ميلي يواجه حقل ألغام الاقتصاد والسياسة والمجتمع الأرجنتيني
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
تخطت حزمة الإصلاحات الشاملة التي أقرها الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي أول عقبة برلمانية، إذ حظيت بموافقة عامة في اليوم الثالث من نقاش في مجلس النواب، فيما أثارت المبادرة، التي شملت مجالات اقتصادية واجتماعية وسياسية، احتجاجات شديدة من جانب المعارضة والشارع الأرجنتيني.
وتعيش الأرجنتين في صراع مستمر منذ زمن مع أزمات اقتصادية عنيفة، دفعت مواطنيها لتوجيه أنظارهم نحو ميلي، الذي حقق فوزا مدويا في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وخرج عشرات الآلاف إلى الشوارع متحدين إجراءات التقشف التي اتخذها ميلي، وشملت تخفيضات في الميزانية العمومية. وعطلت المظاهرات المناقشات البرلمانية، مما أدى إلى مواجهات بين قوات إنفاذ القانون والمحتجين. وأطلقت الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، ورشت المتظاهرين بخراطيم المياه، مع أنباء عن وقوع إصابات واعتقالات في صفوف المتظاهرين.
فيما انسحبت المعارضة اليسارية من البرلمان، منددة بما اعتبرته قمع الشرطة الشديد للمتظاهرين.
وقال النائب المعارض ماريانو ديل كانيو لأسوشيتد برس "لا يمكننا العمل بهذه الطريقة"، مؤكدا أنه ينبغي الاستماع للمحتجين قبل عودتهم مرة أخرى إلى الجلسة بعد فترة تعليق.
وفي خطوة إستراتيجية لتعزيز برنامجه، حصل ميلي على موافقة صندوق النقد الدولي على صرف ما يقارب من 4.7 مليارات دولار للأرجنتين.
وتمتد حزمة الإصلاحات، التي أطلق عليها اسم "أومنيبوس"، عبر قطاعات مختلفة، من الإصلاحات الانتخابية والثقافية إلى الخصخصة، وتعديلات قانون العقوبات، والتغييرات في وضع أندية كرة القدم. ومنح مجلس النواب، بأغلبية 144 صوتا مقابل 109، الموافقة العامة، مما مهد الطريق للمرحلة التالية من المفاوضات في مجلس الشيوخ. وسوف تخضع بنود مشروع القانون البالغ عددها 664، والتي تلخص النسيج المعقد لإصلاحات ميلي، لفحص دقيق وتعديلات محتملة.
ورغم أن مجلس النواب وافق بشكل عام على مشروع قانون ميلي الإصلاحي، فإن المفاوضات تلوح في الأفق. وستخضع التفاصيل المعقدة لمشروع القانون، والتي تشمل المجالات الاقتصادية والإدارية والجنائية والبيئية، لتدقيق صارم وفق وصف برلماني مؤيد للخطة.
ومن المقرر أن يشارك المشرعون، الذين أبدى بعضهم تحفظات بشأن مواد محددة تتعلق بخصخصة شركات الدولة وتفويض السلطات التشريعية للرئيس، في مناقشات تفصيلية. ولا يكمن التحدي الذي يواجهه ميلي في التغلب على الخلافات الأيديولوجية فحسب، بل في بناء الإجماع داخل مشهد سياسي مجزأ. وسوف توفر العطلة المقبلة استراحة قبل استئناف المفاوضات الحاسمة، مما يمثل مرحلة محورية في أجندة ميلي الطموحة لبرنامجه.
رئاسة ميلي على مفترق طرقوتواجه رئاسة ميلي، التي اتسمت بالمبادئ التحررية والمثل الرأسمالية، التحدي المعقد المتمثل في تحقيق التوازن بين التحرير الاقتصادي والتوقعات المجتمعية. ولم تخل إجراءات التقشف وخطط الخصخصة من معارضة، مما أدى إلى احتجاجات وحتى إضراب عام. وتعكس الإجراءات السريعة التي اتخذها الرئيس، ومنها خفض قيمة البيزو بنسبة 50%، وخفض إعانات الدعم، وخفض الوزارات بشكل كبير، نهجه الصدامي لمعالجة العجز في ميزانية الحكومة ومكافحة التضخم.
ومع ذلك، أثارت هذه الإجراءات الاستياء، حيث شكك المتظاهرون في التأثير المحتمل على الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع.
وسيشكل مسار إصلاحات ميلي المشهد الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. إذ يرى خبراء أن السير الدقيق بين المبادرات الحكومية، والمفاوضات البرلمانية، وردود فعل الشوارع يسلط الضوء على الطبيعة المتعددة الأوجه للواقع الاجتماعي السياسي الحالي في الأرجنتين.
وبينما تتصارع الأرجنتين مع التحديات الاقتصادية التاريخية، يتوقع مراقبون أن تشكل رئاسة ميلي فصلا حاسما، ويحتل الانقسام بين التحرير الاقتصادي والرعاية الاجتماعية مركز الصدارة مع كل قرار يتردد صداه في أروقة السلطة والشوارع المزدحمة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بفضل النمو الاقتصادي.. توقعات بارتفاع استهلاك الصين من النفط 1.1%
سنغافورة، بكين- رويترز
توقع معهد أبحاث تابع لمؤسسة البترول الوطنية الصينية اليوم الثلاثاء ارتفاع استهلاك الصين من النفط 1.1 بالمئة خلال العام الجاري ليصل إلى 765 مليون طن، في ظل نمو اقتصادي أفضل من المتوقع وزيادة الطلب على البتروكيماويات.
وقال وو مويوان، نائب رئيس معهد أبحاث الاقتصاد والتكنولوجيا التابع لمؤسسة البترول الوطنية الصينية، إن الطلب على النفط من قطاع البتروكيماويات لا يزال أمامه مجال للنمو إذ لا يتجاوز استهلاك الفرد من البلاستيك في الصين نحو 60 بالمئة من الاستهلاك في الدول المتقدمة.
وأضاف أن صناعة السيارات الكهربائية المزدهرة في الصين ستعزز أيضا استهلاك البلاستيك الذي يُستخدم بكثافة في تلك المركبات مقارنة بالتقليدية. ومع ذلك أشار إلى أن الطلب على الوقود في قطاع التنقل بلغ ذروته.
وأوضح في عرض تقديمي أن مصادر الطاقة البديلة ستنمو في الأمد المتوسط بوتيرة أسرع من المتوقع سابقا مع ارتفاع معدل حيازة السيارات الكهربائية والشاحنات التي تعمل بالغاز الطبيعي المسال من أقل من 10 بالمئة حاليا إلى أكثر من 30 بالمئة و15 بالمئة على الترتيب بحلول 2030.
وتوقع المعهد أيضا انخفاض سعر خام برنت إلى نطاق يتراوح بين 65 إلى 75 دولارا للبرميل خلال العام الجاري من متوسط بلغ 79 دولارا في 2024، وذلك في ظل تباطؤ اقتصادي عالمي.
وذكر أن التقديرات الأساسية تشير إلى أن سعر خام برنت سيتراوح بين 60 إلى 70 دولارا للبرميل خلال الفترة من 2026 إلى 2030.
ومع ذلك قد تتلقى الأسعار دعما من سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي يمكن أن تتسبب في تقليص المعروض العالمي.
وقال وو "عامل (سياسات) ترامب سيشكل أهم أسباب عدم اليقين في سوق النفط"، مشيرا إلى تشديد العقوبات الأمريكية على إيران وتهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على الدول التي تشتري الخام من فنزويلا وروسيا.