في ذكرى رحيلها.. كيف دعمت نادية لطفي المقاومة الفلسطينية؟
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
نادية لطفي.. برعت في تجسيد مشاهدها ببراعة، صاحبة الطلة الرقيقة والصوت الأنثوي، إنها الفنانة نادية لطفي، والتي تحل علينا اليوم ذكرى وفاتها.
ويستعرض «الأسبوع» في السطور التالية صفحات في حياة الفنانة نادية لطفي.
نشأة الفنانة نادية لطفيبولا محمد مصطفى شفيق وهو اسم الفنانة نادية لطفي الحقيقي، ولدت في حي عابدين في القاهرة، لأبوين مصريين، ووالدتها فاطمة من محافظة الشرقية، وذلك حسبما أوضحت في لقائها مع الإعلامي أسامة كمال، وليست بولندية كما أُشيع سابقًا، حصلت على دبلوم المدرسة الألمانية بمصر عام 1955، واكتشفها المخرج رمسيس نجيب وهو من قدمها للسينما وهو من اختار لها الاسم الفني «نادية لطفي» اقتباسا من شخصية فاتن حمامة نادية في فيلم لا أنام للكاتب إحسان عبد القدوس.
وتزوجت في حياتها ثلاث مرات، الأولى كانت عند بلوغها العشرين من عمرها من ابن الجيران الضابط البحري «عادل البشاري» ووالد ابنها الوحيد أحمد الذي تخرج من كلية التجارة ويعمل في مجال المصارف، والثانية من المهندس «إبراهيم صادق شفيق»، وكان هذا في أوائل سبعينات القرن العشرين ويعتبر أطول زيجاتها، والثالثة من «محمد صبري».
دعم الفنانة نادية لطفي للقضية الفلسطينيةوتعد نادية لطفي من أبرز الفنانات في الوطن العربي، اللاتي كشفن عن موقفهن السياسي والواضح تجاه القضية الفلسطينية، إذ لعبت دورًا رئيسيًا في ذلك الأمر، لذلك كرّمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقلدها النجمة الكبرى لوسام القدس، تقديرًا لإبداعاتها الفنية ولمسيرتها النضالية وشجاعتها المشهودة في نصرة قضايا أمتها العربية وفِي المقدمة منها القضية الفلسطينية.
نادية لطفيروت الفنانة نادية لطفي، في مذكراتها التي نشرتها قناة «الشرق للأخبار» السعودية، قبل نحو 3 أعوام، وكشفت عن أسباب ارتباطها بتلك القضية، إذ قالت: «أتصور أن هذا الاهتمام يعود لسببين أساسيين، الأول: كراهية الظلم والظالمين، هذه مسألة مبدأ عندي، فدائماً تجدني نصيرة لكل مظلوم، مهما كان جنسه أو لونه أو هويته، فما بالك بإخوة لنا تعرضوا لظلم فاق الحد والاحتمال.. أما السبب الثاني، فهو إدراكي أن فلسطين قضية مصرية في المقام الأول، وعندما ندافع عن الحق الفلسطيني ونحميه فإننا نحمي معه، وقبله، أمن مصر وحدودها الشرقية، منذ أيام الدولة الفرعونية اتضح لنا بالدليل القاطع أن أمن مصر يبدأ من فلسطين، وهي خط الدفاع الأول».
وأضافت: «اهتمامي بالقضية الفلسطينية في البداية جاء عن طريق السينما، وأفلامي التي كان الصراع في فلسطين محورها، وكانت البداية في عام 1962 عندما شاركت في بطولة فيلم صراع الجبابرة، وقمت فيه بدور راقصة يهودية من أصل مصري تسافر إلى فلسطين وتساعد الأسرى المصريين في المعتقلات الإسرائيلية على الهرب».
وأضافت: «يشهد الله على أنني لم أشعر بخوف ولا تردد، فأنا عندي يقين بأن الأعمار بيد الله، كان كل همي أن أدعم هؤلاء الرجال الذين أصبحوا هم شرف الأمة الذي ينبغي ألا يسقط، وأقول لهم إن مصر معكم».
