يعقوب الشاروني.. علامة وقيمة شامخة في تاريخ أدب الأطفال بمصر والعالم
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
اختارت اللجنة الاستشارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55، يعقوب الشاروني ليكون شخصية المعرض ورائد أدب الطفل.
جاء ذلك نظرا لعطاء الشاروني الفكري والأدبي، وأنه واحد من أبرز كتاب الأطفال في العالم العربي، حيث أثرى بإنتاجه آلاف المكتبات حول العالم، وأغنى بحسه النابض وإنسانيته، وقلمه الناضج، عقول ملايين الأطفال في شتى بقاع الأرض.
الشاروني كاتب مبدع لا تجف قريحته، ولا ينضب معينه، بل تصفو حلاوته، وتزدان قيمته، وقامته؛ ليبقى علامة وقيمة شامخة في تاريخ أدب الأطفال في مصر والعالم، ككاتب استثنائي فى عطائه الأدبي والإنساني.
وعن هذا الكاتب المبدع، قال الشاعر وكاتب الأطفال ومدير تحرير سلسلة “سنابل” للأطفال التابعة للهيئة العامة للكتاب، عبده الزراع، إن اختيار الكاتب الكبير يعقوب الشاروني ليكون شخصية معرض الطفل لهذا العام، اختيار موفق جدا، خاصة أن الشاروني هو أحد رواد أدب الطفل في الجيل الثالث، بعد جيل كامل كيلاني، ومحمد برانق، وسعيد العريان، وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب لعام 2021، ليكون أول كاتب أطفال في مصر يحصل عليها، بعد أن كان كاتب الأطفال لا يحصل إلا على جائزة الدولة التشجيعية، كما أن له إصدارات للأطفال تربو على 400 كتاب بين القصة، والمسرح، ورواية اليافعة، بالإضافة إلى كتب الدراسات والبحوث في مجال أدب وثقافة الطفل".
وأضاف الزراع أن الشاروني مثل مصر في عدد كبير من المؤتمرات، والملتقيات الدولية، وشارك فى معرضي بولونيا وفرانكفورت الدوليين، وحصل على العديد من الجوائز العربية، والدولية، وأهمها جائزة الآفاق الجديدة التي حصل عليها من معرض بولونيا لكتب الأطفال.
وبين أن هناك سمات إيجابية جمة في شخصية الرائد يعقوب الشاروني، أولها وأهمها أنه تفرغ تماما للكتابة للأطفال، وضحى بوظيفته في سلك القضاء، مؤمنا بأنه خلق للكتابة والإبداع، وأيضا سعة أفقه واطلاعه على كل جديد في عالم أدب وثقافة وفنون الطفل، من خلال زيارته إلى أكبر معارض كتب الأطفال مثل "فرانكفورت" و"بولونيا" والتعرف على أحدث الكتب في العالم، ومتابعة إصدارات مسابقة "نيوبرى" العالمية، وكان يأتي لنا بنسخ منها ويجعلنا نطلع عليها، بل يمنحنا منها هدايا لنعرف كيف يكتب الغرب.
وتابع: "هذا بالإضافة إلى اشتراكه في المعارض، والمؤتمرات، والملتقيات العربية الخاصة بأدب الطفل وثقافته، واشتراكه كعضو لجنة تحكيم في كبرى المسابقات العربية، مشيرا إلى أن جهوده لم تتوقف على كتابة القصة ورواية اليافعة فقط، بل قدم جهودا بحثية مهمة وتعد مرجعا للباحثين والدارسين".
ولفت إلى دأبه على تطوير نفسه، وحرصه على حضور جميع الفعاليات التي تخص هذا المجال سواء كان على المنصة مشاركا أو متلقيا، وأجمل شيء فيه جعل كل كتاب الأطفال في مصر والوطن العربي تلتف حول أدبه وتقبل عليه، مساعدة الكتاب والباحثين، فلم يبخل يوما على أحد، ولم يرد أحدا طرق بابه خائبا، بل كان يفتح باب بيته ومكتبته الخاصة على مصراعيهما أمام الدارسين والباحثين، فكل هذه السمات وغيرها هي التي جعلت الشاروني يعد كأحد الرواد في مجال أدب الطفل وثقافته.
