حين طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرته الحواريّة الأولى قبل أشهر طويلة، اصطدمت بما يشبه "الفيتو" الذي رفعه في وجهها، الحزبان المسيحيّان الأساسيّان، أي "التيار الوطني الحر" بقيادة الوزير السابق جبران باسيل، و"القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع، ولو تفاوتت الأسباب والعناوين، لتكون النتيجة تراجع برّي عن مساعيه، واستمرار الشغور الرئاسي "حاكمًا" للبلاد، لأكثر من عام وثلاثة أشهر.

    
لم تحمل هذه المدّة الطويلة تغيّرًا "نوعيًا" في موقف الفريقين من الحوار، مع أنّ "التيار الوطني الحر" حاول بعد ذلك رفع "راية" الحوار، باعتبار أنّ اعتراضه لم يكن على مبدأ الحوار بحدّ ذاته، بل على "الوسيط" في إشارة إلى بري، الذي يُعِدّه باسيل "خصمًا" في السياسة، في حين بقي جعجع على مطلبه "الثابت" بالذهاب إلى جلسات انتخابية مفتوحة بدورات متتالية، رغم أنّه كان ممّن لوّحوا بسلاح "النصاب" في مرحلة من المراحل.  
لعلّ الجديد على هذا الخط تمثّل في بيان الهيئة السياسية في "التيار الوطني الحر" هذا الأسبوع، لجهة "مناشدة" الكتل النيابية والسياسية إلى ما وصفته بـ"حوارات فعلية وعملانية تفضي في أسرع وقت إلى انتخاب رئيس للجمهورية بإرادة اللبنانيين يحمل في شخصه المواصفات المطلوبة لهذه المرحلة". فأيّ حوار يقصد "التيار" وهو الذي عطّل مبادرة بري سابقًا؟ وهل يقبل جعجع بمثل هذا المنطق، فتُفَكّ "عقدة" الحوار، إن جاز التعبير؟!  
"الوطني الحر" لا يعارض الحوار  
تقول أوساط "التيار الوطني الحر" إنّه لم يكن يومًا ضدّ الحوار، بل على العكس من ذلك، لطالما دعا إلى التفاهم بين مختلف الأفرقاء، مشيرة إلى أنّ مشكلته مع "مبادرة" رئيس مجلس النواب نبيه بري سابقًا استندت إلى نقطتين إشكاليّتين، أولاهما أنّ بري دعا إلى الحوار وهو "يصوّب" على الوزير باسيل، ما أفقده "الموضوعية" المطلوبة، وثانيهما أنّ هذا الحوار أريد منه "التصديق" على ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وليس أيّ شيء آخر.   بعيدًا عن مبادرة بري، يؤكد المحسوبون على "التيار" أن باسيل لم يفوّت فرصة أو مناسبة إلا واستغلّها للدعوة إلى الحوار الحقيقي والصادق من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ويشيرون إلى أنّه حتى حين "تقاطع" رئيس "التيار" مع قوى المعارضة كان "تحفّظه" على حصر الأمر بشخص الوزير السابق جهاد أزعور، لأنه كان يريد أن يكون هذا التقاطع "فرصة" لفتح قنوات الحوار مع الطرف الآخر، بعيدًا عن منطق الفرض أو الإلغاء.    
وفي هذا السياق تحديدًا، تأتي دعوة باسيل المتجدّدة إلى "حوارات فعلية وعملانية" كما جاء في بيان الهيئة السياسية في "التيار"، علمًا أنّ أهمّ ما في الدعوة بحسب ما يقول "العونيّون" تختصره عبارة "بإرادة اللبنانيين" الواردة في متن البيان، فالمطلوب إرادة داخلية للحوار والتفاهم، لأنّ اللبنانيين هم من يجب أن يتّفقوا على الحوار، بعيدًا عن "الرهان المفرط" على الخارج، سواء جاء من اللجنة "الخماسية" التي فعّلت حراكها، أو من غيرها.    
"القوات" تسأل عن الجدوى    
لا تجد "القوات اللبنانية" في دعوة "التيار" جديدًا يُذكَر، ولو ابتكر "العونيّون" وصف "فعلية وعملانية" لإضفاء بعض "الجدية" على الحوار الذي يدعون إليه، حيث يقول المدافعون عن وجهة نظرها إنّ الحوار بكلّ أشكاله استنفد، واللعب على الكلام لا يفيد في هذه الحالة، علمًا أنّ محاولات أكثر من ابتكارًا جُرّبت سابقًا من دون أن تنفع، كاستبدال عبارة "الحوار" بـ"التشاور" مثلاً، أو حتى "اجتماع العمل" الذي اقترحه الموفد الرئاسي الفرنسي ذات مرّة.  
يقول المحسوبون على "القوات" إنّه إذا كان المقصود بالحوار "الفعلي والعملاني" الذي يناشد باسيل الكتل النيابية والسياسية إلى الذهاب إليه، هو الحوار بين الكتل نفسها، فمثل هذا الحوار لم ينقطع يومًا، وهو جارٍ ويجري بين النواب على هامش الجلسات التي تعقد بين الفينة والأخرى، وفي اللقاءات الاجتماعية، لكنّه حوار فشل في تحقيق الحد الأدنى من التفاهم، طالما أنّ الفريق الداعم لترشيح فرنجية يرفض التخلّي عنه، كرمى للحوار أو غيره.  
ومع تأكيد هؤلاء أنّ الحوار من دون التخلّي عن فرنجية يصبح بمثابة "دعوة لتبنّي ترشيح الوزير فرنجية" كما جاء في بيان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، يشدّدون على أنّ من "حقّ" داعمي فرنجية التمسّك بترشيحه، لكن من "حق" اللبنانيين عليهم في المقابل، إكمال المسار الديمقراطي كما ينصّ عليه الدستور، وبالتالي الذهاب إلى جلسات انتخابية متتالية، لا تنتهي إلا بتصاعد "الدخان الأبيض"، أي بانتخاب رئيس للجمهورية.  
لا توحي مواقف باسيل وجعجع إذاً بتغيّر حقيقي في النظرة إلى الحوار. فحتى لو بدا باسيل "أكثر ليونة" في موقفه، ثمّة من يربطه بخشيته ممّا يمكن أن يفرزه حراك الخارج، وتحديدًا تحرّك اللجنة الخماسية حول لبنان، وإمكانية التفاهم على اسم مرشح محدد، قد لا يكون سوى قائد الجيش. في المقابل، ثمّة من يسأل من خصومهما إذا كنّا سنحتاج لعام آخر حتى يقتنع الرجلان بأنّ لا حلّ إلا بحوار جدّي بلا شروط مسبقة، يفضي وحده لانتخاب رئيس؟! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التیار الوطنی الحر

