أصدرت بي دبليو سي الشرق الأوسط أحدث تقاريرها تحت عنوان “سوق المملكة العربية السعودية للمشاريع على الخارطة: قوة دافعة تُعزّز مجتمعًا حيويًا ومستدامًا“. وأظهر التقرير أن نماذج البيع على الخارطة قادرة على تعزيز فعالية السوق العقاري السعودي وتيسير تكلفة الوحدات السكنية، ما من شأنه أن يسهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.

وتجدر الإشارة إلى أن المملكة قد وضعت مستهدفاً لزيادة نسبة تملك السعوديين للمنازل من 47% في 2016 إلى 70% في إطار برنامج الإسكان الوطني الذي أطلقته المملكة، وهو ما يتطلب تحقيق قفزة كبرى في المعروض من العقارات السكنية بواقع 1,5 مليون وحدة سكنية أو ما يعادل 115,000 وحدة سنوياً. وقد استحدثت المملكة من خلال برنامج التحول الوطني وكذلك وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان عدداً من المنتجات والمبادرات المبتكرة لدعم هذا الهدف، ومنها الوحدات الجاهزة التي يقدمها مطورون عقاريون أو ملاك أفراد بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للوصول إلى المؤسسات المالية لدعم تمويل مشاريع الإسكان ووضع إطار قانوني لبرامج الإسكان.

ويتيح بيع العقارات على الخارطة في السوق السعودي، الذي لطالما هيمنت عليه الوحدات الجاهزة، الفرصة أمام المستثمرين المحليين والأجانب لطرح مجموعة من الخيارات السكنية ميسورة التكلفة، مما يعزز الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، حيث يمكن للمبيعات على الخارطة أن تساعد في نمو قطاع الخدمات المصرفية وتحفيزه لتقديم حلول مالية يمكن أن تخدم شرائح مختلفة من المستفيدين وتساهم في تنمية سوق الوساطة العقارية وتحفيز المستثمرين على شراء وحدات متعددة.

وفي معرض تعليقه على نتائج التقرير، صرح عماد الشحروري، مدير المجموعة الاستشارية العقارية لدى بي دبليو سي الشرق الأوسط، قائلاً: “أصبح نهج البيع على الخارطة منذ انطلاقه في عام 2016 واحداً من المنتجات الرئيسية التي تسهم في تحقيق أهداف برنامج الإسكان الوطني، وعاملاً رئيسياً في تعجيل تحقيق مستهدف ملكية المنازل وزيادة قدرة المطورين العقاريين على تنفيذ مشروعات كبيرة ومتكاملة وتحفيز العرض. ومهد البيع على الخارطة الطريق أمام إحداث تغيير جذري في سوق العقارات المحلي حيث أدى إلى إيجاد منظومة تعاونية بين الاستشاريين ومقاولي البناء والمطورين من القطاع الخاص والجهات الممولة وكذلك وكالات التسويق ووسطاء البيع”.

وشهدت الأعوام الأخيرة قفزة في بيع العقارات على الخارطة بالمملكة، إذ سجلت عمليات البيع على الخاطرة نمواً بنسبة 52% في النصف الأول من عام 2023 مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2022. ويتيح السوق العقاري بالمملكة الآن الفرصة أمام جيل جديد من السعوديين لامتلاك منازلهم الخاصة. وبالتزامن مع التغيرات الملموسة التي يشهدها سوق العقارات المحلي، ومنها وضع لوائح شاملة وواضحة وتوطيد الشراكات بين شركات القطاع العام وشركات القطاع الخاص وتمكين المطورين، يمكن للمملكة سد الفجوة بين العرض والطلب في سوق الوحدات السكنية علماً بأن البيع على الخارطة ما زال منهجاً حديثاً نسبياً في المملكة وأن هناك عقبات – مثل غياب اللوائح الواضحة ونقص الوعي ومشكلات الثقة – تحتاج إلى تدخلات استراتيجية حتى يؤتي هذا النهج ثماره.

تسويق المنتجات وتحديد التوجه العام في السوق: لا يزال تفضيل المستهلكين للوحدات الجاهزة يمثل تحدياً كبيراً أمام خيارات البيع على الخارطة في المملكة العربية السعودية، فعادةً ما يفضل المشترون الوحدات الجاهزة بدلاً من انتظار بناء العقار في غضون بضع سنوات. وللتغلب على هذا التحدي، من الضروري إحداث تحول ثقافي يشجع الإقبال على البيع على الخارطة. ويلعب التسويق دوراً محورياً في هذا التحول، إذ ينبغي على المطورين توعية المستهلكين المحليين حول فوائد شراء العقارات على الخارطة وتنفيذ استراتيجيات تسعير فعالة.

الموقع: تواجه مشاريع البيع على الخارطة في أغلب الأحيان تحديات ناجمة عن بعد مواقعها عن مراكز المدن والخدمات الأساسية. ولذا، يتوجب على المطورين إدراك أهمية قرب المشاريع من المرافق ووسائل النقل والمدارس وغيرها من المرافق الخدمية.

ارتفاع أسعار الفائدة: لا شك أن الزيادة التدريجية في أسعار الفائدة، ولا سيما في عام 2023، كان لها أثر سلبي على عمليات البيع على الخارطة، إذ إن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى تباطؤ سوق الإسكان، مما يعني أن البنوك قد تعاني في الوفاء بالمتطلبات التمويلية للمشاريع المختلفة، الأمر الذي يولّد تحدياً أمام توفير السيولة. وبالتالي، يصبح تحقيق التوازن بين السيولة والمتطلبات التمويلية أمراً محورياً في التعامل مع هذا التحدي وتجاوزه.

اقرأ أيضاًالمجتمعمحافظ الرس يستقبل مدير المرور الجديد

نقص المطورين العقاريين: هناك نقص في عدد المطورين العقاريين الذين يمتلكون المعرفة والخبرة اللازمة لمواكبة أهداف رؤية 2030 وإيقاعها السريع. ولمواجهة هذا العجز، يمكن للمملكة استقطاب المزيد من المطورين العقاريين الإقليميين والعمل على توفير المزيد من الدعم والتدريب للمطورين السعوديين المحليين.

ضمان الجودة: يعتمد المشترون في أغلب الأحيان على وعود المطورين ومواد التسويق مما يزيد من المخاوف بخصوص جودة العقارات المباعة على الخارطة. ولا شك أن حالات التأخير في إنجاز وتسليم المشاريع تقوض ثقة العملاء وتقلص من عوائد الاستثمار، ما يستدعي تنفيذ آليات صارمة لضمان الجودة ومعالجة العوامل التي تساهم في تأخير إنجاز المشاريع مثل مشكلات البناء والتأخير في استصدار التصاريح والتغيرات في أوضاع السوق.

وأضاف عماد الشحروري قائلاً: “سيؤدي التنفيذ الناجح لعمليات البيع على الخارطة إلى زيادة فعالية سوق العقارات في المملكة وكفاءته وزيادة عمق السوق من خلال استقطاب المزيد من المطورين المحليين والإقليميين والدوليين على مستوى عالمي”.

ولا شك أن التغلب على هذه التحديات من خلال تطبيق تدابير استراتيجية قد يسهم في تحقيق الاستفادة القصوى من عمليات البيع على الخارطة، ومن ثم تحقيق أهداف رؤية 2030 وتعزيز الاستقرار والتعاون في منظومة العقارات في المملكة العربية السعودية.

إلى ذلك، تأسست بي دبليو سي في الشرق الأوسط قبل 40 عاماً ولديها 30 مكتباً في 12 دولة، حيث يعمل لديها حوالى 10,000 موظف. وتهدف الشركة إلى تعزيز الثقة في المجتمع وحل المشاكل المهمة. وهي شبكة شركات متواجدة في 152 بلداً ويعمل لديها ما يقارب 328,000 موظف ملتزمين بتوفير أعلى معايير الجودة في خدمات التدقيق والاستشارات والضرائب.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية المطورین العقاریین البیع على الخارطة الشرق الأوسط سوق العقارات بی دبلیو سی فی المملکة

إقرأ أيضاً:

2024.. العام الذي أعاد تشكيل خريطة الشرق الأوسط

رأى إميل حكيم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أنه إذا كان المزيج الضخم من الحلقات المأساوية والمذهلة والاستراتيجية التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 سيستغرق وقتاً ليستقر، فإن ما حصل سيترك بلا شك آثاراً بعيدة المدى.

أظهرت الإدارة الجديدة في دمشق ضبط نفس وبعض الحكمة

وفي مقال له بصحيفة فايننشال تايمز، أشار حكيم إلى أن المجتمعات المشرقية المتنوعة والهشة تمر بتحولات تاريخية جذرية. لكنه يرى أن هذه المجتمعات، في ظل هذا المسار، من المستبعد أن تجد دعماً خارجياً كبيراً بالنظر إلى التردد المحلي والإرهاق العالمي. ويصاحب إعادة ترتيب المنطقة عنف كبير ومنافسة متجددة.

معاناة الفلسطينيين

يختبر الفلسطينيون في غزة من معاناة غير مسبوقة على أيدي الجيش الإسرائيلي، ويرى حكيم أن الرهان الدموي الفاشل لحماس، مع عجز شركائها عن إنقاذ الوضع، يشكل تذكيراً واضحاً بأن المسار الوحيد لتحقيق الدولة الفلسطينية هو تدويل القضية والتوصل إلى حل متفاوض عليه.

وبرز التحالف الذي نظمته السعودية ودول عربية وأوروبية أخرى لدعم حل الدولتين كأكثر الوسائل ترجيحاً لتحقيق هذا الهدف. 

How 2024 reordered the Middle East https://t.co/KV3fyeIVVu pic.twitter.com/NDwyn9yaS7

— Mtro. Sergio J. González Muñoz (@ElConsultor2) December 22, 2024

ويتعين على الفلسطينيين أن يقتنعوا بأن هذا الحل أكثر من مجرد رقصة دبلوماسية رمزية، بل يتعين عليهم أيضاً أن يظهروا ملكيتهم للمسار  من خلال إصلاح طال انتظاره للسلطة الفلسطينية، ومع ذلك، تظل مثل هذه التطلعات عُرضة للتعنت الإسرائيلي والغضب المحتمل من جانب دونالد ترامب.

العقلية الخطيرة لإسرائيل

وأتاح الدعم غير المشروط الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لها تجاهل الحاجة إلى تحقيق سلام عادل يضمن الأمن للجميع.

لكن هذه العقلية التي ترتكز على الأمن فقط لها عواقب عكسية؛ فهي مكلفة، وتعزز الاعتماد على الولايات المتحدة، وتنفر الشركاء الحاليين والمحتملين في المنطقة الذين يخشون توسع الصراع ليشمل إيران أو منشآتها النووية. 

لكن لهذه العقلية القائمة على الأمن وحسب عواقب عكسية. فهي مكلفة وتزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة وتنفّر الشركاء الحاليين والمحتملين في الجوار والذين يخشون أن توسع إسرائيل الصراع من خلال ضرب القيادة الإيرانية والمنشآت النووية. كما أن خسائر السمعة بنتيجة حرب غزة هائلة، وتلوح في الأفق مسؤوليات قانونية.

ويبدو أن سلطة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وأتباعه المتطرفين أصبحت مضمونة في وقت تتزايد الانقسامات الداخلية حول طبيعة الدولة الإسرائيلية.

قوتان متعارضتان

أما اللبنانيون، فيواجهون دينامية معاكسة. إذ يتعين على حزب الله الاعتراف بانهيار استراتيجيته العسكرية وروايته الأيديولوجية، إلى جانب تراجع صدقيته. في ظل هذه الظروف، يبدو إحياء روح القتال التي يتبناها حزب الله مهمة صعبة، خاصة في ضوء الجراح العميقة التي أصيب بها، وخسارته المفاجئة لسوريا، وأوضاع أنصاره المتدهورة.
والعديد من اللبنانيين يرون فرصة لإصلاح دولتهم، لكنهم يدركون أيضاً خطر استفزاز حزب الله الجريح، ما قد يؤدي إلى صراع داخلي. 

How 2024 reordered the Middle East https://t.co/OwLrFZSzBJ

— FT World News (@ftworldnews) December 22, 2024 المفارقة السورية وفي سوريا، تذوق السوريون طعم الحرية لأول مرة بعد عقود من القمع. ويرى حكيم أن انهيار نظام الأسد حدث دون مشاهد عنف طائفي جماعي مخيفة، بينما أظهرت الإدارة الجديدة في دمشق ضبط نفس وحكمة نسبية.
ويتطلب تأمين السلام في سوريا جهوداً ضخمة من الكرم والتفاني في إدارة الحكم الشامل، في ظل وجود مفسدين داخليين وخارجيين. ويبدو أن السوريين كشفوا عيوب السياسة الواقعية، رغم أنهم الآن بحاجة إلى حسن نية أجنبية.
ولتحقيق مصالحة عربية كردية، يتطلب الأمر اعتدالاً تركياً ودبلوماسية أمريكية، مع احتمال أن تسهم الوساطة الروسية في طمأنة المجتمع العلوي.
حذار الرضا عن النفس

ختاماً، أكد حكيم أن إيران خسرت الكثير نتيجة الأحداث الأخيرة. فبينما كانت تسعى لتعزيز نفوذها في دول منهارة ومجتمعات منقسمة، وجدت نفسها منخرطة في حروب أضعفتها.

في المقابل، استغلت تركيا هذا الوضع لتتفوق على إيران في الساحة الجيوسياسية المركزية للمنطقة، وهي سوريا.

ورغم هذه التحولات التاريخية، لم يشهد العالم أزمة هجرة ضخمة، أو حرباً مطولة بين دول، أو هجوماً إرهابياً كبيراً خارج المنطقة، أو تأثيراً مستداماً على أسعار النفط والتجارة العالمية. لكن حكيم يحذر من أن هذا الشعور بالرضا عن النفس قد يكون مقدمة لمفاجآت غير مرغوب فيها.

مقالات مشابهة

  • علي مختار.. ضمن قائمة فوربس الشرق الأوسط 2024
  • تحديات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. المشكلات الهيكلية
  • 2024.. العام الذي أعاد تشكيل خريطة الشرق الأوسط
  • ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب بأوكرانيا
  • نظام إسرائيلي في الشرق الأوسط
  • قمة فوربس الشرق الأوسط للمرأة تكرّم داليا خورشيد
  • مستشار الرئيس التركي يقترح اسم جديد للشرق الأوسط
  • فرضيات انهيار دول الشرق الأوسط
  • الشرع: أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء
  • WP: نظام جديد بدأ بالتشكل في الشرق الأوسط.. هؤلاء الرابحون