وبشأن مقولة الأديب يعقوب الشاروني: "أنا أجمع 500 معلومة كي أكتب للطفل قصة بها 50 معلومة"، أفاد الشاعر وكاتب الأطفال عبده الزراع بصحتها قائلا "إنها مقولة حقيقية، وقد تعلمنا منه هذا، فقبل أن نشرع فى كتابة عمل جديد، لابد أن نقرأ عنه كثيرا حتى نستطيع أن نلم به جيدا، ونحرص كل الحرص على دقة المعلومات وصحتها، حتى لا نقدم للطفل معلومات مغلوطة، قد ترسخ في ذهنه طول عمره، لأن "التعليم في الصغر مثل النقش على الحجر" فأية معلومة سيقرأها في سن مبكرة لن تبرح عقله وخياله، وبهذا أكون قد شاركت بجرم، لأنها رسالة سامية، ولابد أن نحرص على تقديمها في أجمل وأبهى شكل".
ونوه بأن “أهم مؤلفات يعقوب الشاروني التي يعتز بها، كتاب (أجمل الحكايات الشعبية) الذي جمع فيه أجمل الحكايات، وكتبها بلغة بسيطة، وجميلة تتفق ولغة وذائقة الطفل، وبطريقة جذابة ومحركة للخيال، وتكمن أهمية هذا الكتاب في أنه حافظ على ذاكرتنا الشعبية باعتبارها جزءا أصيلا من الهوية المصرية، وحتى تتعرف عليها الأجيال الطالعة”.
وأشار إلى رواية “ليلة النار”، وهي من الروايات المهمة التي دارت أحداثها في أحد الأحياء الشعبية، وهو حي منشأة ناصر، وهي من الروايات الممتعة، وكتاب مهم جدا بعنوان “الكتابة بالحواس الخمس” وهو من الكتب التي تحمل فكرا جديدا على واقعنا العربي، وهي الكتابة بالشم، والتذوق، والسمع، واللمس، والبصر، قد سبقنا الغرب بكثير في هذا المجال، وقد أراد الشاروني أن يعرفنا على هذا العالم من خلال هذا الكتاب.
من جهتها، قالت أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة باجي مختار - عنابة بالجزائر، الدكتورة عائشة رماش، "إن يعقوب الشاروني يعد من بين الكتاب الذين يتميزون بالأصالة والإبداع والتجديد والتنوع في الموضوعات التي تتلاءم والعصر الذي يعيش فيه الطفل، حيث ألف زهاء 400 كتاب وقضى حياته كلها وهو يكتب ويبدع وفي كل مرة كان يقدم الجديد الذي يستفيد منه أطفال العرب دون أن يكل أو يمل، فرسخ فنا حقيقيا له أسسه الخاصة وطريقته التي تميزه عن غيره حتى أنشأ مدرسة متفردة في أدب الطفل، متميزة بموضوعاتها وأساليبها وتقنياتها ورؤيتها وتوجهاتها ولغتها".
وأضافت: "لقد خاض في موضوعات متنوعة، منها ما هو مستلهم من التراث والتاريخ، ومنها ما هو إبداع ميزه عن غيره، ولقد قدم في كل مرحلة من مراحل تطور الطفل إبداعا خاصا يتلاءم مع هذه المراحل، بل ولم ينس حتى الأطفال ذوي القدرات الخاصة، فلقد كتب للطفل وأبدع ونجح في الوقت الذي كان الكثير من الكتاب يخجلون من الكتابة للطفل، فأقام أسس ودعائم أدب الطفل العربي؛ حتى بات يعرف برائد أدب الطفل في مصر والوطن العربي".
وأوضحت: "أثناء زياراتي إلى مصر كنت لا أترك فرصة إلا وزرت فيها هذا المبدع الرائع، وأتذكر أن أول زيارة كانت لي معه عندما كنت أجمع مدونة الدراسة للدكتوراة، والذي كان هو والمبدع عبد التواب يوسف رحمهما الله جزءا منها فاتصلت به هاتفيا وكان رده رد إنسان لبق خدوم معطاء يتميز بأخلاق عالية، فقال مرحبا بك ووصف لي منزله بالمنيل، واستقبلني استقبالا منقطع النظير هو وابنته هالة الرائعة الودودة، فأجريت معهما حوارا مطولا وزوداني بكل ما ينقصني من أعمال، هذه الأعمال التي أعطت لأطروحتي دفعا قويا أسهم في إنجازها وإتمامها في أقصر مدة والشيء نفسه حدث مع المبدع الرائع عبد التواب يوسف".
وتابعت: "المرة الثانية كنت محظوظة عندما زرته في الوقت الذي كان يعقد فيه ملتقى ثقافيا في منزله واستفدت من ذلك اللقاء أيما استفادة، وهو الذي أوصاني بزيارة مركز توثيق وبحوث أدب الطفل وفعلا استفدت بالمادة العلمية الموجودة في هذا المركز، كان رحمه الله إنسانا تتجمع فيه كل الصفات الحسنة".
وأشارت إلى أنه من بين الأعمال الإبداعية التي حفرت عميقا في ذاكرتها منذ أن كانت طفلة، سلسلة المكتبة الخضراء التي دخلت إلى الجزائر في الوقت الذي كانت فيه القصص باللغة الفرنسية منتشرة على أوسع نطاق.
واستطردت: "تعد قصص المكتبة الخضراء من النصوص العربية التي نافست النص الفرنسي وتفوقت عليه بفضل إقبال أطفال الجزائر عليها، إضافة إلى مجموعة من الكتاب المعربين الآخرين منهم عبد التواب يوسف، والكتاب السوريين، وغيرهم".
وقالت: "لقد كانت هذه النصوص، نقلة نوعية في مجال الإبداع الموجه للطفل، إضافة إلى ما كان يقدمه بعض الكتاب الجزائريين في سبيل خدمة أدب الطفل وثقافته، ولقد كانت تستهويني مؤلفات الشاروني عندما كنت طفلة وزاد اهتمامي بها عندما تخصصت في هذا المجال، وأصبحت مكتبتي تحوي جل ما كتبه وما نقص منها أكمله عندما زرته في بيته واستضافني استضافة لن أنساها ما حييت، وإليه يرجع الفضل في إكمال مدونة الدراسة، لقد كان رجلا يندر أن نجد مثله في هذا الزمان، وقد خسر الوطن العربي برحيله، ركيزة أساسية من ركائز أدب الطفل وثقافته".
وحول مقولة الأديب يعقوب الشاروني "أنا أجمع 500 معلومة كي أكتب للطفل قصة بها 50 معلومة"، قالت الدكتورة عائشة رماش "إن مقولة الشاروني صحيحة مائة في المائة، ولا يدرك هذه الحقيقة إلا الكاتب المتمرس الذي يعرف جمهوره ويعرف كيف يحدد هذا الجمهور، ولمن يكتب، مراعيا في ذلك خصائص ومميزات هذا الجمهور".
وعن ذات المقولة، تقول مدرس المسرح بكلية التربية للطفولة المبكرة جامعة الإسكندرية، وعضو اتحاد كتاب مصر، الدكتورة شيرين الجلاب، إن "المقولة تعبر عن صدق الفنان وإخلاصه وتواضعه وإدراكه لقيمة الكلمة والمعرفة، فقد كان يتعامل مع الكتابة للأطفال بنفس الدقة التي يتعامل بها مع أهم قضاياه".
وأضافت “الجلاب” أن اختيار الرائد يعقوب الشاروني ليكون شخصية معرض الطفل، ينم عن وعي وإدراك بأهمية أدب الطفل، والفنون المقدمة له نظرا لأن مرحلة الطفولة هي الركيزة الأساسية التي يتشكل من خلالها الإنسان، وهو اختيار مبشر وواعٍ، فقد كان معنيا حقا بالطفل، وأدرك ضرورة الاهتمام بنوعية الفنون المقدمة له لتأثيرها في تشكيل شخصية الإنسان.
وتابعت: "لقد تربيت على قصص المكتبة الخضراء، واستمتعت كثيرا بها، وأتذكر قصة "سر اللحية البيضاء".
ولفتت إلى أن يعقوب الشاروني له سمات خاصة جعلته صاحب أثر وبصمة لا تنسى، مشيرة إلى نشأته وتكوينه فمنذ الطفولة نشأ في أسرة تحترم العلم، والفن، وتربى على احترام الكتاب، وكان قاضيا ما جعله ملما بتفاصيل السلوك البشري، وبعد رحلته في ساحة القضاء، توجه شغفه للطفل، اهتم بالتعبير عن القيم الإنسانية في أكثر من 400 قصة للأطفال لبناء الطفل وتنشئته بشكل سليم.
ويواصل معرض القاهرة الدولي للكتاب، هذا الحدث الثقافي الفريد، إثراء وتنمية معارف جمهوره من مختلف الفئات، والأعمار والأذواق، تحت شعار "نصنع المعرفة.. نصون الكلمة"، وتستمر الدورة الخامسة والخمسون من المعرض حتى 6 فبراير الجاري بمركز مصر للمعارض الدولية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: یعقوب الشارونی الأطفال فی الذی کان فی هذا فی مصر
إقرأ أيضاً:
عرض "حفلة تنكرية" ضمن مسرح الطفل بثقافة السويس
ضمن أنشطة نوادي مسرح الطفل التي تنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، قدم فرع ثقافة السويس عرضا مسرحيا جديدا بعنوان "حفلة تنكرية".
أقيم العرض على خشبة مسرح قصر ثقافة الإسماعيلية وسط حضور جماهيري كبير.
أحداث مسرحية حفلة تنكرية
وتدور أحداث المسرحية حول مجموعة من الأطفال الذين يتعرضون للعقاب في المدرسة بسبب تصرفاتهم أثناء الطابور الصباحي، فتقرر المعلمة إرسالهم إلى المكتبة لتلخيص كتاب. إلا أن الأطفال يبدأون في اللعب بدلا من قراءة الكتاب، مما يعكس سلوكيات التنمر وعدم قبول الآخر.
تحاول المعلمة احتواء الأطفال من خلال سرد قصة "أحدب نوتردام"، حيث يدخل الأطفال إلى عالم القصة ويتقمصون شخصياتها. هذه التجربة تساعدهم على إدراك خطورة التنمر وأهمية تقبل الآخرين.
صناع حفلة تنكرية
العرض تأليف وأشعار: بيشوي ألبير، إخراج ناريمان عبد العال، ألحان: محمد محمود، استعراضات: أروى أسامة، تنفيذ الديكور: روايدا نادر، مخرج منفذ: أحمد عبدالحكم، ديكور: أحمد رضوان، ملابس: ناريمان عبدالعال.
لجنة التحكيم
أقيم العرض بحضور لجنة التحكيم المكونة من المخرج محمد صابر، المخرج أحمد طه، ومهندسة الديكور سارة شكري.
يأتي العرض ضمن عروض نوادي مسرح الطفل، إنتاج الإدارة العامة لثقافة الطفل برئاسة د. جيهان حسن، وبإشراف الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، بالتعاون مع إقليم القناة وسيناء الثقافي تحت إدارة د. شعيب خلف، وفرع ثقافة السويس برئاسة عبد المنعم حلاوة.