإعداد قطع دائرية الشكل من فطائر البيتزا ومناقيش الزعتر، ضمن مشروع صغير بدأته مؤخرا للحصول على لقمة العيش في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان، بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولإنجاز العمل بوتيرة سريعة، يوزع أفراد الأسرة داخل هذه الخيمة التي نصبوها بأحد شوارع المدينة، مراحل صناعة الفطائر على بعضهم، فتعمل إحدى السيدات على تجهيز العجينة والأخرى تعكف على فردها لتصبح بسطح مستوٍ.
وأما عاشور، فيسهم في ترتيب مكونات البيتزا البسيطة على هذه الفطائر، والتي تشمل صلصة الطماطم، وقطعا صغيرة وقليلة جدا لا تتجاوز الاثنتين من لحوم (المرتديلا)، وشرائح قليلة من الفلفل الحلو، وبعض المايونيز.
هذه المكونات البسيطة بالكاد ينجح عاشور بالعثور عليها في الأسواق، ليشتريها بسعر مضاعف، حيث تفتقد هذه البيتزا أهم عناصرها وهي الجبنة، لأن الإقبال على شرائها محدود، ولعدم قدرة النازحين على شراء مكوناتها أو خبزها.
ويخبز عاشور هذه الفطائر داخل فرن يعمل على الحطب والفحم بدلا من غاز الطهي بسبب قلة توفره، وذلك في شارع عام، لجذب الزبائن لشراء هذه الفطائر التي تخرج ساخنة.
ويعتمد غالبية النازحين في غذائهم على المعلبات، حيث يفتقد مئات الآلاف منهم الطعام الساخن، وتعتبر هذه الفطائر الساخنة فرصة لهم من أجل كسر الروتين اليومي للغذاء والحصول على بعض الدفء.
وفي حوارات منفصلة للأناضول، قال بعض النازحين إنهم يمضون أسابيع دون تناول أي طعام ساخن، بسبب عدم توفر مستلزمات الطهي لديهم (من أوان أو حطب)، أو جراء نفاد كميات الطعام التي يحصلون عليها كمساعدات وعجزهم عن شرائها لعدم توفر السيولة المالية لديهم.
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني، وأغلقت المعابر باستثناء سماحها بدخول عدد قليل جدا من المساعدات وخروج بعض الأفراد من المرضى وأصحاب الجوازات الأجنبية.
ووفق أونروا، فإن المساعدات الإنسانية التي تدخل للقطاع بشكل عام، لا تلبي 7% من احتياجات السكان من كافة المستلزمات الغذائية والإغاثية.
على الرغم من الاعتداءات المتواصلة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن الثلاثيني عاشور النازح من حي الزيتون شرقي مدينة غزة إلى رفح، لم يستسلم للأوضاع التي خلفتها مصاعب هذه الرحلة، وبدأ بالتفكير عن مصادر للحصول على لقمة العيش.
وقال للأناضول إن فكرة إعداد فطائر البيتزا والمناقيش، نبعت من رحم المعاناة، حيث ينعدم توفر هذه المأكولات إلا بشكل شحيح، وفي مناطق بعيدة عن منطقة نزوحه، فضلا عن ندرة توفر المكونات وصعوبة الحصول عليها.
وأوضح أنه وجد نفسه مرغما على الحصول على عمل لتوفير لقمة العيش لإطعام عائلته، وسط شح المساعدات الغذائية التي تصلهم وانعدام وجود مصادر بديلة للدخل.
وأشار إلى أنه يبيع القطعة الواحدة من الفطائر بمبلغ يصل إلى شيكلين (الدولار يعادل 3.60 شواكل). وقال إن هذا المبلغ بالكاد يتناسب مع غلاء مكونات الفطائر، فيما ينتهي اليوم بالحصول على مبلغ بسيط يسهم بتوفير الحد الأدنى من المستلزمات.
وخلال الحرب، شهدت المواد الغذائية الشحيحة الموجودة في القطاع ارتفاعا في الأسعار، بسبب ندرة توفرها جراء إغلاق المعابر ومنع إسرائيل دخولها.
رحلات نزوحيقول عاشور إنه نزح من حي الزيتون، بعد أن قصفت المقاتلات الإسرائيلية الحربية منزله هناك، و"مررنا بعدة رحلات نزوح صعبة، وانتهى بنا الأمر في أقصى جنوب القطاع بمدينة رفح".