إقرأ أيضاً:

موسكو: إسقاط 3 مسيرات أوكرانية هاجمت محطة ضخ غاز تزود خط أنابيب التيار التركي

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم السبت، عن نجاح قواتها في إسقاط ثلاث مسيرات أوكرانية، كانت قد استهدفت محطة ضخ غاز تزود خط أنابيب "التيار التركي" في إقليم كراسنودار.

 وقالت الوزارة إن الهجوم وقع في وقت حساس، حيث كانت كييف قد حاولت في ليلة 28 فبراير شن الهجوم خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي إلى واشنطن.

وفي رد فعل سريع على هذا الهجوم، أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانًا أكدت فيه أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره التركي هاكان فيدان، حيث أطلعه على تفاصيل الهجوم الأوكراني على محطة تزويد خط "التيار التركي".

من جانبه، طلب لافروف من نظيره التركي استخدام القدرات الدبلوماسية لأنقرة للتواصل مع كييف، بهدف منع تكرار هذه المحاولات التي تستهدف المنشآت الحيوية.

مقالات مشابهة

  • الأرصاد : أمطار متفرقة على أجزاء من السواحل الشمالية الغربية
  • ليفربول لا يخشى سان جرمان.. وبايرن لفك عقدة ليفركوزن
  • التيار العالق في المنطقة الرمادية.. هل يحسم خياراته؟
  • البابا تواضروس يستقبل رئيس معهد الدراسات الشرقية بالمقر البابوي
  • يعني إيه النظرة الأولى لك؟.. الدكتور علي جمعة يرد على سؤال فتاة
  • هل ينجح أتلتيكو في فك عقدة جاره ريال مدريد؟
  • بين باسيل وسلام : معارضة ولا قطيعة سياسية
  • التيار يتحضّر للانتخابات البلدية والدويهي لا يمانع تأجيلا تقنيا
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في حفل تكريم الراحل القس ثروت قادس.. صور
  • موسكو: إسقاط 3 مسيرات أوكرانية هاجمت محطة ضخ غاز تزود خط أنابيب التيار التركي