بوريل: إفريقيا تحتل أولوية جيوسياسية لدى أوروبا ونحن مُصرون على زيادة التعاون معها
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
قال الممثل السامي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، إن إفريقيا تحتل أولوية جيوسياسية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، و"نحن مُصرون على زيادة وتعزيز التعاون والحوار مع دول القارة".
وأضاف بوريل- في تصريحات صحفية أدلى بها بعد انتهاء اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، نقلتها دائرة العمل الخارجي التابعة للاتحاد، عبر موقعها الرسمي- أن الاتحاد الأوروبي سوف يدعم سعي إفريقيا إلى نيل تمثيل أكبر في المحافل متعددة الأطراف.
وفيما يتعلق بالوضع الراهن في قطاع غزة.. أشار بوريل إلى أن المجلس الأوروبي ناقش الوضع في الشرق الأوسط دون التوصل إلى نتائج نظرًا لاختلاف المواقف بين الدول الأعضاء.. الوضع الإنساني في غزة كارثي، لكن هذا الوضع الإنساني الكارثي ليس بسبب وقوع زلزال أو وقوع كارثة طبيعية، بل بسبب وجود حرب".
وقال إن هذه الحرب دفعت مئات الآلاف من الأشخاص إلى جنوب غزة، والآن بعد أن أصبحوا في الجنوب، لا يزال الجنوب يتعرض للقصف، ويستمر في خلق وضع إنساني بالغ السوء.. لكنها كارثة من صنع الإنسان.
وذكر أن الاجتماع تطرق إلى مسألة تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في ضوء الاتهامات الموجهة ضد بعض موظفيها، ورحبت الدول الأعضاء بالتدابير التي اتخذتها "الأونروا"، مما يدل على مدى جدية الأمم المتحدة في التعامل مع هذه القضية، ومن المؤكد أننا نتوقع أن تتم المراجعة والتدقيق بسرعة وفعالية.. حسب قوله.
وتابع كبير الدبلوماسيين الأوروبيين: "إننا نريد أن نعرف المزيد عن كيفية عمل الأونروا ولهذا السبب قمت بدعوة المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني لحضور مجلس الشئون الخارجية القادم بصيغة وزراء التنمية، في 12 فبراير، والتباحث معه في كافة الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع".
وقال: "بالتأكيد، سنطلب مراجعات وضوابط حول انعدام المساءلة، ولكن يمكنني القول إنه بالنسبة لغالبية الدول الأعضاء، فإن الشعور العام هو أنه لا يوجد بديل للأونروا.. وأكرر: لا يوجد بديل للأونروا.. لقد لعبت الوكالة دورا حاسما في دعم اللاجئين الفلسطينيين، ليس في غزة فقط.. يتحدث الناس عن الأونروا كما لو كانت مجرد وكالة لغزة.. هناك مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والأردن وفي الضفة الغربية والأونروا مسئولة عن هؤلاء الأشخاص.. وتقوم الأونروا بإطعام مليوني شخص وتقدم 30 ألف مساعدة طبية يوميا.. وتوفر المدارس لأكثر من 400 ألف تلميذ".
وتساءل أخيرًا: من يستطيع استبدال ذلك بين عشية وضحاها؟.. قائلا "إن الأونروا تلعب دورا حاسما.. صحيح أن الحكومة الإسرائيلية كانت تنتقد الأونروا بشدة، ليس الآن فقط، بل عدة مرات من قبل ولكن لا يمكننا معاقبة مليوني شخص من خلال حرمانهم من الدعم الذي تقدمه الأونروا.. من سيعتني بذلك؟!".
وذكر بوريل أن معظم الدول الأعضاء التي شاركت في المناقشة كانت واضحة جدًا بشأن ذلك.. علينا أن نبحث عن المساءلة.. وعلينا أن نبحث عن التحقق من هذه الادعاءات الخطيرة التي ستؤثر على عدد صغير من موظفي الأونروا في غزة البالغ عددهم 13 ألف موظف.. وفي هذه الأثناء، قالت بعض الدول الأعضاء: "علينا ألا نوقف الدعم، بل أن نقوم بزيادة الدعم للأونروا".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحكومة الإسرائيلية الأونروا الفلسطينيين الدول الأعضاء
إقرأ أيضاً:
أوروبا في مواجهة التحولات الاقتصادية العالمية .. تحديات جديدة وأفق من التعاون
لندن "د.ب.أ": في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، تواجه أوروبا تحديات جديدة تتطلب إعادة صياغة دورها على الساحة الدولية، ومن خلال تعزيز تعاونها الاقتصادي، وتطوير سياساتها المالية والتجارية، تسعى القارة الاوروبية إلى ترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي في النظام الاقتصادي العالمي.