بدورها، تقول زوجته العشرينية فداء صيام إنهم نزحوا إلى مجمع الشفاء الطبي بعد تدمير منزلهم على الفور. وبعد فترة قضتها العائلة هناك، نزحت مجددا إلى مركز للإيواء بمدينة غزة، حيث تم استهدافه آنذاك، وسقط عدد من الشهداء، كما قالت للأناضول.
هذا الاستهداف اضطرهم للنزوح إلى مدينة خان يونس، ليفروا منها مؤخرا بعد الاجتياح الإسرائيلي لها والتوجه نحو رفح، وفق قولها.
ومنذ 22 يناير/كانون الثاني الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات مكثفة جوية ومدفعية على خان يونس، وفي محيط المستشفيات الموجودة فيها، وسط تقدم بري لآلياته بالمناطق الجنوبية والغربية من المدينة، مما دفع آلاف الفلسطينيين للنزوح منها.
وتصف صيام، الحياة في ظل الحرب ووسط رحلات نزوح متعددة، بـ"الصعبة والشاقة"، وأشارت إلى أن العائلة، وبسبب تكرار النزوح، وصلت إلى رفح بلا مستلزمات أو ملابس أو نقود.
ولفتت إلى أن النازحين الذين خرجوا من منازلهم "حملوا كل ما يملكون معهم من نقود، وبعد مرور 4 أشهر على الحرب، نفدت نقودهم في ظل الغلاء الذي يعيشونه".
ويشكل هذا المشروع طوق نجاة لعائلة عاشور من الوقوع في وحل الجوع، إذ تقول صيام إن وضعهم المعيشي بالكاد شهد تحسنا طفيفا بعد هذا بيع الفطائر.
وأوضحت -وهي تخبز بعض أرغفة الخبز لإطعام عائلتها- الحياة صعبة، والمساعدات الإنسانية والغذائية مفقودة لا يصلنا شيء، التفكير في افتتاح مشاريع اقتصادية صغيرة، رغم الحرب ينتشل العائلات من الجوع والعوز.
وذكرت أن هذا المشروع أسهم في توفير لقمة العيش لأطفالها، في ظل انعدام سبل الحياة ومنع دخول المواد الغذائية واستمرار الحصار.
ومنتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: لقمة العیش
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: الحرب في أوكرانيا تغيرت وأصبحت أشد فتكا بسبب هذا السلاح
قالت صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن قادة عسكريين أوكرانيين، إن الصراع في أوكرانيا يشهد تحولا جذريا مع هيمنة الطائرات المسيّرة (الدرونز) على ساحات المعارك، حيث أضحت تتسبب الآن في حوالي 70% من الإصابات والوفيات في الحرب.
وقد كانت الحرب في بدايتها تعتمد على المدفعية والدبابات والخنادق، لكنها اليوم باتت تُدار بشكل كبير عن طريق الطائرات المُسيّرة، التي يتم تعديلها بسرعة مذهلة لتصبح آلات قتل فعّالة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جنرال أميركي سابق: وقف ترامب المساعدات لأوكرانيا قد يضر روسياlist 2 of 2لوموند: دعوات لمقاطعة المنتجات الأميركية تجتاح شمال أوروباend of listونقلت الصحيفة الأميركية في تقرير تفاعلي عن رومان كوستينكو، رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني، القول إن الطائرات المسيّرة -وليست المدفعية الثقيلة الكبيرة التي كانت إحدى سمات الحروب في السابق- تتسبب في حوالي 70% من جميع الخسائر البشرية الروسية والأوكرانية.
وفي بعض المعارك، تصل نسبة تلك الخسائر إلى 80% من أعداد القتلى والجرحى، وفق القادة العسكريين.
ويشير التقرير إلى أن الحرب تحولت إلى سباق بين الغرب وروسيا على ضخ الأسلحة التقليدية، مثل القذائف والدبابات، في المعركة، مما حوّل شرق أوكرانيا إلى معرض للرماية بالمدفعية.
السلاح الأشد فتكا
وقد أصبحت الطائرات المسيرة السلاح الأشد فتكا ويتم تشغيلها عن بُعد بأجهزة تحكم وشاشات، متجاوزة الأسلحة التقليدية مثل الدبابات والمدفعية.