وفاة الفنانة نادية لطفيوتوفيت الفنانة نادية لطفي عصر يوم 4 فبراير 2020، إثر تدهور حالتها الصحية، إثر إصابتها بنزلة شعبية حادة أدت إلى فقدان وعيها ودخولها العناية المركزة.
اقرأ أيضاًنادية لطفي في ذكرى ميلادها.. مواقف وطنية لـ بولا شفيق جميلة جميلات السينما
ذكرى ميلاد حمدي غيث.. محطات في حياة «ريتشارد قلب الأسد»
زينب صدقي في ذكرى وفاتها.. عاشت حياة الملوك بمعاش السادات 100 جنيه
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: اسرائيل المقاومة الفلسطينية سعد الدين وهبة نادية لطفي الفنانة نادیة لطفی
إقرأ أيضاً:
ذكرى رحيل حكيم الثورة الفلسطينية المثقف (بورتريه)
عرف كيف يمزج بين نشأته المسيحية وماركسيته التقدمية وثقافته الإسلامية.
كان يرى نفسه ماركسيا، يساري الثقافة، وبأن التراث الإسلامي جزء أصيل من بنيته الفكرية والنفسية، معني بالإسلام بقدر أية حركة سياسية إسلامية، كما أن القومية العربية كانت مكونا أصيلا من مكوناته.
دفن في العاصمة الأردنية عمان دون أن يعود إلى اللد مسقط رأسه، لكنه كان يضع على حائط مكتبه في دمشق لوحة فيها حفنة من تراب اللد.
المصادفة وحدها جعلت عمان أول عاصمة عربية يختلف معها، وآخر مكان يأوي إليه بعد أن أنهكه المرض وسنوات عمره الثمانون التي حملها على كتفيه.
ميزة جورج حبش، المولود لعائلة بورجوازية من طائفة الروم الأرثوذكس، عام 1925 في مدينة اللد بفلسطين، التي هجر منها بعد نكبة عام 1948، أنه لم يتناقض مع نفسه كما فعل الكثير من الماركسيين والقوميين العرب، فكان يتنقل من عاصمة عربية إلى أخرى كلما أحس بأن هذا الموقف أو ذاك لا يتوافق مع تاريخه وقناعته المغرقة في المثالية.
وعي على نحو مبكر على خطر الصهيونية على العرب، فقد كان لا يزال على مقاعد الدراسة حين وقعت نكبة الأمة في فلسطين عام 1948، مما ولد لديه إحساسا بأنه لا ينبغي عليه أن يكون أسيرا لمهنة الطب التي درسها في الجامعة الأمريكية ببيروت، التي تخرج منها في عام 1951 متخصصا في طب الأطفال. فاعتبر أن صيغة العنف الثوري هي الصيغة الوحيدة للعمل الوطني الفلسطيني، وسيقوم بعد قليل، مع رفاق له، بتأسيس "حركة الفداء العربي" التي ما لبثت أن حلت بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس السوري أديب الشيشكلي.
عمل بعد تخرجه أستاذا مساعدا في قسم علم الأنسجة في الجامعة الأمريكية إلى أن اضطر للاستقالة بعد صدام مع إدارة الجامعة على خلفية تظاهرة سياسية نظمها ورفاقه رغم المنع الذي حاولت إدارة الجامعة فرضه بإغلاق بوابات الجامعة بالسلاسل، حيث كسرها وزملاؤه وخرجوا بالتظاهرة.
عام 1952 انتقل إلى عمان وافتتح عيادة طبية في شارع الملك طلال، ولحق به بعد فترة وديع حداد، وقدمت العيادة أرضية للتواصل مع اللاجئين الفلسطينيين حيث قدمت لفقرائهم خدمات طبية وأدوية مجانية، كما افتتحا مدرسة لمحو الأمية في "النادي العربي"، مما وفر له غطاء للعمل السياسي.