وقال المحلل البريطاني كريون بتلر، مدير برنامج الاقتصاد والتمويل العالمي في المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني "تشاتام هاوس": إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قام بإعادة تشكيل دور الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي بشكل جذري، وأظهر استعداده لفرض رسوم جمركية كبيرة على معظم التجارة الأمريكية دون التقيد بأي قواعد دولية، وبالاعتماد على أسس قانونية محلية مشكوك فيها، كما وضع التحالفات الأمنية الأساسية للولايات المتحدة موضع شك، وهدد السلامة الإقليمية لحلفاء مقربين، بينما سحب الولايات المتحدة من الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي والأمراض والفقر.
وأضاف بتلر: "بدلًا من أن تكون الولايات المتحدة قوة لتحقيق الاستقرار الدولي وحل المشكلات، أصبحت الآن مصدرًا رئيسيًا لعدم اليقين الاقتصادي العالمي، إذ يبدو أن السياسة الأمريكية مدفوعة بمصالح وطنية ضيقة ونهج قائم على المعاملات، دون اعتبار للقيم والمبادئ والقواعد والتحالفات طويلة الأمد".
وحتى الآن، لا يبدو أن ترامب سيتوقف عن نهجه في ظل التأثير السلبي لهذه السياسات على التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة، حيث قام مجلس الاحتياط الاتحادي الأمريكي بمراجعة توقعات النمو لعام 2025 وخفضها بمقدار 0.4 نقطة مئوية إلى 1.7%، في حين انخفض مؤشر "ستاندارد آند بورز 500" بنسبة 7% عن ذروته في فبراير الماضي.
وفي 26 مارس الجاري، أعلن ترامب عن مجموعة جديدة من الرسوم الجمركية بنسبة 25% على جميع السيارات المستوردة ومكوناتها، لتدخل حيز التنفيذ في 2 أبريل القادم، إلى جانب مجموعة من الرسوم "المتبادلة" الأخرى، وقد يتبع ذلك قيود رسمية على كيفية استخدام الحكومات الأجنبية للدولار الأمريكي واستثماره في السندات الحكومية الأمريكية، كما قد تنسحب الولايات المتحدة من مجالات أخرى ضمن الهيكل الاقتصادي الدولي، وقد تسعى لإجبار الدول الأخرى على تغيير سياساتها الضريبية ولوائحها الخاصة بالتكنولوجيا.
وقال بتلر: إن الولايات المتحدة قامت في بعض الأوقات بتغيير القواعد الاقتصادية الدولية أو تجاهلها عندما كان ذلك ملائمًا لها في فترات سابقة، لكن طبيعة ومدى التغيير الحالي يتجاوزان أي شيء شهدناه منذ إنشاء نظام بريتون وودز قبل 80 عامًا.
ويرى بتلر أنه يجب على الدول الأخرى أن تخطط على أساس أن التحول في النهج الأمريكي سيكون دائمًا، وألا تقتصر استراتيجياتها على إدارة علاقاتها الفردية مع إدارة ترامب في الوقت الحالي.
وأضاف بتلر: إنه يمكن لهذه الدول ببساطة قبول النموذج القائم على "المصلحة الوطنية الضيقة" الذي ينتهجه ترامب، وتقليد السلوك الأمريكي، أو يمكنها السعي للحفاظ على نظام قائم على القواعد، من خلال إيجاد حلول بديلة للتعامل مع تصرفات الولايات المتحدة، غير المترابطة أو المعرقلة بشكل علني.
وهذا الاختيار بالغ الأهمية بالنسبة لأوروبا، وخاصة الاتحاد الأوروبي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى العداء الواضح الذي يكنه الرئيس ترامب لفكرة الاتحاد الأوروبي نفسها، لكن أيضًا بسبب أن الاتحاد الأوروبي يقوم على المبادئ الأساسية ذاتها التي تأسس عليها النظام الاقتصادي العالمي بعد الحرب، رغم أنه ذهب أبعد من ذلك بكثير في تطوير سياسات ومؤسسات وأطر قانونية مشتركة.