إعلانولا يشبه الصراع الدائر الآن المعارك الأولى عندما كانت أرتال الجنود الروس تجوب متثاقلة شوارع القرى والبلدات الأوكرانية، فيما كانت فرق صغيرة من المشاة الأوكرانيين تتحرك بسرعة مستخدمة أساليب الكر والفر لإبطاء تقدم الجيش الروسي الأكبر حجما.
ويفيد التقرير بأن تطورات الحرب قد تكون لها تداعيات جيوسياسية كبيرة. ففي الوقت الذي تهدد فيه العلاقة "الهشة" بين أوكرانيا وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف تدفق المساعدات العسكرية في المستقبل، تتراجع أهمية الأسلحة التقليدية التي أنفق الأميركيون مليارات الدولارات لتزويد أوكرانيا بها.
إعادة تشكيل نظريات الحربوتوضح نيويورك تايمز أن من تأثيرات الحرب على الصعيد الدولي أنها تُلهم حلفاء وأعداء الغرب، مثل إيران والصين، وتعيد تشكيل نظريات الحرب التقليدية.
وتضيف أن قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) والدول الأخرى تستلهم الدروس من الحرب في أوكرانيا، في محاولة لفهم كيفية الاستعداد لصراعات مستقبلية تعتمد على التكنولوجيا.
وتعد الطائرات المسيّرة أقل تكلفة وأسهل إنتاجا مقارنة بالدبابات والمدافع والأسلحة التقليدية الأخرى. وقد ساعدت العام الماضي في تعويض الإمدادات المتناقصة من المدفعية والصواريخ الغربية الصنع المرسلة إلى أوكرانيا.
التنافس في القدرة على التكيفووفقا للصحيفة، تنتج أوكرانيا وروسيا ملايين الطائرات المسيّرة سنويا، مما يجعل المعركة بينهما تنافسا في القدرة على التكيف والإنتاج.
ويستخدم الطرفان تقنيات مثل الطائرات المزودة بالكاميرات والذكاء الاصطناعي، والأدوات المضادة للطائرات المُسيّرة التي تعرقل إشاراتها.
وذكر مسؤولون أوكرانيون إنهم صنعوا أكثر من مليون طائرة دون طيار من طراز FPV في عام 2024. وتزعم روسيا أنها تستطيع إنتاج 4 آلاف طائرة كل يوم. ويؤكد كلا البلدين أنهما لا يزالان يعملان على زيادة الإنتاج، حيث يهدف كل منهما إلى إنتاج ما بين 3 إلى 4 ملايين طائرة دون طيار في عام 2025.
إعلانلكنّ القادة العسكريين يحذرون من أنه مهما كانت فعالية الطائرات المسيّرة، فهي لا تلبي جميع احتياجات أوكرانيا الحربية ولا يمكن أن تحل ببساطة محل الطلب على الأسلحة التقليدية.
أذهلت حتى المراقبينويقولون إن المدفعية الثقيلة والأسلحة الأخرى بعيدة المدى لا تزال ضرورية لأسباب عديدة، من بينها حماية الجنود واستهداف مواقع القيادة والسيطرة أو أنظمة الدفاع الجوي. ومع ذلك، يرى هؤلاء القادة أن هيمنة الطائرات المسيّرة يمكن أن تغير طبيعة الحرب نفسها.
ونقلت الصحيفة عن القائد الأعلى لقيادة التحول في حلف الناتو الأدميرال الفرنسي بيير فاندييه القول إن الحرب في أوكرانيا هي "مزيج من الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثالثة، ما يمكن أن تكون عليه الحروب في المستقبل".
وورد في التقرير التفاعلي أن وتيرة التقدم أذهلت حتى المراقبين للحرب، مما أجبر الكثيرين على إعادة التفكير في جدوى الأسلحة التي تكلف ملايين الدولارات في ساحة معركة يمكن أن تدمرها طائرة مسيّرة لا تكلف سوى بضع مئات من الدولارات.
خلاصة القول إن الحرب في أوكرانيا تدل على حدوث تحول في أساليب القتال بالحروب من الأساليب التقليدية إلى أخرى تعتمد على التكنولوجيا بشكل غير مسبوق، مما يعيد تعريف طبيعة النزاعات العسكرية العالمية.