كان أحد الذين أعادوا النظر في الخط الثوري للنضال العربي إذ رأى أن التنظيم الجماهيري هو الأسلوب الأكثر فعالية في العمل السياسي، فقام بتأسيس "جمعية العروى الوثقى"، كما أسس "منظمة الشبيبة العربية" عام 1956.
كان هذا المؤتمر مرحلة مهمة في حياة "الحكيم" فقد شهد ولادة "حركة القوميين العرب" التي عارضت شعار الاشتراكية، وفي ذلك العام أصدر صحيفة "الرأي" التي أثارت حساسية غلوب باشا (قائد بريطاني للجيش الأردني ما بين عامي 1939 و 1956) فأمر بإغلاقها، كما أنه سعى إلى دخول مجلس النواب الأردني لكنه لم يوفق في ذلك.
في العام التالي كانت "حركة القوميين العرب" تدخل مرحلة السرية بعد أن اتهمت بسلسلة تفجيرات في الأردن، فاضطر الحكيم للانتقال إلى العمل السري، ومن ثم غادر إلى دمشق حيث أعاد إصدار "الرأي" وحكم عليه في عمان بالسجن 33 عاما.
لكن شهر العسل بين "الحكيم" ودمشق لم يدم طويلا إذ ما لبث أن أخذ السوريون في مطاردة أعضاء الحركة بعد انهيار الوحدة بين سوريا ومصر عام 1961 خصوصا بعد أن اقترب من "الناصريين". وقامت السلطات السورية باعتقاله حتى تمكن رفيقه وديع حداد من تهريبه من السجن والهروب إلى القاهرة حيث التقى الرئيس جمال عبد الناصر.
كان عام 1964 أهم مرحلة في حياة "الحكيم" فقد أسس مع رفيقه وديع حداد قيادة محلية لفلسطين ستكون فيما بعد النواة التأسيسية لـ" الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" التي خرجت إلى الوجود بعد هزيمة حزيران/ يونيو عام 1967.
هذه الهزيمة كانت انقلابا في توجهات الجبهة فقد أدانت النهج الناصري وظهرت في صفوفها ثلاثة اتجاهات كادت تؤدي إلى انهيارها غير أن الحكيم أعاد رص الصفوف وسيطر على القواعد والقيادات رغم خروج "جبهة تحرير فلسطين" التي قادها فيما بعد أحمد جبريل وأصبحت تعرف بـ " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة".
بدأ "الحكيم" عام 1969 انعطافا إيديولوجيا نحو الماركسية التي باتت الأساس العقائدي الوحيد داخل الجبهة، وذلك إثر"الانشقاق الكبير" الذي قاده نايف حواتمة وأنصاره وأسسوا "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين".
في السنوات التالية ستدخل "الجبهة الشعبية "على خط نضالي مختلف باختطاف 5 طائرات غربية وتدميرها في الأردن، ولم يستطع الحكيم كبح أو ترويض رغبة وديع حداد ورفاقه في الاستمرار بهذا النهج، ولم ينجح في مساعيه إلا في عام 1972 إثر انعقاد المؤتمر الوطني الثالث للجبهة الذي أعلن عن تخلي الجبهة عن عمليات خطف الطائرات، والتمسك بـ"حرب التحرير الشعبية " وبناء "حزب ماركسي لينيني".
وستشارك "الجبهة الشعبية" في الدفاع عن لبنان أمام الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ورفض التوجه مع ياسر عرفات إلى تونس واستقر في دمشق مفضلا البقاء في دول جوار فلسطين.
في العام التالي سيجرب الإسرائيليون حظهم في اختطاف طائرته حين قام سلاح الطيران بعملية خطف لطائرة فور إقلاعها من بيروت متجهة إلى بغداد لاعتقادهم أن "الحكيم" على متنها، وأعادوا الكرة ثانية عام 1986 حين اختطفت طائرة سورية إلى أحد المطارات شمال فلسطين المحتلة، وكانت المفاجأة الكبيرة بأنها كانت تقل عبد الله الأحمر الأمين العام المساعد لحزب " البعث" في سوريا.