ويرى بتلر أن انهيار هذا النظام الاقتصادي يشكل تهديدًا وجوديًا للاتحاد الأوروبي، ولهذا، فإن التكتل لديه مصلحة قوية في الرد على سياسات ترامب من خلال قيادة جهد عالمي للحفاظ على نظام اقتصادي دولي قائم على القيم والمبادئ والقواعد، وعلاوة على ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي هو الوحيد الذي يتمتع بالحجم الاقتصادي (18% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث القيمة السوقية مقابل 26% للولايات المتحدة)، والعملات القابلة للتحويل بالكامل والقدرات الاقتصادية والعلمية والكفاءة التنظيمية ونظام الحوكمة القائم على القانون، ومجموعة التحالفات الاقتصادية الدولية اللازمة للقيام بمثل هذا الدور.
وقال بتلر إنه حتى الآن، اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات حاسمة في ثلاثة مجالات، أولًا، أعلنت المفوضية الأوروبية عن رد ضد الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألومنيوم، مع الإبقاء على عرض التفاوض، ثانيًا، تحركت المفوضية بسرعة لطرح مقترحات للتمويل الجماعي للاتحاد الأوروبي اللازم لدعم نظام دفاع أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة، ثالثًا، تقوم ألمانيا، صاحبة الاقتصاد الرائد في الاتحاد الأوروبي، برفع قيود الاقتراض الدستورية التي تسمح لها بتمويل 500 مليار يورو من الإنفاق المحلي على البنية الأساسية وإنفاق إضافي غير محدد بعد، ولكنه كبير، على الدفاع، وتشير بعض التوقعات إلى أن هذا قد يرفع معدلات النمو الألماني الضعيفة الحالية بما يصل إلى 0.5 نقطة مئوية في عام 2026، وكل هذه الخطوات الثلاث تتسق مع مبادرة الحفاظ على النظام الاقتصادي الدولي، لكنها مجرد بداية.
ويرى بتلر أنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي الآن اتخاذ ثلاث خطوات أخرى، أولًا، يجب أن يبدأ في صياغة رؤية لما يجب أن يكون عليه النظام الاقتصادي الدولي الجديد والدور الذي سيلعبه الاتحاد الأوروبي فيه، ثانيًا، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعطي الأولوية لتنفيذ التوصيات بشأن تعميق وتوسيع الأسواق المالية الأوروبية ومطابقة ذلك بتنشيط الجهود الرامية إلى تعزيز وضع عملة الاحتياطي العالمي لليورو، ثالثًا، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى بناء الثقة والتعاون مع الدول الأخرى لدعم نظام عالمي جديد.
ولكن الأهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي هو علاقته مع المملكة المتحدة، سواء على أسس اقتصادية أو لأن المملكة المتحدة تشترك، أكثر من أي اقتصاد رئيسي آخر، في المصلحة الأساسية نفسها في الحفاظ على نظام اقتصادي دولي قائم على القواعد ودور قيادي معزز لأوروبا محددة على نطاق واسع داخله.
وتم بالفعل تحديد العديد من الأولويات الرئيسية، بما في ذلك الاتفاق على اتفاقية أمنية (التي من شأنها أن تسمح للمملكة المتحدة بأن تكون شريكًا في الجهود الرامية إلى تعزيز صناعة الدفاع الأوروبية)، والتعاون للحفاظ على قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها، والاتفاقيات الاقتصادية بشأن معايير سلامة الأغذية وتجارة الانبعاثات والمواءمة التنظيمية الديناميكية للمملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي في قطاعات اقتصادية محددة.
ولكن هناك تهديدان رئيسيان لنجاح المفاوضات، الأول هو احتمال أن تحاول المملكة المتحدة التملص من الخيارات الصعبة التي لا مفر منها بين التعاون مع الرئيس ترامب وتقديم الدعم الكامل لجهود عموم أوروبا لمعالجة فجوة الحوكمة العالمية، والثاني هو احتمال ألا يكون الاتحاد الأوروبي مرنًا بما فيه الكفاية بشأن عدم قابلية السوق الموحدة للتجزئة، على سبيل المثال، الأمر الذي من شأنه أن يحبط التعاون المتبادل المنفعة في مجالات حاسمة مثل تعميق وتوسيع الأسواق المالية الأوروبية.
ويخلص بتلر إلى أنه من المأمول أن يرى الجانبان مصلحتهما المشتركة القوية في التغلب على هذه العقبات وغيرها.