عربي21:
2024-11-08@04:41:23 GMT

المنافسة الصينية-الأمريكية الأوسع في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

لقد كان الشرق الأوسط، وهو منطقة ذات أهمية استراتيجية بسبب موارد الطاقة الهائلة وموقعها الجيوسياسي، لفترة طويلة ساحة معركة على النفوذ بين القوى العالمية الكبرى. وفي الآونة الأخيرة، اشتدت هذه المنافسة بسبب دخول الصين كلاعب فاعل في المنطقة، يتحدى الهيمنة التقليدية للولايات المتحدة. ويرمز هذا التحول إلى صراع أوسع بين الولايات المتحدة والصين، ويمس المجالات التكنولوجية والاقتصادية والعسكرية.



إن النهج الذي تتبناه الصين في التعامل مع الشرق الأوسط يختلف جوهريا عن النهج الذي تتبناه الولايات المتحدة. ورغم أن الولايات المتحدة حافظت تاريخيا على وجود عسكري كبير في المنطقة، بأكثر من ثلاثين قاعدة عسكرية، وكثيرا ما كانت منخرطة بشكل مباشر في السياسات والصراعات الإقليمية، فإن مشاركة الصين كانت اقتصادية وتكنولوجية في المقام الأول. واستثمرت الصين أكثر من 273 مليار دولار في المنطقة بين عامي 2005 و2022، لتصبح أكبر مستثمر في الشرق الأوسط. ويتم تعزيز هذا التأثير الاقتصادي بشكل أكبر من خلال مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى ربط آسيا وأوروبا وأفريقيا من خلال شبكة من مشاريع البنية التحتية.

النهج الذي تتبناه الصين في التعامل مع الشرق الأوسط يختلف جوهريا عن النهج الذي تتبناه الولايات المتحدة. ورغم أن الولايات المتحدة حافظت تاريخيا على وجود عسكري كبير في المنطقة، بأكثر من ثلاثين قاعدة عسكرية، وكثيرا ما كانت منخرطة بشكل مباشر في السياسات والصراعات الإقليمية، فإن مشاركة الصين كانت اقتصادية وتكنولوجية في المقام الأول
وتتميز استراتيجية الصين في الشرق الأوسط بسياسة عدم التدخل والتركيز على التنمية الاقتصادية. نجحت بكين في الحفاظ على علاقات جيدة مع مجموعة من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات، بالإضافة إلى إسرائيل والفلسطينيين. ويتناقض هذا بشكل صارخ مع الولايات المتحدة، التي كانت سياستها الخارجية في المنطقة مثيرة للانقسام في كثير من الأحيان. إن حياد الصين وتركيزها على الاستثمارات الاقتصادية جعلها شريكا أقل إثارة للجدل، وربما أكثر جاذبية للعديد من دول الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، فإن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الصين، مثل التوسط في تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية، تسلط الضوء على نفوذها المتنامي وجاذبية نهجها في حل الصراعات في المنطقة. وعلى النقيض من الولايات المتحدة، التي كان يُنظر إليها على أنها تنحاز إلى أحد الجانبين وتنخرط في الصراعات، فإن الصين تقدم نفسها كطرف محايد مهتم بالاستقرار والتنمية الاقتصادية.

ومع ذلك، فإن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في الشرق الأوسط لا تقتصر على النفوذ فحسب، بل تنطوي أيضا على مصالح استراتيجية تتعلق بالهيمنة العالمية. والولايات المتحدة، على الرغم من محاولة تركيزها نحو آسيا والجهود المبذولة للحد من وجودها العسكري في الشرق الأوسط، تظل مستثمرة بعمق في الديناميكيات الأمنية في المنطقة. وتشمل استراتيجية الولايات المتحدة تعزيز التكامل والشراكات الإقليمية، كما أبرزته مبادرات مثل مبادرة "I2U2"، التي تشرك الهند والولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة في معالجة التحديات الإقليمية.

المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في الشرق الأوسط لا تقتصر على النفوذ فحسب، بل تنطوي أيضا على مصالح استراتيجية تتعلق بالهيمنة العالمية. والولايات المتحدة، على الرغم من محاولة تركيزها نحو آسيا والجهود المبذولة للحد من وجودها العسكري في الشرق الأوسط، تظل مستثمرة بعمق في الديناميكيات الأمنية في المنطقة
ويتضمن السياق الأوسع لهذا التنافس الجهود الرامية إلى إعادة تشكيل الاتصال الرقمي الإقليمي، حيث يبرز مشروع "بلو رامان" كتطور محوري وهام في سياق المنافسة الصينية-الأمريكية في الشرق الأوسط. تم تصميم "Blue-Raman"، وهو عبارة عن تعاون بين "Google" وشركاء آخرين، لتعزيز الاتصال الرقمي في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه. وتسعى إلى إنشاء طريق جديد للاتصال بالإنترنت من أوروبا إلى الشرق الأوسط من خلال ربط أوروبا بإسرائيل عبر الكابل الأزرق، ومن ثم الاتصال بكابل رامان في الأردن الذي يمتد إلى المملكة العربية السعودية. وتهدف هذه المبادرة إلى تجاوز الطرق التقليدية عبر مصر، مما يعكس مسعى استراتيجي ليس فقط للتعزيز التكنولوجي ولكن كمناورة جيوسياسية لموازنة نفوذ الصين في المنطقة.

وبناء على ما سبق قررت المملكة العربية السعودية توريد الإنترنت الخاص بها من أوروبا عبر الأردن وإسرائيل من خلال هذا المشروع. ويدل هذا القرار على التوجه الاستراتيجي للمملكة بعيدا عن مصر، الموّرد تاريخيا لأكثر من 90 في المئة من خدمات الإنترنت بين القارتين. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تغيير جذري في ديناميكيات دور مصر في إمدادات الإنترنت في المنطقة، مما قد يؤدي إلى اختلافات كبيرة بين مصر والمملكة العربية السعودية. وبالتالي فإن مشروع بلو رامان ليس مجرد ترقية تكنولوجية؛ إنه بيان جيوسياسي يسلط الضوء على نية المملكة لتنويع شراكاتها وتعزيز بنيتها التحتية الرقمية بشكل مستقل عن مصر.

ويتكون هذا المشروع من كابلين من الألياف الضوئية، أحدهما يبدأ من مدينة إيلات والآخر يصل إلى ميناء العقبة في الأردن. ومن خلال زيادة سرعة الإنترنت وخفض التكاليف، تهدف بلو رامان إلى كسر احتكار مصر لحركة الإنترنت في المنطقة. كما أنه يرمز إلى خطوة نحو تسريع عملية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وزيادة دمج إسرائيل في البنية التحتية للمنطقة. وبرزت هذه الفكرة عبر تصريحات مسؤول إسرائيلي أكد على أنها المرة الأولى منذ قيام إسرائيل التي ستصبح فيها جزءا لا يتجزأ من شبكة البنية التحتية في الشرق الأوسط.

المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في الشرق الأوسط متعددة الأوجه، وتشمل الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية والاستراتيجية. ويجسد مشروع بلو رامان، إلى جانب الطريق البري المقترح الذي يربط الهند بإسرائيل وأوروبا، استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ الصين المتزايد. وتعكس هذه التطورات المنافسة العالمية الأوسع بين اثنتين من القوى العظمى في العالم، الأمر الذي لا يؤثر فقط على المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، بل يؤثر أيضا على توازن القوى العالمي
علاوة على ذلك، فإن مشروع بلو رامان يتماشى استراتيجيا مع الأجندة الجيوسياسية الأوسع للولايات المتحدة، والتي تتضمن تعزيز العلاقات الوثيقة مع اللاعبين الإقليميين من خلال مشاريع البنية التحتية والشراكات التكنولوجية. ويعد هذا جزءا من جهود الولايات المتحدة لتعزيز وجودها في مواجهة طموحات الاتصالات الصينية في المنطقة، والتي تتمثل في مشروع تقوده الصين لتطوير شبكة كابلات إنترنت من الألياف الضوئية تحت البحر تمر حصرا عبر مصر. ويُنظر إلى مشروع الصين، الذي يربط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، باعتباره تحديا مباشرا لمصالح الولايات المتحدة، ويقترح شبكة بديلة يمكن أن تغير ميزان النفوذ في البنية التحتية للاتصالات.

في الوقت نفسه، اقترحت إدارة بايدن طريقا بريا لربط الهند بإسرائيل وأوروبا عبر الإمارات والأردن والمملكة العربية السعودية، والذي يُنظر إليه على أنه ثقل موازن لمبادرة الحزام والطريق الصينية. وتؤكد هذه المبادرة على الطبيعة التنافسية لمشاركة الولايات المتحدة والصين في الشرق الأوسط، حيث تلعب البنية التحتية والتكنولوجيا أدوارا حاسمة في تشكيل التحالفات الجيوسياسية والشراكات الاقتصادية.

في الختام، فإن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في الشرق الأوسط متعددة الأوجه، وتشمل الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية والاستراتيجية. ويجسد مشروع بلو رامان، إلى جانب الطريق البري المقترح الذي يربط الهند بإسرائيل وأوروبا، استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ الصين المتزايد. وتعكس هذه التطورات المنافسة العالمية الأوسع بين اثنتين من القوى العظمى في العالم، الأمر الذي لا يؤثر فقط على المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، بل يؤثر أيضا على توازن القوى العالمي في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد والمواقع العسكرية الاستراتيجية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الشرق الأوسط النفوذ الصين التنافس الشرق الأوسط امريكا الصين تنافس نفوذ مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة والمملکة العربیة السعودیة الصین فی الشرق الأوسط البنیة التحتیة فی المنطقة أیضا على من خلال

إقرأ أيضاً:

بعد فوز ترامب.. ما هو مستقبل الحروب في الشرق الأوسط؟

بعد إعلان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية، يحبس العالم أنفاسه لمعرفة مصير الحروب الدائرة في المنطقة وكذلك الصراع القائم بين كل من روسيا وأوكرانيا خلال الفترة المقبلة.

ويرى مراقبون أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد يتخذ خطوات حاسمة بشأن إنهاء الصراعات التي تؤثر على دفة الاقتصاد وهو ما سيركز عليه أولاً، ولن يضع في أولوياته الصراعات الأخرى مثل السودان وغيرها من الصراعات الأخرى.

التركيز على الصراع الأوكراني

وقال المحلل السياسي محمد عز الدين إنه من المتوقع أن يركز الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب على الصراع بين روسيا وأوكرانيا وحسمه في أسرع وقت من خلال المساومات والوصول إلى اتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأوضح عز الدين لـ24 أن ترامب يريد إنهاء هذا الصراع لأنه يؤثر على الاقتصاد العالمي وترامب يريد السيطرة على الاقتصاد والتعامل بهذا المنطق مثلما كان يفعل في ولايته الأولى.

كما أشار المحلل السياسي إلى أنه بمجرد عودة ترامب للبيت الأبيض سيكون هناك مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا من أجل الوصول إلى اتفاق يساهم في وقف الحرب في أسرع وقت.

Anti war Donald Trump....
hopefully he will bring peace in the middle east#USAElections2024
#Trump pic.twitter.com/78cWp23mYT

— Asaduddin owaisi ( ???????????????????????? ) (@Asad_owaisi__) November 6, 2024 السيطرة على الوضع في المنطقة

وفيما يخص الحروب الدائرة في المنطقة وخصوصاً حرب غزة ولبنان، قال محمد عز الدين إن ترامب سوف يسحم الموقف وسيتخذ إجراءات تؤدي إلى وقف الحرب في غزة ولبنان من خلال الوصول إلى اتفاق يساهم في حل الأزمة.

وأوضح عز الدين أن ترامب خلال ولايته الأولى حين اتخذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لم تشهد المنطقة وقتها أي حروب، وبالتالي سوف يعمل على التفاوض والوصول إلى تفاهمات تساهم في إيقاف الحرب في المنطقة.

وفيما يخص الحرب في السودان، أكد المحلل السياسي محمد عز الدين أن ترامب لا يركز مع القضايا الأخرى حيث يركز على القضايا الاقتصادية أولاً والتي تهم بلاده، ثم يتطرق لمثل هذه القضايا، مشيراً إلى أنه سيعيد بناء الثقة بين الولايات المتحدة والدول العربية ومن بينها دول الخليج ومصر أيضاً.

وأكد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، خلال كلمة ألقاها، في بالم بيتش، بولاية فلوريدا، أنه سيقوم بوقف الحروب، قائلًا "سوف نوقف الحروب ولن نبدأها".

وأضاف، بعد إعلانه الفوز برئاسة أمريكا 2024 "لم يكن لدينا حروب في ولايتي الأولى، فقط هزمنا داعش".

وأشار إلى أنه خلال فترة رئاسته السابقة لم تكن هناك حروب لمدة أربعة سنوات باستثناء دحر تنظيم داعش خلال وقت قياسي، مؤكداً أن هذا يعد انتصاراً كبيراً للديمقراطية والحرية.

وأعلن ترامب، في خطاب أمام الآلاف من جمهوره، في بالم بيتش، بولاية فلوريدا، فوزه بالانتخابات الأمريكية 2024، مؤكداً أن أمريكا ستدخل عصراً ذهبياً.

Donald Trump elected as the next President of the USA.

Do the wars around the world especially Israeli oppressions come to an end. Let's see, how he tackle the situation in the Middle East. pic.twitter.com/g1igtk5z6P

— Global Defense Analysis (@GlobalDefenseAn) November 6, 2024

وأضاف "حققنا نصراً سيسمح بجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، مؤكداً: "حققنا نصراً سياسياً لا مثيل له".

مقالات مشابهة

  • وسط تهديدات إيران.. مقاتلات إف 15 الأمريكية تصل إلى المنطقة
  • لماذا تعتبر الشراكة مع الولايات المتحدة أفضل خيار استراتيجي للشرق الأوسط؟
  • رصد وصول مقاتلات F-15 إلى الشرق الأوسط.. الولايات المتحدة تتأهب
  • تعزيزات عسكرية أميركية للدفاع عن إسرائيل من هجوم إيراني محتمل
  • عمرو خليل عن فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية: قضايا الشرق الأوسط تتصدر المشهد
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. "الجارديان": فوز ترامب بالرئاسة هو انتصار لنتنياهو.. ونتائجها قد تغير خريطة الشرق الأوسط على حساب الشعب الفلسطيني
  • الصين تعلق على فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية
  • إلى أين تتجه بوصلة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؟
  • المؤتمر: عودة ترامب قد تعيد صياغة التحالفات والأولويات في الشرق الأوسط
  • بعد فوز ترامب.. ما هو مستقبل الحروب في الشرق الأوسط؟