عارض "الحكيم" التقارب بين ياسر عرفات والملك الحسين، وقاطع المجلس الوطني الذي انعقد في عمان عام 1984، وشكل مع الفصائل الفلسطينية في دمشق تحالف "جبهة الإنقاذ". في المقابل نأى بنفسه عن التورط في الاقتتال الداخلي الذي شهدته مدن ومخيمات لبنان بين أنصار عرفات ومعارضيه، وتمكن من مقاومة ضغوط دمشق للاصطفاف مع المنظمات الموالية لها في لبنان، في ما عرف بـ"حرب المخيمات".
في السنوات اللاحقة سيدخل المرض حياة "الحكيم" الذي سيذهب إلى فرنسا في رحلة للعلاج عام 1992، وكادت الأمور تتفجر حين احتجزت السلطات الفرنسية "الحكيم"، وكادت تخضع لضغوط إسرائيلية لتسليمه إلى تل أبيب، غير أن فرنسا طلبت منه المغادرة بعد تدخل بعض الدول العربية، وخاصة الجزائر، التي أرسلت طائرة رئاسية لنقله إلى الخارج، فغادر باريس إلى عمان للعلاج.
عارض "اتفاقية أوسلو" ورأى أن نتائج "أوسلو" كانت لمصلحة الاحتلال بشكل حاسم. كما رفض العودة مع القيادات الفلسطينية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة بعد قيام سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية.
ورغم أن المرض أقعده أسير الفراش إلا أنه استطاع أن يحافظ على تماسك الجبهة ويقودها بعيدا عن"الانشقاقات" التي حدثت في السابق وكان أخرها انشقاق بسام أبو شريف، وبعد أن اشتد المرض عليه تخلى عن مناصبه القيادية لصالح رفيقه مصطفى الزبري المعروف باسمه الحركي أبو علي مصطفى، و كان ذلك في عام 2000، ومن ثم إلى الأسير احمد سعدات بعد استشهاد الزبري الذي اغتالته قوات الاحتلال في عام 2001 برام الله.
ومنذ العام 2003 اتخذ من الأردن مكانا لإقامته وذلك بعد مشاكل صحية عانى منها، وفي 26 كانون الثاني/ يناير عام 2008 توفي في عمان بسبب جلطة قلبية، وذكرت تقارير أخرى أنه توفي بسرطان البروستات، ودفن في عمان. وكان قبل ذلك قد تعرض في عام 1972 لنوبة قلبية كادت تودي بحياته، وتبعها في 1980 نزيف دماغي حاد تغلّب عليه بصلابة إرادته.
لم يكن "الحكيم" مناضلا وشخصية وطنية فلسطينية وقومية عربية فقط، بل كان أيضا مفكرا وكاتبا أثرى المكتبة بعدة مؤلفات من بينها: "القيادة المشتركة ضمانة وحدة منظمة التحرير وخطها الوطني"، "أزمة الثورة الفلسطينية..الجذور والحلول"، "نحو فهم أعمق وأدق للكيان الصهيوني"، "استحقاقات الراهن والأفق القادم"، "التجربة النضالية الفلسطينية: حوار مع جورج حبش أجراه محمود سويد"، "من داخل إسرائيل"، "الثوريون لا يموتون أبدا " وهو حوار مع الصحفي الفرنسي جورج مالبرونو.
اعتبرت وفاته على فراشه فشلا لجهاز الموساد الإسرائيلي الذي لم يتمكن من اغتياله.
صدرت مذكراته في عام 2019 بعد رحيله تحت عنوان "صفحات من مسيرتي النضالية" وقدمت هيلدا حبش أرملة المناضل الراحل المذكرات التي وصفتها بأنها مرحلة مشرقة من تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة.